حدود العقل مع النقل
ما تدخل العقل في النقل إلا أفسده .... هذا هو ما حدث مع اليهود والنصارى من قبلنا ....
ولذالك نجد أن الإسلام بشقيه النقليان (القرآن والسنة) يهاجم ويحرم تدخل العقل في شؤؤون النقل فحدود العقل مع النقل ومنتهاه مجرد الفهم ....
وحتى لا يستصعب البعض قولي أقول النقل هو ما نُقِلَ إلينا من قرآن وسنة ... والعقل نقصد به إجتهاد العلماء في فهم القرآن والسنة .... فيتولد عن ذالك القياس وغيره من أنواع الإجتهاد ...
وأدلة الدين نوعان أدلة نقلية ... أي منقولة من القرآن والسنة ... وأدلة عقلية أي أجتهاد العلماء ... والإجتهاد مرهون على فهم هؤلاء العلماء للقرآن والسنة وأشياء أخرى يطول شرحها ....
والعقل لا يستطيع أن يعارض أو يخالف النقل .... أي لا يجوز لعالم مهما بلغ علمه ورجاحة عقله أن يتعمد مخالفة نص صريح من القرآن وصحيح السنة ...
بل ولا يجوز للعالم أن يُعْمِّلَ عقله وأجتهاده (في حالة عدم وجود النص) ... إلا فيما دعت إليه الحاجة فقط ... ولذا نجد أن العلماء يكرهون ما يسمى بالمسائل الجدلية أو الإفتراضية ....
وفي كتاب الله يقول الله عز وجل ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ « المؤمنون : 71 » وفي سورة الشورى يقول الله عز وجل ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه﴾ فالقرآن جعل التشريع بالنقل وليس بالعقل المجرد ... وأما السنة المطهرة فأتت بنصوص صريحة لا تحتمل اللبس أو التأويل في تجريم العقل إن تعدى حدوده ففي سنن أبي داوود قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ مَنْ قَالَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ﴾« رواه : أبو داوود وضعفه الألباني»
روى الترمذي في جامعه قال حدثنا محمود بن غيلان حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ﴿ من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ﴾ قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح...
قلت وبالرغم من ذالك فقد ضعفه الألباني وقد يرجع هذا إلى عبد الأعلى فهو عبد الأعلى بن عامر ضعفه كثير من العلماء حتى قال فيه أبو على الكرابيسى : كان من أوهى الناس .... إلا أن الدارقطني قال عنه ( يعتبر به ) وقال يعقوب بن سفيان عنه فى حديثه لين ، و هو ثقة ... وقال بن حجرالعسقلاني عنه صدوق يهم ... وأردت من هذا الإسهاب أن أبين أن الحديث بين الصحيح والضعيف فهو ليس شديد الضعف
ومن حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ﴿ اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّى إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِى الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ﴾« رواه : الترمذي وضعفه الألباني » ورغم ضعف هذه الأحاديث إلا أن كثير من العلماء كان يتحاشى التفسير خشية الخطأ ويشدد في التفسير خاصة وفي العلم عامة برأي وهوىً ( مجرد من العلم ) وحين وقف أبو بكر رضي الله عنه أمام قول الله عز وجل ﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾« عبس : 31 » قال :
« أيُّ أرضٍ تُقِلُّني، وأيُّ سماءٍ تظلّني، إذا قلتُ في القرآن برأيي - أو: بما لا أعلم.»
وكان مسروق رحمه الله يقول« اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله»
وفي سورة الزخرف زم الله عز وجل الكفار لأنهم جعلوا الملائكة إناث دون أن يعتمدوا على دليل نقلي من كتاب سماوي يقول الله عز وجل ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾« الزخرف : 19- 21 » وفي سورة الأحقاف يذم ربي الذين دعوا من دونه ويتحداهم أن يكون لديهم دليل نقلي من أثارة علم أو كتاب سماوي يقول الله عز وجل ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾« الأحقاف : 4 »
لما تدخل العقل بلا نقل في الدين النصراني إبتدعوا الرهبانية وانتهي بهم ألأمر أن جعلوا سيدنا عيسى بن الله ثم قالوا هو الله ذاته ... ولما اعتمد اليهود على العقل المجرد من النقل جعلوا العزير بن الله بل وصفوا الله بصفات لا تليق به فقالوا يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا
اثبت وجودك
..
تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع
|