![]() |
![]() |
المناسبات |
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|||||||||
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#13 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
كيف أنجو من أهوال يوم القيـــامة؟ دواء الريـــــاء والعُجبلقد أخبرنا الله عزَّ وجلَّ كيف ننجو من أهوال ذلك اليوم في سورة الفاتحة .. فإذا ما قرأت الآية التي تلي قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] .. لوجدت سبيل النجـــاة في قوله تبارك وتعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فعبادة الله وحده هي النجــــاة .. كما قال نوح عليه السلام لقومه {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59] .. وكذا كان قول الأنبيـــاء من بعده .. أما الإعراض عن الله تعالى وعصيانه فهو الهلاك يوم القيــــامة .. تابعوا معنا المزيد من أسرار الفاتحة وكيفية النجـــاة في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى،، لازلنا مع عجائب وأسرار الفاتحة، ووصلنا إلى قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كلامًا عجيبًا في شأن تلك الآية العظيمة، قال “رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ جَمَعَ مَعَانِيَهَا فِي الْقُرْآنِ وَمَعَانِيَ الْقُرْآنِ فِي الْمُفَصَّلِ، وَمَعَانِيَ الْمُفَصَّلِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَمَعَانِيَ أُمِّ الْكِتَابِ فِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }” [مجموع الفتاوي (2:455)] إيَّاكَ نَعْبُدُ .. أي لا أعبد أحدًا سواك وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .. أي لا أستعين إلا بك ———- لكن، لماذا قَدَّم العبادة على الاستعانة؟ أولاً: من باب تقديم الغايــــات على الوسائل .. فالغاية: هي العبادة، والوسيلة التي توصل إليها: هي الاستعـــانة .. فأنا أستعين بك؛ لكي أعبدك يــــا ربَّ. ثانيًا: العبادة لله والاستعانة من الله للعبد، فما كان لله أولى مما كان للعبد لا شك. ولذا كانت أهم عبادات القلب:: الإخلاص، وأسوء ذنوبه:: الشرك .. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه” وفي رواية “فأنا منه بريء هو للذي عمله” [رواه مسلم] يقول ابن القيم ” العمل بغير إخلاص ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه” [الفوائد (1:48)] ———- فأول سبيل للإخلاص:: ألا يرى القلب في العبادة إلا الله .. إذا أردت أن يكون عملك خالصًا لله، يجب ألا تلتفت إلى البشر .. لا تهتم وأنت تتصدق من الذي سيعلم عنك .. لا تهتم وأنت تصلي من الذي يسمعك .. لا تهتم بالانتصار إذا ناقشت مسألة ما، بل اهتم بأن تجد الحق فتتبعه سواءً كنت مصيبًا أم مخطئًا .. فغاية همَّك هو رضا الله عز وجل عنك ولا أهمية لأي شيءٍ آخر أبدًا .. ——— فَلَيْتَكَ تَحْلُوْ وَالْحَيَاةُ مَرِيْرَةٌ … وَلَيْتَكَ تَرْضَىَ وَالْأَنَامُ غِضَابُ وَلَيْتَ الَّذِيْ بَيْنِيْ وَبَيْنَكَ عَامِرٌ … وَبَيْنِيْ وَبَيْنَ الْعَالَمِيْنَ خَرَابُ إِذَا صَحَّ مِنْكَ الْوُدِّ فَالكُلُّ هَيّنٌ … وَكُلُّ الَّذِيْ فَوْقَ الْتُّرَابِ تُرَابُ ———- وعلاج حب المدح، يتلخص في معرفتك بأنه ليس أحد ينفعك مدحه أو ذمه إلا الله عز وجل.. فلو أنك كُتِبت عند الله صديقًا، ووصفك جميع الناس بأنك كاذب .. هل يضرك وصفهم؟ ولو أنك – والعياذ بالله – كُتِبت عند الله منافقًا، ووصفك جميع الناس بالصدق والصلاح .. هل سيدخلونك الجنة حينها؟! فالناس لا ينفعونك بشيء إذا أراد الله عز وجل خلافه، فلا تُضيِع آخرتك لأجل لا شيء! قال بعض السلف “جاهد نفسك في دفع أسباب الرياء عنك، وأحرص على أن يكون الناس عندك كالبهائم والصبيان، ولا تفرق في عبادتك بين وجودهم من عدمه واقنع بعلم الله وحده” ولو عَلِم الناس أنك ترائي وتفعل العبادة لأجلهم، لَكَرِهوك ولسقطت من أعينهم .. فكيف تعمل لمن لو عَلِمَ أنك ترائي له لأبغضك؟! .. وتترك من لو عَلِمَ أنك تعمل له لأحبك ؟؟!! كن مع الله .. واجعل { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} في قلبك وقصدك الوحيد،، ——— وشر أنواع الريـــاء:: أن يرائي الإنسان بما لا يعمل .. فيوحي للناس أنه صلى الفجر في المسجد وهو لم يصلي، أو يفرح بمدح الناس له على عملٍ لم يفعله ولا يُنكر ذلك. وهؤلاء الذين قال الله تعالى عنهم {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188] ———– والحل:: أن تُصحح النيــــة .. فقبل أن تشرع في أي عبادة، عليك أن تتوقف وتسل نفسك: لماذا تفعل هذا العمل؟ لأجل أن ترضى يــــــا ربِّ وفقط .. ليس لأجل أي شيءٍ آخر. { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}:: تشفيـــك من مرض الريــــاء ومرض العُجب .. يقول ابن القيم ” وكثيرًا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إياك نعبد تدفع الرياء، وإياك نستعين تدفع الكبرياء” [مدارج السالكين (1:54)] |
|
|
|
|
|
#14 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
دعــــاء الفاتحـة .. لماذا نطلب الهداية؟ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (*) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6,7] يقول شيخ الإسلام ابن تيمية “أَنْفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُهُ وَأَحْكَمُهُ: دُعَاءَ الْفَاتِحَةِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (*) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَإِنَّهُ إذَا هَدَاهُ هَذَا الصِّرَاطَ : أَعَانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ. فَلَمْ يُصِبْهُ شَرٌّ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ” [مجموع الفتاوي (14:320)] والإنسان مُحتاجٌ إلى الهداية في كل لحظة، مهما كانت درجة إيمانه .. يقول ابن القيم “ولذلك اشتدت حاجة العبد، بل ضرورته إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج إلى شيء منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها. فإن الصراط المستقيم يتضمن علومًا وإرادات وأعمالاً وتروكًا ظاهرة وباطنة تجري عليه كل وقت، فتفاصيل الصراط المستقيم قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها، وقد يكون ما لا يعلمه أكثر مما يعلمه، وما يعلمه قد يقدر عليه وقد لا يقدر عليه، وهو من الصراط المستقيم وإن عجز عنه .. وما يقدر عليه قد لا تريده (أي: نفسه) كسلاً وتهاونًا، أو لقيام مانع وغير ذلك .. وما تريده قد يفعله وقد لا يفعله .. وما يفعله قد يقوم بشروط الإخلاص وقد لا يقوم .. وما يقوم فيه بشروط الإخلاص قد يقوم فيه بكمال المتابعة وقد لا يقوم .. وما يقوم فيه بالمتابعة قد يثبت عليه وقد صرف قلبه عنه .. وهذا كله واقع سارٍ في الخلق، فمستقلٌ ومستكثر” [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (2:145,146)] ——— فطريق الله عزَّ وجلَّ وهو الصراط المستقيم يتضمن علومًا أبعد مما تتصور .. 1) قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها .. من أمور الحلال والحرام، والطاعة والمعصية. 2) وقد يكون ما لا يعلمه أكثر مما يعلمه .. فيطلب من الله تعالى الهداية؛ ليزداد علمه. 3) وما يعلمه قد يقدر عليه وقد لا يقدر عليه .. فقد يعلم أحدًا فضائل الصيـــام أو الصدقة أو الحج أو غيرها من الطاعات، ولكن لا يقدر على القيـــام بها .. فيطلب من الله الهداية؛ لكي يُعينه عليها. 4) وما يقدر عليه قد تريده نفسه وقد لا تريده .. فقد يُصاب الإنسان بالكسل .. ومع مقدرته على القيام لصلاة الفجر مثلاً، لا تشتهي نفسه ذلك ويتكاسل حتى يصليها بعد شروق الشمس .. وآخر قد يكون قادرًا على الصلاة في المسجد، لكن تتكاسل نفسه ويُصلي في البيت .. لذلك ندعو الله أن يهدنا الصراط المستقيم؛ حتى تتطاوعنا أنفسنا على فعل العبادات التي نقدر عليها. 5) حتى لو طاوعته نفسه وقام بفعل العبادة، قد يأتي بالإخلاص وقد لا يأتي بالإخلاص .. فاهدنا الصراط المستقيم؛ لكي نُخلِّص. 6) حتى لو أخلصت في عملك، قد تفعله متابعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم أو خلافه .. والإخلاص والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم هما شرطا قبول العمل، وبدون أحدهما لا يُقبل. 7) حتى لو فعلت العمل وأتيت بجميع شروط قبوله من الإخلاص والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، تحتاج أن تطلب من الله أن يُثبتك على العمل .. فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلبها كيف يشاء. فما أشد حاجتنا إلى طلب الهداية من الله سبحانه وتعالى في كل وقتٍ وحين .. اللهم اهدنــــا الصراط المستقيم،، ——– والصراط مضروبٌ على متن جهنم .. عن أُمُّ مُبَشِّرٍ: أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ “لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا”، قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْتَهَرَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم “قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}“ [صحيح مسلم] وصفة الصراط: أنه دَحْضٌ مَزِلَّةٌ .. أي تنزلق الأقدام إذا وقفت عليه، فما أصعب تلك الصفة. ويمر النــاس عليه بحسب نورهم .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “.. فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدميه يضيء مرة ويطفأ مرة فإذا أضاء قدم قدمه وإذا أطفىء قام ..” [صحيح الترغيب والترهيب (3704)] كيف يعبر النـــاس هذا الصراط الرهيـــب؟ عبــــــور الصراط المستقيـــم يوزع النور على الناس بقدر أعمالهم في الدنيــــا، والنبي صلى الله عليه وسلم قائمٌ على الصراط يقول: يـــــــا ربِّ سَلِّمْ سَلِّمْ .. وتأتي لحظة الاختبـــار الصعب لعبور الصراط .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم “.. فيمرون على قدر نورهم منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل، حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال: الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدًا إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها” [صحيح الترغيب والترهيب (3704)] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “.. وَفِي حَافَتَيْ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ ..” [صحيح مسلم] .. فبقدر معاصي العبد يُخدش بتلك الكلاليب المُعلقة على طرفي الصراط، والبعض تأخذه تلك الكلاليب إلى قعر جهنم والعياذ بالله .. نسأل العافية والسلامة. يقول ابن القيم: إن الله تعالى “نصب لعباده من أمره صراطًا مستقيمًا دعاهم جميعًا إليه حُجةً منه وعدلاً، وهدى من يشاء منهم إلى سلوكه نعمةً منه وفضلاً .. فإذا كان يوم لقائه نصب لخلقه صراطًا مستقيمًا يوصلهم إلى جنته، ثم صرف عنه من صرف عنه في الدنيا، وأقام عليه من أقام عليه في الدنيا، وجعل نور المؤمنين به وبرسوله وما جاء به الذي كان في قلوبهم في الدنيا نورًا ظاهرًا لهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم في ظلمة الحشر، وحفظ عليهم نورهم حتى يقطعوه، كما حفظ عليهم الإيمان حتى لقوه” [الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (2:147)] قال تعالى {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12] ——— هل استشعرت الآن عِظَم الدعــاء الذي ندعو به في كل صلاة .. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ؟! فعند تأمينك بعد قراءة الفاتحة، عليك أن تستحضر تلك المشاهد العظيمة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عن صراط الله المستقيم .. فإذا قلت “آمين” (أي: اللهم استجب) من قلبك بصدق، سيستجيب الله تعالى لك ويهديك صراطه المستقيم. أما إن كنت غافلاً لاهيًا، فلن يُستجاب لك .. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه” [رواه الترمذي وصححه الألباني] وينبغي عليك أن تقف بعد كل آية من الفاتحة وقفة يسيرة، تنتظر فيها جواب ربِّك عزَّ وجلَّ .. يقول ابن القيم “فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربِّه له بقوله: “حمدني عبدي”. فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، انتظر الجواب بقوله: “اثنى علي عبدي”، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} انتظر جوابه: “يمجدني عبدي”” [الصلاة وأحكام تاركها (11:36)] عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته يقول {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم يقف، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف .. [رواه الترمذي وصححه الألباني] فهنيئًا لك وأنت تسكت انتظارًا لجواب إلهٍ عظيـــــم، يُجيب عليك في الصلاة .. من مثلُك؟! |
|
|
|
|
|
#15 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
سلوى قلب المؤمن
وصلنا إلى المحطة الأخيرة مع أسرار الفاتحة البديعة، التي نود لو لم ننتهي منها أبدًا .. مع قول الله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ..} [الفاتحة: 7] فإن الإنسان إذا سلك الصراط المستقيم إلى ربِّه عزَّ وجلَّ، لابد أن يؤذى ويُعادى بسبب سلوكه طريق الحق .. ولذلك ذكر الله تعالى التواصي بالصبر لكل من سلك طريق الحق، في قوله تعالى {.. وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3] وإذا تسليت بذكر الذين أنعم الله عليهم بسلوك الصراط من قبلك، خفف ذلك عنك وحشة الطريق .. وقد علم الله تعالى أنك تحتاج إلى من يعينك على الهداية والحق، وأنك تحتاج إلى من تستأنس بهم .. فذكَّرك في الفاتحة بـــ {.. الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] .. وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فيتسلى قلبك وتهدأ نفسك .. عندما تتذكر محن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، فيسلوا قلبك عمن يستهزأ بك بسبب تدينك وصلاتك .. وتتذكرين أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فتستأنسين بذكرهن عندما يستهزيء أحدهم بحجابك .. ————– وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسلى بذكر الأنبيـــاء من قبله .. لذلك تجد القرآن الكريم عامرًا بقصص الأنبيــاء والمرسلين، قال تعالى {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ..} [هود: 120] .. وأمره بالاقتداء بهديهم، قال تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ..} [الأنعام: 90] وأنت أيضًا عليك أن تقتدي بالذين أنعم الله عليهم .. فتقول في صلاتك {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (*) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ..} [الفاتحة: 6,7] ——- وبعدها تقول {.. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] والمغضوب عليهم: هم الذين يعلمون الحق ولا يعملون به. أما الضالين: فهم الذين يعملون ولكن بلا علم. ولن يضل ضال إلا بأحد هذين الأمرين أو اجتماعهما، فالإنسان إما أن يعلم الحق وإما أن لا يعلمه .. فإن علمه فإما أن يعمل به وإما أن لا يعمل .. وإن ابتعد عنك ذاك الضلال، ما بقي إلا أن ينعم الله عليك .. ومثال ذلك: شخص يعلم بوجوب الصلاة وكيفية أدائها، لكنه لا يصلي .. فهذا قد باء بغضب الله تعالى .. وآخر يصلي، لكن يقع في أخطاء تُبطِل الصلاة لإنه لا يعلم الطريقة الصحيحة لأدائها .. فهذا قد ضلَّ عن الهدى .. لذا عليك أن تتعلم ظاهر الصلاة من الكيفية الصحيحة لأدائها .. وباطنها من الخشوع وأعمال القلب .. فتكمُل صلاتك وتكون من الذين أنعم الله عليهم،، يقول النبي صلى الله عليه وسلم“إن اليهود مغضوب عليهم وإن النصارى ضُلَّال” [رواه الترمذي وحسنه الألباني] .. فهؤلاء يدخلون ضمن الآية؛ لأن اليهود يعلمون ولا يعملون بينما النصارى يعملون لكن على جهل. ——— لماذا أضاف الله سبحانه وتعالى النعمة إليه ولم يُضيف الغضب؟ أولاً: لأن النعمة هي الخير والفضل، أما الغضب فمن باب الانتقام والعدل .. فأضاف الله سبحانه وتعالى إلى نفسه أكمل الصفتين وهي صفة الرحمة؛ لأن رحمته سبقت غضبه سبحانه وتعالى. ثانيًا: أن الله سبحانه وتعالى وحده هو المُتسبب في حصول النعمة .. كما قال تعالى {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ..} [النحل: 53] .. فلا أحد يُنعم عليك سوى الله تعالى. أما إذا غَضِبَ الله عزَّ وجلَّ، فالجميع يغضب لغضبه .. فملائكته ورسله وأنبيائه وأولياؤه وأحبابه يغضبون لغضبه سبحانه. ومن جماليـــات الفاتحـــة .. أنها بدأت بالحمد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .. فيقول الله تعالى: حمدني عبدي. ثم الثنــــاء: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .. فيقول الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي. والتمجيــد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .. فيقول تعالى: مجدني عبدي. وبعد ذلك الدعـــاء: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} .. فيقول تعالى: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل. وهذا من آداب الدعاء: فيُستحب للإنسان عند دعـــاء ربِّه أن يبدأ بالثنــــاء والتمجيد ثمَّ يسأل الله حاجته. فما أروع تنــــاسق آيــــــات الفاتحة . |
|
|
|
|
|
#16 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
تأمين الملائكة وقاعدة التعايش مع القرآن
أتدري ما يحدث عند قولك “آميـــن”؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ “إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }، فَقُولُوا: آمِينَ. فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” [صحيح البخاري] وآمين تعني: اللهم استجب .. فأنت حين تقول: آمين في الأرض، تقول الملائكة: آمين في السماء .. فإذا توافق قولك مع قول أحد الملائكة، غُفِرَت لك جميع ذنوبك .. فعليك أن تقولها وأنت مُستشعرٌ لمدى حـــاجتك .. فأنت تطلب من الله تعالى أن يهدك الصراط المستقيم، وهو أمرٌ عظيـــم وليس بهين يوم القيامة .. ولا تقولها وأنت مُستغنٍ وغير مبالٍ هل يُستجاب لك أم لا .. فلو أن رجلٌ حُكِمَ عليه بالإعدام، ووقت تنفيذ الحُكم طُلِبَ منه أن يُكلم أوليـــاء القتيل ليعفو عنه .. فإن عفو عنه نجى، وإلا قُتِل .. هل سيكلمهم بلا مبالاة ولا يهتم إن استجابوا له أو لا؟! فما بــــالك وأنت تطلب العفو من ربِّ العالمين؟ فعليك أن تُظهر لله تعالى حاجتك، واعلم أنه لا يستجيب من قلبٍ غافلٍ لاهٍ .. ———– ثم بعد ذلك تشرع في قراءة القرآن .. وقد شُرِعَت قراءة القرآن في القيــام؛ لأنه أشرف الأذكار والقيـــام هو أشرف الهيئات .. بينما قد نُهينا عن قراءته أثناء الركوع والسجود؛ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم“ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا ..” [رواه مسلم] يقول ابن القيم “ولما كان أشرف أذكار الصلاة: القرآن، شُرِعَ في أشرف أحوال الإنسان وهي هيئة القيام التي قد انتصب فيها قائمًا على أحسن هيئة” [شفاء العليل (24:46)] ———- والبعض يقرأ القرآن دون أن يستشعر معانيه أو يشعر بشيءٍ تجاهه، كأنه يقرأ صحيفة أو مجلة ! وهذا لا يصح مع كلام الله تعالى .. يقول ابن الجوزي “والله لو أن مؤمنًا عاقلاً قرأ سورة الحديد وآخر سورة الحشر وآية الكرسي وسورة الإخلاص بتفكير وتدبر، لتصدَّع من خشية الله قلبه وتحيَّر في عظمة الله لُبَّه” [التذكرة في الوعظ (1:73)]. يقول تعالى { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] وأمرنا سبحانه وتعالى بترتيل القرآن .. {.. وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] ———- وليس المهم الكم الذي تقرأه من الآيات، بل كيفية قرائتك لها ومدى تأثرك بها .. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بآية واحدة، يظل يرددها طوال الليل .. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى أصبح بآية، والآية هي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة: 118]. [رواه النسائي وابن ماجه وصححه الألباني] يقول ابن القيم “إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله” [الفوائد (1:1)] وتذكَّر المفتـــاح السحري للخشوع في الصلاة: كَلِّم ربَّك .. خاطبه .. ناجي ربَّك . |
|
|
|
![]() |
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
||||
|
|
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| 170 قصيدة إنشاد دينى أكثر من رائعة للشيخ مشارى راشد العفاسى | خالددش | ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية | 9 | 01-06-2019 07:02 AM |
| ( أرحنا بالصلاة يا بلال ) | ابومهاجر الخرساني | ملتقى الحوار الإسلامي العام | 4 | 11-20-2018 12:14 PM |
| سلسلة واسطوانة كيف تتلذذ بالصلاة مشارى الخراز | ابدأ بنفسك | ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية | 4 | 06-30-2018 04:44 AM |
| سلسلة واسطوانة كيف تتلذذ بالصلاة الجزء الثاني الشيخ : مشاري خراز ومعانا ليك هدية | ابدأ بنفسك | قسم الاسطوانات التجميعية | 3 | 08-11-2016 06:41 PM |
| غيرة الشيطان من العبد في الصلاة, كيف تتلذذ بالصلاة | ابدأ بنفسك | ملتقى الحوار الإسلامي العام | 3 | 03-19-2013 09:14 PM |
|
|