![]() |
![]() |
المناسبات |
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|||||||||
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#13 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث (14) لا يحل دم امرئ مسلم..
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحِلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارِق للجماعة))[1]. عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِهِ صلى الله عليه وسلم، ومتعلِّق بأخطر الأشياء؛ وهو الدماء، ويؤكِّد على أن الأصل في الدماء العِصمةُ؛ كما في حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: دَمُهُ، وماله، وعِرْضُه))[2]، كما يُبيِّن عقوبة مقترفي الجرائم المذكورة لحماية المجتمع ووقايته؛ وهي حدُّ القتل، وحد الزاني المحصَن، وحد الرِّدَّة، وتطبيق هذه الحدود مردُّه إلى أولياء الأمور، وليس لآحاد الناس، فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- تشريع حد الزنا لحفظ الأعراض: الذي تزوَّج وإن طلَّق أو طُلِّقت يُسمَّى عند الفقهاء بالثَّيب، وأجمعوا على أنه إذا زنى يُرجم بالحجارة حتى الموت، وقد ثبت في السُّنَّة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزًا والغامدية لمَّا زَنَيَا، وكان مما نزل من القرآن ثم نُسِخ نَسْخَ التلاوة دون الحكم ما رُوِيَ عن زرٍّ، قال: ((قال لي أُبَيُّ بن كعب: يا زرُّ، كأيِّن تقرأ سورة الأحزاب؟ قال: قلت: كذا وكذا آيةً، قال: إن كانت لَتُضاهي سورة البقرة، وإن كنَّا لنقرأ فيها: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتةَ نكالًا من الله ورسوله، فرُفع فيما رُفع))[3]، والشيخ والشيخة: الثيب والثيبة، أما الزاني البِكر؛ فحكمه واضح في قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 2]، ولو طبَّقنا هذا التشريع الربانيَّ، لَحُفِظتِ الأعراض، ولما انتشر الزنا والخيانات الزوجية، وما ينجُم عنها من اختلاط الأنساب، وظهور أبناء الزنا، وما يترتب عن وجودهم من تكلفة لاحتضانهم، ومن مشكلات نفسية لهم عند كِبَرِهم والسؤال عن نسبهم. 2- تشريع القِصاص لحفظ الأنْفُسِ: قتل النفس بغير وجه حقٍّ جُرمٌ عظيم عند الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُه))[4]، وهو من كبائر الذنوب؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، هذا في عذاب الآخرة، أما في الدنيا، فالقِصاص إذا لم يرضَ أولياء المقتول بالدِّيَةِ، أو العفو عن القاتل؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 178، 179]، وقال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، فلو طُبِّق القِصاص في واقعنا، لأمِنَ الناس على أنفسهم وأرواحهم، واستراح الناس من فظائع الجرائم التي يرتكبها الأفراد والعصابات، وهذا التشريع الربانيُّ يدحض مزاعمَ دُعاة إلغاء عقوبة الإعدام؛ لأن الجزاء ينبغي أن يكون من جنس العمل، وهم ينظرون إلى العطف على الجاني وحقه في الحياة، وينسَون حقَّ الضحية وحقه في العيش، فما أعدل تشريع الإسلام! 3- تشريع حد الرِّدَّة لحفظ الدين، فمن دخل في الإسلام ثم ارتد عنه وترك جماعة المسلمين، فقد أجمع أهل العلم أنه يُقتَل؛ بدليل هذا الحديث: ((التارك لدينه المفارِق للجماعة))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من بدَّل دينه فاقتلوه))[5]، وبدليل قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين الذين ارتدوا بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو طبَّقنا هذا التشريع الرباني لَقطعنا الطريق على المجاهرين بالكفر، والملاحدة، وقُمنا بصيانة الدين من تلاعب اللادينيين. ويجدر التنبيه في الختام أن المسلم قد يُقتَل - حال تطبيق حدود الله - من طرف وليِّ أمر المسلمين بغير هذه الثلاثة؛ ومنها: • اللواط: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من وجدتموه يعمل عَمَلَ قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به))[6] ؛ حتى لا تنتشر هذه الآفة بين المسلمين. • العصابات المحاربون: لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 33، 34]. • الساحر: وهو عند أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه يكفُر بسِحْرِه، فهو في حكم المرتدِّ. • من يريد تفريق وحدة المسلمين: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكم وأمرُكم جميع على رجل واحد، يريد أن يشُقَّ عصاكم، أو يفرِّق جماعتكم، فاقتلوه))[7]. عباد الله: دمُ المسلم الذي لا يحل إلا بحقِّه عند الله أصبح في زماننا من أرخص الدماء، كما ترَون في فلسطين وغيرها من البُلدان؛ نتيجة ضعف المسلمين وترك دينهم وتفرقهم، فأصبحوا أذلاء بين الأمم، ولا عزَّةَ لهم إلا بالرجوع إلى دينهم حتى يجمع الله شملهم، ويأخذوا بأسباب القوة. فاللهم انصر دينك وأعزَّ أولياءك، آمين. [1] رواه البخاري، رقم: 6878، ومسلم، رقم: 1676. [2] رواه مسلم، رقم: 2564. [3] رواه أبو داود الطيالسي، رقم: 2564. [4] رواه مسلم، رقم: 2564. [5] رواه البخاري، رقم: 3017. [6] رواه أبو داود، رقم: 4462. [7] رواه مسلم، رقم:1852. |
|
|
|
|
|
#14 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث (16) لا تغضب عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصِني، قال: لا تغضب، فردَّد مرارًا، قال: لا تغضب))[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِه صلى الله عليه وسلم، الذي أوجز وصيته لهذا الصحابي في كلمة جامعة؛ وهي: ((لا تغضب))؛ قال الخطابي: "معنى قوله: ((لا تغضب))، اجتَنِبْ أسبابَ الغضب، ولا تتعرض لِما يجلبه، وأما نفس الغضب فلا يتأتَّى النهي عنه؛ لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجِبْلَةِ"[2]، والغضب جِماع الشرِّ، والتحرُّز منه جماع الخير، وهو ينشأ بدافع النفس للانتقام، أو دفع الأذى؛ ما يتولد عنه الكثير من الشرور؛ كالقتل والضرب، والسب والنطق بالكلام الفاحش، وغيرها، وهو نقيض الرضا والسَّكِينة والطمأنينة. فما الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يأتي: 1- الغضب المذموم وعلاجه: وهو الذي نهى عنه وحذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي وردت، ومنها هذا الحديث، وهو خُلُقٌ سيئ؛ لأنه يُخرِج العقل والدين من سياستهما، فلا يبقى للإنسان مع ذلك نظرٌ ولا فِكْرٌ ولا اختيار. ومن أمثلته: الغضب لأجل الدنيا والمصالح، والغضب للنفس، أو الغضب عصبيةً أو للقبيلة، أو الحزب أو الجماعة، أو للأسرة والأقارب، فتجد الغضبان يغضب لأتفه الأسباب، فتنتفخ أوداجه وتحمرُّ عيناه، ويُطلِق للسانه العِنان في السَّبِّ والشتم والقذف، وربما يؤذي المغضوبَ عليه بالضرب أو القتل، وكم من غاضب حوَّل العيش داخل الأُسرة إلى جحيم، وربما طلَّق زوجته فيندم، لكن حيث لا ينفع الندم! ويزداد الأمر سوءًا إذا ظنَّ الغاضبُ أنه قوِيٌّ بتصرفاته، ويستطيع فرض احترامه، ونفسه التي بين جنبيه ضعيفٌ أمامها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرَعَةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))[3]؛ أي: ليس الشديد الذي يصرع الناس بقوته البدنية، أو يمارس فنون القتال والمصارعة، ولكن الشديد الذي يضبط نفسه، فلا ينطق إلا بما يوافق الحق والصواب. ويُعالَج الغضب: • بدعاء الله عز وجل على إذهاب غضبك في غير محله؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]. • بملازمة ذكر الله عز وجل، أكْثِرْ من قراءة القرآن، ومن التسبيح والتهليل وغيرها من الأذكار؛ لأنها تُطَمْئِنُ القلب؛ قال تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. • بلزوم الصالحين والرفقة الطيبة؛ لأن مجالستهم سَكِينة، بخلاف مجالسة الرفقة السيئة التي تتوفر عندها دواعي الغضب المذموم وكثرته. • بالتعوُّذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأنه مصدر الغضب من خلال وسوسته؛ عن سليمان بن صرد، قال: ((استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فغضِب أحدهما، فاشتد غضبه حتى انتفخ وجهه وتغيَّر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لَأعلمُ كلمةً، لو قالها لذهب عنه الذي يجد، فانطلق إليه الرجل فأخبره بقول النبي صلى الله عليه وسلم وقال: تعوَّذ بالله من الشيطان، فقال: أترى بي بأسٌ؟ أمجنونٌ أنا؟ اذهب))[4]. • بتغيير الوضع الذي أنت عليه حال غضبك؛ فإن كنت تمشي فتوقَّف، وإن كنت واقفًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فاضطجع؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضِب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع))[5]، وغيرها من الأسباب المشروعة. 2- الغضب المحمود؛ وهو أن يكون لله عز وجل عندما تُنتهك حرماته، والغضب على أعدائه من الكفار والمنافقين، والطغاة والمتجبرين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73]، ومنه غضب الله عز وجل كغضبه على المنافقين والمشركين؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [الفتح: 6]. كيف لمن يسمع الدين والملة تُسَبُّ ولا يحرك ساكنًا، وإذا سُبَّ هو أو أحد أقربائه، انتفض انتفاضة الثور؟! وكيف لمن يرى أو يسمع نبيه صلى الله عليه وسلم يُستهزَأ به، وتُنشر له رسوم مسيئة، أو نفي سنته بدعوى الاقتصار على القرآن، ثم لا يغضب؟ وكيف لمن عنده أبناء لا يُصلُّون ثم لا يغضب ولا يحرك ساكنًا؟! أو يرى زوجته أو ابنته تخرج سافرةً، ولا يأمر أو ينهى؟ وكيف لمن يرى إخوانه يُقتلون ويُذبحون ويجوعون، وأعراض المؤمنات تُنتهك، ولا يغضب ولا ينفر بما يستطيع؟ والله عز وجل يقول: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41]. فالغضب إذا كان في محله، فهو مطلوب لحماية الدين والأنْفُسِ والأعراض، وانظروا كيف غضب أناس من المشركين حينما حُوصِرَ النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون ومَن معهم مِن أقربائهم مِنَ المشركين في الشِّعب بدافع العصبية، وقالوا: "يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبَس الثياب، وبنو هاشم هَلْكَى، لا يُباع ولا يُبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تُشَقُّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة"[6]، فسَعَوا لنقضها، فقيمة الغضب المحمود تنفع لإزالة الظلم، ووضع الأمور في نصابها. فاللهم اجعلنا ممن يغضب لك، آمين. [1] رواه البخاري، رقم: 6116. [2] فتح الباري: 10 /520. [3] رواه البخاري، رقم: 6114، ومسلم، رقم: 2609. [4] رواه البخاري، رقم: 6048 [5] رواه أبو داود، رقم: 4782. [6] سيرة ابن هشام: 1 /376، والقائل هو زهير بن أبي أميَّة. |
|
|
|
|
|
#15 | |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث 18: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»
عن أبي يعلى شداد بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتُم فأحسِنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحِدَّ أحدكم شفرته، فليُرِحْ ذبيحته»[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، قال الإمام النووي رحمه الله: "وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام"[2]؛ لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الإحسان وشموليته. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1-الإحسان إلى ما يُذبح أو يُقتل: قال صلى الله عليه وسلم: «فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح»، والمعنى: أحسنوا هيئة القتل والذبح لما يجوز قتله أو ذبحه من الدوابِّ، ومن تأمل في آداب الذبح في الإسلام فكلها إحسان، ومن ذلك: 1- الذبح بآلة حادة إحسان؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وليُحِدَّ أحدكم شفرته، فليُرِح ذبيحته»، أساليب الذبح عند مَن يدَّعي الرفق بالحيوان بشعة، لا تقرها شريعة ولا خلق ولا دين؛ كالصعق بالكهرباء، والضرب حتى يفقد الحيوان وعيه، والذبح من القفا في اتجاه الحلق، وغيرها -والحمد لله في بلادنا لا يوجد هذا- وعلى جاليتنا في الغرب الحرص على الذبح وفق الشريعة الإسلامية. والحكمة من شحذ السكين –كما في الحديث- هو إراحة الذبيحة بسرعة الإمرار عليها، فتموت سريعًا، وهذا هو جانب الرحمة بالحيوان في شريعة الإسلام. 2- إحداد السكين بعيدًا عن أعين البهيمة إحسان؛ في الحديث الصحيح أن رجلًا أضجع شاةً وهو يحد شفرته، فقال له النبيصلى الله عليه وسلم: «أتريد أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟»[3]. 3- سوق الذبيحة إلى مذبحها برفق إحسان؛ وتجنب جرها بالعنف، أو الضرب. وللعلم فإن الحديث يؤكد أن توتُّر الحيوان قبل ذبحه يؤدي إلى انخفاض ضغط دمه بدرجة ملحوظة، ومن ثمَّ بقاء الدم في عروقها مما يؤثر على جودة اللحم. 4- عرض الماء عليها قبل الذبح إحسان؛ فلعلها أن تكون عطشانةً فتشرب، وذكروا علةً في ذلك فقالوا: عندما تكون شاربةً للماء تنتفخ قليلًا، وهذا يساعد على سهولة سلخ الجلد. 5- عدم قطع شيء منها حتى تبرد وتزهق روحها إحسان؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما -وإن ضعَّفه أهل العلم- لكن معناه يوافق مقصود الشارع، ويوافق الحديث الصحيح السابق في الإحسان، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبيحة أن تُفْرَس قبل أن تموت"[4]، وقد صرح المالكية بكراهية ذلك، فأين هؤلاء ممن يفترسون الحيوانات قبل موتها بأظفارهم؟ وأين من يتسلون بالعجول ويغرسون فيها الآلات الحادة، أمام مرأى الناس، ويسمون ذلك رياضةً؟ فاللهم إنا نبرأ إليك من هذه الرياضة التي تُعَذِّب الحيوان. 6- إضجاعها على شقها الأيمن عند الذبح إحسان؛ والحكمة من ذلك تسهيل الأمر على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها باليسار، وسرعة الإجهاز عليها. 7- توجيه الذبيحة (أي مكان الذبح) لجهة القبلة إحسان؛ والحكمة من ذلك أنها جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنه، كما نفعل في الصلاة. 8- التسمية قبل الذبح إحسان؛ قال تعالى:﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 118]، وقال:﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 121]. - عموم الإحسان في كل شيء؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء». الإحسان قد يأتي بمعنيين: إيصال النفع للآخرين؛ فمن الإحسان الذي كتبه الله: الإحسان للوالدين، قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، والإحسان للأقارب والجيران بمختلف أنواعهم، قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]، والإحسان في القول للناس، قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]، والإحسان لليتيم والسائل، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 9، 10]، وغيرها من أنواع الإحسان والنفع للناس. ويأتي بمعنى الإتقان؛ فمن الإحسان إتقان الوضوء: قال صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره»[5]، وإتقان الصلاة إحسان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيءصلاته بالإعادة، وتجويد القرآن إحسان قال صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم»[6]، وإتقان العمل والمهنة إحسان، قالصلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه»[7]. وهكذا في كل أمور الحياة. فاللهم اجعلنا ممن يحسنون في أعمالهم كلها، آمين. (تتمة الدعاء). [1] رواه مسلم، رقم: 1955. [2] شرح النووي على مسلم: 13/ 107. [3] رواه الحاكم في المستدرك برقم: 7563، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه". [4] السلسلة الضعيفة: 4717. [5] رواه مسلم: 245. [6] رواه البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة». [7] رواه البيهقي في شعب الإيمان: 4929. |
|
|
|
|
|
|
#16 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث 19: ((احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ...)) عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كنتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلامُ، إني أعلمك كلماتٍ، احفَظِ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام، وجفَّت الصحف))[1]، وفي رواية غير الترمذي: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إليه في الرخاء، يعْرِفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفَرَجَ مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا))[2]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِهِ صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن رجب رحمه الله: "هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمةً، وقواعدَ كليةً من أهم أمور الدين، حتى قال بعض العلماء: تدبَّرت هذا الحديث، فأدهشني وكِدتُ أطِيشُ، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهُّم لمعناه"[3]. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يأتي: 1- من حفِظ الله يحفظه الله: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((احفَظِ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك))، وقوله: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إليه في الرخاء، يَعْرِفْك في الشدة))؛ أي: مَن حفِظ أوامره بفعلها، ونواهيَه باجتنابها، وحدودَه بعدم التعدي عليها، وحقوقه بالقيام بها؛ حفِظَه الله؛ كقوله تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 32، 33]، وقوله في المحافظة على الصلاة: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34]، وقوله في حفظ الفُرُوج: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]، والشواهد كثيرة معلومة، فهذا شرط وجوابه؛ حفِظه الله في دينه ودنياه، وحفِظه في نفسه وأولاده وماله، وغيرها من أنواع الحفظ؛ فالجزاء من جنس العمل. كقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40]، والوفاء بعهد الله هو الإيمان به، والعمل بشرائعه، ووفاء الله بعهده هو تحقيق الوعد بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة. وقوله في الذكر: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبرٍ، تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا، تقرَّبت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هرولةً))[4]. وقوله في سنن النصر على الأعداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، ونصر الله يكون بنصر نبيِّه ودينه، وقتال الكفار، ونصره للمؤمنين بالغلبة على الكفار، وتثبيت أقدامهم في الحرب؛ ولذلك قال في رواية الترمذي: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفَرَج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)). 2- الدعاء والاستعانة لا تكون إلا بالله: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله))؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، وقال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، فمن سأل قضاء الحوائج من المقبورين، أو سأل الناس ما لا يقدر عليه إلا اللهُ؛ كالشفاء والرزق، فهو في ضلال مبين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5]. 3- الإيمان بالقضاء والقدر: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام، وجفَّت الصحف))، وقوله: ((واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك))، فأقدار الخير والشر كُتبت قبل خلق السماوات والأرض؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنةٍ، قال: وعرشه على الماء))[5]. فلماذا النياحة عند موت قريب، أو لطم الخدود، أو شق الثوب، أو التمرغ في التراب؟ فهذا كله وأمثاله عند وقوع قدر الموت يدل على عدم الرضا بالأقدار المؤلمة؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني؛ فإنك لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوَّابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى))[6] ، وعلى هذا القياس في كل ما يصيب الإنسان من شرٍّ، عليه الصبر، وما يصيبه من خير، عليه الشكر؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]. فاللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين الراضين بقضائك، آمين. [1] رواه الترمذي، رقم: 2516، وقال: حديث حسن صحيح. [2] انظر: مسند أحمد، رقم: 2803. [3] جامع العلوم والحكم: 1/ 462. [4] رواه البخاري، برقم: 7405. [5] رواه مسلم، برقم: 2653. [6] رواه البخاري، برقم: 1283. |
|
|
|
|
|
#17 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث (20) «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تَسْتَحِ فاصنع ما شئت))[1]. عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يدعو إلى خُلُق الحياء، الذي هو خلق الأنبياء، وهو خلق عظيم يبعث على ترك القبيح، والتحلي بالفضائل، وعدم التقصير في أداء الحقوق، والأمر هنا ليس للوجوب بمعنى: اصنع ما تريد من الشرور والآثام إذا لم تستحِ، ولكنه خرج مخرج التهديد والوعيد، بمعنى: إذا لم يكن عندك حياء، فاعمل ما شئت؛ فإنك معاقَب على صنيعك؛ كقوله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت: 40]، فليس المعنى: اعمل ما شئت، ولكن تهديد ووعيد. وقد يقصد بالأمر هنا الإباحة؛ أي: إذا أردت فِعْلَ أمرٍ ولم تستحِ في فعله من الله ولا رسوله، ولا الناس، لجوازه؛ فافْعَلْه. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- إرث الأنبياء قبلنا يُستفاد منه: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى...))، فاستدل النبي صلى الله عليه وسلم بما كانت عليه النبوة الأولى من أمر الحياء، فبقِيَ إلى قيام الساعة، ويعبِّر عنه العلماء بشرع مَن قبلنا، وينبغي أن يُعلَم أن ما ثبت في شريعة من الشرائع، فهو من شريعة الإسلام في أمور ثلاثة: في العقائد: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، فالدعوة إلى عبادة الله دعوةُ كلِّ الرسل، وهكذا في باقي المعتقدات. في الأخلاق: قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ صالح الأخلاق))[2]، فالأخلاق الصالحة كالصدق والأمانة والحياء أمَرَ بها الأنبياء، وضدها الكذب والخيانة نهى عنها الأنبياء. في الأخبار: كالإخبار عن الدَّجَّال؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بُعِث نبيٌّ إلا أنذر أُمَّتَه الأعورَ الكذَّاب، ألَا إنه أعور، وإن ربَّكم ليس بأعورَ، وإن بين عينيه مكتوب كافر))[3]، أو إخبار الرسل بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم قبله، فعدمُ التصديق تكذيبٌ للأنبياء. 2- الحياء كله خير ومن الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: ((الحياء لا يأتي إلا بخير))[4]، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلٍ، وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنك لَتستحيي، حتى كأنه يقول: قد أضرَّ بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ؛ فإن الحياء من الإيمان))[5]، فمدح النبي صلى الله عليه وسلم خُلُقَ الحياء، الذي يجب أن يتحلَّى به الرجال والنساء على السواء؛ لأنه يمنع المرء من الوقوع في الآثام، وفي الحديث أن: ((الحياء شعبة من الإيمان))[6] ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرْها))[7] ، وكان موسى عليه السلام ((رجلًا حَيِيًّا ستِّيرًا، لا يُرى من جِلْدِهِ شيءٌ استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستُّر، إلا من عَيبٍ بجلده))[8]. وقد يظن بعض الناس أن الحياء منافٍ للرجولة، وأنه من طِباع النساء، وهذا فهم خاطئ؛ لأن من استحيا من الناس أن يرَوه يأتي الفجور، ويرتكب المحارم؛ عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لَأعلَمَنَّ أقوامًا من أُمَّتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثالِ جبال تِهامة بيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جلِّهم لنا؛ ألَّا نكون منهم، ونحن لا نعلم، قال: أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتِكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خَلَوا بمحارم الله انتهكوها))[9]. والمجتمع الذي ينتشر فيه الحياء تقِلُّ فيه الشرور والمعاصي؛ قال مجاهد: "إن المسلم لو لم يُصِب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي، لكفاه"[10]. فاللهم ارزقنا خُلُقَ الحياء والستر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 3- هل استحيينا من الله حقَّ الحياء؟ هذا الذي يسمع المؤذن ينادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فيُسارع لاستجابة المنادي، فاز بالخير، والمتخلِّف إذا لم تكن امرأةً أو صاحبَ عذرٍ مقبول، فلا حياء له، فليسارع إلى التوبة ولزوم الجماعة، أو الشروع في الصلاة، إن كان من التاركين لها. وهذه التي تخرج مُتبرِّجة، أو تذهب إلى الشواطئ والمسابح المختلطة بلِباس السباحة – زعموا - فيطلع الناسُ على عورتها - امرأةٌ منزوعةُ الحياء. والذي - أو التي - يُمسك الهاتف، أو أمام شاشة التلفاز، وينظر إلى ما حرم الله من النظر إليه، بعيدٌ عن الحياء، كبُعدِ السماء عن الأرض؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31]؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من قلَّ حياؤه قلَّ وَرَعُه، ومن قل ورعه مات قلبه"[11]. والخلاصة: أن من قصَّر في حقٍّ من الحقوق، سواء كان حقًّا لله، أو حقًّا للعباد، أو حقًّا للحيوان، أو حقًّا للبيئة، أو غيرها من الحقوق، فقد أضاع حق الحياء، ويجب علينا أن نستحي من الله حق الحياء؛ عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استَحْيُوا من الله حقَّ الحياء، قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تحفظَ الرأس وما وعى، والبطنَ وما حوى، ولْتذْكُرِ الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة تَرَكَ زينة الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء))[12]. فاللهم اجعلنا ممن يستحي منك حق الحياء، آمين. (تتمة الدعاء). [1] رواه البخاري، رقم: 6120. [2] رواه البخاري، رقم: 7405. [3] رواه البخاري، رقم: 7405. [4] رواه البخاري، رقم: 6117. [5] رواه البخاري، رقم: 6118. [6] رواية البخاري، رقم: 9، قال: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)). [7] رواه البخاري، رقم: 3562. [8] رواه البخاري، رقم: 3404. [9] رواه ابن ماجه، رقم: 4245. [10] حلية الأولياء: 3/ 280. [11] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا: 20. [12] رواه الترمذي، رقم: 6117. |
|
|
|
|
|
#18 |
|
مشرفة قسم القرآن
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
الحديث (21) «قل: آمنت بالله ثم استقم»
عن أبي عمرو - وقيل أبي عمرة سفيان بن عبدالله – رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، قُلْ لي في الإسلام قولًا، لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: قُلْ: آمنت بالله ثم استقم))[1]. عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة لأنه من جوامع كلِمه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جمع للسائل بهاتين الكلمتين قواعد الدين، فأمره بالإيمان أولًا، ثم بالاستقامة ثانيًا؛ أي: الاعتدال على طاعة الله عقدًا وقولًا وفعلًا، مع المداومة على ذلك. فما الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- الترغيب في طلب النصيحة والوصية: لقول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولًا، لا أسأل عنه أحدًا غيرك)، فتطلب من أهل الفضل والصلاح والدين، وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم، كثيرًا ما يأتون النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال أو طلب نصح، ويأتون إلى أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق معنا[2]: ((الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))[3]، وقال عمر رضي الله عنه وهو أمير للمؤمنين في النصيحة: "لا خير فيهم إذا لم يقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم تُقَل لنا"[4]. 2- لا إيمان بدون استقامة: لأن الإيمان مع الاستقامة هو الدين الكامل؛ قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، وقال له أيضًا: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ [الشورى: 15]، والإيمان محله القلب، والاستقامة محلها الجوارح - وإن كان للقلب منها نصيب - ولذلك الاستقامة قسمان: • استقامة القلب: فأعظم ما ينبغي الاهتمام باستقامته هو القلب؛ لأنه متى استقام استقامت الجوارح، فهو كالملك لباقي الأعضاء؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((... ألَا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله؛ ألَا وهي القلب))[5]، فتعاهَدْ نيتك وإخلاصك لربك قبل العمل، واسأل سؤالًا: ماذا أريد بهذا العمل؟ فإن كان لله فأمضِه، وإن كان لغيره فتوقف حتى تصلح نيتك، وتعاهد معتقداتك في الله وملائكته، وكتبه ورسله، وقدره خيره وشره، وسائر الأمور الغيبية كأشراط الساعة، ونعيم القبر وعذابه، والجنة والنار وغيرها، حتى تكون وفق المعتقد الصحيح، وتجنب العقائد الفاسدة. وعاهِد قلبك في علاقتك بالناس، فتُحب لهم مثل ما تحب لنفسك، وتتجنب الحسد والبغضاء والكراهية، وهكذا إخواني بالمجاهدة تستقيم قلوبنا. • استقامة الجوارح:وهي تُعبِّر عما في القلب، فيستقيم لساننا فلا ينطق إلا بما يُرضي الله من الكلام الطيب؛ كإفشاء السلام، وقول كلمة الحق، وشكر الناس وغيرها، ويتجنب ما يجلب سخط الله؛ كالغِيبة، والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والكلام الفاحش وغيرها. ويعلم أنه مراقب؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد لَيتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد لَيتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم))[6]. فكما ينبغي للسان أن يستقيم بالنسبة للجوارح، كذلك ينبغي للبصر أن يُغَضَّ عما حرم الله؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31]، وينبغي لليد أن تستقيم فلا تسرق، ولا تغش أو تزوِّر، ولا تعتدي على الغير بالضرب أو القتل، ولا تقبض بها سيجارةً أو مخدرًا أو خمرًا، وبالمقابل تقدم يد العون للآخرين، وينبغي للرِّجل أن تستقيم فلا تذهب برجليك، أو تسافر بها إلى ما حرم الله، وبالمقابل تذهب بها إلى الصلاة الجماعية في المسجد، وتذهب لطلب العلم المشروع؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]. وهكذا لتعلموا - رحمكم الله - أن الإنسان مسؤول عن كل حواسه؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. 3- فضل الاستقامة: إذ تحققت استقامة القلب والجوارح - عباد الله كما أسلفنا - حصدنا ثمارها باستقامة أحوالنا في الدنيا، وعِشنا حياةً آمنةً مطمئنةً سعيدةً، وأفاض الله علينا من خزائنه؛ قال تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]؛ أي: ماءً كثيرًا، وهو سبب للرزق الواسع، وأما في الآخرة، فإن المستقيم تنزل عليه الملائكة عند الموت والقبر وعند البعث، تؤمِّنهم من الخوف، وتبشرهم بالجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]. فاللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، ونسألك شكر نعمتك، ونسألك حسن عبادتك، ونسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب، آمين. (تتمة الدعاء). [1] رواه مسلم وغيره، رقم: 38، ولفظ مسلم: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ)). [2] الحديث السابع. [3] رواه مسلم، رقم: 1718. [4] تاريخ المدينة، عمر بن شبة: 2 /773. [5] رواه مسلم، رقم: 1718. [6]رواه البخاري، رقم: 6478. |
|
|
|
![]() |
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
![]() |
|
|
|
|
|
||||
|
|
|
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| الفوائد منتقاة من سلسلة شرح القواعد الفقهية الخمس الكبرى | حارس السنة | ملتقى الحوار الإسلامي العام | 10 | 12-28-2018 03:01 PM |
| دورة شرح الأربعين النووية | تائبة إلى ربي | قسم غرفة أحبة القرآن الصوتية | 13 | 06-18-2012 08:56 PM |
| الدرس الرابع في سلسلة شرح الأصول الجامعة | almojahed | ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية | 4 | 04-23-2012 03:39 PM |
| الدرس ال 163 من سلسلة شرح رياض الصالحين | almojahed | ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية | 1 | 04-10-2012 06:09 PM |
| انتبه فقد بلغت الأربعين | جندالاسلام | ۩۩ مكتبة الصحة والحياة ۩۩ | 1 | 12-06-2011 09:55 AM |
|
|