استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى الخطب والدروس المقروءة > قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله
قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله يهتم هذا القسم بطرح جميع المحاضرات والدروس والخطب المكتوبة لفضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله..
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 01-05-2013, 05:18 PM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 85

أسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهرأسامة خضر لديه مستقبل باهر

افتراضي العبادات للتأديب والتهذيب لا للعقوبة والتعذيب

      

العبادات للتأديب والتهذيب
لا للعقوبة والتعذيب
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ نحمَده نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسنَا ومن سيئات أعمالنا، من يهد اللَّهُ تعالى فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِل فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تعالى وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسلمُونَ}.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تساءلون وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيما}.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وباركْ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد؛
أيها الناس! إن الله خلقَ الخلق، وخلقَ الجنةَ والنار، وجعلَ الثوابَ والعقاب، والنعيمَ والعذاب، لكن {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}. [النساء: 147]
فالمؤمنون المسلمون ليس عليهم تعذيب، وإنَّ ما يقع عليهم من عذابٍ إنما هو تهذيبٌ وتأديب، وتخليصٌ لهم من شوائبِ المعاصي والمخالفات، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [آل عمران: 129]
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ». سنن أبي داود (4278)، الصحيحة (959)
أي [هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لِكَوْنِ نَبِيِّهَا نَبِيَّ الرَّحْمَةِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَمِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ انْحَصَرَ فِي سَابِقِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ الشَّرُّ فِي لَاحِقِهِمْ؛ حَيْثُ بَدَّلُوا كُتُبَهُمْ، وَحَرَّفُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُهُمْ]. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 4048)
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ زِيَادٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، فَجَعَلَ يُؤْتَى بِرُءُوسِ الْخَوَارِجِ قَالَ: وَكَانُوا إِذَا مَرُّوا بِرَأْسٍ قُلْتُ: (إِلَى النَّارِ)، قَالَ: فَقَالَ لِي =أي عبد الله بن يزيد=: لَا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أَخِي! فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَكُونُ عَذَابُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي دُنْيَاهَا». الآداب للبيهقي (ص: 295، رقم 725) صحيح الجامع (3096)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ مَرْحُومَةٌ، عَذَابُهَا بِأَيْدِيهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، دُفِعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُقَالُ: هَذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ". سنن ابن ماجه (4292) الصحيحة (1381)، فعذابها بأيديها، لا بما فرضه الله تعالى من الطاعات والعبادات.
فالصلاة عبادة فرضت لتهذيب السلوك، وتأديب النفوس بطاعة الله سبحانه، فلا تعذيبَ فيها ولا مشقة، فإن وُجِدت مشقةٌ رفعت وأزيلت أو خفِّفت، فالمشقة تجلب التيسير، لذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». البخاري (887)
وإن شق على من أراد الصلاة الاغتسالُ أو الوضوء، فخَشي على نفسه المرضَ أو تأخرَ الشفاء جاز له التيممُ رحمة بالأمة وتخفيفا عليها.
وتأخير الصلاة كثيرا عن وقتها فيه ما فيه من المشقة على الناس، لقد (أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، =وهم ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم ليصلوا معه العشاء،= ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي»، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي». مسلم (638)
وفي رواية: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ». الترمذي (167)، ولم يفعلْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمةً بالناس.
إنَّ المرضى والذين لا يقدرون على القيام في الصلاة أجاز لهم شرعنا أن يصلوا جلوسا أو على جنب، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». البخاري (1117)
فلم يكلِّفْنا دينُنا أن نربطَ الحبالَ لنتعلَّقَ بها في قيامنا أثناء الصلاة، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قَالُوا: (هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ)، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ! حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ». البخاري (1150)، ومسلم (784)
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ؛ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبُّ نَفْسَهُ». مسلم (786)
وقارئ القرآن إذا ثقل لسانه فليسترح، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِعْ». مسلم (787)
إنَّ المداومةَ على العبادةِ -وإن كانت قليلةً- خيرٌ من كثرتها مع انقطاعها، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» فَقُلْتُ: (امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ تُصَلِّي)، قَالَ: «عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ». مسلم (785)
والتخفيفُ في العبادةِ وعدمُ التعذيبِ للنفوس يتجلَّى واضحا في صلاة الجماعة، فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ)، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ». البخاري (90) مسلم (467)
حدثني بعضهم أنَّ إمامًا صلى بالناس صلاةَ العشاء أو قيام رمضان، فافتتح سورة البقرة، فقرأ رُبعا أو ربعين، فسبَّح الناس، فاستمر، فانفصل جماعةٌ من المأمومين من الجماعة، ثم سبَّح من بقي معه ينبِّهونه على التطويل، فاستمر، فخرج أكثر من نصف المسجد، وهو مستمرٌّ لا يلوي، فما أنهى سورة البقرة في ركعة، إلاّ ولم يبق إلا وحده. فإذا كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». البخاري (868). فعلى كم إنسانٍ شقَّ هذا الإمام؟؟!
إنَّ المريضَ والمسافرَ لمْ يُكلَّفا بما كُلِّف به المقيم، مع بقاء الأجر، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا». البخاري (2996)
أما عبادة الصوم فالتيسير فيها منصوص عليه، قال الرحمن الرحيم: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. [البقرة: 185]
وأباح الإفطارَ للمسافر ِوكبيرِ السنِّ والمرضعِ والحامل، رحمةً بهم وشفقةً عليهم، فمنهم من يقضيه في أيام أُخر، ومنهم من يُطعِمُ عن كل يوم مسكينا.
إنَّ من يتخذُ عبادةَ الصومِ لتعذيبِ نفسه، وإرهاقِها وإتعابِها دونَ مسوِّغٍ شرعيٍّ، لا ثوابَ له، فالصومُ عبادة، أَمَّا أن تصومَ في الشمس مثلا، أو وأنت تحملُ حِملاً ثقيلا، أو تجري طيلةَ يومك وترجو بذلك التعذيبِ أجرًا وثوابًا، فلا!! عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ؛ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ؟! قَالُوا: (هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ؛ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، قَالَ: «مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». سنن أبي داود (3300). فأقره على العبادة المشروعة الصوم، ونهاه عن التعذيب والمشقة.
إنَّ سردَ الصوم، أو صيامَ الدهرِ ليس من شرعنا، فمن فعلَه فإنه يرجو ثوابا في غير موضعه، وعذَّب نفسه دون فائدة، عَنْ كَهْمَسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهُ، فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَقُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! أَمَا تَعْرِفُنِي؟) قَالَ: «لَا!» قُلْتُ: (أَنَا الَّذِي كُنْتُ عِنْدَكَ عَامَ أَوَّلٍ!) قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ بَعْدِي؟!» قَالَ: (مَا أَكَلْتُ طَعَامًا بِنَهَارٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ)، قَالَ: «فَمَنْ أَمَرَكَ بِتَعْذِيبِ نَفْسِكَ؟! صُمْ يَوْمًا مِنَ السّررِ»، =أي صم يوما من وسط الشهر أو من طرفيه=، قُلْتُ: (زِدْنِي)، فَزَادَنِي حَتَّى قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ». المعجم الكبير للطبراني (19/ 194، رقم 435)، الصحيحة (2623)
لقد رأى الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم وصالَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في صيامِه، واستمرارَه في عدمِ تناولِه للطعامِ والشراب، فظنوا أنّ تجويعَ النفسِ المستمرَّ والمرهقَ والمتعبَ دون إفطارٍ عدةَّ أيام؛ فيه ثوابٌ عظيمٌ، وأجرٌ كبير، فطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يواصلوا كما يواصل، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: (إِنَّكَ تُوَاصِلُ!) قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ؛ إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى» البخاري (1922)، وليس طعاما وشرابا معهودا، بل شُغلُه بعبادة ربه؛ يغنيه عن المأكل والمشرب.
إنه صلى الله عليه وسلم القدوةُ في كلِّ خيرٍ ورحمة، فقد كَانَ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ, فَشَقَّ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ, فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ, فَشَرِبَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ, وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. صحيح ابن خزيمة (3/ 265، رقم 2039) قال الأعظمي: إسناده صحيح.
قال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (إِنَّمَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ التَّيْسِيرَ عَلَيْكُمْ, فَمَنْ يَسُرَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ فَلْيَصُمْ, وَمَنْ يَسُرَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ فَلْيُفْطِرْ). شرح معاني الآثار (2/ 67)
وقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ يَوْمًا: (مَا بِاللَّهِ حَاجَةٌ إِلَى تَعْذِيبِ عِبَادِهِ أَنْفُسِهِمْ بِالْجُوعِ وَالظَّمَأِ، وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ بْالْمُؤْمِنِ إِلَى ذَلِكَ، لِيَرَاهُ سَيَّدُهُ ظَمْآنَ نَاصِبًا، قَدْ جَوَّعَ نَفْسَهُ لَهُ، وَأَهْمَلَ عَيْنَهُ =أي بكى وأجرى دمعه=، وَأَنْصَبَ بَدَنَهُ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ بِرَحْمَةٍ، فَيُعْطِيَهِ بِذَلِكَ الْجُوعِ وَالظَّمَأِ الثَّمَنَ الْجَزِيلَ)، ثُمَّ قَالَ: (وَهَلْ تَدْرِي: مَا الثَّمِنُ الْجَزِيلُ؟ فَكَاكُ الرِّقَابِ مِنَ النَّارِ). الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 135، رقم 213)، هذا في عبادة الصيام.
أما عبادة الحجِّ فقد قال سبحانه: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. [البقرة: 196]، فمن لم يستطع إكمالَ الحج لعذرٍ من الأعذار الشرعية؛ يذبح ذبيحةً للخروج من النسك؛ بل أراحَهم النبي صلى الله عليه وسلم من الذبحِ بأن يشترط الحاجُّ عند الدخول في النسك فيقول: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني).
وأجاز شرعنا أن ينيبَ المريضُ من يحجُّ عنه، ويَسَّرَ وسهَّلَ أعمالَ الحج تقديمًا وتأخيرا، فهذا الصحابي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما؛ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: (كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا)، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: (كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ)، وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ»؛ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ». البخاري (1737)
بعضُ الناس يظنُّ أن الحجَّ ماشيًا أفضلُ وأكثرُ ثوابا؛ لأنه أكثرُ تعبًا ومشقة!! لا! فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، قَالَ: «مَا بَالُ هَذَا؟!» قَالُوا: (نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ)، =وفي رواية: (نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ). النسائي (3852)=. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ»، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. البخاري (1865)، مسلم (1642)
وهذه أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَسَأَلَ عُقْبَةُ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ". فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ، فَلَمَّا خَلَا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَادَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ تَعْذِيبِ أُخْتِكَ نَفْسَهَا لَغَنِيٌّ". مسند أحمد (28/ 523، رقم 17291)، وصححه الإرواء (2592)
وبعض الناس ينذُرُ أن يحجَّ مربوطا مع صاحبه، ظانًّا أنَّ هذا التعذيبَ فيه أجرٌ وثواب، مرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ، -أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ-، فَقَطَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «قُدْهُ بِيَدِهِ». البخاري (1620)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ). البخاري (6703)
[وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ رَجُلَيْنِ وَهُمَا مُقْتَرِنَانِ، فَقَالَ: "مَا بَالُ الْقِرَانِ؟!" قَالَا: (إِنَّا نَذَرْنَا لَنَقْتَرِنَنَّ حَتَّى نَأْتِيَ الْكَعْبَةَ)، فَقَالَ: "أَطْلِقَا أَنْفُسَكُمَا، لَيْسَ هَذَا نَذْرًا، إِنَّمَا النَّذْرُ مَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ". وَإِسْنَادُهُ إِلَى عَمْرٍو حَسَنٌ]. فتح الباري لابن حجر (3/ 482)، فعبادةُ الحجِّ تيسيرٌ لا تعسير، وتسهيلٌ لا تشديد.
وتوبوا إلى واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

***الخطبة الآخرة***
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
أما اليُسرُ والتيسيرُ في المعاملات وعدمُ التشديدِ والتعنُّت فيها، فقد أباح لنا شرعُنا كلَّ الطيباتِ التي في الأرض، ونهانا أن نُحرِّمَ إلاّ ما حرَّم الله سبحانه وتعالى، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ}. [المائدة: 87، 88]
وقال سبحانه واصفا رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}. [الأعراف: 157]، وقال سبحانه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}. [النحل: 116]
عَنْ أَنَسٍ، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: (وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ)، قَالَ أَحَدُهُمْ: (أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا)، وَقَالَ آخَرُ: (أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ)، وَقَالَ آخَرُ: (أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا)، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». البخاري (5063) ومسلم (1401)، فهذا هو التشدُّد في العبادة، والتنطُّع في الطاعة، والتعذيبُ للأنفس دون داعٍ شرعيٍّ.
واليسرُ والتيسيرُ وعدم ُالمشقة والعنت في اللباس، روى البخاري تعليقا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ). حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 173)
ولما رأى صلى الله عليه وسلم أنَّه يَشُقُّ على الناس كونُ اللباسِ إلى نصفِ الساقِ؛ أجازه إلى الكعبين، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ: -كَأَنَّهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ-: "الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ"، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، =وفي رواية: فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ= فَقَالَ: "أَوْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ". مسند أحمد (21/ 257، رقم 13692، ص 220، رقم 13605). الصحيحة (1765)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ». فَقَالَ أَصْحَابُهُ: (هَلَكْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ!) قَالَ: «إِلَى الْكَعْبَيْنِ» قَالُوا: وَأَسْفَلُ الْكَعْبَيْنِ؟ قَالَ: «فِي النَّارِ». مسند الشاميين للطبراني (4/ 51، رقم 2704)
[يَعْنِي؛ أَنَّ هَذَا مُسْتَحَقٌّ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ عَالِمٌ بِالنَّهْيِ، مُسْتَخِفٌّ بِمَا جَاءَهُ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ؛ فَهُوَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ]. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (3/ 245)
أمَّا النساء؛ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ حِينَ ذَكَرَ الْإِزَارَ: (فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!) قَالَ: "تُرْخِيهِ شِبْرًا"، =أي تزيد عن الكعبين شبرا=، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: (إذَا يَنْكَشِفُ عَنْهَا) =أي من خلفها إذا ركعت أو سجدت=، قَالَ: "فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ». المنتقى شرح الموطإ (7/ 226)، فلم يكلِّفْها أن تزيدَ على الذراعِ تنطُّعا وتشدُّدًا، ما دام الذراعُ يستر.
وفي الآخرة "... إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا؛ مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ،..". مسلم (182)
[... فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ دَلَالَةٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يُدْخِلُ =العصاةَ من هذه الأمة المرحومة يدخلهم= النَّارَ لِلتَّأَدِيبِ وَالتَّهْذِيبِ، لَيْسَ لِلْعُقُوبَةِ وَالتَّعْذِيبِ، فَالْعَذَابُ لِأَهْلِ النَّارِ الَّذِينَ أُعِدَّتْ لَهُمْ، وَهُمُ الْكَافِرُونَ وَالْجَاحِدُونَ]. بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 227)
[... يموتون فِي النَّار ... الْمَعْنى؛ أَنهم يُغشَى عَلَيْهِم ويغيبُ إحساسُهم، فيُعبَّرُ بِالْمَوْتِ عَن ذَلِك]. كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 138)
فأهل النار الذين هم أهلها الخالدين فيها أبدا، عذابهم لا ينقطع، وآلامهم لا تنتهي، فقد قال الله سبحانه في شأنهم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}. [فاطر: 36، 37]
ويبقون هكذا في النار {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا* لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا* إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا* جَزَاءً وِفَاقًا}. [النبأ: 23 - 26]
أما أهل الجنة الذين هم أهلها، المؤمنون المتقون الأبرار، فقد قال أرحم الراحمين في حقهم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ* فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ* كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ* يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ* لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ* فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ}. [الدخان: 51- 59]
[{فَارْتَقِبْ} أي: انتظر =يا رسول الله أنت ومن آمن بك واتبعك؛ انتظر= ما وعدك ربك من الخير والنصر، {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} ما يحل بهم من العذاب، وفرق بين الارتقابين: رسول الله وأتباعه يرتقبون الخير في الدينا والآخرة، وضدُّهم يرتقبون الشر في الدنيا والآخرة]. تفسير السعدي (ص: 775)
فما أحسنه من دين، وما أيسرها من شريعة، وما أكملها من ملة، فحُق لها أن تكون آخر الشرائع وخاتمة الملل، كما رسولنا ونبينا أخر الأنبياء وخاتم الرسل، صلى عليه الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
«اللهم ألِّفْ بين قلوبنا، وأصلحْ ذاتَ بيننا، واهدِنا سُبُلَ السلام، ونجِّنا من الظلماتِ إلى النور، وجنِّبْنا الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطن، وباركْ لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا، وأزواجنا وذرياتِنا، وتبْ علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمِك، مثنين بها عليك، قابلين لها وأتممها علينا».
اللهم ارحمْ آباءَنا، اللهم ارحمْ أمهاتِنا، اللهمَّ ارحمْ آباءَنا وأمهاتِنا، اللهم اغفرْ لأزواجِنا وذرياتِنا، وارحمْ أقاربَنا وسائرِ المسلمين.
اللهمْ وفِّقْنا لما يرضيك، اللهم أبعدنا عن معاصيك، اللهم اغفرْ للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألفْ بين قلوبهم، وأصلح ذاتَ بينهم، وانصرهم على عدوِّك وعدوِّهم، واهدِهم سبلَ السلام، وأخرجْهم من الظلماتِ إلى النور.
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}. (العنكبوت: 45)
جمع من المظان وخطب: أبو المنذر فؤاد
الزعفران الوسطى غزة
في 22 صفر الخير 1434 هلالية
وفق: 4/ 1/ 2013 شمسية.
للتواصل مع الشيخ عبر البريد الالكتروني: zafran57@yahoo.com
أو قوموا بزيارة الموقع الإلكتروني الرسمي للشيخ: www.alzafran.com

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

أسامة خضر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-05-2013, 09:24 PM   #2
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله كل خير
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-06-2013, 09:12 PM   #3

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

طالب العلم غير متواجد حاليا

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم
التوقيع:




قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى:

*إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة*

من مواضيعي في الملتقى

* استودعكم الله ,,,,,,,,,,,,,,الى الملتقى ان شاء الله
* لماذا سمي القران بالقران الكريم
* أقوال العلماء في التحذير من فتنة الطعن والتجريح وتبديع السلفيين
* ما معنى كلمة الفنان يجيب الشيخ صالح السحيمي حفظه الله
* أسهل طريقة لحفظ القرآن الكريم
* الأسئلة التي أشكلت و تنازع فيها الدعاة السلفيون في ولاية كيرالا
* تحذير الشيخ الألباني من بدعة

طالب العلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2013, 04:14 PM   #4

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 58

حافظة القرآن has a spectacular aura aboutحافظة القرآن has a spectacular aura about

افتراضي

      

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بوركت يمناك اخي وبالشيخ فؤاد بن يوسف
التوقيع:
اللهم انا امتك ابنة عبدك ابنة امتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك
اسألك بكل اسم هولك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احد من خلقك او استأثرت به في علم الغيب
ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء احزاني وذهاب همومي
اللهم ات نفسي تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولها
اللهم اني اعوذ بك من علم لاينفع ومن قلب لايخشع ومن نفس لاتشبع ومن دعوة لايستجاب لها
اللهم اني اعوذ بك من نفحة الكبرياءِ
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات
type="text/"> new TypingText(document.getElementById("930869")); TypingText.runAll();

من مواضيعي في الملتقى

* حياة ابي بكر الصديق
* من أبطال الهجرة.. أبو بكر الصديق
* قصة الصحابي سراقه مع الرسول سيد ولد ادم
* الألماس في الفضاء
* عالج نفسك بالتمر
* لمــاذا لعن الله النامصة ؟؟
* البناء الكوني" كلمات قرآنية يردّدها علماء الغرب"

حافظة القرآن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2013, 08:37 PM   #5

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 147

المحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond reputeالمحبة في الله has a reputation beyond repute

افتراضي

      

جزاكم الله خيرا اخي الفاضل
و جزى الشيخ الكريم عنا كل خير و بارك الله فيكم
التوقيع:














من مواضيعي في الملتقى

* غير مسجل دعــوة من القـلب
* دعوة خاصة ,, اختي ام همام
* صور مدهشة لعاصفة رملية اجتاجت المحيط الهندي
* درس رائــــــــع في الحياة ...
* كيف تحفظ لسانك
* انشودة عن فضل الصدقة ,,, سمير البشيري
* تلاوة مؤثرة ورائعة من سورة مريم لشاب ألماني

المحبة في الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
للتأديب, للعقوبة, لا, العبادات, والتعذيب, والتهذيب
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم التلفظ بالنية في العبادات ابن الواحة ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية 6 10-08-2018 04:41 PM
جدول العبادات في الدورة الرمضانيه زهرة الربيع ملتقى عقيدة أهل السنة و الجماعة 4 09-25-2018 12:28 PM
معنى فقه العبادات عبده نصار ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية 7 12-27-2012 04:53 PM
خطبة: الصلاة والسلام على رسول من أعظم العبادات أسامة خضر قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله 6 09-17-2012 06:17 PM
برنامج التعلم الحديث - شرح فلاشي لبعض العبادات باللغة العربية خالددش ملتقى الكتب الإسلامية 0 03-29-2012 11:06 AM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009