استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ إنجـــــازات أحبة القــــرآن ۩ > قسم غرفة أحبة القرآن الصوتية
قسم غرفة أحبة القرآن الصوتية يهتم بكل ما يتعلق بالغرفة الصوتية من محاضرات ودروس وجداول والــــخ
 

   
الملاحظات
 

موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-14-2012, 02:29 PM   #1
مديرة الغرفة الصوتية


الصورة الرمزية تائبة إلى ربي
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

تائبة إلى ربي غير متواجد حاليا

موضوع حصري دورة شرح الأربعين النووية

      




شرح الأربعين النووية


للشيخ العلامة : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى


مقدمة الشارح :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
الحافظ النووي: - رحمه الله - من أصحاب الشافعي المعتبرة أقواله، ومن أشدّ الشّافعية حرصاً على التأليف، فقد ألّف في فنونٍ شتّى، في الحديث وعلومه، وألّف في علم اللغة كتاب تهذيب الأسماء واللغات ، وهو في الحقيقة من أعلم الناس، والظاهر - والله أعلم - أنه من أخلص الناس في التأليف، لأن تأليفاته - رحمه الله - انتشرت في العالم الإسلامي،فلا تكاد تجد مسجداً إلا ويقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين)، وكتبه مشهورة مبثوثة في العالم مما يدل على صحة نيته، فإن قبول الناس للمؤلفات من الأدلة على إخلاص النية.
وهو - رحمه الله - مجتهدٌ، والمجتهد يخطئ ويصيب، وقد أخطأ - رحمه الله - في مسائل الأسماء والصفات، فكان يؤول فيها لكنه لاينكرها، فمثلاً: ( استوى على العرش ) يقول أهل التأويل معناها: استولى على العرش، لكن لاينكرون: (استوى) لأنهم لو أنكروا الاستواء تكذيباً لكفروا، أما من ينكر إنكار تأويل وهو لايجحدها فإن كان لتأويله مساغ في اللغة العربية فإنه لايكفر، أما إذا لم يكن له مسوّغ في اللغة العربية فهذا موجب الكفر. مثل أن يقول: ليس لله يدٌ حقيقة، ولا بمعنى النعمة،أو القوة، فهذا كافر؛ لأنه نفاها نفياً مطلقاً[1] . فهم يصدقون به ولكن يحرفونه.

ومثلُ هذه المسائل التي وقع منه - رحمه الله - خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما له من فضائل ومنافع جمّة، ولانظن أن ماوقع منه إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ - ولو في رأيه - وأرجو أن يكون من الخطأ المغفور، وأن يكون ماقدّمه من الخير والنّفع من السعي المشكور، وأن يصدق عليه قول الله تعالى :(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)(هود: الآية114) [2]
فالنووي نشهد له فيما نعلم من حاله بالصلاح، وأنه مجتهد، وأن كل مجتهد قد يصيب وقد يخطئ، إن أخطأ فله أجر واحد، وإن أصاب فله أجران. وقد ألف مؤلفات كثيرة من أحسنها هذا الكتاب: الأربعون النووية، وهي ليست أربعين،بل هي اثنان وأربعون، لكن العرب يحذفون الكسر في الأعداد فيقولون: أربعون. وإن زاد واحداً أو اثنين، أونقص واحداً أواثنين.
هذه الأربعون ينبغي لطالب العلم أن يحفظها،لأنها منتخبة من أحاديث عديدة. وفي أبواب متفرقة،بخلاف غيرها من المؤلفات فلو نظرنا إلى عمدة الأحكام لوجدناها منتخبة؛ لكنها في باب واحد وهو باب الفقه، أما الأربعون النووية فهي في أبواب متفرقة متنوعة. ونحن نستعين بالله تعالى في التعليق عليها. والله الموفّق.

---


اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

التوقيع:






من مواضيعي في الملتقى

* أسئلة أمتحان الفقه
* صفحة متابعة القاعدة النورانية للمعلمة أم أنس
* كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السُنة
* جدول الدروس لهذا اليوم الخميس
* دورة إجازة القاعدة النورانية للمعلمة هتاف الحق
* إعلان هام للجميع
* هام جداً جداً

تائبة إلى ربي غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة تائبة إلى ربي ; 06-14-2012 الساعة 02:57 PM.

قديم 06-14-2012, 03:26 PM   #2
مديرة الغرفة الصوتية


الصورة الرمزية تائبة إلى ربي
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

تائبة إلى ربي غير متواجد حاليا

افتراضي

      





الحديث الأول :





وإليكم رابط الإستماع للحديث

http://www.mediafire.com/download.php?4rcojqay2z2e66a

الشرح :
صدر كتابه الصحيح بهذا الحديث.
قوله : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى لهذه الجملة من حيث البحث جهتان: نتكلم أولاً على مافيه من البلاغة:
________________________________________
فقوله: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فيه من أوجه البلاغة الحصر، وهو:إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه،وطريق الحصر: إِنَّمَا لأن (إنما) تفيد الحصر، فإذا قلت: زيد قائم فهذا ليس فيه حصر، وإذا قلت: إنما زيد قائم، فهذا فيه حصر وأنه ليس إلا قائماً. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ من البلاغة: إخفاء نية من هاجر للدنيا، لقوله: فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ولم يقل: إلى دنيا يصيبها، والفائدة البلاغية في ذلك هي: تحقير ماهاجر إليه هذا الرجل، أي ليس أهلاً لأن يُذكر، بل يُكنّى عنه بقوله: إلى ماهاجر إليه.
وقوله: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ الجواب: فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فذكره تنويهاً بفضله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ ولم يقل:إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، لأن فيه تحقيراً لشأن ما هاجر إليه وهي: الدنياأو المرأة.
* أما من جهة الإعراب، وهو البحث الثاني:
فقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ مبتدأ وخبر، الأعمال: مبتدأ، والنيات: خبره.
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى أيضاً مبتدأ وخبر، لكن قُدِّم الخبر علىالمبتدأ؛ لأن المبتدأ في قوله: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى هو: مانوى متأخر.
فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ هذه جملة شرطية، أداة الشرط فيها: مَنْ، وفعل الشرط: كانت، وجواب الشرط: فهجرته إلى الله ورسوله.
وهكذا نقول في إعراب قوله: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا .
________________________________________
أما في اللغة فنقول:
الأعمال جمع عمل، ويشمل أعمال القلوب وأعمال النطق، وأعمال الجوارح، فتشمل هذه الجملة الأعمال بأنواعها.
فالأعمال القلبية: مافي القلب من الأعمال: كالتوكل على الله، والإنابة إليه، والخشية منه وما أشبه ذلك.
والأعمال النطقية: ماينطق به اللسان، وما أكثر أقوال اللسان، ولاأعلم شيئاً من الجوارح أكثر عملاً من اللسان، اللهم إلا أن تكون العين أو الأذن.
والأعمال الجوارحية: أعمال اليدين والرجلين وما أشبه ذلك.
الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ النيات: جمع نية وهي: القصد. وشرعاً: العزم على فعل العبادة تقرّباً إلى الله تعالى، ومحلها القلب، فهي عمل قلبي ولاتعلق للجوارح بها.
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ أي لكل إنسانٍ مَا نَوَى أي ما نواه.
وهنا مسألة: هل هاتان الجملتان بمعنى واحد، أو مختلفتان؟
الجواب: يجب أن نعلم أن الأصل في الكلام التأسيس دون التوكيد، ومعنى التأسيس: أن الثانية لها معنى مستقل. ومعنى التوكيد: أن الثانية بمعنى الأولى. وللعلماء رحمهم الله في هذه المسألة رأيان، يقول أولهما: إن الجملتان بمعنى واحد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وأكد ذلك بقوله: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .
والرأي الثاني يقول: إن الثانية غير الأولى، فالكلام من باب التأسيس لامن باب التوكيد.
* والقاعدة: أنه إذا دار الأمر بين كون الكلام تأسيساً أو توكيداً فإننا نجعله تأسيساً، وأن نجعل الثاني غير الأول، لأنك لو جعلت الثاني هو الأول صار في ذلك تكرار يحتاج إلى أن نعرف السبب.
________________________________________
* والصواب: أن الثانية غير الأولى، فالأولى باعتبار المنوي وهو العمل. والثانية باعتبار المنوي له وهو المعمول له، هل أنت عملت لله أو عملت للدنيا. ويدل لهذا مافرعه عليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وعلى هذه فيبقى الكلام لاتكرار فيه.
والمقصود من هذه النية تمييز العادات من العبادات، وتمييز العبادات بعضها من بعض.
* وتمييز العادات من العبادات مثاله:
- أولاً:الرجل يأكل الطعام شهوة فقط، والرجل الآخر يأكل الطعام امتثالاً لأمر الله عزّ وجل في قوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )(الأعراف:الآية31) فصار أكل الثاني عبادة، وأكل الأول عادة
- ثانياً: الرجل يغتسل بالماء تبرداً، والثاني يغتسل بالماء من الجنابة، فالأول عادة، والثاني: عبادة، ولهذا لوكان على الإنسان جنابة ثم انغمس في البحر للتبرد ثم صلى فلا يجزئه ذلك، لأنه لابد من النية،وهو لم ينو التعبّد وإنما نوى التبرّد.
ولهذا قال بعض أهل العلم: عبادات أهل الغفلة عادات، وعادات أهل اليقظة عبادات. عبادات أهل الغفلة عادات مثاله: من يقوم ويتوضأ ويصلي ويذهب على العادة. وعادات أهل اليقظة عبادات مثاله: من يأكل امتثالاً لأمر الله، يريد إبقاء نفسه، ويريد التكفف عن الناس، فيكون ذلك عبادة. ورجل آخر لبس ثوباً جديداً يريد أن يترفّع بثيابه، فهذا لايؤجر، وآخرلبس ثوباً جديداً يريد أن يعرف الناس قدر نعمة الله عليه وأنه غني، فهذا يؤجر. ورجل آخر لبس يوم الجمعة أحسن ثيابه لأنه يوم جمعة، والثاني لبس أحسن ثيابه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فهو عبادة.
* تمييز العبادات بعضها من بعض مثاله:
رجل يصلي ركعتين ينوي بذلك التطوع، وآخر يصلي ركعتين ينوي بذلك الفريضة، فالعملان تميزا بالنية، هذا نفل وهذا واجب، وعلى هذا فَقِسْ.
________________________________________
* إذاً المقصود بالنيّة: تمييز العبادات بعضها من بعض كالنفل مع الفريضة، أوتمييز العبادات عن العادات.
واعلم أن النية محلها القلب، ولايُنْطَقُ بها إطلاقاً،لأنك تتعبّد لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والله تعالى عليم بما في قلوب عباده، ولست تريد أن تقوم بين يدي من لايعلم حتى تقول أتكلم بما أنوي ليعلم به، إنما تريد أن تقف بين يدي من يعلم ماتوسوس به نفسك ويعلم متقلّبك وماضيك، وحاضرك. ولهذا لم يَرِدْ عن رسول الله ولاعن أصحابه رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتلفّظون بالنيّة ولهذا فالنّطق بها بدعة يُنهى عنه سرّاً أو جهراً، خلافاً لمن قال من أهل العلم: إنه ينطق بها جهراً، وبعضهم قال: ينطق بها سرّاً ، وعللوا ذلك من أجل أن يطابق القلب اللسان.
ياسبحان الله، أين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا ؟ لوكان هذا من شرع الرسول صلى الله عليه وسلم لفعله هو وبيّنه للناس، يُذكر أن عاميّاً من أهل نجد كان في المسجد الحرام أراد أن يصلي صلاة الظهر وإلى جانبه رجل لايعرف إلاالجهر بالنيّة، ولما أقيمت صلاة الظهر قال الرجل الذي كان ينطق بالنية: اللهم إني نويت أن أصلي صلاة الظهر، أربع ركعات لله تعالى، خلف إمام المسجد الحرام، ولما أراد أن يكبّر قال له العامي: اصبر يارجل، بقي عليك التاريخ واليوم والشهر والسنة، فتعجّب الرجل.
وهنا مسألة: إذا قال قائل: قول المُلَبِّي: لبّيك اللهم عمرة، ولبيك حجّاً، ولبّيك اللهم عمرة وحجّاً، أليس هذا نطقاً بالنّية؟
________________________________________
فالجواب: لا، هذا من إظهار شعيرة النُّسك، ولهذا قال بعض العلماء: إن التلبية في النسك كتكبيرة الإحرام في الصلاة، فإذا لم تلبِّ لم ينعقد الإحرام، كما أنه لولم تكبر تكبيرة الإحرام للصلاة ما انعقدت صلاتك. ولهذا ليس من السنّة أن نقول ما قاله بعضهم: اللهم إني أريد نسك العمرة، أو أريد الحج فيسّره لي، لأن هذا ذكر يحتاج إلى دليل ولادليل. إذاً أنكر على من نطق بها، ولكن بهدوء بأن أقول له: يا أخي هذه ما قالها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، فدعْها.
فإذا قال: قالها فلانٌ في كتابهِ الفلاني؟ .
فقل له: القول ما قال الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى هذه هي نيّة المعمول له، والناس يتفاوتون فيها تفاوتاً عظيماً، حيث تجد رجلين يصلّيان بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب أو مما بين السماء والأرض في الثواب، لأن أحدهما مخلص والثاني غير مخلص.
وتجد شخصين يطلبان العلم في التّوحيد، أو الفقه، أو التّفسير، أو الحديث، أحدهما بعيد من الجنّة والثاني قريب منها، وهما يقرآن في كتاب واحد وعلى مدرّسٍ واحد. فهذا رجل طلب دراسة الفقه من أجل أن يكون قاضياً والقاضي له راتبٌ رفيعٌ ومرتبة ٌرفيعة،والثاني درس الفقه من أجل أن يكون عالماً معلّماً لأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، فبينهما فرق عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ طَلَبَ عِلْمَاً وَهُوَ مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ لا يُرِيْدُ إِلاِّ أَنْ يَنَالَ عَرَضَاً مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ [5]، أخلص النية لله عزّ وجل .
* ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بالمهاجر فقال:
فَمَنْ كَانَتْ هِجرَتُهُ الهجرة في اللغة: مأخوذة من الهجر وهو التّرك.
وأما في الشرع فهي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.
وهنا مسألة: هل الهجرة واجبة أو سنة؟
________________________________________
والجواب: أن الهجرة واجبة على كل مؤمن لايستطيع إظهار دينه في بلد الكفر، فلايتم إسلامه إذا كان لايستطيع إظهاره إلا بالهجرة، وما لايتم الواجب إلا به فهوواجب. كهجرة المسلمين من مكّة إلى الحبشة، أو من مكّة إلى المدينة.
فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ كرجل انتقل من مكة قبل الفتح إلى المدينة يريد الله ورسوله،أي: يريد ثواب الله، ويريد الوصول إلى الله كقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(الأحزاب: الآية29) إذاً يريد الله: أي يريد وجه الله ونصرة دين الله، وهذه إرادة حسنة.
ويريد رسول الله: ليفوز بصحبته ويعمل بسنته ويدافع عنها ويدعو إليها والذبّ عنه،ونشر دينه، فهذا هجرته إلى الله ورسوله، والله تعالى يقول في الحديث القدسي مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرَاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً [6] فإذا أراد الله،فإن الله تعالى يكافئه على ذلك بأعظم مما عمل.
* وهنا مسألة: بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم هل يمكن أن نهاجر إليه عليه الصلاة والسلام؟
والجواب: أما إلى شخصه فلا، ولذلك لايُهاجر إلى المدينة من أجل شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأنه تحت الثرى، وأما الهجرة إلى سنّته وشرعه صلى الله عليه وسلم فهذا مما جاء الحث عليه وذلك مثل: الذهاب إلى بلدٍ لنصرة شريعة الرسول والذود عنها. فالهجرة إلى الله في كل وقت وحين، والهجرة إلى رسول الله لشخصه وشريعته حال حياته، وبعد مماته إلى شريعته فقط .
التوقيع:






من مواضيعي في الملتقى

* أسئلة أمتحان الفقه
* صفحة متابعة القاعدة النورانية للمعلمة أم أنس
* كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السُنة
* جدول الدروس لهذا اليوم الخميس
* دورة إجازة القاعدة النورانية للمعلمة هتاف الحق
* إعلان هام للجميع
* هام جداً جداً

تائبة إلى ربي غير متواجد حالياً  
قديم 06-14-2012, 04:48 PM   #3

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

ام ساجد غير متواجد حاليا

ورد

      


بارك الله فيكى وجزاكى الله خيرا على مجهودك
ام ساجد غير متواجد حالياً  
قديم 06-18-2012, 12:14 AM   #5
مديرة الغرفة الصوتية


الصورة الرمزية تائبة إلى ربي
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

تائبة إلى ربي غير متواجد حاليا

افتراضي الحديث الثاني

      




الحديث الثاني :




إليكم رابط الإستماع للحديث :



الشرح :

قوله: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ بينما هي (بينا) ولكن زيدت (ما) فيها والأصل: بين نحن، فـ: (ما) زيدت للتوكيد.
و: جُلُوسٌ مبتدأ، وخبره: عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
و: ذَاتَ يَوْمٍ ذات هنا تفيد النكرة، أي في يوم من الأيام.
وتستعمل في اللغة على وجوه متعددة، فتارة تكون بمعنى:
.1صاحبة: مثل ذات النطاقين أي صاحبة النطاقين.
.2وتارة تكون اسماً موصولاً: كما في لغة طي،وهم قوم من العرب يستعملون: ذات بمعنى التي،كما قال ابن مالك - رحمه الله-:( وكالتي أيضاً لديهم ذات) فمثلاً يقول: بعت عليك بيتي ذات اشتريت، أي التي اشتريت.
.3وتارة تكون بمعنى النكرة الدالة على العموم: كما في جملة الحديث ذات يوم.. وهذا أغلب ما تستعمل.
إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ الرجل هنا مبهم، وهو رجل في شكله لكن حقيقته أنه مَلَك.
شَدِيْدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ أي عليه ثياب .
شَدِيْدُ سَوَادِ الشَّعْرِ أي أنه شاب.
لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ لأن ثيابه بيضاء وشعره أسود ليس فيه غبار ولاشعث السفر، ولهذا قال: لايُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ لأن المسافر في ذلك الوقت يُرى عليه أثر السفر، فيكون أشعث الرأس،مغبرّاً، ثيابه غير ثياب الحضر، لكن لايرى عليه أثر السفر.
وَلايَعْرِفْهُ مِنَّا أَحَدٌ أي وليس من أهل المدينة المعروفين، فهوغريب.
حَتَّى جَلَسَ إِلىَ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عنده ليفيد الغاية،أي أن جلوسه كان ملاصقاً للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال: أَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلىَ رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ أي كفي هذا الرجل عَلَىَ فَخِذَيْهِ أي فخذي هذا الرجل، وليس على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا من شدة الاحترام.

وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ولم يقل:يا رسول الله ليوهم أنه أعرابي، لأن الأعراب ينادون النبي صلى الله عليه وسلم باسمه العلم، وأما أهل الحضر فينادونه بوصف النبوة أو الرسالة عليه الصلاة والسلام .
أَخْبِرْنيِ عَنِ الإِسْلامِ أي ماهو الإسلام؟ أخبرني عنه.
فَقَالَ: الإسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ تشهد أي تقرّ وتعترف بلسانك وقلبك، فلا يكفي اللسان، بل لابد من اللسان والقلب، قال الله عزّ وجل: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(الزخرف: الآية86)
وإعراب لاَ إِلَهَ إَلاَّ اللهُ :
لا إله إلا الله: هذه جملة اسمية منفية بـ (لا) التي لنفي الجنس، ونفي الجنس أعم النفي، واسمها: (إله) وخبرها: محذوف والتقدير حقٌ، وقوله: (إلا) أداة حصر، والاسم الكريم لفظ الجلالة بدل من خبر: (لا) المحذوف وليس خبرها لأن: (لا) النافية للجنس لا تعمل إلافي النكرات.
فصارت الجملة فيها شيء محذوف وهو الخبر وتقديره: حق،أي: لا إله حق إلا الله عزّ وجل، وهناك آلهة لكنها آلهة باطلة ليست آلهة حقّة،وليس لها من حق الألوهية شيء،ويدل لذلك قوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) (الحج:62)
وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ أي وتشهد أن محمداً رسول الله،ولم يقل: إني رسول الله مع أن السياق يقتضيه لأنه يخاطبه، لكن إظهاره باسمه العلم أوكد وأشد تعظيماً. وقوله: مُحَمَّداً هو محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي من ذرية إسماعيل، وليس من ذرية إسماعيل رسول سواه، وهو المعني بقول الله تعالى عن إبراهيم وإسماعيل:(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ) (البقرة: الآية129)
رَسُولُ اللهِ رسول بمعنى مرسل، والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمر بتبليغه والعمل به.

َتُقِيْمَ الصَّلاةَ أي تأتي بها قائمة تامة معتدلة.
وكلمة: الصَّلاةَ تشمل الفريضة والنافلة.
وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ تؤتي بمعنى تعطي، والزكاة هي المال الواجب بذله لمستحقه من الأموال الزكوية تعبداً لله، وهي الذهب والفضة والماشية والخارج من الأرض وعروض التجارة.
وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ أي تمسك عن المفطرات تعبداً لله تعالى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وأصل الصيام في اللغة: الإمساك.
ورمضان هو الشهر المعروف مابين شعبان وشوال.
وَتَحُجَّ البَيْتَ أي تقصد البيت لأداء النسك في وقت مخصوص تعبداً لله تعالى.
إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلِيْهِ سَبِيْلا قَالَ: صَدَقْتَ القائل صدقت: جبريل عليه السلام وهو السائل، فكيف يقول: صدقت وهو السائل؟ لأن الذي يقول: صدقت للمتكلم يعني أن عنده علماً سابقاً علم بأن هذا الرجل أصابه،وهو محل عجب، ولهذا تعجب الصحابة كيف يسأله ويصدقه، لكن سيأتي إن شاء الله بيان هذا.
شرح هذه الأركان الخمسة:
-الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وهنا مسألة: لماذا جُعِلَ هذان ركناً واحداً، ولم يجعلا ركنين؟.
والجواب:أن الشهادة بهذين تبنى عليها صحة الأعمال كلها، لأن شهادة ألا إله إلا الله تستلزم الإخلاص، وشهادة أن محمداً رسول الله تستلزم الاتباع، وكل عمل يتقرب به إلى الله لا يقبل إلا بهذين الشرطين: الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله .
ومعنى أن تشهد أن لا إله إلا الله، أي: أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لامعبود حق إلا الله عزّ وجل . و أَشْهَدُ بمعنى:أقر بقلبي ناطقاً بلساني؛ لأن الشهادة نطق وإخبار عما في القلب. وإذا كان الشاهد بقلبه أخرس لا يستطيع النطق فإنه يكفي للعجز.

والشهادة باللسان لاتكفي بدليل أن المنافقين يشهدون لله عزّ وجل بالوحدانية ولكنهم يشهدون بألسنتهم، فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فلا ينفعهم، وهم يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكدون له أنهم يشهدون أنه رسول الله ، والله يعلم أنه رسول الله، ولكنه سبحانه يشهد أن المنافقين لكاذبون.
و لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي:لا معبود حق إلا الله وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة حق يتبين الجواب عن الإشكال التالي: وهو كيف يُقال لا إله إلا الله مع أن هناك آلهة تعبد من دون الله،وقد سماها الله آلهة وسماها عابدوها آلهة، قال الله تعالى: (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ )(هود: الآية101] وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) (الانبياء:43)
وقال تعالى: (وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )(القصص: الآية88)
بتقدير الخبر في لا إله إلا الله فنقول: هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة لكنها باطلة،ليست آلهة حقّة،وليس لها حق الألوهية من شيء،ويدل لذلك قول الله عزّ وجل : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62)
فإذا جاء مشركٌ إلى تمثالٍ يعبده بأن يركع له، ويسجد وينتحب ويخشع وربما يغمى عليه، فعبادته باطلة، ومعبوده باطل أيضاً.

إِلاَّ اللهُ الله: علم على الرب عزّ وجل لايسمى به غيره، وهو أصل الأسماء، ولهذا تأتي الأسماء تابعة له،ولايأتي تابعاً للأسماء إلا في آية واحدة،وهي قول الله تعالى: ( إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) [إبراهيم:1-2] لكن لفظ الاسم الكريم هنا بدل من العزيز، وليست صفة، لأن جميع الأسماء إنما تكون تابعة لهذا الاسم العظيم.
مسألة: هل هذه الشهادة تُدخِل الإنسان في الإسلام ؟
والجواب: نعم تدخله في الإسلام حتى لو ظننا أنه قالها تعوّذاً،فإننا نعصم دمه وماله؛ ولو ظننا أنه قالها كاذباً، ودليل ذلك قصة المشرك الذي أدركه أسامة بن زيد رضي الله عنهما حين هرب المشرك، فلما أدركه أسامة بالسيف قال: لا إله إلا الله، فقتله أسامة ظنّاً أنه قالها تعوّذاً من القتل، أي قالها لئلا يقتل فقتله، فلما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم جعل يردد: أَقَتَلتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلا الله؟ قَالَ: يَارَسُوْلَ اللهِ إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذَاً [11] فجعل يردد: أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ قال أسامة : فتمنيت أنني لم أكن أسلمت بعد، من شدة ماوجد رضي الله عنه .
إذاً نحن ليس لنا إلا الظاهر حتى لو غلب على ظننا أنه قالها تعوذاً عصمته، نعم لو ارتد بعد ذلك قتلناه، وهذا يوجد من جنود الكفر إذا أسرهم المسلمون قالوا: أسلمنا. من أجل أن يعصموا أنفسهم من القتل، فيسأل المجاهدون ويقولون: هل نقتل هؤلاء بعد أن قالوا: لاإله إلاالله أم لا ؟

نقول: حديث أسامة يدلّ على أنهم لايقتلون ولكن يراقبون، فإذا ظهر منهم ردة قتلوا، لأنهم بشهادة أن لاإله إلا الله تُلزمهم أحكام الإسلام. فإن كان الكافر يقول: لا إله إلا الله لكن لايشهد أن محمداً رسول الله، فلا يكفيه ذلك حتى يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وعلى هذا فالكافر يدخل في الإسلام بمجرّد أن يقول: لا إله إلا الله، فإذا كان يقولها لكنه ينكر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فلابد أن يضيف إليها شهادة أن محمداً رسول الله، وفي الحديث الشريف: اُدْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّيْ رَسُوْلُ الله[12] قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقد عُلم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم واتفقت عليه الأمة: أن أول ما تؤمر به الخلق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فبذلك يصير الكافر مسلماً [13] وإذا كان مسلماً وشهد أن لا إله إلا الله ومات على ذلك فإنه يكفي لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ مِنَ الدُّنْيَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله دَخَلَ الجَنَّة [14] وإنما اكتفي بلا إله إلا الله لأن هذا الميت يقر بأن محمداً رسول الله وليس عنده فيها إشكال.
شهادة أن لا إله إلا الله تستلزم إخلاص العبادة لله، ويسمى هذا النوع من التوحيد توحيد الألوهية، ويسمّى توحيد العبادة، لأن معنى لاإله إلا الله أي لا معبود حقّ إلا الله، إذا لا تعبد غير الله، فمن قال: لاإله إلا الله وعبد غير الله فهو كاذب، إذْ إن هذه الشهادة تستلزم إخلاص العبادة لله عزّ وجل وطرد الرياء والفخر وما أشبه ذلك .

وقوله: أنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ الله فلابد أن تشهد أنه رسول الله، أي مرسلِهُ إلى الخلق، والرسول هو من أوحى إليه الله بشرعٍ وأمره بتبليغه، وكان الناس قبل نوح على ملة واحدة لم يحتاجوا إلى رسول، ثم كثروا واختلفوا، فكانت حاجتهم إلى الرسل، فأرسل الله تعالى الرسل، قال الله عزّ وجل: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النبيين مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)(البقرة: الآية213)
فالرسل إنما بعثت حين اختلف الناس ليحكموا بينهم بالحق، ولهذا كان أول الرسل نوحاً عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم . فلابد من الإيمان بأن محمداً رسول الله، ولابد أن نؤمن بأنه خاتم النبيين.
ومماسبق يُعلم خطأ المؤرّخين الذين قالوا: إن هناك رسولاً أو أكثر قبل نوح، فليس قبل نوح عليه السلام رسول بدليل قول الله تعالى:[ )إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنبي صلى الله عليه وسلم ينَ مِنْ بَعْدِهِ)(النساء: الآية163] وقال الله عزّ وجل : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب)(الحديد: الآية26) أي في ذريتهم خاصة.
ومن السنة في قصة الشفاعة أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له: أَنْتَ أَوَّلُ رَسُوْلٍ أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ [15]فعقيدتنا أن أول الرسل نوحٌ عليه السلام، وآخرهم: محمد صلى الله عليه وسلم . فمن ادعى النبوة بعد محمد فحكمه أنه كافر،لقول الله تعالى: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النبيينَ )(الأحزاب: الآية40) ولم يقلْ سبحانه وخاتم الرسل ، مع أنه قال رسول الله بالأول، لأنه إذا كان خاتم النبيين فهو خاتم الرسل، إذ لارسالة إلا بعد النبوة، فإذا انتفت النبوة من بعده فالرسالة من باب أولى.

شهادة أن محمداً رسول الله تستلزم أموراً منها:
الأول: تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، بحيث لايكون عند الإنسان تردد فيما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، بل يكون في قلبه أشد مما نطق،كما قال عزّ وجل في القرآن: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(الذريات: الآية23) فالإنسان لايشك فيما ينطق به،كذلك ماينطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم لانشك فيه، ونعلم أنه الحق، لكن بيننا وبينه مفاوز وهو السند، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس أمامنا لكن إذا ثبت الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وجب علينا تصديقه،سواء علمنا وجهه أم لم نعلمه، أحياناً تأتي أحاديث نعرف المعنى لكن لانعرف وجهها، فالواجب علينا التصديق.
الثاني: امتثال أمره صلى الله عليه وسلم ولانتردد فيه لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )(الأحزاب: الآية36) ولهذا أقول:من الخطأ قول بعضهم: إنه إذا جاءنا الأمر من الله ورسوله بدأ يتساءل فيقول: هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ كمايقوله كثير من الناس اليوم،وهذا السؤال يجب طرحه وأن لايورد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم إذا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يقولون يارسول الله: هل الأمر للوجوب أو الأمر للاستحباب أو غير ذلك؟ بل كانوا يمتثلون ويصدقون بدون أن يسألوا. نقول: لاتسأل وعليك بالامتثال، أنت تشهد أن محمداً رسول الله فافعل ما أمرك به.
وفي حالة ما إذا وقع الإنسان في مسألة وخالف الأمر، فهنا له الحق أن يسأل هل هو للوجوب أو لغير الوجوب، لأنه إذا كان للوجوب وجب عليه أن يتوب منه لأنه خالف، وإذا كان لغير الوجوب فأمره سهل.

ثالثاً : أن يجتنب ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه بدون تردد، لايَقُلْ: هذا ليس في القرآن فيهلك، لأننا نقول: ما جاء في السنة فقد أمر القرآن باتباعه. ولقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا وأمثاله الذي يقول هذا ليس في القرآن فقال: لاَ ألْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ عَلَى أَرِيْكَتِه أي جالساً متبختراً متعاظماً يَأْتِيْهِ الأَمْرُ مِنْ عِنْدِيْ فَيَقُولُ مَا أَدْرِيْ، مَا كَانَ فِيْ كِتَابِ اللهِ اِتَّبَعْنَاهُ [16] أي وما لم يكن لانتبعه، مع أننا نقول : كل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء في القرآن، لأن الله تعالى قال: ( وَاتَّبِعُوهُ ) (الأعراف: الآية158) وهو عام في كل ماقال.
رابعاً : أن لايقدم قول أحدٍ من البشر على قول النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلىهذا لايجوز أن تقدم قول فلان - الإمام من أئمة المسلمين - على قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنك أنت والإمام يلزمكما اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم . وماأعظم قول من إذا حاججته وقلت: قال رسول الله ، قال: لكن الإمام فلان قال كذا وكذا، فهذه عظيمة جداً، إذ لايحل لأحد أن يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم بقول أحد من المخلوقين كائناً من كان حتى إنه ذُكِر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: يُوْشكُ أَن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبوبكر وعمر [17] ومن إمام هذا الرجل المجادل بالنسبة إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
خامساً : أن لايبتدع في دين الله مالم يأتِ به الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عقيدة، أو قولاً، أو فعلاً، وعلى هذا فجميع المبتدعين لم يحققوا شهادة أن محمداً رسول الله، لأنهم زادوا في شرعه ماليس منه، ولم يتأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم .

سادساً : أن لايبتدع في حقه ماليس منه، وعلى هذا فالذين يبتدعون الاحتفال بالمولد ناقصون في تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، لأن تحقيقها يستلزم أن لاتزيد في شريعته ماليس منه.
سابعاً :أن تعتقد بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له شيء من الربوبية، أي أنه لايُدعى، ولايُستغاث به إلا في حياته فيما يقدر عليه، فهو عبد الله ورسوله : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ )(الأعراف: الآية188] وبهذا نعرف ضلال من يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنهم ضالون في دينهم، سفهاء في عقولهم، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم لايملك لنفسه نفعاً ولاضراً فكيف يملك لغيره؟ ولهذا أمره الله أن يقول: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) [الجن:21-22] أي أنه هو عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به ما يريد ما استطاع أحد من الناس أن يمنع إرادة الله فيه. إذا كان كذلك فمن الضلال البيّن أن يستغيث أحدٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هذا من الشرك، فلو جاء إنسان مهموم مغموم إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يارسول الله أغثني فإني مهموم مغموم، فيكون هذا مشركاً شركاً أكبر، لأنه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوة الميت أن يغيثك أو يعينك شرك، لأنه غير قادر، فهو جسد وإن كانت الروح قد تتصل بالجسد في القبر لكن هو جسد، وهذا لاينافي أن يكون حياً في قبره حياة برزخية لاتشبه حياة الدنيا.

ثامناً: احترام أقواله، بمعنى أن يحترم أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فلاتضع أحاديثه عليه الصلاة والسلام في أماكن غير لائقة، لأن هذا نوع من الامتهان، ومن ذلك: أن لا ترفع صوتك عند قبره، وقد سمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلين قدما من الطائف فجعلا يرفعان أصواتهما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لَوْلاَ أَنَّكُمَا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ لأَوْجَعْتُكُمَا ضَرْبَاً[18] لأن الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي صلى الله عليه وسلم وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات:2) .

ولماَ نزلت هذه الآية كان رجل من الصحابة يقال له: ثابت بن قيس رضي الله عنه ممن يخطب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جهوري الصوت، فلما نزلت هذه الآية بقي في بيته يبكي ليلاً ونهاراً رضي الله عنه هؤلاء الذين يعلمون قدر القرآن الكريم، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم لأن من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتفقّد أصحابه، وهذا من حسن رعايته صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقالوا: يارسول الله إن الرجل منذ أنزل الله تعالى هذه الآية وهو في بيته يبكي ليلاً ونهاراً، فقال صلى الله عليه وسلم : (اِذْهَبْ فَادْعُهُ لِي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: مَايُبْكِيْكَ يَاثَابِتُ فقال:أنا صيّت وأتخوّف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ.، لأن الله تعالى يقول: (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الحجرات:2] فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيْشَ حَمَيدَاً، وَتُقْتَلَ شَهِيْدَاً، وَتَدْخُلَ الجَنَّة [19] ، الله أكبر،كل من خاف من الله أمن، فهو بقي في بيته خائفاً من الله عزّ وجل ولكن أمَّنه الله ، ولهذا يجب علينا وجوباً أن نشهد أن ثابت بن قيس رضي الله عنه من أهل الجنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا. فبقي الرجل حميداً في حياته وشارك المسلمين في قتال مسيلمة الكذاب، وغزوة مسيلمة الكذاب معروفة ومشهورة في التاريخ، وقتل رضي الله عنه شهيداً، ويدخل الجنة، اللهم اجعلنا من أهل الجنة يارب العالمين.

وقع في قصته رضي الله عنه أيضاً مسألة غريبة: مر به أحد الجنود وهو ميت وعلى ثابت رضي الله عنه درع جيد، فأخذ الجندي الدرع منه ثم ذهب به إلى رحله وجعل عليه برمة - والبرمة قدر من الخزف - وفي الليل رأى أحد أصحاب ثابت ثابتاً رضي الله عنه في المنام وأخبره الخبر وقال له: مر بي رجل من الجند وأخذ درعي ووضعه تحت برمة في طرف العسكر وحوله فرس تستن، أي رافعة إحدى قوائمها، فلما أصبح الرجل الذي رأى هذه الرؤيا أخبر بها القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه فأرسله إلى المكان، ولما أرسله إلى المكان وجد الأمر كما قال ثابت - فسبحان الله العظيم - ما الذي أعلم ثابتاً وهو ميت،لكن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، فأخذ الدرع.
كما أن ثابتاً رضي الله عنه أوصى بوصية بعد موته، وأُبلِغَت أبا بكر رضي الله عنه فنفذ الوصية، قالوا: ولايوجد أحد نفذت وصيته التي أوصى بها بعد موته إلا ثابت بن قيس رضي الله عنه، لكن يشكل على هذا كيف نعتبر الرؤيا في تنفيذ الوصية؟
والجواب: أنه إذا دلت القرائن على صدق الرؤيا نُفذت الوصية ولاحرج. ولقد حدثني رجل أثق به يقول: إنه مات أبوه وكان قد استأجر البيت الذي تركه بعد موته لمدة كذا سنة، فلما مات أتى أهل البيت الذين يملكون رقبة البيت وقالوا للورثة: اخرجوا عن البيت، البيت بيتنا، فقالوا: لن نخرج، بين مورّثنا وبينكم عقد لم ينتهِ بعد، فقالوا:بل انتهى العقد، ففزع الورثة من هذه الدعوى وضاقت بهم الأرض، يقول: فلما كان ذات ليلة رأيت في المنام أن أبي أطل علينا من فرجة المجلس وقال لهم: العقد في أول صفحة من الدفتر لكنه لاصق في جلدة الدفتر، فلما أصبح وفتح أول صفحة وجد العقد.
سبحان الله، فالله تعالى قد يخبر بعض الموتى ببعض ما يحصل على أهله، لكن هذه مسائل ليست لكل أحد.

وتقيم الصلاة أي تأتي بها قويمة، ولاتكون قويمة إلا بفعل شروطها وأركانها وواجباتها - وهذا لابد منه - وبمكملاتها، فهذا يكون أكمل.
ولاحاجة لشرح هذه لأنها معروفة في كتب الفقه[20]
وقوله الصّلاةَ يشمل كل الصلاة:الفريضة والنافلة،وهل تدخل صلاة الجنازة أو لا؟
يحتمل هذا وهذا، إذا نظرنا إلى عموم اللفظ قلنا: إنها داخلة لأنها صلاة،كما قال الله عزّ وجل : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً ) (التوبة: الآية84) ‘ وإن نظرنا إلى أن صلاة الجنازة صلاة طارئة حادثة يقصد بها الشفاعة للميت قلنا: لاتدخل في هذا الحديث، لكن تدخل في عموم الأمر بإحسان.
وَتُؤْتي الزَّكَاةَ تؤتي بمعنى تعطي، والزكاة هي: المال الواجب في الأموال الزكوية، فيعطيه الإنسان مستحقه تعبّداً لله عزّ وجل ورجاءً لثوابه.
مثال ذلك: الدراهم والدنانير فيهما زكاة، وهي ربع ا لعشر، أي تأخذ ربع العشر وهو واحد من أربعين وتعطيه المستحق.
وقد بيّن الله عزّ وجل أهل الزكاة في سورة التوبة أنهم ثمانية أصناف فقال عزّ وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ )(التوبة: الآية60) أي فرضها الله علينا أن نعطيها هؤلاء ولا نعطي غيرهم: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(التوبة: الآية60) وتفاصيل ذلك مذكورة في كتب الفقه ولاحاجة إلى تفصيله هنا[21] .
وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ بأن تمسك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تعبّداً لله تعالى.
والمفطرات أيضاً معروفة لاحاجة إلى ذكرها[22] ولكن ننبّه على شيء مهمّ فيها: أن المفطرات لاتفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: أن يكون عالماً، وأن يكون ذاكراً، وأن يكون مريداً.

فضدّ العالم الجاهل، فلو أكل الصائم يظن أن الليل باقٍ ثم تبين أنه قد طلع الصبح وهو يأكل فحكم الصوم أنه صحيح.
ولو أكل يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب فالصوم صحيح، ودليل ذلك: ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس [23] ولم يأمرهم بالقضاء، فلو كان القضاء واجباً لكان يبينه النبي صلى الله عليه وسلم ولنُقِلَ إلينا، لأنه إذا كان واجباً لكان القضاء من شريعة الله، ولابد أن تنقل، وهو داخل في عموم قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة: الآية286) وقوله: ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)(الأحزاب: الآية5).
ولو أكل غير مريد للأكل أو شرب غير مريد للشرب بأن كان مكرهاً فصيامه صحيح، ومن ذلك:أن يكره الرجل زوجته فيجامعها وهي صائمة، فليس عليها شيء لاقضاء ولاكفّارة.
هذه مهمة لأن كثيراً من الفقهاء يقولون: إن الإنسان إذا أكل جاهلاً بالوقت سواء من أول النهار أو آخره وجب عليه القضاء إذا تبيّن أنه قد أكل في النهار، ولكن يقال: إن الذي شرع الصوم للعباد هو الذي رفع عنهم الحرج بهذه الأعذار.
وَتَحُجّ البَيْتَ أي تقصده. لأداء المناسك في وقت مخصوص تعبّداً لله تعالى.
وهل يدخل في ذلك العمرة أو لا ؟
فيه خلاف بين العلماء: فمنهم من قال: إن العمرة داخلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : العُمْرَةُ حَجٌّ أَصْغَر[24] لأنه وردت روايات في نفس الحديث فيها ذكر العمرة.
والصحيح أن العمرة دون الحج، أي ليست من أركان الإسلام لكنها واجبة يأثم الإنسان بتركها إذا تمّت شروط الوجوب.

إِنِ اسْتَطَعْتَ إَلِيْهِ سَبِيْلاً مأخوذ من قوله تعالى: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(آل عمران: الآية97) قد يقول قائل: هذا الشرط في جميع العبادات لقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: الآية16) فلماذا خص الحج؟
نقول: خص الحج لأن الغالب فيه المشقة والتعب وعدم القدرة، فلذلك نص عليه وإلا فجميع العبادات لابد فيها من الاستطاعة.
قَالَ:صَدَقْتَ) أي أخبرت بالحق، والقائل هو جبريل عليه السلام.
قَالَ عُمَرُ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلهُ وَيُصَدِّقُه ووجه العجب أن السائل عادة يكون جاهلاً، والمصدّق يكون عالماً فكيف يجتمع هذا وهذا، ومثاله: لوقال قائل: فلانٌ قدم من المدينة، فقال بعضهم:صدقت، فمقتضى ذلك أنه عالم، فكيف يسأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول صدقت؟ هذا محل عجب، وستأتي الحكمة في ذلك.
قَالَ: فَأَخْبِرني عَنِ الإِيمَانِ قال: أي جبريل، فأخبرني: أي يامحمد عن الإيمان؟
والإيمان في اللغة: هو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول والإذعان وهو مطابق للشرع.
وأما قولهم: الإيمان في اللغة التصديق ففيه نظر، لأنه يقال: آمنت بكذا وصدقت فلاناً ولايقال: آمنت فلاناً، بل يقال: صدقه، فصدق فعل متعدٍ، وآمن فعل لازم، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - باستفاضة في كتابه: (كتاب الإيمان.
وقولنا: الإيمان المستلزم للقبول والإذعان احترازاً مما لو أقر لكن لم يقبل كأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ،حيث أقر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه صادق لكن لم يقبل ماجاء به - نسأل الله العافية - ولم يُذعن ولم يتابع، فلم ينفعه الإقرار، فلابد من القبول والإذعان.

ولذلك يخطئ خطأً كبيراً من يقول: إن أهل الكتاب مؤمنون بالله، وكيف يكون ذلك وهم لم يقبلوا شرع الله ولم يذعنوا له، فاليهود والنصارى حين بعث رسول الله كفروا به وليسوا بمسلمين ودينهم دين باطل،ومن اعتقد أن دينهم صحيح مساوٍ لدين الإسلام فهو كافر خارج عن الإسلام فالإيمان قبولٌ وإذعانٌ.
قَالَ: الإِيْمَانُ أَنْ تُؤمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرسله، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنُ بَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ هذه ستّة أشياء:
أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ الإيمان بالله يتضمن أربعة أشياء:
الأول : الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى. فمن أنكر الله تعالى فليس بمؤمن، ومع ذلك لايمكن أن يوجد أحد ينكر وجود الله تعالى بقرارة نفسه، حتى فرعون الذي قال لموسى: ما رب العالمين؟ كان مقرّاً بالله، قال له مؤسى: (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ ) (الاسراء: الآية102) لكنه جاحد،كما قال الله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً )(النمل: الآية14)
الثاني : الإيمان بانفراده بالرّبوبية، أي تؤمن بأنه وحده الرّب وأنه منفرد بالربوبية، والرب هو الخالق المالك المدبر.
فمن الذي خلق السماوات والأرض ؟ الله عزّ وجل .
ومن الذي خلق البشر ؟ الله عزّ وجل .
ومن يملك تدبير السماوات والأرض ؟ الله عزّ وجل .
الثالث : إيمان بانفراده بالألوهية، وأنه وحده الذي لا إله إلا هو لاشريك له، فمن ادعى أن مع الله إلهاً يُعبد فإنه لم يؤمن بالله، فلابد أن تؤمن بانفراده بالألوهية، وإلا فما آمنت به.
الرابع : أن تؤمن بأسماء الله وصفاته بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولاتعطيل ولاتكييف، ولا تمثيل، فمن حرّف آيات الصفات أو أحاديث الصفات فإنه لم يحقق الإيمان بالله .

قال قومٌ:(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5) استولى، ومعناه شرعاً ولغة: علا وارتفع على العرش، لكنه علوّ خاص، ليس العلوّ العام علىجميع المخلوقات. فهذا الذي فسّر (اسْتَوَى) بـ : استولى لم يحقق الإيمان بالله، لأنه نفى صفة أثبتها الله لنفسه، والواجب إثبات الصفات.
ومن قال: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ )(صّ: الآية75) أي بقدرتيَّ ، أو: بقوتيَّ وليس لله يد حقيقة لم يحقق الإيمان بالله، لو حقق الإيمان بالله لقال: لله عزّ وجل يد حقيقية لكن لاتماثل أيدي المخلوقين،كما قال الله عزّ وجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )(الشورى: الآية11) لأننا لانحدث عن الله إلاعلى حسب ما أخبرنا الله به عن نفسه، فإذا كنّا لايمكن أن نتحدث عن شخص لم نرهُ وإن كان عندنا في البلد، فكيف نتحدث عن الله تعالى بلاعلم.
وإذا قال: إن الله لايتكلم بكلام مسموع، ولكن كلامه المعنى القائم بنفسه، وما سمعه جبريل فهو مخلوق، أصوات خلقها الله عزّ وجل لتعبّر عما في نفسه، فهذا ما حقق الإيمان بالله. لأن تفسير (الكلام) بهذا المعنى يدلّ على أن الله تعالى لايتكلم حقيقة، لأنك إذا قلت: الكلام هو المعنى القائم بالنفس صار معنى الكلام هو العلم، لا أنه المسموع، وعلى هذا فقس.

وعلى هذا فجميع المبتدعة في الأسماء والصفات، المخالفين لما عليه السلف الصالح، لم يحققوا الإيمان بالله، ولا نقول إنهم غير مؤمنين، فهم مؤمنون لاشك، لكنهم لم يحققوا الإيمان بالله، والذي فاتهم من الأمور الأربعة هو الرابع: الإيمان بأسماء الله وصفاته، فلم يحققوا الإيمان به، وهم مخطئون مخالفون لطريق السلف، وطريقتهم ضلال بلاشكّ، ولكن لايحكم على صاحبه بالضلال حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعاً فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيّاً فيما سواه، فلا يوصف بأنه مبتدع على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفيّ على وجه الإطلاق ،بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم .
ومن مسائل الأسماء والصفات التي حصل فيها خلاف معنى حديث : أَنَّ اللهَ خَلَقَ آَدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ[25] وضجّوا وارتفعت أصواتهم وكثرت مناقشاتهم، كيف خلق آدم على صورته؟
فحرّفه قومٌ تحريفاً مشيناً مستكرهاً، وقالوا: معنى الحديث: خَلَقَ اللهُ آدم على صورته أي على صورة آدم - الله المستعان - هل يمكن لأفصح البشر وأنصح البشر أن يريد بالضمير ضمير المخلوق، بمعنى خلق آدم على صورته أي على صورة آدم ؟ لايمكن هذا، لأن كل مخلوق فقد خلق على صورته، وحينئذ لافضل لآدم على غيره. فهذا هراء لامعنى له، أتدرون لما قالوا هذا التأويل المستكره المشين؟
قالوا: لأنك لو قلت إنها صورة الرب عزّ وجل لمثّلت الله بخلقه، لأن صورة الشيء مطابقةله ، وهذا تمثيل .
وجوابنا على هذا أن نقول : لو أعطيت النصوص حقها لقلت خلق الله آدم على صورة الله ، لكن ليس كمثل الله شيء.
فإن قال قائل: اضربوا لنا مثلاً نقتنع به ، أن الشيء يكون على صورة الشيء وليس مماثلاً له ؟

والجواب نقول: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةِ البَدْرِ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلوُنَهُمْ عَلَى أَضْوَءِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ[26] فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لامن كل وجه ، فإن قلت بالأول فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم أفواه، وإن قلت بالثاني؛ زال الإشكال وثبت أنه لايلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
فالمهم أن باب الصفات بابٌ عظيمٌ، خطره جسيم، ولايمكن أن ينفك الإنسان من الورطات والهلكات التي يقع فيها إلا باتباع السلف الصالح، أثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه، وانْفِ مانفى الله عن نفسه، فتستريح.
هل تبحث في أمر يكون البحث فيه تعمّقاً وتنطّعاً ؟
التوقيع:






من مواضيعي في الملتقى

* أسئلة أمتحان الفقه
* صفحة متابعة القاعدة النورانية للمعلمة أم أنس
* كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السُنة
* جدول الدروس لهذا اليوم الخميس
* دورة إجازة القاعدة النورانية للمعلمة هتاف الحق
* إعلان هام للجميع
* هام جداً جداً

تائبة إلى ربي غير متواجد حالياً  
قديم 06-18-2012, 12:25 AM   #6
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية آمال
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 286

آمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond repute

افتراضي

      

بسم الله الرحمن الرحيم
فعلا تستحقي التقدير اختي العزيزة تائبة الى ربي على المجهود الطيب
جزاك الله خيراا عزيزتي وجعله في ميزان حسناتك
جعلك الله من اهل الفردوس الاعلى
التوقيع:




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اغفر لأختي الغالية آمال خطاياها وجهلها واسرافها في أمرها
وما أنتَ أعلمُ به منها وارحمها وادخلها جنتك برحمتك يا رحيم

من مواضيعي في الملتقى

* الامام البخاري
* فوائد الكستناء
* الحوار في القرآن..
* وليالٍ عشر!
* مُتَّخِذي أَخْدان!
* الناس في القرآن!
* الخمسة ابتلاءات!

آمال غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القصيدة النونية الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية ابونواف ملتقى الحوار الإسلامي العام 1 01-10-2019 12:22 PM
كتاب الكتروني لشرح الأربعون النووية أبوالنور ملتقى الكتب الإسلامية 4 05-04-2013 02:06 PM
كتاب تحفة الأبرار بنكت الأذكار النووية MOSA3ID ملتقى الكتب الإسلامية 1 07-29-2012 05:50 PM
القصيدة النونية ابونواف ملتقى الحوار الإسلامي العام 2 01-02-2012 09:58 AM
انتبه فقد بلغت الأربعين جندالاسلام ۩۝۩ مكتبة الصحة والحياة ۩۝۩ 1 12-06-2011 09:55 AM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009