عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الترمذي وحسّنه وصححه الألباني.
والسحت هو الحرام الذي لا يحل كسبه ، لأنه يسحت البركة أي يذهبها.
عندما نتذكّر حال السلف وننظر إلى حالنا اليوم، حال الموظفين في أعمالهم وكيف يستخدمون موارد الأماكن التي يعملون فيها لمصالحهم ويأخذون أجوراً لا يستحقونها أحياناً وحال الباعة في دكاكينهم وحال بعض الأطباء في عياداتهم وحال المسؤولين وغيرهم، عندما ننظر إلى حالنا وننظر في إلى حال سلفنا نرى البونَ شاسعاً والله المستعان.
فهذا عمر بن عبد العزيز جاءه أحد الولاة وأخذ يحدثه عن أمور المسلمين وكان الوقت ليلاً وكانوا يستضيئون بشمعة بينهما، فلما انتهى الوالي من الحديث عن أمور المسلمين وبدأ يسأل عمر عن أحواله قال له عمر: انتظر فأطفأ الشمعة وقال له: الآن اسأل ما بدا لك، فتعجب الوالي وقال: يا أمير المؤمنين لما أطفأت الشمعة ؟ فقال عمر: كنت تسألني عن أحوال المسلمين وكنت أستضيء بنورهم، وأما الآن فتسألني عن حالي فكيف أخبرك عنه على ضوء من مال المسلمين، و جاءوا له بزكاة المسك فوضع يده على أنفه حتى لا يشتم رائحته – ورعاً عن المال العام – فقالوا: يا أمير المؤمنين إنما هي رائحة ؟!! فقال: وهل يستفاد منه إلا برائحته . فما أحوجنا لجزء من مثل هذا الورع والخشية من الله..!
لقد استهان الناس كثيراً بحرمات الله ولكثرة فعلها اعتادوها حتى أصبح المنكر عليهم غريباً، متشدداً، منغلقاً .. أصبحت الكبائر صغائر .. وأضحت المحرمات حلائل، وأمست المنكرات غنائم، ونسوا أن الجبال من الحصى ...... وأن البحر من القطرة .. وتناسوا قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون).