المناسبات | |
|
|
02-27-2013, 12:04 AM | #1 |
|
تعلم تحمل أذى الآخرين
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته تعلم تحمل أذى الآخرين قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ” يُعِينُ العبدَ على هذا الصبر عدّةُأشياءَ: -أحدها : أن يشهدَ أن الله سبحانه وتعالى خالقُ أفعالِ العباد، حركاتِهم وسَكَناتِهم وإراداتِهم، فما شاءَ الله كان،ومالم يشأ لم يكن،فلا يتحرك في العالم العُلْوِيّ والسّفليّ ذرَّة إلاّ بإذنه ومشيئتِه،فالعباد آلة، فانظر إلى الذي سَلَّطَهم عليك، ولا تَنظُرْ إلى فِعلِهم بكَ، تَسْتَرِحْ من الهمّ والغَمِّ. -الثاني: أن يَشْهَد ذُنُوبَه، وأنّ الله إنما سلَّطهم عليه بذنبه، كما قال تعالى : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) } ( سورة الشورى: 30 ) . فإذاشهد العبدُ أن جميع ما يناله منْ المكروه فسببُه ذنوبُه،اشتغلَ بالتوبة والاستغفار من الذنوب التي سلَّطهم عليه بسببها، عن ذَمِّهم ولَومِهم والوقيعةِ فيهم. وإذا رأيتَ العبدَ يقع في الناس إذا آذَوْه، ولا يَرجع إلى نفسِه باللوم والاستغفار،فاعلمْ أن مصيبتَه مصيبةٌحقيقية،وإذا تاب واستغفر وقال: هذا بذنوبي، صارتْ في حقّهِ نعمةً. قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – كلمةً من جواهرِ الكلام: لايَرجُوَنَّ عبدٌ إلاّ ربَّه، ولا يَخافَنَّ عبدٌ إلاّ ذنبَه . ورُوِي عنه وعن غيرِه:ما نزلَ بلاءٌ إلاّ بذنبٍ، ولا رُفِع إلاّبتوبة. -الثالث:أن يشهد العبدُ حُسْنَ الثواب الذي وعده الله لمن عَفَاوصَبَر،كما قال تعالى: { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍسَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لايُحِبُّ الظَّالِمِينَ(40) } (سورة الشورى: 40) . ولمّا كان الناسُ عندمقابلة الأذى ثلاثة أقسام: ظالم يأخذ فوق حقّه،ومقتصدٌ يأخذ بقدرِ حقِّه،ومحسنٌ يعفوويترك حقَّه، ذَكَر الأقسامَ الثلاثة في هذه الآية، فأولها للمقتصدين،ووسطها للسابقين، وآخرها للظالمين. ويشهد نداءَ المنادي يوم القيامة: -إلاَ لِيَقُم مَن وَجَب أجرُه على الله- ، فلا يَقُمْ إلاّ من عفاوأصلح. وإذا شهِدَ مع ذلك فوتَ الأجر بالانتقام والاستيفاء، سَهُلَ علمِه الصبر والعفو. -الرابع :أن يشهد أنه إذا عَفا وأحسنَ أورثَه ذلك من سلامةِ القلب لإخوانه،ونَقائِه من الغِشّ والغِلّ وطلبِ الانتقام وإرادةِ الشرّ، وحصَلَ له من حلاوةالعفو ما يزيد لذّتَه ومنفعتَه عاجلاً وآجلاً، على المنفعة الحاصلة له بالانتقام أضعافًا مضاعفةً، ويدخل في قوله تعالى: {واللهيُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ(134) } (سورة آل عمران: 134) ، فيصير محبوبًا لله،ويصير حالُه حالَ من أُخِذَ منه درهمٌ فعُوضَ عليه ألوفًا من الدنانير،فحينئذٍ يَفرحُ بما منَّ الله عليه أعظمَ فرحًا .. -الخامس : أن يعلم أنه ما انتقم أحد قَطُّ لنفسه إلاّ أورثَه ذلك ذُلاًّ يجده في نفسه، فإذا عَفا أعزَّه الله تعالى، وهذا مما أخبر به الصادق المصدوق حيث يقول: “ما زاد الله عبدًا بعَفْوٍ إلاّعزًّا” . فالعزّ الحاصل له بالعفو أحبّ إليه وأنفع له من الَعزّالحاصل له بالانتقام،فإنّ هذا عِزٌّ في الظاهر، وهو يُورِث في الباطن ذُلاًّ، والعفوُ ذُلٌّ في الباطن، وهو يورث العزَّ باطنًاوظاهرًا.. -السادس ’’ وهي من أعظم الفوائد – : أن يَشهدَ أن الجزاء من جنس العمل، وأنه نفسه ظالمٌ مذنب،وأنّ من عَفا عن الناس عَفَا الله عنه، ومن غَفَرلهم غَفَر الله له. فإذا شَهِدَ أن عفوه عنهم وصفحَه وإحسانَه مع إساءتِهم إليه سببٌ لأن يجزيه الله كذلك من جنس عمله، فيعفوعنه ويصفح، ويُحسِن إليه على ذنوبه، ويَسْهُل عليه عفوُه وصبرُه، ويكفي العاقلَ هذه الفائدةُ -السابع : أن يَعلم أنه إذا اشتغلتْ نفسُه بالانتقام وطلب المقابلة ضاعَ عليه زمانُه، وتفرَّقَ عليه قلبُه، وفاتَه من مصالحِه مالا يُمَكِن استدراكُهُ،ولعلّ هذا أعظم عليه من المصيبة التي نالتْه من جهتهم، فإذاعفا وصَفحَ فَرغَ قلبُه وجسمُه لمصالحه التي هي أهمُّ عنده من الانتقام. -الثامن: أن انتقامَه واستيفاءَه وانتصارَه لنفسِه، وانتصارَه لها، فإن رسول الله عليه وسلم ماانتقمَ لنفسِه قَطُّ، فإذا كان هذا خيرَ خلق الله وأكرمَهم على الله لم يَنتقِمْ لنفسِه، مع أن أَذَاه أَذَى الله، ويتعلّقُ به حقوق الدين، ونفسه أشرف الأنفُس وأزكاها وأبرُّها، وأبعدُها من كلّ خُلُقٍ مذمومٍ، وأحقُّها بكل خُلُقٍ جميلٍ، ومع هذا فلم يكن يَنتقِم لها،فكيف يَنتقِمُ أحدنالنفسِه التي هو أعلم بها وبما فيها من الشرور والعيوب، بل الرجل العارف لا تُساوِي نفسُه عنده أن ينتقم لها، ولا قدرَ لها عنده يُوجِبُ عليه انتصارَه لها. -التاسع: إن أُوذِيَ على ما فعلَه لله، أو على ما أُمِرَ به من طاعتِه ونُهِي عنه من معصيتِه،وجبَ عليه الصبرُ، ولم يكن له الانتقام، فإنّه قد أوذِي في الله فأجرُه على الله. ولهذا لمّا كان المجاهدون في سبيل الله ذهبتْ دماؤهم وأموالُهم في الله لم تكن مضمونةً، فإن الله اشترى منهم أنفسهم وأموالهم، فالثمن على الله لا على الخلق، فمن طلبَ الثمنَ منهم لم يكن له على الله ثمنٌ، فإنه من كان في الله تَلَفُه كان على الله خَلَفُه،وإن كان قد أُوذِي على مصيبة فليَرجعْ باللومِ على نفسِه، ويكون في لَومِه لها شُغْلٌ عن لَومِه لمن آذاه، وإن كان قدأُوذِي على حظّ فليُوطِّن نفسَه على الصبر، فإنّ نيلَ الحُظوظِ دونَه أمرٌ أَمَرُّمن الصَّبر، فمن لم يصبر على حرِّ الهَوَاجر والأمطارِ والثلوج ومشقةِ الأسفارِولصوصِ الطريقِ، وإلاّ فلا حاجةَ له في المتاجر. وهذا أمر معلوم عندالناس أنّ مَن صدَقَ في طلب شيء من الأشياء بُدِّل من الصبر في تحصيله بقدر صدقِه في طلبِه. -العاشر: أن يَشهدَ معيَّهَ الله معه إذا صَبَر، ومحبَّهَ الله له إذا صَبَر، ورِضاه. ومن كان الله معه دَفَع عنه أنواعَ الأذى والمضرَّات مالا يَدفعُه عنه أحدٌ من خلقِه، قال تعالى: { وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) } (سورة الأنفال: 46) ، وقال تعالى: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) } (سورة آل عمران: 146) -الحادي عشر :أن يَشهدأن الصبرَ نِصفُ الإيمان، فلا يبدّل من إيمانه جَزاءً في نُصرةِ نفسِه،فإذا صَبَر فقد أَحرزَ إيمانَه، وصانَه من النقص، والله يدفع عن الذين آمنوا. -الثاني عشر: أن يشهد أنّ صبرَه حكمٌ منه على نفسِه، وقَهرٌ لها وغَلَبةٌ لها،فمتَى كانتِ النفسُ مقهورةً معَه مغلوبةً،لم تطمعفي استرقاقِه وأَسْرِه وإلقائِه في المهالك،ومتى كان مطيعًا لها سامعًا منها مقهورًا معها، لم تزَلْ به حتَّى تُهلِكَه، أو تتداركَه رحمةٌ من ربِّه. فلو لم يكن في الصبر إلاّ قَهرُه لنفسِه ولشيطانِه، فحينئذٍ يَظهرُ سلطانُ القلبِ، وتَثبُتُ جنودُه، ويَفرَحُ ويَقوَى، ويَطْرُد العدوَّ عنه. -الثالث عشر: أن يعلم أنه إن صبرَ فاللهُ ناصرُهولابُدَّ، فاللهُ وكيلُ من صَبر، وأحالَ ظالمَه على الله،ومن انتصَر لنفسِه وكلَهُ اللهُ إلى نفسِه، فكان هو الناصرلها. فأينَ مَن ناصرُه اللهُ خيرُ الناصرين إلى مَن ناصِرُه نفسُه أعجزالناصرين وأضعفُه؟ -الرابع عشر : أن صَبْرَه على من آذاه واحتمالَه له يُوجِبُ رجوعَ خَصْمِه عن ظُلمِه،ونَدامتَه واعتذارَه،ولومَ الناسِ له، فيعودُ بعد إيذائِه له مستحييًا منهنادمًا على ما فعلَه، بل يَصيرُ مواليًا له. وهذا معنى قوله تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(34) وَمَايُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(35) } (سورة فصلت: 34-35) . -الخامس عشر :ربّما كان انتقامُه ومقابلتُه سببًا لزيادة شرِّ خصمِه، وقوّةِ نفسِه،وفكرته في أنواع الأذى التي يُوصِلُها إليه،كما هو المشاهَد. فإذا صبر وعفا أَمِنَ من هذا الضرر،والعاقلُ لا يختارُ أعظمَ الضررين بدَفْعِ أدناهما.وكم قد جلبَ الانتقامُ والمقابلةُ من شرٍّ عَجَزَ صاحبُه عن دفعِه، وكم قد ذهبتْ نفوس ورِئاسَات وأموال لَو عفا المظلومُ لبقيتْ عليه.. -السادس عشر : أنّ من اعتادَ الانتقام ولم يَصبِرْ لابُدَّ أن يقعَ في الظلم،فإنّ النفس لا تَقتصِرُ على قدرِ العَدْل الواجب لها، لا علمًا ولا إرادةً،وربما عجزت عن الاقتصار على قدرِ الحقَّ،فإنّ الغضبَ يَخرُجُ بصاحبه إلى حدٍّ لا يَعقِلُ ما يقول ويفعل،فبينما هو مظلوم يَنتظِرُ النَّصْرَ وَالعِز،إذانقلبَ ظالمًا يَنتظِرُ المقتَ والعقوبةَ.. -السابع عشر :أنّ هذه المَظْلَمةَ التي ظُلِمَها هي سبب إمّا لتكفيرِ سيئتِه،أو رَفْعِ درجتِه، فإذا انتقمَ ولم يَصبِرْ لم تكنْ مُكفِّرةً لسيئتِه ولا رافعةً لدرجتِه. -الثامن عشر :أنّ عفوَه وصبرَه من أكبر الجُنْدِ له على خَصْمِه،فإنّ من صَبَر وعفا كان صبرُه وعفوه مُوجِبًا لذُل عدوِّه وخوفِه وخَشيتِه منه ومن الناس، فإنّ الناس لا يسكتون عن خصمِه، وإن سَكتَ هو، فإذاانتقمَ زالَ ذلك كلُّه. ولهذا تَجِدُ كثيرًا من الناس إذا شَتَم غيرَه أو آذاه يُحِبُّ أن يَستوفيَ منه،فإذا قابله استراحَ وألقَى عنه ثِقلاًكان يجده. -التاسع عشر : أنه إذا عفا عن خصمِه استشعرتْ نفسُ خصمِه أنه فوقَه،وأنه قد رَبِحَ عليه،فلا يزال يرى نفسَه دونَه، وكفى بهذا فضلاً وشرفًا للعفو. العشرون: أنه إذاعفا وصَفَحَ كانت هذه حسنةً،فتُوَلِّدُ له حسنةً أخرى،وتلك الأخرى تُولِّدُ له أخرى، وهَلُمَّ جَرًّا،فلا تزال حسناتُه في مزيد، فإنّ من ثواب الحسنةِ الحسنة،كما أنّ من عقاب السيئةِ السيئة بعدها. وربَّما كان هذا سببًا لنجاتِه وسعادتِه الأبدية،فإذَا انتقم وانتصرَزال ذلك ” . جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية. الحمد لله الذي أمـر بالجهاددفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةًلأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاءالراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. منقول اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع |
02-27-2013, 10:23 AM | #2 |
|
السلام عليكم: هذه ثلاثة أمور متقاربة: الحلم ، والأناة ، والرفق. أما الحلم : فهو أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، إذا حصل غضب وهو قادر فإنه يحلم ، ولا يعاقب، ولا يعاجل بالعقوبة. وأما الأناة فهو التأني في الأمور، وعدم العجلة، وألا يأخذ الإنسان الأمور بظاهرها فيتعجل، ويحكم على الشيء قبل أن يتأنى فيه وينظر. وأما الرفق فهو معاملة الناس بالرق والهون، حتى وإن استحقوا ما يستحقون من العقوبة والنكال فإنه يرفق بهم. بارك الله فيكم وارفع درجاتكم في العليين واحشركم وإيانا مع سيدالمرسلين اللهم امين |
من مواضيعي في الملتقى
|
|
02-27-2013, 12:48 PM | #3 |
|
جزيتم خيرااااالقد كتب هذا الموضوع في وقته لقد كنت في امس الحاجه اليه لكي يستريح قلبي من شي اعتقد انه مظلمه لي
|
02-27-2013, 02:08 PM | #4 | |
أبو جبريل نوفل
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الروائع رحم الله شيخ الإسلام رحمة واسعة و جزاكي الله خيرا على هذا النقل المبارك جعله الله في مولزين حسناتك يوم القيامة |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
02-27-2013, 07:21 PM | #5 | |
مشرفه ملتقى فيض القلم
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر الله لكم أختي الفاضلة شمائل الطرح المميز والإضافه الرائعة لأختنا نمارق كلمات لها أثر كبير وواقع في النفوس .. وتلهم الصبر جزاكم الله خير |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
02-27-2013, 09:21 PM | #6 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
رزقك ربي السعادة في الدارين وبارك فيك اختي الغالية |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
|
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فأرة معجبة بجمل | moneep | ملتقى الأسرة المسلمة | 7 | 11-08-2018 04:50 PM |
برنامج للتسهيل تحمل اكبر قدر من المقرئين | kaledmag | قسم برنامج كلام الله عز وجل | 10 | 06-29-2015 03:52 PM |
مساعدة الآخرين | المحبة في الله | ملتقى الحوار الإسلامي العام | 5 | 01-03-2013 03:00 AM |
كيف تكسب قلوب الأخرين ؟ | أبو ريم ورحمة | ملتقى الأسرة المسلمة | 4 | 11-01-2012 01:53 PM |
أصلح عيوبك قبل أن تنتقد عيوب الآخرين! | المؤمنة بالله | ملتقى فيض القلم | 4 | 10-24-2012 07:18 AM |
|