استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى الخطب والدروس المقروءة > قسم فضيلة الشيخ احمد رزوق حفظه الله
قسم فضيلة الشيخ احمد رزوق حفظه الله يهتم هذا القسم بطرح جميع المحاضرات والدروس والخطب المكتوبة لفضيلة الشيخ احمد رزوق حفظه الله..
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-04-2013, 07:46 PM   #1
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

موضوع حصري فتنة التكفير

      

إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي ؛ هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

أولا : التكفير حق الله ورسوله
ذكرنا في مبحث سابق الكفر وأنواعه ، والشرك وأنواعه وبينا أنواع الكفر في ضوء الكتاب والسنة لا بقول أحد ، ومن هذا فالحكم على أحد بكفر لا يكون إلا بما حكم الله ورسوله عليه بذلك ، فكل فعل أو قول أو اعتقاد لا يكون كفرًا إلا بنص من الكتاب أو السنة .
فمن قال : من فعل كذا فهو كافر أو كفر ! قلنا له : أين قول الله ورسوله في ذلك ؟ وإلا صار ممن ينازع الله في حقه والرسول في حقه ، أو اتهم النبي ( بأنه قصر في تبليغ الرسالة !
قال تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ }الشورى 21
وقالت السيدة عائشة " مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِِ صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَقَدْ اعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ . وَاللَّهُ يَقُولُ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا اُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) " رواه البخاري وغيره
فالكافر من كفره الله ورسوله والأصل في المسلمين الإسلام ما لم تقم بينة أوضح من شمس النهار على كفره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :كان أهل العلم و السنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم ؛ لأن الكفر حكم شرعي ، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله ؛ كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله ؛ لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى ، وكذلك التكفير حق لله فلا يُكَفَّر إلا من كفره الله و رسوله . – شرح الطحاوية من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية
وقال ابن القيم في قصيدته (النونية) :
الكفر حق الله ثم رسوله بالشرع يثبت لا بقول فلان
من كان رب العالمين وعبده قد كفراه فذاك ذو الكفران
فهلم ويحكم نحاكمكم إلى النصين من وحي ومن قرآن
وهناك يعلم أي حزبينا على الكفران حقا أو على الإيمان
ثانيا : التسرع في التكفير ليس من عقيدة السلف
*- هناك مطالب عدة يطالب بها كل من انتهج نهج السلف الصالح ، من ذلك المطلب الأول
*- التحذير من التكفير
من المعلوم أن التسرع في الحكم على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بالكفر والخروج من الإسلام لهو مزلة قدم لا ينزلق فيها إلا جاهل بأحكام الشريعة ، أو مغرور ، أو حاقد على الناس ، أو لديه غرض ما يسعى إليه من أغراض الدنيا كالحصول على المال أو السلطة أو الشهرة بين جاهلين مثلُه ، أو في حب المخالفة . لأن الله عز وجل لا يسأل عبده لما لم تكفر فلان ولا يحاسبه على ذلك ، ولكن قد يُسأل العبد على تكفير المسلمين بغير حق ؛ لأن النبي ( قد حذر من الإقدام على مثل ذلك العمل .
1 ـ روى مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا)
وفي رواية في مسند أحمد بسند صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَيُّمَا رَجُلٍ كَفَّرَ رَجُلا فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ)
وروى البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلا بِالْفُسُوقِ وَلا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ إِلا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ)
وقال عليه الصلاة والسلام (إن أخوف ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتّى إذا رُئيتْ بهجتُه عليه، وكان رِدْءاً للإسلام؛ انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك. قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك، الرامي أو المرمي؟ قال: بل الرامي).ىأخرجه البخاري في "التاريخ "، وأبو يعلى في "مسنده الكبير"
وقال ابن عساكر :
فهذه الأخبار تمنع من تكفير المسلمين ، فمن اقدم على التكفير فقد عصى سيد المرسلين . وقال ابن عبد البر :
والمعنى فيه عند أهل الفقه والأثر أهلِ السنة والجماعة : النهي عن أن يكفر المسلم أخاه المسلم بذنب أو بتأويل لا يخرجه من الإسلام عند الجميع ، فورد النهي عن تكفير المسلم . وقال الإمام الذهبي : فما ينبغي لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير لمسلم إلا ببرهان قطعي 0
المطلب الثاني
ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه
أولا : شرح القاعدة
بمعنى قد يكون القول أو الفعل كفرًا بنص الكتاب والسنة ؛ ولكن من فعل هذا الفعل أو قال هذا القول لا يطبق عليه الكفر لعذر قام به فمنع ذلك .وعند العلماء ما يسمى بالتفريق بين الحكم والمعين .
*- قال أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الفصل في الملل والأهواء والنحل ج1 3
ذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا وإن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابنِ أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي رضي الله عن جميعهم وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة رضي الله عنهم لا نعلم منهم في ذلك خلافا أصلا إلا ما ذكرنا من اختلافهم في تكفير من ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها
- وقال : ذكروا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بالكفر أحدهما ، والجمهور من المحتجين بهذا الخبر لا يكفرون من قال لمسلم يا كافر في مشاتمة تجري بينهما وبهذا خالفوا الخبر الذي احتجوا به
وقال ابن حزم : والحق هو أن كل من ثبت له عقد الإسلام فإنه لا يزول عنه إلا بنص أو إجماع – بالطبع هذا قول شيخ الاسلام ابن تيمية كما سيأتي - وأما بالدعوى والافتراء فلا ، فوجب أن لا يكفر أحد بقول قاله إلا بأن يخالف ما قد صح عنده أن الله تعالى قاله أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله
*- وقال أيضاً: فإن قال قائل أن من اتبع غير سبيل المؤمنين فليس من المؤمنين قلنا له وبالله تعالى التوفيق ليس كل من أتبع غير سبيل المؤمنين كافرا لأن الزنا وشرب الخمر وأكل أموال الناس بالباطل ليست من سبيل المؤمنين وقد علمنا أن من اتبعها فقد اتبع غير سبيل المؤمنين وليس مع ذلك كافرا ولكن البرهان في هذا قول الله عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
*- وقال أيضاً : وقد أخطأ من حمل الآية {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ --- لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ --- } على هذا لأن الله عز وجل لم يقل قط أن كل من غاظه واحد منهم فهو كافر وإنما أخبر تعالى أنه يغيظ بهم الكفار فقط ونعم هذا حق لا ينكره مسلم وكل مسلم فهو يغيظ الكفار وأيضا فإنه لا يشك أحد ذو حس سليم في أن عليا قد غاظ معاوية وأن معاوية وعمرو بن العاص غاظا عليا وأن عمار أغاظ أبا العادية – وهو يسار ابن سبع السلمي رضي الله عنه شهد بيعة الرضوان -
وكلهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد غاظ بعضهم بعضا فيلزم على هذا تكفير من ذكرنا وحاشى لله من هذا
*- وقال أيضاً : وأبين من شيء في هذا قول الله تعالى وإذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء إلى قوله ونعلم أن قد صدقتنا
فهؤلاء الحواريون الذين أثنى الله عز وجل عليهم قد قالوا بالجهل لعيسى عليه السلام هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ولم يَبْطُل بذلك إيمانُهم وهذا ما لا مَخلصٌ منه وإنما كانوا يكفرون لو قالوا ذلك بعد قيام الحجة وتبيينُهم لها
*- وقال أيضاً : وبرهان ضروري لا خلاف فيه وهو ان الأمة مجمعة كلُها بلا خلاف من أحد منهم وهو أن كل من بدل آية من القرآن عامدا وهو يدري أنها في المصاحف بخلاف ذلك وأسقط كلمة عمدا كذلك أو زاد فيها كلمة عامدا فإنه كافر بإجماع الأمة كلِّها ثم أن المرء يخطئ في التلاوة فيزيد كلمة وينقص أخرى ويبدل كلامه جاهلا مقدرا أنه مصيب ويكابر في ذلك ويناظر قبل أن يتبين له الحق ولا يكون بذلك عند أحد من الأمة كافرا ولا فاسقا ولا آثما فإذا وقف على المصاحف أو أخبره بذلك من القراء من تقوم الحجة بخبره فإن تمادى على خطئه فهو عند الأمة كلها كافر بذلك لا محالة وهذا هو الحكم الجاري في جميع الديانة
*- وقال أيضاً قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل أهل الأرض وهم أهل الحديبية بأن يحلقوا وينحروا فتوقفوا حتى أمرهم ثلاثا وغضب عليه السلام وشكا ذلك إلى أم سلمة فما كفروا بذلك ولكن كانت معصية تداركهم الله بالتوبة منها وما قال مسلم قط أنهم كفروا بذلك ، لأنهم لم يعاندوه ولا كذبوه
وقد قال سعد بن عبادة يا رسول الله أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم . قال إذن كَلاَّ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، إِنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ ، رواه مسلم ، فلم يكن بذلك كافرا إذ لم يكن معاندا ولا مكذبا بل أقر أنه يدري أن الله تعالى أمر بخلاف ذلك
*- قال شيخ الاسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 7/619) " إن القول قد يكون كفرا كمقالات الجهمية الذين قالوا إن الله لا يتكلم ولا يرى فى الآخرة فيطلق القول بتكفير القائل كما قال السلف من قال القرآن مخلوق فهو كافر ومن قال ان الله لا يرى فى الآخرة فهو كافر ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة كما تقدم كمن جحد وجوب الصلاة والزكاة واستحل الخمر والزنا وتأول فإن ظهور تلك الأحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه فإذا كان المتأول المخطئ فى تلك لا يحكم بكفره إلا بعد البيان له وإستتابته كما فعل الصحابة فى الطائفة الذين إستحلوا الخمر ففي غير ذلك أولى وأحرى
وأيضًا، فإن السلف أخطأ كثير منهم في كثير من هذه المسائل، واتفقوا على عدم التكفير بذلك،
مثلما أنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة،
وكان القاضي شُرَيْح ينكر قراءة من قرأ‏:‏ ‏{‏بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ‏}‏ ويقول‏:‏ إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النَّخَعِي‏.‏ فقال‏:‏ إنما شريح شاعر يعجبه علمه، فهذا قد أنكر قراءة ثابتة، وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة، وكذلك بعض السلف أنكر بعضهم حروف القرآن، مثل إنكار بعضهم قوله‏:‏ ‏{‏ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ ‏}‏ ‏، وقال‏:‏ إنما هي‏:‏ أولم يتبين الذين آمنوا، وإنكار الآخر قراءة قوله‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ‏}‏ ‏، وقال‏:‏ إنما هي ‏:‏ ووصى ربك‏.‏ وبعضهم كان حذف المعوذتين، أقول وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيثكان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول : إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه
و ذهب فيما يرى أهل النظر إلى أن (المعوذتين) كانتا كالعوذة و الرّقية و غيرها، و كان يرى رسول اللّه، صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يعوّذ بهما الحسن و الحسين و غيرهما ، كما كان يعوّذ بأعوذ بكلمات اللّه التّامة ، و غير ذلك، فظنّ أنهما ليستا من القرآن، و أقام على ظنّه
وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر‏.‏
*- واتفق علماء المسلمين على أنه لا يكفر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء، والذين قالوا‏:‏ إنه يجوز عليهم الصغائر والخطأ ولا يقرون على ذلك ، ولو كفر هؤلاء لزم تكفير كثير من الشافعية، والمالكية، والحنفية، والحنبلية، والأشعرية، وأهل الحديث، والتفسير، والصوفية، الذين ليسوا كفارًا باتفاق المسلمين، بل أئمة هؤلاء يقولون بذلك‏.‏
*- فقد اتفق المسلمون على أنه لا يكفر أحد من هؤلاء الأئمة، ومن كفرهم بذلك استحق العقوبة الغليظة التي تزجره وأمثاله عن تكفير المسلمين،
*- فتكفير ‏[‏المعين‏]‏ من هؤلاء الجهال وأمثالهم لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحده الحجة الرسالية، التى يتبين بها أنهم مخالفون للرسل 0
وقال فليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحَجَّة‏.‏
ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة
*- وقال أيضاً "(الصارم المسلول 1/328) و العمدة فيه إجماع الصحابة عن محمد بن عبد الله بن عبد القاري قال : قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال : هل من مغربة خبر ؟ قال : نعم رجل كفر بعد إسلامه قال : فما فعلتم به ؟ قال : قربناه فضربنا عنقه قال عمر : فهلا حبستموه ثلاثا و أطعمتوه كل يوم رغيفا و استتبتموه لعله يتوب و يرجع إلى أمر الله اللهم إني لم أحضر و لم آمر و لم أرض إذ بلغني رواه مالك و الشافعي و أحمد عن العلاء أبي محمد أن عليا رضي الله تعالى عنه أخذ رجلا من بني بكر ابن وائل قد تنصر فاستتابه شهرا فأبى فقدمه ليضرب عنقه .
و عن أبي موسى رضي الله عنه أنه أتى برجل قد ارتد عن الإسلام و دعاه عشرين ليلة أو قريبا منها فجاء معاذ فدعاه فأبى فضرب عنقه رواه أبو داود
و عن رجل عن ابن عمر قال : يستتاب المرتد ثلاثا رواه الإمام أحمد
قال شيخ الاسلام – في مجموع الفتاوى 12/487" حقيقة الأمر‏:‏ أنهم أصابهم في ألفاظ العموم في كلام الأئمة ما أصاب الأولين في ألفاظ العموم في نصوص الشارع، كلما رأوهم قالوا‏:‏ من قال كذا فهو كافر، اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكل من قاله، ولم يتدبروا أن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق لمعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع،
فإن الإمام أحمد ـ مثلا ـ قد باشر ‏[‏الجهمية‏]‏ الذين دعوه إلى خلق القرآن، ونفي الصفات، وامتحنوه وسائر علماء وقته، وفتنوا المؤمنين والمؤمنات ـ الذين لم يوافقوهم علي التجهم ـ بالضرب والحبس، والقتل والعزل على الولايات، حيث كان كثير من أولى الأمر إذ ذاك من الجهمية من الولاة والقضاة وغيرهم، يكفرون كل من لم يكن جهميًا موافقًا لهم على نفي الصفات، مثل القول بخلق القرآن، يحكمون فيه بحكمهم في أنه كافر، فلا يولونه ولاية، ولا يفتكونه من عدو، ولا يعطونه شيئًا من بيت المال، ولا يقبلون له شهادة، وغير ذلك‏.‏ فمن أقر بخلق القرآن حكموا له بالإيمان، ومن لم يقر به لم يحكموا له بحكم أهل الإيمان ومن كان داعيًا إلى غير التجهم قتلوه أو ضربوه وحبسوه‏.‏
ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم ، ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره، ممن ضربه وحبسه، واستغفر لهم، وحللهم مما فعلوه به من الظلم ، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم؛ فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع، وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية، الذين كانوا يقولون‏:‏ القرآن مخلوق، وإن الله لايرى في الآخرة‏.‏
*- فإن كثيرًا من المسائل العلمية عليها أدلة قطعية كتحريم المحرمات ووجوب الواجبات الظاهرة، ثم لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم يكفر حتي تقام عليه الحجة، كَمَا أَنَّ جَمَاعَةً اسْتَحَلُّوا شُرْبَ الْخَمْرِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ مِنْهُمْ قدامة و أصحابه شرب الخمر و ظنوا أنها تباح لمن عمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة اتفق علماء الصحابة كعمر و علي و غيرهما على أنهم يستتابون فإن أصروا على الاستحلال كفروا و إن أقروا به جلدوا فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة التي عرضت لهم حتى يتبين لهم الحق فإذا أصروا على الجحود كفروا ْ ؛ وَلَمْ تُكَفِّرْهُمْ الصَّحَابَةُ حَتَّى بَيَّنُوا لَهُمْ خَطَأَهُمْ فَتَابُوا وَرَجَعُوا .
وَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِفَةٌ أَكَلُوا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ؛ وَلَمْ يؤثمهم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلًا عَنْ تَكْفِيرِهِمْ وَخَطَؤُهُمْ قَطْعِيٌّ . وَكَذَلِكَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ قَتَلَ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ وَكَانَ خَطَؤُهُ قَطْعِيًّا وَكَذَلِكَ الَّذِينَ وَجَدُوا رَجُلًا فِي غَنَمٍ لَهُ فَقَالَ : إنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ كَانَ خَطَؤُهُمْ قَطْعِيًّا . وَكَذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَتَلَ بَنِي جذيمة وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ كَانَ مُخْطِئًا قَطْعًا . وَكَذَلِكَ الَّذِينَ تَيَمَّمُوا إلَى الْآبَاطِ وَعَمَّارٌ الَّذِي تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ لِلْجَنَابَةِ كَمَا تَمَعَّكَ الدَّابَّةُ بَلْ وَاَلَّذِينَ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ فَلَمْ يَتَيَمَّمُوا وَلَمْ يُصَلُّوا كَانُوا مُخْطِئِينَ قَطْعًا . وَفِي زَمَانِنَا لَوْ أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي بَعْضِ الْأَطْرَافِ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِوُجُوبِ الْحَجِّ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ لَمْ يُحَدُّوا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَشَئُوا بِمَكَانٍ جُهِلَ . وَقَدْ زَنَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ امْرَأَةٌ فَلَمَّا أَقَرَّتْ بِهِ قَالَ عُثْمَانُ : إنَّهَا لَتَسْتَهِلُّ بِهِ اسْتِهْلَالَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ .‏ فلما تبين للصحابة أنها لا تعـرف التحريم لم يَحُـدُّوها‏.‏ واستحلال الزنا خطأ قطعًا‏.‏ من كتب ورسائل ابن تيمية في الفقه
وقال شيخ الاسلام " ولذلك تجدُ السلفَ كفَّروا فِرَقاً من المسلمين بإطلاق، كالجهميَّة والرافضة، ولكنَّهم لَم يُعيِّنوا بالكفر إلاَّ أناساً معدودين جدًّا صرَّحوا بشناعات، وناظرهم علماءُ السنة، وأقاموا عليهم الحُجَّة، كبشرٍ المريسي، والجعد بن درهم، والحلاَّج. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (23/349).
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (( مع أنَّ أحمد لَم يُكفِّر أعيان الجهمية، ولا كلَّ مَن قال إنَّه جهميٌّ كفَّره، ولا كلَّ مَن وافق الجهمية في بعض بدعهم، بل صلَّى خلف الجهميَّة الذين دَعَوْا إلى قولهم وامتحنوا الناسَ، وعاقبوا مَن لم يُوافقهم بالعقوبات الغليظة، لَم يُكفِّرهم أحمدُ وأمثالُه، بل كان يعتقد إيمانَهم وإمامَتهم ويدعو لهم، ويرى الائتمامَ بهم في الصلوات خلْفهم والحجَّ والغزوَ معهم، والمنعَ من الخروج عليهم، ما يراه لأمثالهم من الأئمة.
ويُنكر ما أَحْدَثوا من القول الباطل الذي هو كفرٌ عظيم، وإن لَم يَعلَموا هم أنَّه كفرٌ، وكان يُنكره ويُجاهدهم على ردِّه بحسب الإمكان، فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنَّة والدِّين وإنكار بدع الجهميَّة الملحدين، وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمَّة ـ أي الأمراء ـ والأمَّة، وإن كانوا جُهَّالاً مبتدعين وظلمةً فاسقين )). مجموع الفتاوى (7/507 ـ 508).

وقال رحمه الله تعالى في بعض أجوبته فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا ومن ممادح أهل العلم يخطؤون ولا يكفرون
وقال شيخ الاسلام " هَذَا مَعَ أَنِّي دَائِمًا وَمَنْ جَالَسَنِي يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنِّي : أَنِّي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نَهْيًا عَنْ أَنْ يُنْسَبَ مُعَيَّنٌ إلَى تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَمَعْصِيَةٍ ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَانَ كَافِرًا تَارَةً وَفَاسِقًا أُخْرَى وَعَاصِيًا أُخْرَى وَإِنِّي أُقَرِّرُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَطَأَهَا وما زال السلف يتنازعون فى كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية " مجموع الفتاوى " 3/ 229 "
وقال أيضاً " "ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم : أنا لو وافقتكم كنت كافراً ، لأني أعلم أن قولكم كفر ، وأنتم عندي لا تكفرون ؛ لأنكم جهال ، وكان هذا خطاباً لعلمائمهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم ، " " الرد على البكري 2/494 "
وقال في مجمع الفتاوى 5/545 " الايجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو الى الله ورسوله ليس لأحد فى هذا حكم وانما على الناس ايجاب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به ورسوله
وقال أيضاً " الكفر والفسق أحكام شرعية ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا " منهاج السنة 5/95

*- وقال أيضاً " مجموع الفتاوى 12/501" ما نصه : وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَتَكْفِيرُ " الْمُعَيَّنِ " مِنْ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ - بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْكُفَّارِ - لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِمْ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا كُفْرٌ

تابع

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 07:49 PM   #2
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

وجاء في الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في كشف الأوهام والالتباس ما نصه " فإن كانت الأحكام التي لا ينبغي لي أن أتكلم فيها أن هؤلاء الملاحدة أعداء الله ورسوله المعطلين للصانع عن عرشه وعلوه على خلقه الجاحدين لأسمائه وصفات كماله ونعوت جلاله قد اختلف العلماء في تكفيرهم وإذا اختلف العلماء فيهم كان الواجب السكوت عن بيان كفرهم وضلالهم وأنهم زنادقة وعن بيان إلحادهم وتكفيرهم وتكفير من لا يكفرهم أو شك في كفرهم لأنهم عند من لا يكفرهم ممن لا يؤبه لقوله مسلمون ومن كفر مسلما فقد كفر ولأنه يلزم من تكفيرهم أو تكفير من لم يكفرهم أو شك في كفرهم تكفير طوائف من العلماء لا يحصى عددهم أو تكفير من سكت عن تكفيرهم من عوام المسلمين وكذلك عباد القبور لأنه ربما لم تبلغهم الدعوة ولم تقم عليهم الحجة لأنهم جهال مقلدون الرسالة العاشرة ص ( 59 )
وقال رحمه الله في كتاب أصول الايمان 1_26 بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعد ما نبين له الحجة على بطلان الشرك وكذلك نكفر من حسنه للناس، أو أقام الشبه الباطلة على إباحته-- والله المستعان والسلام

ثانيا : إقامة الحجة وشروط تكفير المعين
فالواجب قبل الحكم بالتكفير أن ينظر في أمرين:
الأمر الأول : دلالة الكتاب والسنة على أن هذا مكفر لئلا يفتري على الله الكذب.
الثاني: انطباق الحكم على الشخص المعين بحيث تتم شروط التكفير في حقه، وتنتفي الموانع.
ومن أهم الشروط أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت كفره لقوله تعالى : ) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ( [ سورة النساء، الآية: 115 ] . فاشترط للعقوبة بالنار أن تكون المشاقة للرسول من بعد أن يتبين الهدى له.
ولكن هل يشترط أن يكون عالماً بما يترتب على مخالفته من كفر أو غيره أو يكفي أن يكون عالماً بالمخالفة وإن كان جاهلاً بما يترتب عليها؟
الجواب: الثاني، أي إن مجرد علمه بالمخالفة كاف في الحكم بما تقتضيه لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أوجب الكفارة على المجامع في نهار رمضان لعلمه بالمخالفة مع جهله بالكفارة ، ولأن الزاني المحصن العالم بتحريم الزنى يرجم وإن كان جاهلاً بما يترتب على زناه، وربما لو كان عالماً ما زنى.
ومن الموانع من التكفير أن يكره على المكفر لقوله تعالى : ) من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ( [ سورة النحل، الآية: 106 ] .
ومن الموانع أن يغلق عليه فكره وقصده بحيث لا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو غضب، أو خوف ونحو ذلك . لقوله تعالى: ) وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً ( [ سورة الأحزاب، الآية: 5]. وفي صحيح مسلم 2104 عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح".
ومن الموانع أيضاً أن يكون له شبهة تأويل في الكفر بحيث يظن أنه على حق، لأن هذا لم يتعمد الإثم والمخالفة فيكون داخلاً في قوله تعالى : ) وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ( [ سورة الأحزاب، الآية: 5 ]. ولأن هذا غاية جهده فيكون داخلاً في قوله تعالى: ) لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ( [ سورة البقرة، الآية: 286 ]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر ، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر ، فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحداً حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره.
وإذا كان من المعلوم أنه لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يوجب ما لم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة ، فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما في السنة
ولا بد في التكفير من شروط أربعة : الأول : ثبوت أن هذا القول ، أو الفعل ، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة .
الثاني : ثبوت قيامه بالمكلف.
الثالث : بلوغ الحجة.
الرابع : انتفاء مانع التكفير في حقه.
فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33)
وقال: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء :36)
وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى : (ولا تقف ما ليس لك به علم(. الآية ولأنه يؤدي إلى استحلال دم المعصوم بلا حق .
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال: "أيما امرئ قال لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما ؛ إن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه" ، هذا لفظ مسلم. وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول : "لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه ، إن لم يكن صاحبه كذلك". أخرجه البخاري ولمسلم معناه.
وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى: ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ )(الأنعام: من الآية19). وقوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) (القصص:59) وقوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ـ إلى قوله ـ : رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء:164 ،165)
( . وقوله تعالى: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الاسراء: من الآية15) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ـ يعني أمة الدعوة ـ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
لكن إن كان مَن لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام، فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم، وأما في الآخرة فأصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى.
وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول، أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع.أ ـ هـ(41)
ومما سبق من كلام العلماء نخلص إلى المسلم الذي قال قول الكفر أو عمل عمل الكفر أنه لا يقع الكفر عليه إلا بعد إقامة الحجة (وهو وصول الحكم الشرعي لمن وقع في الكفر ) بشروط منها :
1 ـ أن ينشرح صدره للكفر ويطمئن قلبه به وتسكن نفسه إليه
قال تعالى : ( وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً )(النحل: من الآية106)
2 ـ أن يكون النص قد بلغه ؛ لأنه لا تكليف إلا بعد وصول الخطاب كما قال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(الإسراء: من الآية15) فلا تكليف بمجهول
3 ـ أن يكون قد فهم النص وإلا اعتبر أن الخطاب لم يصل إليه .
مداخلة : سؤال وجه للعلامة الألباني رحمه الله جاء فيه :
س: هل هناك فرق في الشريعة في مسألة الإنذار أو قيام الحجة ،وبين قيام الحجة وفهمها ،حتى تكون سبب من أسباب قيام حجة الله على عباده ؟ سلسلة الهدى والنور رقم 616
الجواب : قال الألباني جوابي على سؤالك هذا ، يذكرني بمناقشة جرت في مجلس لأول مرة حينما كنت جئت للتدريس في الجامعة الإسلامية ، وقبل أن تفتح أبواب الدراسة اجتمعنا في مجلس في سهرة مع بعض أهل العلم والفضل ، فؤثير هذا الموضوع فقال بعضهم بأن دعوة الإسلام الآن بلغت كل بلاد الدنيا ، وأتبع كلامه بقوله : القرآن والحمد لله يذاع من كل البلاد الإسلامية ، إلى كل أقطار الدنيا ، وأنا أجبت بما خلاصته ، يا أستاذ أنت تقول القرآن و أنا أقول معك كما قلت ، لكن العرب كشعب أو كأمة ، فيهم الآن من لا يفهم القرآن ، فكيف تريد من الأعجام ، الألمان والبريطان و الأمريكان ، أن يفهموا القرآن بلغة القرآن، وغير مترجم إلى لغتهم على الأقل كيف تقوم الحجة على هؤلاء . بأن يسمعوا القرآن يتلى بلغة القرآن ، هذا لا يعني أنه قد أقيمت الحجة عليهم، ولذلك فأنا أقول : لا بد من أن يفهم الذي بلغته الحجة، أن يفهمها ، وأنا أضيف شيئا آخر . ليس كل من ينقل الحجة يحسن نقلها ولذلك فقيام الحجة على شخص ما ، ليس من السهل
ولذلك أنا كثيرا ما أعترض على بعض إخواننا المبتدئين في طلب العلم والسالكين معنا في هذا الدرب، من الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح والمتحمسين ، فيقول أحدهم : أنا البارحة اجتمعت مع الشيخ فلان أو الدكتور الفلاني ، وناقشته في مسألة الاستغاثة بغير الله أو التوسل أو ما شابه ذلك وقلت : هذا لا يجوز و هذا حرام وهذا شرك وإلى آخره ، وهو يصلي بنا إماما، فأنا أقمت الحجة عليه ، فهل تجوز صلاتي خلفه ؟ أنا أقول أنت كيف تتصور أنك أقمت الحجة عليه ، وأنت بعد لا تزال في التعبير السوري في الرقراق، يعني
في الضحضاح يعني في أول العلم ، ما ينبغي أن نتصور أن كل طالب علم يستطيع أن يقيم الحجة على المسلم الضال ، فضلا عن الكافر المشرك ، لكن كل إنسان مكلف أن يبلغ ما يستطيع ، أما هل قامت الحجة عليه أو لم تقم ، هذا علمه عند ربي ، ولذلك أنا ما أتصور أن كل شخص أفهم الحجة ، وبالتالي قامت عليه الحجة ، لكن أنا أقول من علم الله عز وجل منه أنه قامت الحجة عليه ، و تبينت له وجحدها ، فهو الذي يحكم عليه بالنار يوم القيامة ، ولذلك كما تعلمون جميعا ، أن الكفر مشتق من معنى التغطية فيعني حينما نقول فلان كافر ،يعني تبين له الحق ثم حاد عنه ، ولذلك قال تعالى ( وجحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ) فأي كافر بلغته حجة الله عز و جل وفهمها جيدا ثم جحد ، فهذا الذي يعذب ، ولذلك ربنا عز وجل وصف بعض أهل الكتاب بقولهى: ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) فهم يعرفون أن محمدا عليه السلام رسول وصادق ومبعوث إلى الناس كافة ، وليس إلى العرب فقط ، لكن مع ذلك تعصبوا لمن كانوا ينتظرونه أن يبعث منهم وفيهم، هذا هو الذي أعتقده بالنسبة لسؤالك المذكور آنفا .
سلسلة الهدى والنور رقم 616
أي ملخص قول الألباني إن لإقامة الحجة شرطين
1- وجود العالم الذي يقيم الحجة
2- فهم الحجة من قبل من أقيمت عليه الحجة

4 ـ أن لا يكون هناك شبهات عرضت عليه ، مثل حال أهل التأويل والاجتهاد . 5 ـ من يقيم الحجة يكون أهلا لها ، ولا يكن هناك عداء بين صاحب القول أو الفعل وبين من يقيم الحجة
6 ـ أن لا يكون هناك عارض مثل الجهل أو الإكراه ونحوهما

المطلب الثالث
الأعذار التي تمنع تكفير المعين
هناك أعذار تمنع تكفير معين وقع في الكفر نختار منها عذرين للكلام عليهما
الأول : العذر بالجهل
1ـ كلام الناس في العذر بالجهل
وهذا العارض وضعه بعض أهل العلم من العوارض المكتسبة وهذا من الخطأ البين ؛ لأنه يبين أن الإنسان ولد عالما وهذا معارض للقرآن ، قال تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78)
فالأصل في الإنسان الجهل والعلم شئ مكتسب
فكل من يجهل شئ لا يلزم بحكمه . قال تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78)
قال ابن القيم :
فهو في أصل الخلقة خلق خاليا ساذجا لا علم له بشيء من المعقولات ولا المحسوسات البتة . أ ـ هـ(43)
وقال أيضا :
فهذه الحال التي أخرجنا عليها هي حالنا الأصلية ، والعلم والعقل والمعرفة والقوة طارىء علينا حادث فينا بعد أن لم يكن ولم نكن نعلم قبل ذلك شيئا البتة إذ لم يكن لنا وجود نعلم ونعقل به .أ ـ هـ(44)
فإذا كان الجهل أصل في الإنسان خلقه الله عليه ؛ فكيف يحاسبه على شئ لا دخل له فيه ؟!!
الوجه الثاني : أنه إذا كان الجهل هو الأصل الذي خلق عليه الإنسان ؛ فهو عذر قائم به ، فمن ادعى عدم العذر فعليه بالدليل من الكتاب والسنة ودونه خرط القتاد .
الوجه الثالث : أن الحكم الشرعي لا يثبت في حق المكلف إلا بعد الخطاب
أي بعد أن يعلمه المكلف ، وإلا فلا تكليف بمجهول قال تعالى : (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء:15)
فبعد أن ذكر الله الهداية والضلال أخبر أنه سبحانه لا يعذب أحدًا من عباده إلا بعد وصول الرسول إليه ؛ ومعناه : وصول رسالة الرسول إليه على وجه يفهمه ويفهم ما ينص عليه من تكليف شرعي .
فلا يثبت الخطاب في حق المكلف إلا بعد وصول الحكم الشرعي إليه .
قال الإمام ابن جرير في تفسيره :
وقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )
يقول تعالى ذكره : وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) إن الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبرا ويأتيه من الله بينة وليس معذبا أحدا إلا بذنبه . أ ـ هـ(45)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
اختلف العلماء فيمن أسلم بدار الحرب ولم يعلم أن الصلاة واجبة ، ثم علم هل يجب عليه قضاء ما تركه في حال الجهل ؟
على قولين في مذهب الإمام أحمد وغيره :
أحدهما : لا يجب عليه القضاء ، وهو مذهب أبي حنيفة
والثاني : يجب عليه القضاء ، وهو المشهور عند أصحاب الشافعي ، بل النزاع بين العلماء : في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الحجة ، مثل ترك الصلاة عند عدم الماء يحسب أن الصلاة لا تصح بتيمم ، أو من أكل حتى تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، ويحسب أن ذلك هو المراد بالآية كما جرى ذلك لبعض الصحابة ، أو أكل لحم الإبل ولم يتوضأ ثم تبين له وجوب ذلك .
وأمثال هذه المسائل . هل يجب عليه القضاء ؟
على قولين في مذهب احمد وغيره
ثم قال شيخ الاسلام " فان القضاء لا يجب عليه في الصور المذكورة ونظائرها مع اتفاقهم على انتفاء الإثم ؛ لأن الله عفا لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان ، فإذا كان هذا في التأثيم فكيف في التكفير !!
وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات ، حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة ، فلا يعلم كثيرا مما يبعث الله به رسوله ، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك .
ومثل هذا لا يكفر ، ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان ، وكان حديث العهد بالإسلام فأنكر شيئا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة ؛ فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول
الوجه الرابع : أن كل الأدلة التي وردت في هذا الباب تدل دلالة صريحة في العذر بالجهل :
منها :1 ـ روى أحمد (2139) والترمذي (2180) بسند صحيح عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ : أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ قَالَ : وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ قَالَ : فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ! اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : ( اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون)(الأعراف: من الآية138) ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّةً . )
فترى هنا أن النبي ( أخبرهم أن هذا العمل هو عمل الكفار ، وأن هذه المقولة قد سبقهم إليها بنوا إسرائيل ، فأخبرهم موسى بجهلهم لحقيقة التوحيد . فلم يكفرهم موسى بالمقولة ؛ وإنما وصفهم بالجهل ، والنبي ( لم يكفر من قال ذلك من الصحابة لعلمه أنهم يجهلون أن هذا شرك بالله .
2 ـ روى البخاري (7506) ومسلم (2756) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ : فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ ؛ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ.
فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْتَ ؟!
قَالَ : مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ . فَغَفَرَ لَهُ ) وفي رواية مسلم (لم يعمل حسنة قط)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فهذا الرجل كان قد وقع له الشك والجهل في قدرة الله تعالى على إعادة ابن آدم بعد ما أحرق وذرى ، وعلى أنه يعيد الميت ويحشره إذا فعل به ذلك وهذان أصلان عظيمان :
أحدهما : متعلق بالله تعالى وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير والثاني : متعلق باليوم الآخر ؛ وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ويجزيه على أعماله . ومع هذا فلما كان مؤمنا بالله في الجملة ومؤمنا باليوم الآخر في الجملة وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت ، وقد عمل عملا صالحا وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح .
قال ابن القيم رحمه الله : وكفر الجحود نوعان :
كفر مطلق عام . وكفر مقيد خاص .
فالمطلق : أن يجحد جملة ما أنزله الله وإرساله الرسول .
والخاص المقيد : أن يجحد فرضا من فروض الإسلام ، أو تحريم محرم من محرماته ، أو صفة وصف الله بها نفسه ، أو خبرا أخبر الله به عمدا ،
فإذا جحد ذلك جهلا ، أو تأويلا يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه به كحديث الذي جحد قدرة الله عليه وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ، ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه لجهله ؛ إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادا أو تكذيبا .
4 ـ روى أحمد عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الأَصَمُّ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا .
وَأَمَّا الأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ : رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا . وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ : رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ . فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ .
قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلامًا ) وفي رواية أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلامًا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا .
والشاهد من هذا الحديث إذا كان الله تبارك وتعالى لم يحكم على هؤلاء ـ وهم لم يدخلوا في الإسلام ـ بالدخول في النار إلا بعد إقامة حجته عليهم ؛ لأنهم لم يعرفوا الإسلام ؛ فكيف بمن شهد شهادة الحق ولكنه جهل بعض الأحكام فوقع في ما ينقض إيمانه !!
فلا شك أن هذا أولى من ذلك ، وكلمة التوحيد لها شأن عند الله تعالى
ـ ولكن هنا أمر يتفطن إليه : وهو أن هؤلاء الذين لم تبلغهم دعوة الإسلام أو بلغتهم بطريق مشوش لا يفهم به حقيقة الإسلام وكانوا على دين كفر كالنصرانية أو اليهودية أو الوثنية فهؤلاء لهم حكمان :
الأول : حكمهم في الدنيا الظاهر لنا أنهم كفار ، فيعاملوا معاملة الكفار .
والثاني : حكمهم في الآخرة : فهم يمتحنون كما أخبر النبي ( عن ذلك .
وهؤلاء منهم من يدخل النار لعلم الله فيه ، ومنهم من يدخل الجنة لعلم الله فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فلابد من عبادة الله وحده ، وهذا واجب على كل أحد فلا يسقط عن أحد البتة ، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله دينا غيره ؛ ولكن لا يعذب الله أحدا حتى يبعث إليه رسولا ، وكما أنه لا يعذبه فلا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة مؤمنة ، ولا يدخلها مشرك ولا مستكبر عن عبادة ربه .
فمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا امتحن في الآخرة ، ولا يدخل النار إلا من اتبع الشيطان ، فمن لا ذنب له لا يدخل النار ، ولا يعذب الله بالنار أحدا إلا بعد أن يبعث إليه رسولا ، فمن لم تبلغه دعوة رسول إليه كالصغير والمجنون والميت في الفترة المحضة فهذا يمتحن في الآخرة كما جاءت بذلك الآثار .
العذر الثاني : العذر بالخطأ
وهو الخطأ في إصابة الحق عن غير قصد
من ذلك الخطأ في المسائل العملية : وصاحبه له أجر على اجتهاده
روى البخاري (7352) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ )
قال صاحب تحفة الأحوزي : قال الخطابي : إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ، ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم ، وهذا فيمن كان جامعا لآلة الاجتهاد , عارفا بالأصول , عالما بوجوه القياس . فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر . ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار " وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه . أ
ومن ذلك الخطأ في المسائل العلمية (الاعتقادية)
وهذا صاحبه إن كان مجتهدا في طلب الحق وأخفق فإنه معذور مغفور له خطأه ، ولا يكون كافرا بخطأه وإن كان القول قول كفر
قال تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)(الأحزاب: من الآية5)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وعلى هذا فالمتأول الذي أخطأ في تأويله في المسائل الخبرية ، والأمرية ، وإن كان في قوله بدعة يخالف بها نصا ، أو إجماعا قديما ، وهو لا يعلم أنه يخالف ذلك ؛ بل قد أخطأ فيه كما يخطئ المفتي والقاضي في كثير من مسائل الفتيا والقضاء باجتهاده يكون أيضا مثابا من جهة اجتهاده الموافق لطاعة الله تعالى ، غير مثاب من جهة ما أخطأ فيه ، وإن كان معفوا عنه ،
وقد تقوم عليه الحجة التي بعث الله عز وجل بهما رسله ويعاندها مشاقا للرسول من بعد ما تبين له الهدى ، متبعا غير سبيل المؤمنين ، فيكون مرتدا منافقا ، أو مرتدا ردة ظاهرة . فالكلام في الأشخاص لا بد فيه من هذا التفصيل
وقال أيضا :
وأما أهل العلم والإيمان فهم يجعلون كلام الله وكلام رسوله هو الأصل الذي يعتمد عليه ، وإليه يرد ما تنازع الناس فيه ، فما وافقه كان حقا ، وما خالفه كان باطلا ،
وليس كل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه كل الناس ويفهمونه ؛ بل كثير منهم لم يسمع كثيرا منه ، وكثير منهم قد يشتبه عليه ما أراده وإن كان كلامه في نفسه محكما مقرونا بما يبين مراده .
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 07:51 PM   #3
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

المبحث الرابع
تكفير أهل البدع
تكفير أهل البدع على قسمين :
القسم الأول : الحكم العام وهو الحكم على المقالة أو على الفرقة بالكفر ، فيقال : فرقة كذا كافرة ، ومن قال كذا فهو كافر .
هذا الأمر لابد وأن يكون مضبوطا بالكتاب والسنة ؛ لأن الكفر كما قدمنا حكم شرعي لا يكون إلا من الكتاب والسنة . وقد حكم العلماء على مقالات أنها كفر وعلى فرق أنها فرق كفر .
أولا : المقالات
والأمثلة على ذلك كثيرة منها :
1 ـ من قال القرآن مخلوق فهو كافر
قال البخاري : وقال الثوري من قال القرآن مخلوق فهو كافر .000
وقال ابن مقاتل سمعت بن المبارك يقول من قال : (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا)(طه: من الآية14) مخلوق فهو كافر لا ينبغي لمخلوق أن يقول ذلك
ثانيا : الفرق
1ـ الجهمية :
قد ورد عن كثير من السلف القول بتكفير الجهمية لما أحدثوه من أقوال في حقيقتها كفر محض .
ذكر ابن القيم عن خارجة بن مصعب أنه كان يقول : الجهمية كفار أبلغ نساءهم أنهن طوالق لا يحللن لهم ، لا تعودوا مرضاهم ، ولا تشهدوا جنائزهم ثم تلا طه إلى قوله تعالى : (الرحمن على العرش استوى) .
وقال شارح نونية ابن القيم :
وقد كان سلف الأمة وسادات الأئمة يرون كفر الجهمية أعظم من كفر اليهود كما قال عبد الله بن المبارك والبخاري وغيرهما .
ثالثا : الحكم على معين في هذه الفرق
برغم أن العلماء قد حكموا على الجهمية بالكفر وعلى من قال مقالتهم بالكفر ؛لكن لم يحكموا على معين بالكفر
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والعلماء قد تنازعوا في تكفير أهل البدع والأهواء وتخليدهم في النار وما من الأئمة إلا من حكى عنه في ذلك قولان . كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم ، وصار بعض أتباعهم يحكى هذا النزاع في جميع أهل البدع وفى تخليدهم ، حتى التزم تخليدهم كل من يعتقد أنه مبتدع بعينه .
وفى هذا من الخطأ ما لا يحصى ، وقابله بعضهم فصار يظن أنه لا يطلق كفر أحد من أهل الأهواء وإن كانوا قد أتوا من الإلحاد وأقوال أهل التعطيل والاتحاد . والتحقيق في هذا أن القول قد يكون كفرا كمقالات الجهمية الذين قالوا : إن الله لا يتكلم ، ولا يرى في الآخرة .
ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر فيطلق القول بتكفير القائل ؛ كما قال السلف : من قال القرآن مخلوق فهو كافر ، ومن قال إن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر ، ولا يكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة كما تقدم ؛ كمن جحد وجوب الصلاة والزكاة واستحل الخمر والزنا وتأول ، فإن ظهور تلك الأحكام بين المسلمين أعظم من ظهور هذه ، فإذا كان المتأول المخطئ في تلك لا يحكم بكفره إلا بعد البيان له واستتابته كما فعل الصحابة في الطائفة الذين استحلوا الخمر ففي غير ذلك أولى وأحرى . أ ـ
وقال أيضا :
فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم ، بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وان كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر
وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين ، مع أن بعض هذه البدعة أشد من بعض ، وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض ، فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن اخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحبة ، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك ؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة .
وقال أيضا :
وكذلك الشافعي قد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم ، وكذلك قال مالك رحمه الله والشافعي وأحمد
الفصل الخامس
جذور التكفير في الماضي
المبحث الأول
التكفير عند الخوارج
أولاً : التعريف بهم
أما الخوارج : جمع خارجة ؛ أي طائفة ، وهم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عام 37 هـ بعد أن كفروه وسائر الصحابة ، ويجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي - رضي الله عنهما - وقد افترقوا على نحو عشرين فرقة ، ومن أسمائهم أيضا الحرورية وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين . كما أجمعوا - عدا النجدات منهم - على تكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار إذا مات مصرا عليها ، وقد ورد في ذمهم والترغيب في قتالهم أحاديث صحيحة مرفوعة ،.
ثانيا : ملخص عقائد الخوارج وغلوهم في التكفير وغيره .
1 ـ " يعتبر الخوارج أنفسهم الممثلين الحقيقيين للأمة الإسلامية ، فهم " أهل العدل " ومنهاجهم "منهاج أهل العدل " ، وأئمتهم "أئمة العدل " خلفاء رسول الله ( في تطبيق قواعد الإسلام ومبادئه ."
2 ـ اعتماد الخوارج على القرآن وترك السنة ، وفهم القرآن على حسب أهوائهم وعقولهم ولذلك قال عنهم النبي ( : (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) . أي أنهم لم يفهموه كما فهمه النبي ( وأصحابه .
3 ـ حد الإسلام عند الخوارج هو القول والعمل - أي بجميع الأركان والواجبات - والاعتقاد ، فمن أخل بشيء من ذلك فهو الكافر .
4 ـ أجمعوا على تكفير أمير المؤمنين على ين أبي طالب رضي الله عنه .
5 ـ أجمعوا على تكفير مرتكب الكبيرة إلا النجدات - وهم إتباع نجد بن عامر - فإنهم قالوا : هو كافر كفر نعمة لا كفر دين .
6 ـ أجمعوا على كفر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه
7 ـ أجمعوا على عذاب أصحاب الكبائر عذاب دائم
8 ـ ومنهم من كفر صاحب الصغيرة ومنهم من كفر تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
9 ـ من لم يعتنق مذهبهم فهو كافر
قال الشوكاني :
ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله .
10 ـ القول بالقياس في العقائد
" ومن أمثلة ذلك عندهم : أن إبليس ـ لعنه الله ـ كان عارفا بالله ، ولما عصى صار كافرا . فكذلك الإنسان إذا عرف الله وعصاه يصير كافرا . لا فاسقا كما يقول المعتزلة ، ولا مؤمنا عاصيا كما يقول أهل السنة ـ . ومن أمثلة ذلك أيضا : أن الله تعالى حكم على بعض اليهود بالكفر لعملهم ببعض الكتاب وعدم عملهم بالبعض . وجعل جزاءهم الخلود في جهنم في أشد العذاب ، وحيث قال للمسلمين : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (يونس:13 ، 14)
وهذا القول يعني أن ما جرى على الأمم السابقة يجري عليهم . فإن الأمة الإسلامية إذا عملت ببعض الشريعة وتركت البعض الآخر يجري لها ما جرى على اليهود . قال تعالى : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (البقرة:85 ،86) "
12 ـ استحلوا دماء المسلمين وأموالهم وسبي نساءهم ، وهذا ما حدث مع ابن خباب بن الأرت وجاريته حين قتلوه وبقروا بطنها .وهذه هي القصة فقد جاء في الأثر أن عبدالله بن خباب بن الأرت وكانت معه زوجته وكانت حاملا بينما كان في طريقه، اعترضه بعض هؤلاء الشرذمة من الخوارج الأوباش، فلما رأوه عرفوه، فقالوا له: حدثنا حديثاً سمعته من أبيك، وسمعه أبوك من رسول الله ، فحدثهم بحديث عن الفتن نحو هذا الحديث:.
جاء عن أبي بكرة قال قال رسول الله  " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ "
قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ قَالَ يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قَالَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ " رواه مسلم في صحيحه
فماذا كان من أمرهم لما سمعوا حديث النبي ؟ ما كان من أمره إلا أن اقتادوه وزوجه - قاتلهم الله تعالى - ليذبحوهما، قال ابن كثير في كتابه العظيم " البداية والنهاية 7/318 " فاقتادوه بيده فبينما ههو يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيرا لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم فشق جلده فقال له آخر: لم فعلت هذا وهو لذمي ؟ فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه وبينا هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه، فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن ؟ فألقاها ذاك من فمه، ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه، وجاؤوا إلى امرأته فقالت: إني امرأة حبلى، ألا تتقون الله، فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها "
ثالثا : أسباب الغلو في التكفير عند الخوارج
منها : 1 ـ الجهل بأحكام الشريعة
2 ـ اتباع المتشابه وترك المحكم والقول بالتأويل الفاسد
3 ـ حب الدنيا والطمع في الرياسة
4 ـ الغلو وهو التشدد والتنطع في الأحكام الشرعية
5 ـ اتباع الرؤساء الجهال وترك أهل العلم من الصحابة
6 ـ القول بلازم القول ، وفعلوا ذلك مع على بن أبي طالب حيث قالوا : محا عن نفسه أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .
7 ـ حداثة السن والتسرع في إصدار الأحكام ، وتغليب الهوى على الشرع 8 ـ الخلل في فهم نصوص الوعد ونصوص الوعيد
9 ـ الخلل في عقيدة الولاء والبراء
رابعا : ماذا فعل الخوارج بالمسلمين
لاشك أن الخوارج بجهلهم وسفاهاتهم قد سفكوا الكثير من دماء المسلمين ، وخرجوا على حكام المسلمين كلما قويت لهم شوكة ومن ذلك :
1 ـ استعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين ، ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت ، وكان واليا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سرية وهي حامل ، فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد . أ ـ هـ
2 ـ الخروج على الحكام بين الحين والحين مما يسفر ذلك عن مزيد من إراقة الدماء وإضعاف قوة الإسلام أمام الأعداء وكسر شوكتهم .(67)
3 ـ في مسألة العقيدة " كانت الخوارج في أول أمرها لم تتجاوز أصولها مسائل معدودات ، تدور حول تكفير مرتكب الكبيرة وإنكار الشفاعة ، وتكفير بعض الصحابة وغيرهم : كأهل التحكيم ، ومن رضي به ، واستحلال الدماء ، ونحو ذلك .
ولم يكن لهم كثير كلام في الصفات ، والقدر والسمعيات ، والمسائل الكلامية .
لكن مع الزمن تجارت بهم الأهواء ، وتفرقت بهم السبل ، حتى أصبحت الخوارج من الفرق الكلامية ، فقالت في القرآن والرؤية بقول الجهمية ، وفي الصفات بقول المعتزلة ،كما زعمت المعتزلة ومتأخروا الأشاعرة والماتريدية . وتكلم الخوارج في دقائق المسائل الكلامية كما فعل أهل الكلام " (68) وهذه نتيجة طبيعية لكل صاحب هوى ينساق وراء أهوائه خوف التناقض والتعارض مع نصوص الشريعة .
المبحث الثاني
التكفير عند الشيعة
أولا : التعريف بهم
الشيعة من الفرق الإسلامية الكبيرة ، وهي الفرقة الوحيدة التي كثرت فيها الفرق المارقة من الدين ، أمثال النصيرية ، والسّبائية : ، والفاطمية العبيدية ، والإسماعيلية ، والدروز ، وأخيرا الروافض أو الإمامية الإثنى عشرية .
ثانيا : جوانب التكفير عند الشيعة ، تبين أن الشيعة على دين خلاف لدين المسلمين الذي كان عليه النبي ( وأصحابه ، ومن أجل ذلك قاموا بتكفير كل من خالفهم في عقائدهم ، وكل من يكون قوله ضدا لعقيدتهم من الصحابة والتابعين . ومن ذلك كان تكفيرهم :
1 ـ للصحابة رضي الله عنهم وعلى رأسهم أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب :
" وقال علامتهم الشيعي نعمة الله الجزائري في كتابه "الأنوار النعمانية ج1/ب1/ص53 ما نصه :
إن أبا بكر كان يصلي خلف رسول الله ( والصنم معلق في عنقه وسجوده له " (69)
وبوب علامتهم وخاتمة المجتهدين عند الشيعة محمد باقر المجلسي بابا سماه "باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح عمالهم وقبائح وآثار ، وفضل التبرئ منهم ولعنهم " في بحار الأنوار ج30 ص79 ط . ذوي القربى .
والمقصود بالثلاثة هم أبوبكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين
وقال المجلسي في ج30 ص230 من بحار الأنوار " والأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما وثواب لعنهما والبراءة منهم وما يتضمن بدعهم أكثر من أن يذكر في هذا المجلد ، أو مجلدات شتى ." (70)
ويرى الإمامية كفر جميع الصحابة عدا القليل
ويذكر العلامة الشيعي محمد باقر المجلسي صحح في كتابه "مرآة العقول " ج26ص213 رواية ارتداد الصحابة على زعم الشيعة ، فلقد روى الكليني في الروضة من الكافي رواية رقم 341 عن أبي جعفر عليه السلام " قال : كان الناس أهل ردة بعد النبي ( إلا ثلاثة .
فقلت : ومن الثلاثة ؟
فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم "
وقال السيد مرتضي محمد الحسيني النجفي في كتابه "السبعة من السلف " ص7 ما نصه :
إن الرسول ابتلي بأصحاب قد ارتدوا من بعد عن الدين إلا القليل "
*- ثالثا القول بكفرهم
وقد ذهب إلى هذا كبار أئمة الإسلام كالإمام مالك، وأحمد، والبخاري، وغيرهم.
وفيما يلي نصوص فتاوى أئمة الإسلام وعلمائه في الروافض المسمون بالاثني عشرية والجعفرية
وأبدأ بذكر فتوى الإمام مالك، ثم الإمام أحمد، ثم الإمام البخاري، ثم أذكر بعد ذلك فتاوى الأئمة الباقين حسب تاريخ وفياتهم..
الإمام مالك:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال الإمام مالك: الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم نصيب في الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557، قال محقق الرسالة: إسناده صحيح.].
وقال ابن كثير - عند قوله سبحانه -: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ..} [الفتح 29] قال: "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه وفي رواية عنه بتكفير الروافض الذي يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك" [تفسير ابن كثير: 4/219، وانظر: روح المعاني للألوسي: 26/116، وانظر أيضاً في استنباط وجه تكفيرهم من الآية: الصارم المسلول: ص579.].
قال القرطبي: "لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن تنقص واحداً منهم، أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين" [تفسير القرطبي: 16/297.].
الإمام أحمد:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام [الخلال/ السنة: 2/557 قال محقق الرسالة: "إسناده صحيح" وانظر: شرح السنة لابن بطة: ص161، الصارم المسلول: ص571.].
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال: من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين [الخلال/ السنة: 2/558 قال محقق الرسالة: "إسناده صحيح".].
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام [الخلال/ السنة: 2/558، وانظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: ص214.].
وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: "هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم، ويتنقصون ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي، وعمار، والمقداد، وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء" [السنة للإمام أحمد: ص82، تصحيح الشيخ إسماعيل الأنصاري.].
ولكن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أن في تكفير الروافض نزاعاً عن أحمد وغيره [الفتاوى: 3/352.].
وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجه من لم يكفر الروافض في سبهم للصحابة، وبه يزول التعارض المتوهم في نصوص أحمد.. فقال: "وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم" [الصارم المسلول: ص 586، وانظر: ص 571 في توجيه القاضي أبي يعلى لرواية عدم التكفير.].
يعني: فمن سبهم سباً يقدح في عدالتهم ودينهم فيحكم بكفره عند أهل العلم. فكيف الحال إذن بمن يحكم بردتهم؟
البخاري (ت256هـ):
قال - رحمه الله -: ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافض، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم [الإمام البخاري/ خلق أفعال العباد: ص125.].
الفريابي [محمد بن يوسف الفريابي، روى عنه البخاري (26) حديثاً، وكان من أفضل أهل زمانه، توفي سنة (212هـ). (تهذيب التهذيب: 9/535).]: روى الخلال، عن موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفرياني ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر: قال: كافر، قال: فيصلي عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول: لا إله إلا الله؟ قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته [الخلال/ السنة: 2
أحمد بن يونس وهو إمام من أئمة السنة، ومن أهل الكوفة منبت الرفض فهو أخبر بالروافض ومذاهبهم أيضاً،قال: لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي؛ لأنه مرتد عن الإسلام [الصارم المسلول ص570،
أبو زرعة الرازي من حفاظ الحديث وكبار الأئمة، كان يحفظ مائة ألف حديث، ويقال: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة ليس له أصل. توفي سنة 264هـ.]: قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، لأن مؤدى قوله إلى إبطال القرآن والسنة [انظر: الكفاية ص49، ومضى نصه بتمامه ص(767).].
ابن حزم:
قال: وأما قولهم (يعني النصارى) في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين [يعني فلا حاجة في كلامهم على المسلمين، ولا على كتابهم.]، [الفصل: 2/213.].
وقال: "ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة، والمعتزلة والخوارج، والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن وأنه المتلو عندنا.. وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام وليس كلامنا مع هؤلاء، وإنما كلامنا مع أهل ملتنا" [الأحكام في أصول الأحكام: 1/96.].
محمد بن الإسفراييني، الإمام الأصولي الفقيه المفسر، له تصانيف منها: "التفسير الكبير" و"التبصير في الدين" توفي عام 417هـ.
نقل جملة من عقائدهم كتكفير الصحابة، وقولهم: إن القرآن قد غيّر عما كان، ووقع فيها الزيادة والنقصان، وانتظارهم لمهدي يخرج إليهم ويعلمهم الشريعة.. وقال: بأن جميع الفرق الإمامية التي ذكرناها متفقون على هذا، ثم حكم عليهم بقوله:
"وليسوا في الحال على شيء من الدين، ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين" [التبصير في الدين: ص24-25.].

1. الدروز طائفة انشقت عن المذهب الإسماعيلي الفاطمي تعد من غلاة الشيعة الإسماعيلية وتنسب إلى أبي محمد الدرزي من أهل موالاته الحاكم بأمر الله الفاطمي
2. لهم معتقدات كفرية أقبحها الاعتقاد في ألوهية الحاكم بأمر الله.
3. مبنى هذه العقيدة أن الدرزي صنف كتابًا للحاكم ذكر فيه أن روح آدم انتقلت إلى علي بن أبي طالب وانتقلت روح علي إلى أبي الحاكم ثم انتقلت إلى الحاكم وساعده الدرزي على ادعاء الربوبية
4. يعتقدون بنسخ الشريعة الإسلامية وأنها منسوخة بشريعتهم التي ابتدعوها
5. يعتقدون في تناسخ الأرواح وانتقالها إلى الأحياء في صورة الإنسان والحيوان.
6. ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخريين.
7. يبغضون أهل كل الأديان خصوصًا المسلمين السنة ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغير ذلك.
8. يتمركز أكثر الدروز الآن في لبنان وهم محيرون للغاية في طبيعة عقيدتهم
9. قاموا بعدة ثورات متلاحقة تسببت في زعزعة الأمن وإرباك الدولة العثمانية واستنفاد كثير من الطاقات البشرية والمادية في سبيل القضاء عليها.

10. لما سير محمد علي باشا جيشًا لاحتلال بلاد الشام بقيادة ابنه إبراهيم بعد أن شق عصا الطاعة على الدولة العثمانية عام 1247هـ كان الدروز من الموالين له والمناوئين للدولة العثمانية.
11. كان الأمير بشير الشهابي (المتوفي 1266هـ) أمير الدروز وجنوده يقاتلون جنبًا إلى جنب مع جيش محمد علي وغدت مهمة إبراهيم باشا قائد الحملة المصرية بفضل تعاون الأمير بشير مهمة سهلة تمكن من الاستيلاء على دمشق وهزم الجيش التركي في حمص وغير جبال طورس وأوغل في قلب بلاد الأتراك وكاد ينزل الضربة القاضية برجل أوربا المريض لكن بريطانيا والنمسا وروسيا اضطرته إلى الانسحاب.

12. حرص الدروز على استغلال كل فرصة مناسبة من أجل إقامة دولة درزية ولأجل ذلك هاجروا إلى جبل حوران الذي سمي ذلك بجبل الدروز بعد أن تمكنوا من طرد أهله المسلمين واستقلوا به تمامًا .

13. في عام 1298هـ هجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانهما عن بكرة أبيهم ولم يبقوا حتى على الأطفال الرضع وحاولت الدولة العثمانية تأديبهم أكثر من مرة لكنها فشلت وتراجعت أمام ضغوط الإنكليز.

14. حين احتل الفرنسيون مصر عام 1213هـ بقيادة نابليون الذي توجه بعد إخضاعها إلى بلاد الشام وبينما كان محاصرًا لعكا بعث رسالة يقول الكابتن بورون: "إن الأمير بشير لم يجب على رسالة نابليون ولكن قوة من الدروز والموارنة انضمتا إلى جيش نابليون الذي كان يحاول إخضاع عكا في آذار 1799 أتت قوة من الخيالة الدروز والموارنة لنجدة نابليون الذي كان يحاول إخضاع عكا ثم يقول إن الدروز والموارنة آزروا نابليون وإن الأمير بشير أمده بالقادة والمستشارين، وإن فارس بك الأطرش قال له: إن جده إسماعيل كان يملك عدة رسائل بإمضاء نابليون موجهة إلى والده إسماعيل، ولكن هذه الأوراق أتى عليها حريق شب في المنزل".

15. منذ تاريخ 25/7/1920 وحتى 17/4/1946 والمسلمون يقاومون الاستعمار الفرنسي بكل ما يملكون من قوة مادية كانت أو معنوية غير أن الدروز كان لهم موقف في جبلهم رحبوا بالغزاة المحتلين وقدموا لهم كل ما يقدرون عليه من دعم أو مساعدة واطمأن الفرنسيون إليهم وأمنوا مكرهم .
16. حينما دخل الفرنسيون دمشق بعد معركة ميسلون سنة 1338هـ - 1920م اتخذ القائد الفرنسي غورو حرسه الخاص من الدروز بمعرفة متعب الأطرش مما يدل على الثقة الكاملة التي أولاها الفرنسيون هؤلاء الفرنسيون أجروا اتصالاتهم ورفعوا عريضة للمسئول الفرنسي يطلبون الاستقلال وهذه مقدمة عريضتهم: "لحضرة رئيس البعثة الإفرنسي في دمشق الأفخم: بناء على بلاغاتكم المتكررة للرؤساء الروحيين لنا الشرف أن نقدم لسيادتكم بالنيابة عن الشعب الدرزي في جبل حوران برنامج الاستقلال المدرج أعلاه الذي يطلبه الشعب لكي تتكرموا بتقديمه لحضرة صاحب الفخامة المندوب السامي راجين أن يتوسل بالتصديق عليه من قبل حكومة الجمهورية الإفرنسية المعظمة واقبلوا فائق احترامنا" .

17. في 24تشرين الأول عام 1922م أصدر الجنرال غورو وقراره رقم 1641 بإعطاء جبل حوران استقلاله باسم دولة جبل الدروز المستقلة قَاتَلَهُمُ اللّهُ .(أَنَّى يُؤْفَكُونَ
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 07:52 PM   #4
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الشيعة النصيرية
1. النصيرية فرقة من فرق الشيعة الغالية أسسها رجل ضال يقال له محمد بن نصير كان ينتمي إلى الشيعة الاثنى عشرية ثم خالفهم فأسس فرقة وحده واتخذ من مدينة سامراء مقرًا له وظل المرجع الأعلى للمذهب النصيري إلى أن هلك سنة 260هـ وقد ادعى النبوة وأن الذي أرسله هو علي بن أبي طالب
2. أكثر انتشار النصيرية في بلاد الشام لهم اعتقادات فاسدة فهم يؤلهون عليًّا ويقولون محمد متصل بعلي ليلاً منفصل عنه نهارًا وعلي خلق محمدًا ومحمد خلق سلمان الفارسي وسلمان خلق الخمسة الذين بيدهم مقاليد السموات والأرض وهم: المقداد : رب الناس وخالقهم موكل بالرعد والصواعق والزلازل أبو ذر: الموكل بدوران الكواكب والنجوم. عبد الله بن رواحه: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر. عثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسم وأمراض الإنسان. قنبر بن ذاذان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام.
3. يحتجون لهذه العقيدة بأن الإله يحل في الأجسام متى شاء.
4. يعتبرون كغيرهم من فرق الشيعة الغالية سب الصحابة من الفروض الدينية لأنهم هم الذين اغتصبوا حق العلويين في الخلافة.

5. لا يؤمنون بالبعث والحساب ويقولون بتناسخ الأرواح ويستحلون الخمر والزنا وسائر المحرمات

6. يسمون أنفسهم بالعلويين ويكرهون اسم النصيريين ولهم عداء للإسلام والمسلمين تاريخه طويل تمثل في ثورات وخروج على الخلفاء المسلمين تارة وفي التعاون مع أعداء المسلمين من الخارج تارة أخرى سواء في القديم أو الحديث.

7. هم في سوريا على وجه الخصوص في عصرنا هذا لهم سطوة وسلطان ونفوذ واسع في سائر الدوائر سواء الإعلامية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
***
السّبائية :
وهم من غلاة الشيعة. أصحاب عبدالله بن سبأ المسمى بابن سبأ أباً، وابن السوداء أما. وينحدر من أصل يمني، من يهود صنعاء، وكان يتظاهر بالإسلام. سافر إلى الحجاز والبصرة والكوفة، وفي عصر عثمان سافر إلى دمشق، ولكن أهلها طردوه فتوجه إلى مصر. وكان من رؤوس المعارضة في الثورة التي قامت ضد عثمان. مات بعد سنة 04هـ.
كان أصحاب ابن سبأ أول من قالوا بغيبة علي - عليه السلام - ورجعته إلى الدنيا، وزعموا أنه لم يقتل ولم يمت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً
****
الإسماعيلية
تعتبر فرقة الإسماعيلية من غلاة الشيعة، ومن الحركات الباطنية التي اتخذت التشيع لآل البيت ستاراً لها تحاول من خلاله تحقيق مطا معها وأهدافها بغية تقويض الإسلام وهدم أركانه.
نشأة الإسماعيلية:
تعود جذور هذه الفرقة إلى الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في نشأتها. وتلتقي معها في القول بإمامة جعفر الصادق رحمه الله ومن قبله من الأئمة إلا أنه بعد وفاة جعفر سنة (147هـ) حصل انشقاق بين الشيعة، ففريق ساق الإمامة إلى موسى الكاظم بن جعفر الصادق، فسموا الموسوية الإمامية الاثنى عشرية، وفريق آخر ساق الإمامة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق فسمو بالإسماعيلية.
*-
الفاطمية من مخلفات الاسماعيلية
دامت دولة الفاطميين 260سنة منها اثنتان وخمسون سنة بالمغرب ومائتان وثمان سنوات بمصر وعدد خلفائها أربع عشرة خليفة أولهم عبيد الله المهدي واخرهم العاضد الذي توفي بمصر يوم عاشوراء سنة 567هـ وبموته انقرضت دولة الفاطميين من المشرق والمغرب، وكانت نهايتهم على يد البطل صلاح الدين الأيوبي ، وكان أول خلفائهم هو عبيد الله المهدي الشيعي الرافضي ( 297ـ 322 هـ ) ، وذكر الإمام الذهبي في ترجمته : عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض ، وابطنوا مذهب الإسماعيلية (1)، واما العاضد فيقول عنه ابن خلكان : كان شديد التشيع متغاليا في سب لصحابة وإذا رأى سنيا استحل دمه(2). وقد قتل أولئك العبيديون الكثير من علماء المسلمين على مدى حكمهم وتواطئوا مع أعداء الإسلام واستعانوا في حكمهم باليهود والنصارى وغلاة الشيعة

ومن فرق الشيعة فرقة من الغلاة وهم الغرابية التي قالت: إن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أشبه بعلي من الغراب بالغراب، وأن الله عز وجل بعث جبريل عليه السلام بالوحي إلى علي فغلط جبريل عليه السلام وأنزل الوحي على محمد [ابن حزم/ الفصل: 5/42، وانظر: البغدادي/ الفرق بين الفرق ص: 25
0، الإسفراييني/ التبصير في الدين: ص 74، ابن المرتضى/ المنية والأمل ص: 30، الملطي/ التنبيه والرد ص: 158 وسماها (الجمهورية).].

المبحث الثالث
التكفير عند المعتزلة
نشأة المعتزلة
أسس المعتزلة واصل بن عطاء الغزال ( المتوفى 131 هـ ) وعمرو بن عبيد البصري (المتوفى 145 هـ ) وسبب التسمية بالمعتزلة " انه دخل واحد على الحسن البصري فقال : يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيديه الخوارج وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الإيمان ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الأمة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا فتفكر الحسن في ذلك ، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء : أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا بل هو في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد فقال الحسن اعتزل عنا واصل فسمى هو وأصحابه معتزلة
المبحث الرابع
التكفير عند المرجئة
إذا كانت الخوارج قد شطحت فكفرت مرتكب الكبيرة وخلدته في النار ، والمعتزلة أخرجته من الإيمان وحكمت عليه بالخلود في النار أيضا ، والشيعة كفرت كل أهل السنة وعلى رأسهم صحابة رسول الله ( ، فإن المرجئة شطحت فجعلت كل من أتى كبيرة أو كل كبائر الدنيا إيمانه لا يضره شيئا ما دام معه الإقرار والتصديق ، ثم هي من ناحية أخرى كفرت كل أهل السنة ومن يخالفهم في المعتقد .
فكما قدمنا في مبحث الإيمان عند الفرق أن المرجئة جعلوا الإيمان قطعة واحدة لا يقبل التجزء ولا التبعض فما هو إلا التصديق والنطق باللسان ، والناس صنفان مؤمن كامل الإيمان ، وكافر مخلد في النيران ولا ثالث ، فأنكروا أن يدخل أحد من عصاة المؤمنين النار ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين ، وردوا أحاديث الشفاعة . كما فعلت الخوارج والمعتزلة .
ثم أن كثيرا من فرق المرجئة يرى شهر السلاح في الحكام الظلمة وفق ما قالت الخوارج والمعتزلة .
أقوال بعض أهل العلم في التحذير من المسارعة في التكفير

*******
**** 2ـ قال ابن حزم الظاهري -رحمه الله-: (والحق هو أن كل من ثبت له عقد الإسلام فإنه لا يزول عنه إلا بنص أو إجماع, وأما بالدعوى والافتراء فلا).اهـ (الفِصَل في الملل والأهواء والنحل)(2/91)
3ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ( ليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين ـ وإن أخطأ وغلط ـ حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة ).اهـ (مجموع الفتاوى)(12/501)
5ـ قال ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله- في شرح الطحاوية بعد قول الإمام الطحاوي -رحمه الله-: (ولا نكفرأحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله). ثم ذكر

..... فإنه من أعظم البغي أن يُشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار, فإن هذا حكم الكافر بعد الموت. ولهذا ذكر أبو داود في سننه في كتاب الأدب: (باب النهي عن البغي), وذكر فيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين, فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة, فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أَقصِر. فوجده يوماً على ذنب, فقال له: أقصر. فقال: خلني وربي, أبعثت علي رقيباً؟ فقال: والله لا يغفر الله لك, أو لا يدخلك الله الجنة. فقبض أرواحهما, فاجتمعا عند رب العالمين, فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي, وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار. قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته). وهو حديث حسن).اهـ ( شرح الطحاوية)ص316ـ319
7ـ قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-: (وباب التكفير باب خطير, أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا, وتوقف فيه الفحول فسلموا, ولا نعدل بالسلامة شيئاً). اهـ (المفهم)(3/111)
8ـ قال أبو حامد الغزالي (الصّوفي) -رحمه الله-: (والذي ينبغي الاحتراز منه: (التكفير) ما وجد إليه سبيلاً, فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة, المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ, والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من سفك محجمة من دمٍ لمسلم). اهـ (الاقتصاد في الاعتقاد)ص269
9ـ قال الشوكاني -رحمه الله-: ( اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار, فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة: أن من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما). اهـ (السيل الجرار)(4/578)
10ـ قال الإمام الألباني -رحمه الله-: ( إن أمر التكفير خطير جداً؛ ولذلك قال العلماء: إذا كان هناك تسعةٌ وتسعون قولاً في تكفير شخص معين, وقول واحد في عدم تكفيره؛ فالحيطة والحذر في أن نتبنى هذا القول الوحيد, بدل تلك الأقوال؛ لأن الأمر فيه خطورة ).اهـ (الأسئلة الشامية) لشيخنا علي الحلبي ص67ـ71
11ـ قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ( الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا, بل هو إلى الله تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ , فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة, فيجب التثبت فيه غاية التثبت, فلا يُكفَّر ولا يُفسَّق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه.
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي). اهـ (القواعد المثلى)ص86
ـ ولهيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ فتوى نشرت في مجلة (البحوث الإسلامية) ـ الرياض ـ العدد: (56) عام 1419هـ جاء فيها: ( التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله ورسوله، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله؛ فكذلك التكفير، وليس كل ما وُصف بالكفر من قول أو فعل، يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة.
والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة : من استحلال الدم والمال، ومنع التوارث، وفسخ النكاح، وغيرها مما يترتب على الردة، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة ؟!!).اهـ (التبصير بقواعد التكفير) لشيخنا علي الحلبي ص100

وعلى هذا الأصل فبعض الناس يكون معه شعبة من شعب الكفر، ومعه إيمان أيضاً، وعلى هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية كثير من الذنوب كفراً، مع أن صاحبها قد يكون معه أكثر من مثقال ذرة من إيمان فلا يخلد في النار . كقوله : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ، وقوله : " لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض " وهذا مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من غير وجه، فإنه أمر في حجة الوداع أن ينادى به في الناس، فقد سمى من يضرب بعضهم رقاب بعض بلا حق كفاراً، وسمى هذا الفعل كفراً، ومع هذا فقد قال تعالى : { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } إلى قوله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 9، 10 ] ، فبين أن هؤلاء لم يخرجوا من الإيمان بالكلية، ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الخصلة، كما قال بعض الصحابة : كفر دون كفر . وكذلك قوله : " من قال لأخيه : يا كافر، فقد باء بها أحدهما " فقد سماه أخاه حين القول، وقد أخبر أن أحدهما باء بها، فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه، بل فيه كفر .
. وكذلك قوله في الحديث الصحيح : " ليس من رجل ادَّعى لغير أبيه، وهو يَعْلَمُه، إلا كَفَر " ، وفي حديث آخر : " كَفَر باللّه من تَبَرَّأ من نَسَبٍ وإن دَقَّ " ، وكان من القرآن الذي نسخ لفظه : " لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم " ، فإن حق الوالدين مقرون بحق اللّه في مثل قوله : { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [ لقمان : 14 ] ، وقوله : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [ الإسراء : 23 ] ، فالوالد أصله الذي منه خلق، والولد من كسبه . كما قال : { مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } [ المسد : 2 ] ، فالجحد لهما شعبة من شعب الكفر، فإنه جحد لما منه خلقه ربه، فقد جحد خلق الرب إياه، وقد كان في لغة من قبلنا يسمى الرب أباً، فكان فيه كفر باللّه من هذا الوجه، ولكن ليس هذا كمن جحد الخالق بالكلية، وسنتكلم إن شاء اللّه على سائر الأحاديث .
الكفرُ الأصغرُ: وهو لا يُخرِجُ صاحِبَهُ من الملَّةِ ، ولا يوجِبُ لَهُ الخُلودَ في النَّارِ ، ولكن يَلحَقُ صاحِبَهُ الوَعيدُ الشَّديدُ ، وَقَد بَيَّن ذلكَ الشيخُ الألبانيُّ بِقَولِهِ :
((... إنَّ الكُفرَ قِسمانِ : اعتقاديٌّ وَعَمَليٌّ...وَالعَمَليُّ مَحلُّهُ الجوارِحُ... وعلى هذا النَّوعِ تُحمَلُ الأحاديثُ التي فيها إطلاقُ الكُفرِ عَلى مَن فَعَلَ شيئاً مِن المعاصي مِن المسلمينَ ، ولا بأسَ من ذِكرِ بَعضِِها :
1- ( اثنتانِ في النَّاسِ هما بهم كفرٌ : الطعنُ في الأنسابِ والنياحةُ على الميِّتِ )(م).
2- ( الجدالُ في القرآنِ كفرٌ )(ك).
3- ( سبابُ المسلمِ فسوقٌ وقتالُهُ كفرٌ )(ك) .
4- ( كفرٌ بالله تبرؤٌ من نسبٍ وان دَقَّ )(حم) .
5- ( التحدُّثُ بنعمةِ الله شكرٌ وتركُها كفرٌ )(حم) .
6- ( لا تَرجِعوا بَعدي كُفَّاراً يَضرِبُ بَعضُكُم رِقابَ بَعضٍ )(خ) ... فَمَن قَامَ مِن المسلمينَ بِشئٍ مِن هذه المعاصي فَكُفرُهُ كُفرٌ عَمَليٌّ ))(الصحيحة).قاله الألباني

*****
البرهان المنير
في دحض شبهات
أهل التكفير والتفجير

الشبهة الأولى للتكفريين قال تعالى { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }
وجه الدلالة: أن الله حكم على الذي لم يحكم بما أنزل الله بأنه الكافر فرتَّب وصفه بالكافر على مجرد الحكم بغير ما أنزل الله دون نظرٍ لاعتقاد – أي بغض النظرهل ترك الحكم بما أنزل الله استخفافا أو استحلالا أو تهاونا - فدلَّ على أن علَّة هذا الحكم كونه لم يحكم بما أنزل الله فحسب ولا يصحُّ لك أن تحمل وصف الكافر هنا على الكفر الأصغر لأن الحافظ الإمام ابن تيمية في كتاب الاقتضاء حكى بعد الاستقراء لنصوص الشريعة أن الكفر المعرَّف لا ينصرف إلا إلى الأكبر، ثم ذكر في مجموع الفتاوى هو وغيره أن الأصل في الكفر إذا أطلق انصرف إلى الأكبر إلا بدليل 0
هذه الشبهة ذكر في ثناياها حججاً ثلاثاً :
أن الشارع علَّق الحكم بمجرد التحكيم دون النظر للاعتقاد .
أن اللفظ إذا أُطلق في الشريعة انصرف إلى كماله إلا بدليل .
أن ابن تيمية استقرأ لفظ الكفر في الشريعة وتبين له أنها لا تنصرف إلا إلى الأكبر دون الأصغر .
والجواب على الحجة الأولى يكون بما يلي :
لا خلاف على أن الشارع علّق الحكم بوصف( الكافر ) على مجرد التحكيم بغير ما أنزل الله لكن الكفر هنا أصغر لا أكبر للأدلة التالية:
1- أن الأخذ بعموم الآية يلزم منه تكفير المسلمين في أي حادثةٍ لم يعدلوا فيها بين اثنين حتى الأب مع أبنائه بل والرجل في نفسه إذا عصى ربه ؛ لأن واقعه أنه لما عصى ربه لم يحكم بما أنزل الله في نفسه ووجه هذا اللازم أن لفظة ( مَنْ ) عامةٌ تشمل كل الناس حكاما ومحكومين رؤساء ومرؤوسين
فمن لم يعدل بين بنيه داخلٌ في عموم وهذا ما أكثره في بلاد الاسلام عامة وفي بلادنا العربية خاصة ، فمن الذي يحكم شرع الله في الارث مثلا والعطاء بين الأبناء والنحل ؟
فالنصوص الدالة على عدم كفر مثل هذا وكل عاصٍ تكون صارفةً للآية من الأكبر إلى الأصغر لأجل هذا أجمع العلماء على عدم الأخذ بعموم هذه الآية، إذ الخوارج هم المتمسكون بعمومها في تكفير أهل المعاصي والذنوب ولم يلتفتوا إلى الصوارف من الأدلة الأخرى .
ويلزم أيضا من ذلك تكفير حكام بني أمية وحكام بني العباس وأمراء الجور الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر عليهم إلا أن نرى كفرا بواحا
قال ابن عبد البر : وقد ضلَّت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } . التمهيد
وقال: أجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمَّد ذلك عالماً به
وقال محمد رشيد رضا في تفسير المنار :" أما ظاهر الآية لم يقل به أحدٌ من أئمة الفقه المشهورين .
وقال الآجري في الشريعة : ومما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله عز وجل { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ويقرءون معها { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } فإذا رأوا الإمام الحاكم يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر ، ومن كفر عدل بربه فقد أشرك، فهؤلاء الأئمة مشركون ، فيخرجون فيفعلون ما رأيت ؛ لأنهم يتأولون هذه الآية
وقال الجصاص في أحكام القرآن :" وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود .
وقال أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط :" واحتجت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافرٌ وقالوا هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر
2- أنه ثبت عن ترجمان القرآن تفسير الآية بالكفر الأصغر دون الأكبر وليس لنا أن نخالفه
قال محمد بن نصر : جاء عن حجير، عن طاوس، عن ابن عباس : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ليس بالكفر الذي يذهبون إليه .
وقال عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قول : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } قال : هي به كفر، قال ابن طاوس : وليس كمن كفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله .
وقال إسحاق، أنبأنا وكيع عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال : هو به كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبه أنبأنا وكيع، عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال : قلت لابن عباس : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ } فهو كافر . قال : هو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله
وقال إسحاق، أنبأنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال : كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق .انظر الايمان لابن تيمية ، تحقيق الألباني
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تعليقه على كلام الشيخ الألباني: احتج الألباني بهذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما وكذلك غيره من العلماء الذين تلقوه بالقبول لصدق حقيقته على كثير من النصوص ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " ومع ذلك فإن قتاله لا يخرج الإنسان من الملة لقوله تعالى { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } إلى أن قال { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } لكن لما كان هذا لا يرضي هؤلاء المفتونين بالتكفير صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول ، ولا يصح عن ابن عباس ، فيقال لهم: كيف لا يصح ؟ وقد تلقاه من هو أكبر منكم وأفضل وأعلم بالحديث وتقولون لا يقبل ؟!
وإليكم بعض العلماء الأعلام الذين صرحوا بصحة تفسير ابن عباس واحتجوا به
الحاكم في المستدرك (2/393)، ووافقه الذهبي، الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/64) قال: صحيح على شرط الشيخين، الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/520)، الإمام أبو المظفر السمعاني في تفسيره (2/42)، الإمام البغوي في معالم التنزيل (3/61)، الإمام أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن (2/624)، الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (6/190)، الإمام البقاعي في نظم الدرر (2/460)، الإمام الواحدي في الوسيط (2/191)، العلامة صديق حسن خان في نيل المرام (2/472)، العلامة محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (2/101)، العلامة أبو عبيد القاسم بن سلام في الإيمان (ص 45)، العلامة أبو حيان في البحر لمحيط (3/492)، الإمام ابن بطة في الإبانة (2/723)، الإمام ابن عبد البر في التمهيد (4/237)، العلامة الخازن في تفسيره (1/310)، العلامة السعدي في تفسيره (2/296)، شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/312)، العلامة ابن القيم الجوزية في مدارج السالكين (1/335)، محدث العصر العلامة الألباني في "الصحيحة" (6/109).
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 07:53 PM   #5
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

وهذا إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل (المتوفى سنة :241)
(قال إسماعيل بن سعد في "سؤالات ابن هاني" (2/192): "سألت أحمد: ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ?، قلت: فما هذا الكفر؟
قال: "كفر لا يخرج من الملة"
الإمام السمعاني (المتوفى سنة :510)
قال في تفسيره للآية (2/42): "واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم".
الإمام ابن الجوزي (المتوفى سنة : 597)
قال في "زاد المسير" (2/366): وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً له، وهو يعلم أن الله أنزله؛ كما فعلت اليهود؛ فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلاً إلى الهوى من غير جحود؛ فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس؛ أنه قال: من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقرّبه؛ ولم يحكمم به؛ فهو ظالم فاسق".
الإمام القرطبي (المتوفى سنة :671)
وقال في "المفهم" (5/117): "وقوله ? وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ? يحتج بظاهره من يكفر بالذنوب، وهم الخوارج!، ولا حجة لهم فيه؛ لأن هذه الآيات نزلت في اليهود المحرفين كلام الله تعالى، كما جاء في الحديث، وهم كفار، فيشاركهم في حكمها من يشاركهم في سبب النزول.
***
ذكر الألباني في كتاب الايمان لابن تيمية ، جاء فيه : قال محمد بن نصر : وكذلك الفسق فسقان : فسق ينقل عن الملة، وفسق لا ينقل عن الملة، فيسمى الكافر فاسقًا، والفاسق من المسلمين فاسقا، ذكر اللّه إبليس فقال : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } [ الكهف : 50 ] ، وكان ذلك الفسق منه كفراً، وقال اللّه تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } يريد الكفار، دل على ذلك قوله : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ السجدة : 20 ] ، وسمى الفاسق من المسلمين فاسقاً ولم يخرجه من الإسلام، قال اللّه تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ النور : 4 ] ، وقال تعالى : { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [ البقرة : 197 ] فقالت العلماء في تفسير الفسوق هاهنا : هي المعاصي .
*- وكذلك الظلم ظلمان أكبر وأصغر ، فالأكبر جاء في قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }لقمان (13) والأصغر جاء في عديد من الآيات نذكر آية واحدة على سبيل المثال وذلك قوله تعالى { وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}الحجرات (11)
قالوا : - أي أهل العلم - فلما كان الظلم ظلمين والفسق فسقين، كذلك الكفر كفران :
أحدهما ينقل عن الملة، والآخر لا ينقل عن الملة، وكذلك الشرك [ شركان ] : شرك في التوحيد ينقل عن الملة، وشرك في العمل لا ينقل عن الملة وهو الرياء، قال تعالى : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [ الكهف : 110 ] يريد بذلك المراءاة بالأعمال الصالحة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الطيرة شرك " .
*- الرد على الحجة الثانية عند التكفيريين ، حيث إنهم يجعلون الأصل في الكفر أنه للأكبر إلا بدليل يصرفه عن ذلك ، وقد ذكرنا آنفا أن الدليل الصارف من الأكبر إلى الأصغر هو فهم الصحابي أولاً .
وثانياً كل دليل يدل على عدم كفر من ظلم بين اثنين فلم يعدل بينهما ، بل ومن ظلم غيره مطلقاً ، وأيضاً ما ذكره ابن عبد البر من الإجماع على أن الجور في الحكم ليس كفراً بل كبيرةً من كبائر الذنوب كل هذا دليل على صرف الكفر هنا من الأكبر إلى الأصغر .
*- الرد على الحجة الثالثة ؟
الجواب : أن استقراء ابن تيمية كان على لفظة ( الكفر ) وهي مصدرٌ ، هو نفسه رحمه الله جعل الآية من الكفر الأصغر قال - رحمه الله -:" وإذا كان من قول السلف :إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق ، فكذلك في قولهم : إنه يكون فيه إيمان وكفر ، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملّة ، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } قالوا : كفروا كفراً لا ينقل عن الملة ، وقد أتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة ا.هـ(مجموع الفتاوى) .
*- ملاحظة : وقد يُراد بالآية الكفر الأكبر وذلك في حق من بدل حكم الله بحكم غيره وبعض الناس لا يعرف معنى كلمة بدل فيظنها تشمل كل من حكم بغير حكم الله و كلمة بدَّل في كلام أهل العلم هو أن يضع حكماً غير حكم الله زاعماً انه حكم الله ، أما من وضع حكماً غير حكم الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبدلاً .
الإمام ابن العربي (المتوفى سنة :543)
قال رحمه الله في "أحكام القرآن" (2/624): " وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين".

وبمثله قال القرطبي وإليه أشار الإمام ابن تيمية فقال: ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: " الشرع المنزل " وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا يجب اتباعه ، ومن خالفه وجبت عقوبته . والثاني " الشرع المؤول" وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه . فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم ، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ، ولا يمنع عموم الناس منه . والثالث " الشرع المبدل " وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها ، والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع . كمن قال : إن الدم والميتة حلال - ولو قال هذا مذهبي - ونحو ذلك ا.هـ
فلاحظ أنه جعل الشرع المبدل الكذب على الله بزعم أنه من شرع الله لا تغيير الحكم مطلقاً
وما رواه مسلم سبباً لنزول هذه الآية من حديث البراء بن عازب هو تبديلٌ إذ زعم اليهود أنهم يجدون حد الزنى في كتابهم التحميم والواقع أن حد الزنى في كتابهم الرجم لكنهم غيروه إلى التحميم مدعين أن التحميم حكم الله المنزل فالآية إما أن تحمل على الأصغر كما سبق أو على الأكبر في حق المبدل .
قال ابن تيمية :" والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله ا.هـ(مجموع الفتاوى) .
*- ومن الشبه عند التكفيريين : إن هناك أثراً ثابتاً عن علقمة ومسروق أنهما سألا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن الرشوة ، فقال: من السحت . قال: فقالا: أفي الحكم؟ قال: ذاك الكفر . ثم تلا هذه الآية { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } أخرجه الطبري في تفسيره . فهذا يفيد التكفير بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله .
الرد على الشبهة : إنك لو تأملت أخي المسلم أثر ابن مسعود ولو قليلاً لعلمت أنه لا يدل على ما تريد ولا ممسك لك به ، وذلك لوجهين:
أن الأخذ بظاهره على ما تظن يقتضي الكفر الأكبر لمن أخذ الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة . وهذا الظاهر لا تقول به ، وقطعاً غير مراد للإجماعات التي سبق نقلها من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم .
أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد : الأكبر أو الأصغر . أما أثر ابن عباس فصريح في إرادة الأصغر دون الأكبر فلا يصح جعل الخلاف بين الصحابة بما هو مظنون ، فإن الأصل عدم خلافهم لقلته بينهم .
*- شبهة أخرى : هناك دليل ثانٍ على تكفير من لم يحكم بما أنزل الله وهو قوله تعالى { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ… }
وجه الدلالة / أن الأصل في النفي هنا أن ينصرف إلى أصل الإيمان فمن لم يحكم شرع الله فلا إيمان له ، بهذا يكون الحاكم بغير ما أنزل الله بمجرد تحكيمه كافراً كفراً أكبر لأن الإيمان قد نفي عنه .
الرد على الشبهة :-
أن سبب نزول الآية وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن الزبير أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِمْ فَاخْتَصَمُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا }
وجه الدلالة / أنه وجد في نفس الأنصاري البدري حرج ولم يسلم تسليماً لحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك لم يكفر ويؤكد عدم كفره أن الرجل بدري والبدريون مغفورة لهم ذنوبهم كما في حديث علي في قصة حاطب لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " والكفر الأكبر لا يغفر ، فدل هذا على أن البدريين معصومون من أن يكونوا كفاراً ، نص عليه ابن تيمية مجموع الفتاوى . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطالبه بالإسلام .
2/ ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث على بن أبي طالب وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة فقال رجل يا رسول الله: اتق الله فقال " ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا لعلَّه أن يكون يصلي "، قال خالد: وكم من مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم "الحديث.
وجه الدلالة: أن هذا الرجل اعترض على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرض به ويسلِّم ، ووجد في نفسه حَرَجاً ولم يكفِّره الرسول صلى الله عليه وسلم ، وامتنع عن قتله خشية أن يكون مصلياً ولو كان واقعاً في أمرٍ كفريٍّ لم تنفعه صلاته لأن الشرك والكفر الأكبرين يحبطان الأعمال ، فلا تنفع الصلاة معهما .
وأيضاً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر كفري عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خالداً أراد أن يحيله على أمر كفري خفي في القلب فلم يرتض هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان قوله كفراً لتمسك به خالد بن الوليد ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس .. " لأن هذا القول -المدعى أنه مكفر - قد ظهر منه ، ومما يوضح أن هذه الكلمة ليست كفراً أنه ثبت في الصحيحين عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبي قحافة ، ولم يكن هذا منهن كفراً.
3/ ما روى الشيخان عن أنس بن مالك أن ناساً من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم " وفي رواية لما فُتحت مكة قسم الغنائم في قريش فقالت الأنصار إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دمائهم … "
وجه الدلالة / أن هؤلاء استنكروا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدوا في أنفسهم حرجاً ولم يكفِّرهم صلى الله عليه وسلم .
لذا قال ابن تيمية: والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من مسمى أسماء الأمور الواجبة كاسم الإيمان والإسلام والدين والصلاة والصيام والطهارة والحج وغير ذلك فإنما يكون لترك واجبٍ من ذلك المسمى ومن هذا قوله تعالى { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } فلما نفى الإيمان حتى توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس، فمن تركها كان من أهل الوعيد ، مجموع الفتاوى .
وقال أيضا : فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن ، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، لكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة . وهذه الآية { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ... } مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله. وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا ، وما ذكرته يدل عليه سياق الآية .ا.هـ(المنهاج)
*- الشبهة الثالثة قالوا قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً }
وجه الدلالة: أنهم صاروا منافقين لكونهم يريدون التَّحاكم إلى الطاغوت وجعل إيمانهم مزعوماً.
الرد على الشبهة : إن هذه الآية عاريةُ الدلالة عن تكفير الواقعِ في الحكم بغير ما أنزل الله،
1-وذلك أن إيمانهم صار مزعوماً لكونهم أرادوا الحكم بالطاغوت وهذا ما تمسك به التكفيريون.
2-أن من صفات أهل الإيمان المزعوم - المنافقين - كونهم يريدون التحاكم للطاغوت ومشابهة المنافقين في صفةٍ من صفاتهم لا توجب الكفر(انظر جامع البيان في تفسير القرآن ) ، فعلى هذا من حكم بغير ما أنزل الله فقد شابه المنافقين في صفةٍ من صفاتهم وهذا لا يوجب الكفر إلا بدليل آخر كمن شابه المنافقين في الكذب لم يكن كافراً ثمَّ إذا توارد الاحتمال في أمرٍ بين كونه مكفِّراً أو غير مكفِّر لم يكفر بهذا الأمر لكون الأصل هو الإسلام فالنتيجة أنه لا يصح تمسكك بالآية في التكفير لكونها من المحتمل .
الشبهة الرابعة : الدليل على كفرهم قوله تعالى { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }
وجه الدلالة: أن طاعة غير الله في الأحكام الوضعية شرك .
رد الشبهة أنه قد سبق بيان أن هذه الآية راجعةٌ إلى التحليل والتحريم
الشبهة الخامسة قوله تعالى { وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }
الرد على الشبهة : هل هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله يقولون هذا حكم الله حتى يكونوا مشاركين له في وضع حكمه سبحانه وتعالى ؟ إن كانوا كذلك فقد سبق أن هذا كفرٌ لا شك فيه وإن لم يكونوا كذلك فلا يصح الاستدلال عليهم بالآية . فتأمل!
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:" هذا يشمل الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي الديني فإنه الحاكم في خلقه قضاءً وقدراً وخلقاً وتدبيراً والحاكم فيهم بأمره ونهيه وثوابه وعقابه …ا. هـ (كتاب تيسير الكريم الرحمن ).
فحكم الله الكوني واقع سواءً كان الله سبحانه محباً له أو غير محبٍ كالإرادة الكونية وهذا بلا شك لا أحد يشاركه فيه ومن اعتقد أن أحداً يشارك الله في هذا فقد وقع في الشرك الأكبر إذ إنه سوى غير الله بالله في أمرٍ خاصٍ بالله وهو شرك في الربوبيَّة أما الحكم الشرعي ، فإن أريد به التحليل والتحريم فهذا لاشك كفرٌ كما سبق ، وإن أريد مخالفة أمر الله مع الاعتراف بالخطأ فهذا لاشك أنه ليس كفراً كما هو الحال في باقي الذنوب ، وإلا كنا كالخوراج مكفرين بالذنوب فلأجل هذا لا يصح لك الاستدلال بهذه الآية .
*- الشبهة السادسة قال تعالى { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } وجه الدلالة: أن هؤلاء الذين وضعوا أحكاماً وضعية نازعوا الله في أمر خاصٍ به سبحانه فيكون شركاً أكبر .
*- الرد على الشبهة : القول في هذا الدليل هو القول نفسه في الدليل الذي قبله إذ الحكم هنا يشمل الكوني القدري والشرعي الديني قال ابن تيمية :" وقد يجمع الحكمين - أي الكوني والشرعي - مثل ما في قوله تعالى { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } مجموع الفتاوى.
وقال الشاطبي :" ويمكن أن يكون من خفيِّ هذا الباب مذهب الخوارج في زعمهم أن لا تحكيم استدلالاً بقوله تعالى { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ } فإنه مبنيٌّ على أن اللفظ ورد بصيغة العموم فلا يلحقه تخصيصٌ فلذلك أعرضوا عن قوله تعالى { فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا } وقوله { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ… } وإلا فلو علموا تحقيقاً قاعدة العرب في أن العموم يُراد به الخصوص لم يسرعوا إلى الإنكار ولقالوا في أنفسهم : لعلَّ هذا العام مخصوصٌ فيتأولون … ا. هـ (الاعتصام).
روى أحمد رحمه الله عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ < وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعَهُ مِنْ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ  فَقَالَتْ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ  - تعني الخوارج - قَالَ وَمَا لِي لَا أَصْدُقُكِ قَالَتْ فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ قَالَ فَإِنَّ عَلِيًّا  لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ - وهما أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص { لأجل نزع الخلاف بين الفئتين - خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يعنون ، الخلافة - وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ - يعنون بذلك اسم أمير المؤمنين - ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا  مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا أَنْ امْتَلَأَتْ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثْ النَّاسَ فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينَا مِنْهُ فَمَاذَا تُرِيدُ قَالَ أَصْحَابُكُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ  أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنْ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - يعني ولم يقل كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، اكتفى بالإسم دون اللقب - وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَا تَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ كَيْفَ نَكْتُبُ فَقَالَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ فَكَتَبَ هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ 

وفي رواية لابن عباس أنه قال " فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائلون - أي في قيلولة - فسلمت عليهم فقالوا مرحبا بك يا ابن عباس فما جاء بك ؟ قلت لهم : أتيتكم من عند أصحاب النبي  وصهره - أي علي - ، وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد - وهذا يكفي لضلالهم وبدعهم أنهم لم يؤيدهم أحد من أصحاب رسول الله  - لأبلغكم ما يقولون وتخبرون بما تقولون ،
قلت أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله  وابن عمه ؟ قالوا : ثلاث ، قلت : ما هن ؟ قالوا : أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله ، وقال الله تعالى :
{ إن الحكم إلا لله } ما شأن الرجال والحكم ؟ فقلت هذه واحدة ، قالوا وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسبِ ، ولم يغنم فإن كانوا كفاراً سلبهم وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم ، قلت هذه اثنان فما الثالثة ؟ قالوا إنه محا نفسه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قلت : هل عندكم شيء آخر ؟ قالوا حسبنا هذا
قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه  ما يَرُد قولكم أترضون ؟
قالوا : نعم .
قلت : أما قولكم حكَّم الرجال في أمر الله فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيَّر الله حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم ، فأمر الرجال أن يحكموا فيه قال الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ } ، فأنشدتكم بالله تعالى أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم وأنتم تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصير ذلك للرجال ؟ قالوا : بل هذا أفضل . وفي المرأة وزوجها قال الله عز وجل : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } ، فأنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في امرأة ، أخرجت من هذه ؟
قالوا نعم .
قلت : وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أفتسبون أمكم عائشة وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم ؟ - وهذا بعد خروج عائشة < ومعها جيش للانتقام من قتلة عثمان  والتي تسبب بهذه الفتنة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليهودي ما أدي إلى أن انتقلت الفتنة بين جيشي علي وعائشة رضي الله عنهما فكانت بينهم مقتلة كبيرة سميت بوقعة الجمل فكانت الغلبة لجيش علي  ، فإن قلتم : إنَّا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم ، ولئن قلتم : ليست بأمِّنا فقد كفرتم لأن الله تعالى يقول : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ
فأنتم تدورون بين ضلالتين فأتوا منها بمخرج قلت : فخرجت من هذه ؟
قالوا : نعم .
وأما قولكم : محا اسمه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون وأراكم قد سمعتم أن النبي  يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ اكْتُبْ يَا عَلِيُّ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ  فقال المشركون: لا والله ما نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك فاكتب محمد بن عبد الله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  امْحُ يَا عَلِيُّ رسول الله ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ امْحُ يَا عَلِيُّ وَاكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَواللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ  خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ وَقَدْ مَحَا نَفْسَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَحْوُهُ ذَلِكَ يمحوه مِنْ النُّبُوَّةِ أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقتلوا على ضلالتهم فقتلهم المهاجرون والأنصار
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-04-2013, 07:54 PM   #6
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الشبه السابعة قوله تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ }
وجه الدلالة : أن أهل الكتاب لما أطاعوا علماءهم وعبَّادهم وصفهم الله بأنهم اتخذوهم أرباباً من دون الله .
*الرد على الشبهة : أن طاعة هؤلاء لا تخرج عن حالتين:
الأولى : طاعتهم في معصية الله بدون تحليل ولا تحريم وهذا ليس كفراً قطعاً وإلا للزم منه تكفير أهل الذنوب والمعاصي لأنهم أطاعوا هواهم في معصية الله سبحانه وتعالى .
الثانية : طاعتهم في التحليل والتحريم ، وهذا فيه تفصيل وهو أنه من أطاع إنسانا عالما، أو عابدا، أو غيره، في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، واعتقد ذلك بقلبه، فقد اتخذه ربا، كالذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وهذا كفر ، ودليله ، حيث جاء في حديث عدي بن حاتم رواه أحمد والترمذي وغيرهما وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو نصراني فسمعه يقرأ الآية.{ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ التوبة : 31 ] . ، قال : فقلت له : إنا لسنا نعبدهم . قال : " أليس يحرمون ما أحل اللّه فتحرمونه، ويحلون ما حرم اللّه فتحلونه ؟ ! " قال : فقلت : بلى . قال : " فتلك عبادتهم " . قال أبو البختري : أما إنهم لم يصلوا لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون اللّه ما أطاعوهم، ولكن أمروهم، فجعلوا حلال اللّه حرامه، وحرامه حلاله، فأطاعوهم، فكانت تلك الربوبية
.
أما إذا لم يعتقد جواز هذا، بل يعتقد أن التحليل والتحريم حقٌّ لله سبحانه وتعالى، ولكنه فعله من باب الهوى، أو من باب تحصيل بعض المصالح، فهذه معصية عظيمة، لكنها لا تصل إلى حد الشرك الأكبر فطاعة المخلوقين في تحليل الحرام وتحريم الحلال، لا تجوز أبداً، لكن فيها تفصيل من حيث الكفر والشرك وعدم ذلك.هذا ملخص ما قرره أبو العباس ابن تيمية في المجموع
*- الشبهة الثامنة قوله تعالى { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }
وجه الدلالة: أن هؤلاء تحاكموا لغير الله سبحانه وتعالى فخالفوا ما أمر الله جل وعلا به .
الرد على الشبهة : لا نختلف مع من يقول أن هؤلاء الحاكمين بغير ما أنزل الله آثمون وواقعون في ذنبٍ عظيمٍ وأنهم من أسباب هزيمة أمتنا وضعفها لكن ليس لي أن أحكم عليهم بكفرٍ إلا بدليلٍ ؛ لأن التكفير حقٌ لله سبحانه - كما هو متقرِّرٌ - وغاية ما في هذا الدليل أنه يجب عليهم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيه الحكم بكفرهم مطلقاً عند ترك ذلك .
*- الشبهة التاسعة : سبب نزول قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } قال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم إلى اليهود لعلمه أنهم يأخذون الرشوة ، فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت الآية { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ… } (أخرجه الطبري ).
الرد على الشبهة : إن هذا الأثر لا يصح الاستدلال به لا من جهة الإسناد ولا المتن لأن الحديث ضعف السند وهو واضحٌ فإن الشعبي تابعي فعمن روى تلك القصة وبهذا يكون الأثر منقطعاً وهو من أنواع الضعيف .
قالوا أي التكفيريون : أن هناك سبب نزول آخر وهو أن رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر إلى كعب بن الأشرف ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلَّم أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله "
فالرد أيضا : إن هذا الأثر لا يصح أيضاً بل هو أشد ضعفاً من الذي قبله إذ هو من طريق الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس به فقد جمع هذا السند بين كذاب ومتروك وانقطاع .
*- الشبهة العاشرة: ما رواه الخمسة وغيرهم عن البراء بن عازب ولفظه عند أبي داود والنسائي قال:" لقيت - وعند النسائي أصبت - عمي ومعه راية ، فقلت له أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله " وعند الترمذي وابن ماجه ورواية للنسائي أنه " خاله " ، وأخرجه النسائي والطحاوي من حديث معاوية بن قرة عن أبيه وفيه " وأصفى ماله " ففي هذا الحديث ما يفيد صراحة بأن الرجل قتل كافراً لأنه أخذ ماله وهذا بمجرد عمل عمله، فكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله ، ويضع له محاكم ، ويلزم الناس بالرجوع إليها ؟ أو بمن يضع الربا ويحميه ؟ وهكذا...
*- الرد على الشبهة : إن هذا الحديث من رواية معاوية بن قرة عن أبيه عن جده صحيح ، صححه الإمام يحيى بن معين لكن ثبوت الحديث لا يكفي لثبوت الدعوى بل لابد من ثبوت الدلالة -أيضاً- والدعوى التي ادعاها التكفيريون لا يدل عليها الحديث ألبته ، وذلك أن الحديث في حق من استحل محرماً ، فإن هذا الرجل المتزوج بامرأة أبيه قد استحل فرجها بعقد الزواج ، وفرق بين الزنى بامرأة الأب وتزوجها، فإن الزنى بها حرام وليس كفراً أما التزوج بها فهو كفر من جهة استحلال فرج محرم ؛ لأن الزواج معناه جعل فرجها حلالاً وهذا بخلاف الزنى.
قال أبو جعفر الطحاوي: وهو أن ذلك المتزوج ، فعل ما فعل ذلك ، على الاستحلال، كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، فصار بذلك مرتداً ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد ا.هـ(شرح معاني الآثار)
*- الشبهة الحادية عشر: هو إجماع العلماء على كفر من حكم بغير ما أنزل الله وجعله قانوناً
وقد حكى الإجماع الحافظ ابن كثير فقال: وفي ذلك كله مخالفةٌ لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ا. هـ( كتاب البداية والنهاية)
الرد على الشبهة : إن معرفتنا بحال التتر وواقع الياسق معين على فهم هذا الإجماع المحكي وذلك أنهم وقعوا في التبديل الذي هو التحليل والتحريم
قال ابن تيمية : إنهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين ثم منهم من يرجح دين اليهود أو دين النصارى ومنهم من يرجح دين المسلمين
وقد بين ابن تيمية كيف أنهم يعظمون جنكز خان ويقرنوه بالرسول صلى الله عليه وسلم - ثم قال - :" ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام باتفاق جميع المسلمين أن من سوغ (أي جوز ) اتباع غير دين الإسلام فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب ا.هـ مجموع الفتاوى
ومما يدل على أن الإجماع الذي حكاه ابن كثير راجعٌ إلى التحليل والتحريم ما قاله ابن كثير نفسه : ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن مَلِكِهِمْ جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارةٌ عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيه كثير من الأحكام أخذه من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير . ا .هـ(تفسير)
وقال أحمد بن علي الفزاري القلقشندي " من أعيان القرن الثامن " : ثم الذي كان عليه جنكيز خان في التدين وجرى عليه أعقابه بعد ه الجري على منهاج ياسة التي قررها ، وهي قوانين ضمنها من عقله وقررها من ذهنه ، رتب فيها أحكاماً وحدد فيها حدوداً ربما وافق القليل منها الشريعة المحمدية وأكثره مخالف لذلك سماها الياسة الكبرى ….ا.هـ .
فمن كلام ابن كثير وشيخه أبي العباس ابن تيمية وغيرهما يتضح أن الإجماع المحكيَّ فيمن وقع في التحليل والتحريم أي تجويز حكم غير حكم الله إذ جعلوا الياسق كدين الإسلام موصلاً إلى الله ومسألتنا المطروحة فيمن حكم بغير ما أنزل الله مع الاعتراف بالعصيان لا مع القول بأنه جائز لا محظور فيه أو بأنه طريق للرضوان .
*- شبهة أخرى يحتج بها التكفيريون وهي من كتاب الله وهو قوله تعالى { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } .
الرد على الشبهة : إن إضافةَ الشيء إلى الجاهلية أو وصفه به لا يدل على الكفر فمن ثم لا يكون كفراً إلا بدليلٍ خارجي دالٍ على الكفر ويوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأبي ذر " إنك امرؤٌ فيك جاهلية " متفق عليه وقال في حديث أبي مالك الأشعري عند مسلم " أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة وقال النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " رواه مسلم
قال أبو عبيد القاسم بن سلام " ألا تسمع قوله { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهو على ملة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية ، وإنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون ا . هـ(الايمان) .
*- ومن الشبهات عند التكفيريين قولهم : بحكم العقل هذا الرجل الذي ينحِّي الشرع ويحكم بأحكام الإفرنج أن يكون كافراً لكونه وقع في كفر الإعراض وفعله هذا يدل على استحلاله؟ وإلا لماذا يترك أحكام رب الأرباب ؟
*- الرد على هذا هو : إن التكفيريين يريدون تكفير هذا المسلم لكونهم يصفون فعله بأنه كفرُ إعراض . متجاهلين - هذا إذا علموا - أن الضابط في كفر الإعراض هو الإعراض بالكلية عن أصل الدين ، وهذا ما أشار إليه شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في مدارج السالكين .
وعلى هذا من ترك الحكم بما أنزل الله لم يقع في كفر الإعراض لأنه لم يترك جنس العمل استحلالا ، أما إلزامهم لمن ترك الحكم بما أنزل الله بأنه مستحلٌ لذلك فهذا إلزامٌ غير صحيح وإن كان محتملاً ولا يدفع الدين اليقيني بالكفر المحتمل لأن من دخل الدين بيقين لم يخرج إلا بيقينٍ مثله ، ثم هذا يفتح باباً في تكفير أهل المعاصي . فكل من يستعظم معصية يحكم على صاحبها بأنه كافر وهذا ما ابتلت به الأمة في هذه الأيام والله المستعان
*- شبهة أخرى يقول التكفيريون : ألا ترون أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا العرب الذين امتنعوا عن الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلوهم مرتدين وذلك لكونهم جماعة امتنعوا عن شريعة من شرائع الدين ومثل هذا يقال في الجماعة التاركين للحكم بشريعة الله سبحانه .
الرد على الشبهة هو : قد اختلف العلماء في حكم هؤلاء هل هم كفار أم غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد -رحمه الله - ، وهم على القول الراجح أنهم كفار ، وهذا ترجيح ابن تيمية لكن ليس كفرهم لأجل كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفروا باتفاق الصحابة، ووقع من خيار الأمة في الفتن ولم يكفروا والله يقول { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } فأثبت الإيمان مع وجود القتال جماعة . وليس الكفر أيضاً من أجل الترك المجرد لأنه قد يترك الإنسان زكاة المال بخلا ، وإنما الكفر لأجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم الإقرار بوجوبه، إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجوب حكم ثم يتركه ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا لا يكون إلا من غير مقر بوجوبها ، فبهذا يكون القتل دليلاً على عدم إقراره بهذا الحكم لا أنه السبب في تكفيره فتأمل .
وتنبيه أن هذا مطرد في كل حكم شرعي . قال ابن تيمية : ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه ، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع ، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه ا.هـ (مجموع الفتاوى)
وقال - رحمه الله - : فإن كان مقراً بالصلاة في الباطن، معتقداً لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ولا يصلي، هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له : إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط في الإسلام . ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل: إن لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ، ولا ملتزماً بفعلها، فهذا كافر باتفاق المسلمين ا.هـ (مجموع الفتاوى .وانظر كتاب الصلاة لابن القيم .).
فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعد ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عدم إقراره ، فيقال: لو أن أحداً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلها لا لأجل ذات الطاعة وإنما من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا لا يكفر لأن القتال هنا ليس دليلاً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها . ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بما أنزل الله وقوتل على ذلك فهم صنفان:
الأول/ تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر -ولا كرامة - لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها .
الثاني / تارك الحكم بما أنزل الله خوفاً من غيره إذ هو وإن كان حاكماً إلا أنه محكوم من جهة من هو أقوى منه فمثل هذا لا يدل قتاله على أنه غير مقر بالوجوب . والله أعلم.
*******
ومن نوع هذا الشرك: تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله، واعتقاد ذلك، فقد قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [ سورة التوبة آية : 31]، وقال عدي بن حاتم، " يا رسول الله، ما عبدوهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم؟ وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم؟ قال: بلى; قال: فتلك عبادتهم " وأحبارهم ورهبانهم: علماؤهم وعبادهم; وذلك أنهم اتخذوهم أربابا، وهم لا يعتقدون ربوبيتهم، بل يقولون: ربنا وربهم الله، ولكنهم أطاعوهم في تحليل ما حرم
الله، وتحريم ما أحل الله، وجعل الله ذلك عبادة. فمن أطاع إنسانا عالما، أو عابدا، أو غيره، في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، واعتقد ذلك بقلبه، فقد اتخذه ربا، كالذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.
أما إذا لم يعتقد جواز هذا، بل يعتقد أن التحليل والتحريم حقٌّ لله سبحانه وتعالى، ولكنه فعله من باب الهوى، أو من باب تحصيل بعض المصالح، فهذه معصية عظيمة، لكنها لا تصل إلى حد الشرك الأكبر فطاعة المخلوقين في تحليل الحرام وتحريم الحلال، لا تجوز أبداً، لكن فيها تفصيل من حيث الكفر والشرك وعدم ذلك.
والحاصل من هذا كله: أن الآية الكريمة دلّت على أن من تفسير التّوحيد وشهادة أن لا إلاَّ الله أن لا يُطاع إلاَّ الله سبحانه وتعالى في الحلال والحرام، وأن من أطاع مخلوقاً في التحليل والتحريم فقد اتخذه ربًّا من دون الله عزّ وجلّ.
ويشهد لهذه آيات أخر كما ذكر الله في سورة الأنعام لما ذكر أن المشركين يستبيحون الميتة، مع أن الله حرّمها ونهى عباده عنها، وأخبر أن المشركين سيجادلون المؤمنين في ذلك، ثم قال: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} إن أطعتم المشركين في استباحة الميتة {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .
ويقول الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ} يعني: من الحلال والحرام والعبادة ما لم يأذن به الله، فالتشريع حق لله سبحانه وتعالى، لا يجوز أن يُطاع فيه أحد من المخلوقين غير الرسل، فمن أطاع أحداً من المخلوقين في التشريع؛ فإنه قد اتخذه شريكاً لله عزّ وجلّ، وهذا من معنى لا إله إلاَّ الله وهو إفراد الله تعالى بالطاعة في تحريم ما حرّمه وتحليل ما أحلّه.
***
*- قال عليه الصلاة والسلام: ( لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له )، وفي هذا الحديث نفى الرسول عليه الصلاة والسلام الإيمان عمن لا أمانة له، الذي لا يؤدي الأمانات إلى أهلها، وهو يعني: الإيمان الكامل الذي إذا تحقق به صاحبه كان ذلك بشيراً له أنه من أهل الجنة، أما إن نقص عن ذلك فهو يستحق دخول النار، أما هل يدخلها أو لا؟ فهذا أمره إلى الله وحسابه عند الله
****
متى يحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - وقد يكون يصلي - بأنه ارتد عن دينه ؟
أيكفي مرة واحدة ؟
أو أنه يجب أن يعلن أنه مرتد عن الدين ؟
إنهم لن يعرفوا جوابا ولن يهتدوا صوابا فنضطر إلى أن نضرب لهم المثل التالي فنقول :
قاض يحكم بالشرع هكذا عادته ونظامه لكنه في حكومة واحدة زلت به القدم فحكم بخلاف الشرع أي : أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم فهذا - قطعا - حكم بغير ما أنزل الله ؟ فهل تقولون بأنه : كفر كفر ردة ؟
سيقولون : لا لأن هذا صدر منه مرة واحدة
فنقول : إن صدر نفس الحكم مرة ثانية أو حكم آخر وخالف الشرع أيضا فهل يكفر ؟
ثم نكرر عليهم : ثلاث مرات أربع مرات متى تقولون : أنه كفر ؟ لن يستطيعوا وضع حد بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع ثم لا يكفرونه بها
في حين يستطيعون عكس ذلك تماما إذا علم منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله - مستحلا له - واستقبح الحكم الشرعي فساعتئذ يكون الحكم عليه بالردة صحيحا ومن المرة الأولى
وعلى العكس من ذلك : لو رأينا منه عشرات الحكومات في قضايا متعددة خالف فيها الشرع وإذا سألناه : لماذا حكمت بغير ما أنزل الله عز وجل ؟ فرد قائلا : خفت وخشيت على نفسي أو ارتشيت مثلا فهذا أسوأ من الأول بكثير ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يعرب عما في قلبه بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل فحينئذ فقط نستطيع أن نقول : إنه كافر كفر ردة
وخلاصة الكلام : لا بد من معرفة أن الكفر - كالفسق والظلم - ينقسم إلى قسمين :
كفر وفسق وظلم يخرج من الملة وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي
وآخر لا يخرج من الملة يعود إلى الاستحلال العملي
فكل المعاصي - وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال عملي للربا والزنى وشرب الخمر وغيرها - هي من الكفر العملي فلا يجوز أن نكفر العصاة المتلبسين بشيء من المعاصي لمجرد ارتكابهم لها واستحلالهم إياها عمليا إلا إذا ظهر - يقينا - لنا منهم - يقينا - ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله اعتقادا فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة
أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله عليه الصلاة والسلام : ] إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما [
والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة جدا أذكر منها حديثا ذا دلالة كبيرة وهو في قصة ذلك الصحابي الذي قاتل أحد المشركين فلما رأى هذا المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي قال : أشهد أن لا إله إلا الله فما بالاها الصحابي فقتله فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه و سلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفا من القتل وكان جوابه صلى الله عليه و سلم : ] هلا شققت عن قلبه ؟ [ . أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه
إذا الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العملإنما علاقته الكبرى بالقلب
ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق والفاجر والسارق والزاني والمرابي . . . ومن شابههم إلا إذا عبر عما في قلبه بلسانه أما عمله فيبنئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية
فنحن نقول : إنك خالفت وإنك فسقت وإنك فجرت لكن لا نقول : إنك كفرت وارتدت عن دينك حتى يظهر منه شئ يكون لنا عذر عند الله عز وجل في الحكم بردته ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ] من بدل دينه فاقتلوه [
جاء في كتاء شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي " حدثنا أبو الحسين محمد بن عمران بن موسى الجرجاني قال : سمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن البخاري بالشاش يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري يقول : « » لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر لقيتهم كرات قرنا بعد قرن ثم قرنا بعد قرن ، أدركتهم وهم متوافرون منذ أكثر من ست وأربعين سنة ، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين والبصرة أربع مرات في سنين ذوي عدد بالحجاز ستة أعوام ، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي أهل خراسان ، منهم المكي بن إبراهيم ، ويحيى بن يحيى ، وعلي بن الحسن بن شقيق ، وقتيبة بن سعيد ، وشهاب بن معمر ، وبالشام محمد بن يوسف الفريابي ، وأبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر ، وأبا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج ، وأبا اليمان الحكم بن نافع ، ومن بعدهم عدة كثيرة ، وبمصر : يحيى بن كثير ، وأبا صالح كاتب الليث بن سعد ، وسعيد بن أبي مريم ، وأصبغ بن الفرج ، ونعيم بن حماد ، وبمكة عبد الله بن يزيد المقرئ ، والحميدي ، وسليمان بن حرب قاضي مكة ، وأحمد بن محمد الأزرقي ، وبالمدينة إسماعيل بن أبي أويس ، ومطرف بن عبد الله ، وعبد الله بن نافع الزبيري ، وأحمد بن أبي بكر أبا مصعب الزهري ، وإبراهيم بن حمزة الزبيري ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، وبالبصرة أبا عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني ، وأبا الوليد هشام بن عبد الملك ، والحجاج بن المنهال ، وعلي بن عبد الله بن جعفر المديني . وبالكوفة أبا نعيم الفضل بن دكين ، وعبيد الله بن موسى ، وأحمد بن يونس ، وقبيصة بن عقبة ، وابن نمير ، وعبد الله وعثمان ابنا أبي شيبة . وببغداد أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبا معمر ، وأبا خيثمة ، وأبا عبيد القاسم بن سلام ، ومن أهل الجزيرة : عمرو بن خالد الحراني ، وبواسط عمرو بن عون ، وعاصم بن علي بن عاصم ، وبمرو صدقة بن الفضل ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي . واكتفينا بتسمية هؤلاء كي يكون مختصرا وأن لا يطول ذلك ، فما رأيت واحدا منهم يختلف في هذه الأشياء : أن الدين قول وعمل ؛ وذلك لقول الله : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (1) . وأن القرآن كلام الله غير مخلوق لقوله : إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره (2) . قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل : قال ابن عيينة : فبين الله الخلق من الأمر لقوله : ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين . وأن الخير والشر بقدر لقوله : قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق (3) ولقوله : والله خلقكم وما تعملون (4) ولقوله : إنا كل شيء خلقناه بقدر (5) . ولم يكونوا يكفرون أحدا من أهل القبلة بالذنب لقوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (6) . وما رأيت فيهم أحدا يتناول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة : « » أمروا أن يستغفروا لهم « » وذلك قوله : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . وكانوا ينهون عن البدع ما لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ لقوله : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (7) ولقوله : وإن تطيعوه تهتدوا (8) . ويحثون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه لقوله : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (9) . وأن لا ننازع الأمر أهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « » ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، وطاعة ولاة الأمر ، ولزوم جماعتهم ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم « » ، ثم أكد في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (10) . وأن لا يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال الفضيل : « » لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام ؛ لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد . قال ابن المبارك : « » يا معلم الخير ، من يجترئ على هذا غيرك « »
نسأل الله ـ جل وعلا ـ الثبات على الدين, وأن يهدي ضال المسلمين, والحمد لله رب العالمين).
كتبه أبو محمود – أحمد بن محمد بن رزوق
تم بحمد الله ومنه وكرمه في شعبان 1432هـ
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
التكفير, فتنة
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التحذير من التكفير واقوال العلماء ابو عبد الرحمن ملتقى عقيدة أهل السنة و الجماعة 10 03-06-2024 02:23 PM
يا أهل مصر .. احذروها فإنها فتنة ... ابو عبد الرحمن ملتقى الحوار الإسلامي العام 18 12-05-2018 05:25 PM
التكفير حكم شرعي، كسائر الأحكام الشرعية ابو عبد الرحمن ملتقى عقيدة أهل السنة و الجماعة 3 09-24-2018 04:19 PM
فتنة التكفير شمائل ملتقى عقيدة أهل السنة و الجماعة 5 02-12-2013 12:51 AM
فتنة ابن الأشعث والفوائد المستفدة منها ابو عبد الرحمن قسم التراجم والأعلام 8 02-29-2012 08:44 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009