![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1 | |
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين فهذه فرقة ضالة غالية من فرق الصوفية مغرقة في الخرافة والغلو في البشر وكلامهم نسأل الله العافية ... مُؤَسِّسُ الطَّريقةِ أحمَدُ التِّجانيُّ هو: أبو العَبَّاسِ أحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُختارِ بنِ أحمَدَ الشَّريفُ التِّجانيُّ. شَيخُ الطَّريقةِ التِّجانيَّةِ ومُؤَسِّسُها، وُلِدَ بعَينِ ماضي بالجَزائِرِ سَنةَ 1150هـ ونَشَأ بها، ورَحَلَ في سَنةِ 1171هـ إلى فاسَ في المَغرِبِ، فلَقيَ بها بَعضَ الشُّيوخِ فأخَذَ عنهم، ثُمَّ رَحَلَ إلى تِلِمْسانَ وأقامَ بها مُدَّةً، وحَجَّ سَنةَ 1186هـ، ومَرَّ بتونُسَ وأقامَ بها مُدَّةً، ورَجَعَ بَعدَ حَجِّه إلى فاسَ. وفي سَنةِ 1196هـ بَدَأ في تَأسيسِ طَريقَتِه بتِلِمْسانَ وتَلقينِ المُريدينَ أورادَه، ولمَّا استَفحَلَ أمرُه وكَثُرَ الإنكارُ على تَعاليمِه مِن قِبَلِ العُلَماءِ طَرَدَه السُّلطانُ مُحَمَّدُ بنُ عُثمانَ -صاحِبُ وَهْرانَ- من تِلِمْسانَ إلى أبي صمقونَ، فأقبَلَ النَّاسُ على تَعاليمِه وتَلَقَّوها بالقَبولِ، ولمَّا وليَ عُثمانُ بنُ مُحَمَّدٍ بَعدَ وفاةِ أبيه بعَثَ إلى أبي صمقونَ يُهَدِّدُهم إن لم يُخرِجوه، فأخرَجوه فتَوَجَّهَ إلى فاسَ فدَخَلَها سَنةَ 1213هـ، فطَلَب مِنَ السُّلطانِ أبي الرَّبيعِ سُلَيمانَ الجِوارَ، فأجارَه ومَنَحَه دارًا، فصارَ له أتباعٌ كَثيرونَ يَتَغالَونَ فيه إلى حَدٍّ يَفوقُ الوَصفَ، ويُعَظِّمونَه تَعظيمًا بَليغًا، فبَقيَ يَنشُرُ طَريقَتَه فيهم حَتَّى توُفِّيَ سَنةَ 1230هـ. وخَلَّفَ بَعضَ الآثارِ، منها: (السِّرُّ الأبهَرُ في أورادِ القُطبِ الأكبَرِ) و(جَوهَرةُ الحَقائِق في الصَّلاةِ على خَيرِ الخَلائِقِ) و(جَوهَرةُ الكمالِ في الصَّلاةِ على سَيِّدِ الأرسالِ)، وكُلُّها أورادٌ وأحزابٌ مُقَرَّرةٌ على أتباعِ الطَّريقةِ، وأشهَرُها وأكبَرُها (جَواهِرُ المَعاني)، وهو عِبارةٌ عن سيرةٍ للتِّجانيِّ ومَناقِبِه، ورِواياتٌ عنه، جَمعها صاحِبُه علي حرازم بَرَّادة. ولم يَترُكِ التِّجانيُّ بدعةً قَديمةً للتَّصَوُّفِ إلَّا ابتَدَعَها، ولا فضلًا مَزعومًا ادَّعاه شَيخٌ صوفيٌّ لنَفسِه إلَّا ادَّعاه هو لنَفسِه وزاد عليه؛ فقد ادَّعى أنَّه هو خاتَمُ الأولياءِ جَميعًا، والغَوثُ الأكبَرُ في حَياتِه وبَعدَ مَماتِه، وأنَّ أرواحَ الأولياءِ مُنذُ آدَمَ إلى آخِرِ وليٍّ لا يَأتيها الفَتحُ والعِلمُ الرَّبَّانيُّ إلَّا بواسِطَتِه هو، وأنَّ قَدَمَه على رَقَبةِ كُلِّ وَليٍّ للَّهِ تعالى من خَلقِ آدَمَ إلى النَّفخِ في الصُّورِ، وأنَّه أوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّة هو وأصحابُه وأتباعُه، وأنَّ اللهَ شَفَّعَه في جَميعِ النَّاسِ الذينَ يَعيشونَ في قَرنِه الذي عاشَ فيه! وأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعطاه ذِكرًا يُسَمَّى صَلاةَ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ، المَرَّةُ الواحِدةُ منه تَعدِلُ مِنَ القُرآنِ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أخبَرَه ثانيةً أنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منه كذلك تَعدِلُ من كُلِّ تَسبيحٍ وقَعَ في الكَونِ، ومن كُلِّ ذِكرٍ، ومن كُلِّ دُعاءٍ كَبيرٍ أو صَغيرٍ، ومِنَ القُرآنِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ !!! الانتِشارُ ومَواقِعُ النُّفوذِ بَدَأت هذه الحَرَكةُ مِن فاسَ، وما زالَت تَنتَشِرُ حَتَّى صارَ لها أتباعٌ كَثيرونَ في بلادِ المَغرِبِ والسُّودانِ الغَربيِّ (السِّنغال) ونَيجيريا، وشَمالي أفريقيا، ومِصرَ والسُّودانِ وغَيرِها. وقَد قَدَّرَ صاحِبُ كِتاب (التِّيجانيَّة) علي دخيل اللَّه عَدَدَ التِّيجانيِّينَ في نَيجيريا وحدَها في عامِ 1401هـ ـ 1981م بما يَزيدُ على عَشَرةِ مَلايينِ نَسَمةٍ ! وقَدَّرَت بَعضُ الدِّراساتِ أنَّ عَدَدَهم في شَمالِ نَيجيريا يُقَدَّرُ بـ 13 مِليونًا، وأنَّهم يُمَثِّلونَ في الوَقتِ الحاضِرِ نِسبةَ 56 % مِن سُكَّانِ السِّنغالِ . مَصادِرُ التِّجانيَّةِ يَستَقي التِّجانيُّون عَقائِدَهم وسُلوكَهم مِن غَيرِ كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ نَبيِّه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فمَصادِرُ تَلَقِّيهم لدينِهم عَقيدةً وفِكرًا مِن كُتُبِ الصُّوفيَّةِ عُمومًا، وخاصَّةً كُتُبَ ابنِ عَرَبيٍّ والغَزاليِّ والحَلَّاجِ ونَحوِهم، غَيرَ أنَّ مَرجِعَهمُ الأوَّلَ والأهَمَّ هو ما سَطَّرَه علي حرازم تِلميذُ أحمَد التِّجانيِّ في كِتابٍ سَمَّاه (جَواهِر المَعاني وبُلوغ الأماني في فيضِ سَيِّدي أبي العَبَّاسِ التِّجانيِّ)، وهذا الكِتابُ أهَمُّ مِن كِتابِ (المَقصَدُ الأحمَدُ) للكتَّانيِّ، ومِن كِتابِ (ميزانُ الرَّحمةِ الرَّبَّانيَّةِ في التَّربيةِ بالطَّريقةِ التِّجانيَّةِ)، والذي يُعتَبَرُ خُلاصةَ كِتابِ (الفُتوحاتُ المَكِّيَّةُ) لابنِ عَرَبيٍّ، ومِنَ المَصادِرِ المُهمَّةِ جِدًّا عِندَ القَومِ كِتابُ (رِماحُ حِزبِ الرَّحيمِ على نُحورِ حِزبِ الرَّجيمِ) لعُمر الفوتي، وبَعدَها يَأتي كِتابُ (الجامِعُ لِما افتَرَقَ مِنَ العُلومِ الفائِضةِ مِنَ القُطبِ المَكتومِ) لمُحَمَّد بن المشريِّ، وكِتابُ (السِّرُّ الباهرُ فيما انفَرَدَ به الجامِعُ عَنِ الجَواهرِ) لأحمَد سكيرج، جَمع فيه الأقوالَ مِن (جَواهرُ المَعاني)، وزاد عليه زياداتٍ أخرى، وكِتابُ (الإفادةُ الأحمَديَّةُ) للحاجِّ الطَّيِّبِ السُّفيانيِّ، جَمَعَ فيه المُؤَلِّفُ ما سَمِعَه مِن أحمَدَ التِّجانيِّ مُشافَهةً أو بلُغةً على لسانِ مَن سَمعِ منه، وقَد رَتَّبَه على حُروفِ المُعجَمِ، ثُمَّ اختَصَرَه في كِتابٍ أسماه (كَشف الحِجابِ)، وجَعَلَ عليه شَرحًا أسماه (الإجادة على الإفادةِ)، وكِتابُ (بُغيةُ المُستَفيدِ شَرحُ مُنيةِ المُريدِ) لمُحَمَّدٍ العَرَبيِّ السَّائِحِ العُمَريِّ التِّجانيِّ، شَرح فيه مُؤَلِّفُه ما جاءَ في (مُنيةُ المُريدِ) مِن نَظمٍ لأحمَد بن بابا الشِّنقيطيِّ التِّجانيِّ، وكِتابُ (ميزابُ الرَّحمةِ الرَّبَّانيَّةِ في التَّربيةِ بالطَّريقةِ التِّجانيَّةِ) لعُبَيدةَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّشيتيِّ (ابنِ أنبوجةَ)، وكِتابُ (الدُّرَّةُ الخَريدةُ على الياقوتةِ الفَريدةِ) لمُحَمَّد فتحا السُّوسيِّ النَّظيفيِّ، وهو عِبارةٌ عن شَرحٍ لمَنظومةٍ في الطَّريقةِ التِّجانيَّةِ اسمُها (الياقوتةُ الفَريدةُ) ، وكِتابُ (الجَيشُ الكَفيلُ بأخذ الثَّارِ مِمَّن سَلَّ على الشَّيخِ التِّجانيِّ سَيفَ الإنكارِ) لمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّغيرِ الشِّنقيطيِّ، وهناك بَعضُ الكُتُبِ مَنسوبةً للتِّجانيَّةِ، إلَّا أنَّ التِّجانيِّينَ تبَرَّؤوا منها . أفكارُ ومُعتَقَداتُ الطَّريقةِ التِّجانيَّةِ 1) دَعوةُ التِّجانيَّةِ إلى بَعضِ المُعتَقَداتِ الشِّرْكيَّةِ الطَّريقةُ التِّجانيَّةُ كغَيرِها مِنَ الطُّرُقِ الصُّوفيَّةِ وقَعَت في بَعضِ المُعتَقَداتِ الشِّرْكيةِ، وبَدَلًا مِن دَعوةِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ الصَّحيحةِ، والصَّومِ الصَّحيحِ المَشروعِ، والحَجِّ، والزَّكاةِ، والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، استَبدَلوا كُلَّ ذلك بوَسيلةٍ واحِدةٍ، وهي الاستِغاثةُ بالمَشايِخِ ودَعَوتُهم مِن دونِ اللهِ، واعتِقادُ أنَّ اللهَ لا يَقبَلُهم إلَّا عن طَريقِ هؤلاء الشُّيوخِ، بزَعمِ أنَّ هؤلاء المَشايِخَ هم أبوابُ اللهِ، ولا دُخولَ على اللهِ إلَّا مِن طَريقِهم، ولا قَبولَ لتَوبةِ تائِبِ إلَّا برِضاهم، وأيُّ قُربانٍ أو زَكاةٍ لا تُقبَلُ إلَّا إذا كانت أيدي هؤلاء المَشايِخِ أوَّلَ مَن يَلتَقِطُها، وأوَّلَ مَن يَأكُلُها.. فهذا دينُ كَثيرٍ مِنَ الطُّرُقِ، وفي نِهايةِ ذلك إخراجُ النَّاسِ مِن عِبادةِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ إلى عِبادةِ هؤلاء المَشايِخِ أحياءً وأمواتًا! قال الفوتي: (وأمَّا كَيفيَّةُ التَّوَسُّلِ به رَضيَ اللهُ عنه وبجَدِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهي أنَّك مهما أرَدتَ حاجةً مِن حَوائِجِ الدُّنيا والآخِرةِ فصَلِّ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بصَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ مِائةً، وأهْدِ ثَوابَها لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لقَضاءِ الحاجةِ التي تُريدُها... ثُمَّ تَقولُ: يا رَبِّ، تَوَسَّلتُ إليك بجاهِ القُطبِ الكامِلِ سَيِّدي أحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التِّجانيِّ وجاهِه عِندَك أن تُعطيَني كَذا وكَذا، وتُسَمِّي حاجَتَك بعَينِها عَشرًا) . وهكذا لا يوَجِّهونَ النَّاسَ في المُلِمَّاتِ والمُهمَّاتِ إلَّا إلى التَّوَجُّهِ إلى الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتِّجانيِّ! ومَن تَوَسَّلَ منهم بغَيرِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتِّجانيِّ فإنَّه يَخرُجُ مِنَ الطَّريقةِ خُروجًا نهائيًّا ويَنسَلِخُ منها انسِلاخًا كامِلًا لا رَجعةَ فيه! قال النَّظيفيُّ: (ومَن زارَ مِنَ الإخوانِ الأحمَديِّينَ شَيخًا مِنَ المَشايِخِ حَيًّا كان أو مَيِّتًا بقَصدِ التَّوَسُّلِ به والاستِمدادِ غَيرَ شَيخِنا أبي الفَيضِ هو أحمَدُ التِّجانيُّ، والفَيضُ في زَعمِهم هو عِلمُ الغَيبِ والخَيرِ الذي يُفيضُه على أتباعِه... فقَد خَرَجَ عن طَريقةِ الأحمَديَّةِ ولا إذنَ عِندَه فيها، بل انسَلَخَ منها انسِلاخَ الجِلدِ عَنِ النِّعاجِ، وانفَصَلَ عنها انفِصالَ البيضِ عَنِ الدَّجاجِ) . فانظُر كَيفَ يَكونُ الاستِعبادُ والاستِبدادُ وضَربُ طَوقٍ لمن وقَعَ في شِباكِهم ألَّا يَتَّصِلَ بشَيخٍ آخَرَ مُطلَقًا، ولا يُعَلِّقَ قَلبَه به؟! عَقيدَتُهم في القُرآنِ يَعتَقِدُ كَثيرٌ مِنَ التِّجانيِّين أنَّ ذِكرَ )صَلاة الفاتِحِ لِما أُغلِقَ( يَعدِلُ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ، وقَبـلَ ذِكرِ النُّصوصِ التي ورَدَت في كُتُبِهم في ذلك نَذكُرُ نَصَّ صَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ: )اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ، والخاتَمِ لِما سَبَقَ، ناصرِ الحَقِّ بالحَقِّ، الهادي إلى صِراطِك المُستَقيمِ، وعلى آلِه حَقَّ قَدْرِه ومِقدارِه العَظيمِ(. أمَّا النُّصوصُ التي تُبَيِّنُ ذلك، فمنها ما يلي: قال حرازمُ: (... ثُمَّ أمَرَني بالرُّجوعِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى صَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ، فلمَّا أمَرَني بالرُّجوعِ إليها سَألتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن فضلِها، فأخبَرَني أوَّلًا بأنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منها تَعدِلُ مِنَ القُرآنِ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أخبَرَني ثانيًا: أنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منها تَعدِلُ من كُلِّ تَسبيحٍ وقَعَ في الكَونِ، ومِن كُلِّ ذِكرٍ، ومِن كُلِّ دُعاءٍ كَبيرٍ أو صَغيرٍ، ومِنَ القُرآنِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ) ! وقال بَعضُهم: (المَرَّةُ الأولى منها بواحِدةٍ مِمَّا احتَوَت عليه، وإذا ذَكَرَ الثَّانيةَ تَتَضاعَفُ له الأولى باثنَي عَشَرَ مِائةَ ألفٍ، والثَّانيةُ بواحِدةٍ، وإذا ذَكَرَ الثَّالِثةَ تَصيرُ الأولى بثَمانيةَ عَشَرَ مِائةِ ألفٍ، والثَّانيةُ باثنَي عَشَرَ مِائةِ ألفٍ، والثَّالِثةُ بواحِدةٍ؛ لأنَّه كُلَّما ذَكَرَها الذَّاكِرُ تَضاعَفَت كُلُّ صَلاةٍ صَدَرَت منها في الكَونِ بسِتّمِائةِ ألفِ مَرَّةٍ...) . وهم يَعتَقِدونَ أنَّها مِن كَلامِ اللَّهِ، وفي ذلك ذَكَرَ الفوتي أنَّ مِن شُروطِها: (أن يَعتَقِدَ أنَّها مِن كَلامِ اللَّهِ) . وقال النَّظيفيُّ: (مَعَ اعتِقادِ المُصَلِّي بها أنَّها في صَحيفةٍ مِن نورٍ أُنزِلَت بأقلامِ قُدرةٍ إلَهيَّةٍ، وليست مِن تَأليفِ زَيدٍ ولا عَمرٍو، بل هي مِن كَلامِه سُبحانَه، وأنَّها لم تَكُنْ مِن تَأليفٍ بَشَريٍّ، والفَضلُ الذي فيها لا يَحصُلُ إلَّا بشَرطَينِ: الأوَّلُ: الإذنُ، الثَّاني: أنَّ يَعتَقِدَ الذَّاكِرُ أنَّ هذه الصَّلاةَ مِن كلامِ اللَّهِ تعالى، كالأحاديثِ القُدسيَّةِ، وليست مِن تَأليفِ مُؤَلِّفٍ) . وهكذا يَفتَرونَ على اللهِ الكَذِبَ، ويَزعُمونَ أنَّ صَلاتَهم وحيٌ مِنَ اللَّه، واللهُ تعالى يَقولُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللَّهُ [الأنعام: 93] . وهم يُفَضِّلونَها على تِلاوةِ القُرآنِ، بَينَما يَعتَقِدُ أهلُ السُّنَّةِ أنَّ فضلَ القُرآنِ وفَضلَ تِلاوَتِه وتَكرارِه أفضَلُ مِن سائِرِ الكَلامِ، وأنَّ ذلك كفَضلِ اللهِ تعالى على خَلْقِه. وكَيفَ يَكونُ هذانِ السَّطرانِ أفضَلَ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ المُعجِزِ؟! ولا عَجَبَ في هذا الكَذِبِ؛ فقَد زَعَموا أيضًا أنَّها نَزَلَت مِنَ السَّماءِ، وأنَّها مِن كَلامِ اللَّهِ سُبحانَه. وقال حرازمُ: (إنَّها لم تَكُنْ مِن تَأليفِ البَكريِّ، ولَكِنَّه تَوَجَّهَ إلى اللهِ مُدَّةً طَويلةً أن يَمنَحَه صَلاةً على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها ثَوابُ جَميعِ الصَّلَواتِ وسِرُّ جَميعِ الصَّلَواتِ، وطالَ طَلَبُه مُدَّةً، ثُمَّ أجابَ اللهُ دَعَوتَه، فأتاه المَلَكُ بهذه الصَّلاةِ المَكتوبةِ في صَحيفةِ النُّورِ، ثُمَّ قال الشَّيخُ: فلمَّا تَأمَّلتُ هذه الصَّلاةَ وجَدتُها مَكتوبةً في صَحيفةٍ مِنَ النُّورِ، ثُمَّ قال الشَّيخُ: فلمَّا تَأمَّلتُ هذه الصَّلاةَ وجَدتُها لا تَزِنُها عِبادةُ جَميعِ الجِنِّ والإنسِ والمَلائِكةِ. قال الشَّيخُ: وقد أخبَرَني صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ثَوابِ الاسمِ الأعظَمِ، فقُلتُ: إنَّها أكثَرُ منه، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل هو أعظَمُ منها، ولا تَقومُ له عِبادةٌ) . وقال في بَيانِ فَضلِها: (وأمَّا فضلُ صَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ... فقَد سَمِعتُ شَيخَنا يَقولُ: كُنتُ مُشتَغِلًا بذِكرِ صَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ حينَ رَجَعتُ مِنَ الحَجِّ إلى تِلِمْسانَ؛ لِما رَأيتُ مِن فضلِها، وهو أنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ بسِتّمِائةِ ألفِ صَلاةٍ كما هو في وردةِ الجُيوبِ. وقَد ذَكَرَ صاحِبُ «الوَردةِ» أنَّ صاحِبَها سَيِّدي مُحَمَّد البَكري الصديقي نَزيلَ مِصرَ وكان قُطبًا، قال: إنَّ مَن ذَكرَها ولم يَدخُلِ الجَنَّةَ فليَقبِضْ صاحِبَها عِندَ اللهِ، وبَقيتُ أذكُرُها إلى أن رَحَلتُ من تِلِمْسانَ إلى أبي سمعونَ، فلمَّا رَأيتُ الصَّلاةَ التي فيها المَرَّةُ الواحِدةُ بسَبعينَ ألفَ خَتمةٍ مِن دَلائِلِ الخَيراتِ، تَرَكتُ الفاتِحَ لِما أُغلِقَ واشتَغَلتُ بها، وهي «اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه صَلاةً تَعدِلُ جَميعَ صَلَواتِ أهلِ مَحَبَّتِك، وسَلِّمْ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه سَلامًا يَعدِلُ سَلامَهم»، ولِما رَأيتُ فيها مِن كَثرةِ الفَضلِ، ثُمَّ أمَرَني بالرُّجوعِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى صَلاةِ الفاتِحِ لِما أُغلِقَ، فلمَّا أمَرَني بالرُّجوعِ إليها سَألتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن فضلِها، فأخبَرَني أوَّلًا بأنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منها تَعدِلُ مِنَ القُرآنِ سِتَّ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أخبَرَني ثانيًا أنَّ المَرَّةَ الواحِدةَ منها تَعدِلُ مِن كُلِّ تَسبيحٍ وقَعَ في الكَونِ ومِن كُلِّ ذِكرٍ ومِن كُلِّ دُعاءٍ كَبيرٍ أو صَغيرٍ، ومِنَ القُرآنِ سِتَّةَ آلافِ مَرَّةٍ) . ولا يخفى ما في هذا مِنَ الكَذِبِ والتَّلفيقِ، ولا يَخفى أيضًا أنَّ تَصديقَ مِثلِ هذه التُّرَّهاتِ تَكذيبٌ للَّهِ تعالى ولِرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة: 67] . ولا غَروَ؛ فقَد فضَّلَ التِّجانيُّ هذا نَفسَه على جَميعِ الصَّحابةِ والتَّابِعينَ وجَميعِ الأمَّةِ أجمَعينَ، وادَّعى الوِلايةَ العُظمى والغَوثيَّةَ وخَتمَ الأولياءُ! قال حرازمُ: (ومِمَّا أملاه علينا رَضيَ اللهُ عنه قال: ولَوِ اجتَمَعَ جَميعُ ما تَلَته الأمَّةُ مِنَ القُرآنِ مِن بعثَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى النَّفخِ في الصُّورِ لفظًا لفظًا فردًا فردًا في القُرآنِ، ما بَلَغَ لفظةً واحِدةً مِنَ الاسمِ الأعظَمِ! وهذا كُلُّه بالنِّسبةِ للِاسمِ الأعظَمِ كَنُقطةٍ في البَحرِ المُحيطِ، وهذا مِمَّا لا عِلمَ لأحَدٍ به، واستَأثَرَ اللهُ به عن خَلْقِه، وكَشفَه لمَن شاءَ مِن عِبادِه، وقال رَضيَ اللهُ عنه: إنَّ الاسمَ الأعظَمَ هو الخاصُّ بالذَّاتِ لا غَيرُه، وهو اسمُ الإحاطةِ ولا يَتَحَقَّقُ بجَميعِ ما فيه إلَّا واحِدٌ في الدَّهرِ، وهو الفَردُ الجامِعُ، هذا هو الاسمُ الباطِنُ، أمَّا الاسمُ الأعظَمُ الظَّاهرُ فهو اسمُ الرُّتبةِ الجامِعُ لمَرتبةِ الألوهيَّةِ مِن أوصافِ الإلَهِ ومألوهيَّتِه، وتَحتَه مَرتَبةُ أسماءِ التَّشتيتِ، ومِن هذه الأسماءِ فيوضُ الأولياءِ، فمَن تَحَقَّقَ بوَصفٍ كان فيضُه بحَسبِ ذلك الاسمِ، ومِن هذا كانت مَقاماتُهم مُختَلِفةً وأحوالُهم كذلك، وجَميعُ فُيوضِ المَرتَبةِ بَعضٌ مِن فُيوضِ اسمِ الذَّاتِ الأكبَرِ، وقال رَضيَ اللهُ عنه: إذا ذَكَرَ الذَّاكِرُ الاسمَ الكَبيرَ يَخلُقُ اللهُ مِن ذِكرِه مَلائِكةً كَثيرةً لا يُحصي عَدَدَهم إلَّا اللهُ، ولِكُلّ واحِدٍ مِنَ الألسِنةِ بعَدَدِ جَميعِ المَلائِكةِ المَخلوقينَ مِن ذِكرِ الاسمِ، ويَستَغفِرونَ في كُلِّ طَرْفةِ عَينٍ للذَّاكِرِ، أي كُلُّ واحِدٍ يَستَغفِرُ في كُلِّ طَرْفةِ عَينٍ بعَدَدِ جَميعِ ألسِنَتِه، وهكذا إلى يَومِ القيامةِ، ثُمَّ قال رَضيَ اللهُ عنه: سَألتُ سَيِّدَ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن فَضلِ المُسَبَّعاتِ العَشرِ، وأنَّ مَن ذَكَرها مَرَّةً لم تُكتَبْ عليه ذُنوبُ سَنةٍ، فقال لي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فضلُ جَميعِ الأذكارِ وسِرُّ جَميعِ الأذكارِ في الاسمِ الكَبيرِ، فقال الشَّيخُ رَضيَ اللهُ عنه: عَلِمتُ أنَّه أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: جَميعُ خَواصِّ الأذكارِ وفَضائِلِها مُنطَويةٌ في الاسمِ الكَبيرِ، ثُمَّ قال رَضيَ اللهُ عنه: يُكتَبُ لذاكِرِ الاسمِ بكُلِّ مَلَكٍ خَلقَ اللهُ في العالَمِ فَضلُ عِشرينَ مِن ليلةِ القَدرِ، ويُكتَبُ له بكُلِّ دُعاءٍ كَبيرٍ وصَغيرٍ سِتَّةٌ وثَلاثونَ ألفَ ألفِ مَرَّةٍ، بكُلِّ مَرَّةٍ مِن ذِكرِ هذا الاسمِ الشَّريفِ) . عَقيدَتُهم في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَتَلَخَّصُ أهَمُّ الانحِرافاتِ العَقَديَّةِ عِندَ التِّجانيَّةِ في رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجَوانِبِ التَّاليةِ: 1- إيمانُهم برُؤيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً: ومِن نُصوصِهم في ذلك: - قال حرازمُ: (قال رَضيَ اللهُ عنه: أخبَرَني سَيِّدُ الوجودِ يَقَظةً لا مَنامًا، قال لي: أنت من الآمِنينَ...) . - قال الفوتي: (ولا يَكمُلُ العَبدُ في مَقامِ العِرفانِ حَتَّى يَصيرَ يَجتَمِعُ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً ومُشافَهةً...) . - قال النَّظيفيُّ: (وأمَّا الذي هو أفضَلُ وأعَزُّ مِن دُخولِ الجَنَّةِ فهو رُؤيةُ سَيِّدِ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ، فيَراه الوَليُّ اليَومَ كما يَراه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم؛ فهي أفضَلُ مِنَ الجَنَّةِ ...) . وبِناءً على ذلك، فإنَّهم يَزعُمونَ أنَّهم يَستَفتونَه ويَتَلَقَّونَ منه الأورادَ ويَسألونَه عن صِحَّةِ الأحاديثِ ! وهذا اعتِقادٌ فاسِدٌ؛ فإنَّ رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً بَعدَ مَوتِه مُستَحيلةٌ شَرعًا وعَقلًا. كما أنَّ الوَحيَ قد انقَطَعَ بوَفاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . 2- الاستِمدادُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَ الشَّيخِ التِّجانيِّ: إنَّ عَقيدةَ الاستِمدادِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمَشايِخِ مَوجودةٌ لدى كَثيرٍ مِنَ الصُّوفيَّةِ. والتِّجانيَّةُ مِنَ الذين يُؤمِنونَ بعَقيدةِ الاستِمدادِ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَ الشَّيخِ التِّجانيِّ، وأنَّه يُعطي ويَمنَعُ، ويَشفي ويُمرِضُ، ويُجيبُ دُعاءَ المُضطَرِّ، وغَيرِ ذلك، وفيما يَلي بَعضُ النُّصوصِ التي تُبَيِّنُ هذا الجانِبَ: - قال حرازمُ: (لا شَكَّ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا المَيدانِ تامٌّ في نَفسِه، لا يطرأُ عليه النَّقصُ بوَجهٍ مِنَ الوُجوهِ، كامِلٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يُفيضُ الكَمالاتِ على جَميعِ الوُجودِ مِنَ العُلومِ والمَعارِفِ، والأسرارِ والأنوارِ، والأحوالِ والفُيوضاتِ، والتَّجَلِّياتِ والمَواهبِ، والمِنَحِ وجَميعِ وُجوهِ العَطايا. فكُلُّ ما يُفيضُه الحَقُّ سُبحانَه وتعالى على الوُجودِ مُطلَقًا ومُقَيَّدًا أو كَثيرًا أو قَليلًا مِمَّا اشتَهَرَ أو شَذَّ، إنَّما يُفيضُه بواسِطةِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عليه سَلَّمَ. فمَن ظَنَّ أن يَصِلَ شَيءٌ إلى الوُجودِ بغَيرِ واسِطةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقَد جَهِلَ أمرَ اللهِ، وإن لم يَتُبْ خَسِرَ الدُّنيا والآخِرةَ بهذا الاعتِقادِ) . - ونَقَلَ الفوتي عَنِ التِّجانيِّ قَولَه: (إنَّ رُوحَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وروحي هكذا «وأشارَ بأصبُعَيه السَّبَّابةِ والتي تَليها»، فرُوحُه تُمِدُّ الأنبياءَ، وروحي تُمِدُّ الأقطابَ والعارِفينَ والأولياءَ) ! - وقال العَرَبيُّ: (قال رَضيَ اللَّهُ عنه إنَّ الفُيوضَ التي تَفيضُ مِن ذاتِ سَيِّدِ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَتَلَقَّاها ذَواتُ الأنبياءِ، وكُلُّ ما فاضَ وبَرَزَ مِن ذَواتِ الأنبياءِ تَتَلَقَّاه ذاتي، ومِنِّي يتفرَّقُ على جَميعِ الخَلائِقِ مِن نَشأةِ العالَمِ إلى النَّفخِ في الصُّورِ... وقال: لا يَتَلَقَّى وليٌّ فيضًا مِنَ اللهِ تعالى إلَّا بواسِطَتِه رَضيَ اللهُ عنه مِن حَيثُ لا يَشعُرُ به، ومَدَدُه الخاصُّ به إنَّما يَتَلَقَّاه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ! وهم يُثبِتونَ هذا المَدَدَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَياتِه وبَعدَ وفاتِه: - قال النَّظيفيُّ: (ومَن تَوَهَّمَ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم انقطع جَميعُ مَدَدِه على أمَّتِه بمَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَسائِرِ الأمواتِ، فقَد جَهِلَ رُتبةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأساءَ الأدَبَ مَعَه، ويُخشى عليه أن يَموتَ كافِرًا إن لم يَتُبْ مِن هذا الاعتِقادِ) . وهذا أيضًا اعتِقادٌ غَيرُ صَحيحٍ كالذي قَبلَه؛ فإنَّ اللهَ وَحدَه هو الذي يَملِكُ الضُّرَّ والنَّفعَ، والهدايةَ والضَّلالَ، وهو وَحدَه الخالِقُ الرَّازِقُ، المُحيي المُميتُ، لا يَملِكُ أحَدٌ مِن ذلك شَيئًا، لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نَبيٌّ مُرسَلٌ، فضلًا عن غَيرِهما. وقَد قال اللهُ تعالى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 188] . - قال الفوتي: (إنَّ الأولياءَ يَرَونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً، وإنَّه يَحضُرُ كُلَّ مَجلِسٍ أو مَكانٍ أرادَ بجَسَدِه وروحِه، وأنَّه يَتَصَرَّفُ في أقطارِ الأرضِ في المَلَكوتِ وهو بهَيئَتِه التي كان عليها قَبلَ وفاتِه لم يَتَبَدَّلْ عنه شَيءٌ، وأنَّه مُغَيَّبٌ عَنِ الأبصارِ كما غُيِّبَتِ المَلائِكةُ مَعَ كَونِهم أحياءً بأجسادِهم، فإذا أرادَ اللهُ أن يَراه عَبدٌ رَفَعَ عنه الحِجابَ، فيَراه على هَيئَتِه التي كان هو عليها)، ثُمَّ ذَكَرَ في هذا الفَصلِ كَثيرًا مِنَ النُّقولِ عن جَماعةٍ مِنَ الصُّوفيَّةِ فيها حِكاياتٌ عن رُؤيةِ الأولياءِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً، وذَكَر في هذا الفَصلِ كَثيرًا مِنَ الغَرائِبِ حَولَ مَجالِسِ الأنبياءِ والأقطابِ في المَسجِدِ الحَرامِ عِندَ الكَعبةِ بأجسادِهم وتَصَرُّفِهم بأنفُسِهم ووُكَلائِهم في الخَلْقِ، وذَكَرَ فيه أيضًا أنَّ الأنبياءَ والأولياءَ لا يَبقونَ في قُبورِهم بَعدَ الوَفاةِ إلَّا زَمانًا مَحدودًا يَتَفاوَتُ حَسَبَ تَفاوُتِ دَرَجاتِهم ومَراتِبِهم، ثُمَّ خَتَمَ الفَصلَ بقَولِه: (إذا نَظَرتَ وتَحَقَّقتَ بجَميعِ ما تَقَدَّم مِن أوَّلِ الفَصلِ إلى هنا ظَهَرَ لك ظُهورًا لا غُبارَ عليه أنَّ اجتِماعَ القُطبِ المَكتومِ والبَرزَخِ المَختومِ شَيخِنا أحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التِّجانيِّ -سَقانا اللهُ تعالى مِن بَحرِه بأعظَمِ الأواني، ورَزَقَنا جِوارَه في دارِ التَّهاني رَضيَ اللهُ تعالى عنه وأرضاه وعَنَّا به- بسَيِّدِنا رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً لا مَنامًا، وأخْذَه -رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به- عن سَيِّدِنا جَدِّه رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُشافَهةً منه إليه رَضيَ اللهُ تعالى عنه وأرضاه وعَنَّا به وأعادَ علينا مِن بَرَكاتِه دُنيا وبَرزَخًا وأخرى، وحُضورَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَعَه الخُلَفاءُ الأربَعةُ رَضيَ اللهُ عنهم بأجسادِهم وأرواحِهم قِراءةَ «جَوهَر الكمالِ»، وعِندَ أيِّ مَجلِسِ خَيرٍ أو أيِّ مَكانٍ شاؤوا: لا يُنكِرُه إلَّا الطَّلَبةُ الجَهَلةُ الأغبياءُ والحَسَدةُ المَرَدةُ الأشقياءُ، لا مَهديَّ إلَّا مَن هَداه اللهُ تعالى) ! 3- زَعمُهم رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً وحُضورَه مَجالِسَهم: مِن خُرافاتِ التِّجانيَّةِ أيضًا وافتِراءاتِهم زَعمُهم رُؤيةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دائِمًا، وحُضورُه مَجالِسَ ذِكرِهمُ المُبتَدَعةَ، وهذه أقوالُهم في ذلك: - قال حرازمُ: (سَألَ سَيِّدَ الوُجودِ وعَلَمَ الشُّهودِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كُلِّ نَفَسٍ مَشهودٍ- عن نَسَبِه، وهَل هو مِنَ الأبناءِ والأولادِ، أو مِنَ الآلِ والأحفادِ؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَولِه: أنت ولَدي حَقًّا، كَرَّرَها ثَلاثًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: نَسَبُك إلى الحَسَنِ بنِ عَليٍّ صَحيحٌ. وهذا السُّؤالُ مِن سَيِّدِنا رَضيَ اللهُ عنه لسَيِّدِ الوُجودِ يَقَظةً لا مَنامًا، وبَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمورٍ عِظامٍ جِسامٍ) ! - وقال أيضًا عَنِ الصَّلاةِ المُسَمَّاةِ بياقوتةِ الحَقائِقِ: (هي مِن إملاءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن لفظِه الشَّريفِ على شَيخِنا يَقَظةً لا مَنامًا) . - وقال أيضًا فيما يَرويه عن شَيخِه التِّجانيِّ: (قال: رَأيتُه مَرَّةً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وسَألتُه عَنِ الحَديثِ الوارِدِ في سَيِّدِنا عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ. قُلتُ له: ورَدَ عَنك رِوايَتانِ صَحيحَتانِ، واحِدةٌ قُلتَ فيها: يَمكُثُ بَعدَ نُزولِه أربَعينَ، وقُلتَ في الأخرى: سَبعًا.. ما الصَّحيحةُ منها؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رِوايةُ السَّبعِ) . وقَد قيلَ بأنَّ هذا الذي زَعَمَه التِّجانيُّ أنَّه استَفادَ مِنَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ بشَأنِ تَرجيح (رِوايةُ سَبعةِ أيَّامٍ على أربَعينَ يَومًا) سَرَقَه التِّجانيُّ مِن كِتاب (الإبريز) للدَّبَّاغِ، فهناك قد زَعَمَ الدَّبَّاغُ أيضًا أنَّه استَفادَ هذا مِنَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! وقَد كان هذا شَأنَ التِّجانيِّ دائِمًا؛ كُلَّما سَمِعَ أنَّ أحدًا سَبَقَه مِن رِجالِ التَّصَوُّفِ في قَولٍ أو نَحوِه، قال نَحوَه وزادَ، كما سَمِعَ أو قَرَأ أنَّ عبدَ القادرِ الجيلانيَّ قال عن نَفسِه: (قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ). فقال التِّجانيُّ: (وأمَّا أنا فأقولُ: قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ مِن خَلقِ آدَمَ إلى النَّفخِ في الصُّورِ). وسَمِعَ أو قَرَأ أنَّ ابنَ عَرَبيٍّ قال: (إنَّه خاتَمُ الأولياءِ)، فقال: (بل أنا خاتَمُ الأولياءِ). وهكذا، فقَدَ رَدَّدَ مُعظَمَ الكَذِبِ الذي سَبَقَه به غَيرُه وزاد عليه أحيانًا! والتِّجانيَّةُ لم يَجعَلوا رُؤيةَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في اليَقَظةِ خاصَّةً بالتِّجانيِّ، بل جَعَلوها بكُلِّ مَن زَعَموا أنَّه بَلَغَ دَرَجةَ العِرفانِ في زَعمِهم. ومِن نُصوصِهم في ذلك: - قال الفوتي: (ولا يَكمُلُ العَبدُ في مَقامِ العِرفانِ حَتَّى يَصيرَ يَجتَمِعُ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقَظةً ومُشافَهةً...) . - قال العَرَبيُّ: (منهم مَن يَرى رُوحَه في اليَقَظةِ مُتَشَكِّلةً بصورَتِه الشَّريفةِ، ومنهم مَن يَرى حَقيقةَ ذاتِه الشَّريفةِ وكَأنَّه مَعَه في حَياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهؤلاء هم أهلُ المَقامِ الأعلى في رُؤيَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) . إنَّ المُفتَرَقَ الأوَّلَ بَينَ دينِ الإسلامِ ودينِ التَّصَوُّفِ هو الافتِراقُ في التَّلَقِّي؛ بَينَما يَتَلَقَّى المُسلِمونَ دينَهم بَعدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماع الأمَّةِ، فإنَّ المُتَصَوِّفةَ يَجعَلونَ تَلقِّيَهم للدِّينِ مِن كُلِّ مَن هَبَّ ودَبَّ مِمَّن يَزعُمُ مُلاقاةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا كَذِبٌ بإجماعِ الأمَّةِ، أو مُلاقاةَ الخَضِرِ، وهذا كَذِبٌ وافتِراءٌ بَيِّنٌ، فلِمَ يتعَبَّدْنا اللَّهُ بخَضِرٍ أو بغَيرِه، أو مِمَّن يَزعُمُ رُؤيةَ المَلائِكةِ، أو مِمَّن يَزعُمُ تَلَقِّيَ الدِّينِ مِنَ اللَّوحِ المَحفوظِ رَأسًا، ومِمَّن يَتَجاوَزُ كُلَّ ذلك فيَقولُ: يَأتيني كَلامُ اللَّهِ مَكتوبًا في ألواحٍ مِن نورٍ! عَقيدَتُهم في التِّجانيِّ 1- اعتِقادُهم أنَّه خاتَمُ الأولياءِ: يَعتَقِدُ التِّجانيُّونَ أنَّ التِّجانيَّ خاتَمُ الأولياءِ، كما أنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمُ الأنبياءِ؛ فقَد ذَكرَ الفوتي أنَّ مِن أسبابِ تَسميَتِهمُ الطَّريقةَ التِّجانيَّةَ بالمُحَمَّديَّةِ: أنَّ اللهَ تعالى خَتم بمَقامِه مَقاماتِ الأولياءِ، ولم يَجعَلْ فوقَ مَقامِه إلَّا مَقاماتِ الأنبياءِ، وجَعَلَه القُطبَ المَكتومَ، والبَرزَخَ المَختومَ، والخاتَمَ المُحَمَّديَّ المَعلومَ ! وقال العَرَبيُّ: (فقَد ثَبَتَ عنه مِن طَريقِ الثِّقاتِ الأثباتِ مِن مُلازِميه وخاصَّتِه، أنَّه أخبَر تَصريحًا على الوَجهِ الذي لا يَحتَمِلُ التَّأويلَ أنَّ سَيِّدَ الوُجودِ أخبَرَه يَقَظةً بأنَّه هو الخاتَمُ المُحَمَّديُّ المَعروفُ عِندَ جَميعِ الأقطابِ والصِّدِّيقينَ، وبأنَّ مَقامَه لا مَقامَ فوقَه في بساطِ المَعرِفةِ باللهِ..). ثُمَّ قال بَعدَ ذلك: (وبالجُملةِ فقد اجتَمَعَ على إثباتِ هذا المَقامِ لشَيخِنا رَضيَ اللهُ عنه جَميعُ مَن لازَمَه إلى وفاتِه رَضيَ اللهُ عنه، ولم يَختَلِفْ منهمُ اثنانِ فيه، حَتَّى استَفاضَ ذلك على ألسِنةِ الخاصِّ والعامِّ مِنَ الأصحابِ والإخوانِ في سائِرِ البُلدانِ، فلا يُلتَفَتْ لنَفيِ مَن نَفاه كائِنًا مَن كان) . 2- تَفضيلُ التِّجانيِّ نَفسَه على جَميعِ الأولياءِ: كُلُّ شَيخٍ صوفيٍّ صاحِبِ طَريقٍ يُؤثَرُ عنه أنَّه يُفَضِّلُ نَفسَه على سائِرِ الأولياءِ، فيَتَفانى فيه أتباعُه مِن بَعدِه تَعَصُّبًا لشَيخِهم وتَرويجًا لطَريقَتِهم، والتِّجانيُّ لعَلَّه كان أكثَرَهم جُرأةً في هذا الجانِبِ، فلم يَترُكْ فَضلًا مَزعومًا لأحَدٍ قَبلَه إلَّا نَسَبَه إلى نَفسِه؛ فقد ادَّعى أنَّه خاتَمُ الأولياءِ تَقليدًا لمَن سَبَقَه مِن مَشايِخِ التَّصَوُّفِ، وادَّعى لنَفسِه أنَّه هو الذي يَمُدُّ جَميعَ الأولياءِ بالعُلومِ والمَعارِفِ مُنذُ خَلقِ آدَمَ -أي قَبلَ أن يَخلُقَه اللهُ- وإلى النَّفخِ في الصُّورِ، فهو الذي تَنبُعُ منه المَعارِفُ والعُلومُ والأسرارُ الإلَهيَّةُ -حَسَبَ زَعمِه- إلى الأولياءِ السَّابِقينَ قَبلَ وُجودِه، وإلى جَميعِ الأولياءِ اللَّاحِقينَ إلى نِهايةِ العالَمِ! - قال العَرَبيُّ: (قال رَضيَ اللَّهُ عنه إنَّ الفُيوضَ التي تَفيضُ مِن ذاتِ سَيِّدِ الوُجودِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَتَلَقَّاها ذَواتُ الأنبياءِ، وكُلُّ ما فاضَ وبَرَزَ مِن ذَواتِ الأنبياءِ تَتَلَقَّاه ذاتي، ومِنِّي يتفرَّقُ على جَميعِ الخَلائِقِ مِن نَشأةِ العالَمِ إلى النَّفخِ في الصُّورِ..) وقال: (لا يَتَلَقَّى وليٌّ فيضًا مِنَ اللهِ تعالى إلَّا بواسِطَتِه رَضيَ اللهُ عنه مِن حَيثُ لا يَشعُرُ به، ومَدَدُه الخاصُّ به إنَّما يَتَلَقَّاه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) . - وقال النَّظيفيُّ: (.. فسَيِّدي أبو الفَيضِ أصلُ جَميعِ الوَسائِلِ المُتَقَدِّمةِ والمُتَأخِّرةِ، وشَيخُ المَشايِخِ، وبَرزَخُ البَرازِخِ، والمَنبَعُ الذي تَنفَجِرُ منه العُلومُ والفُيوضُ والمَعارِفُ والأسرارُ لجَميعِ الأولياءِ والأقطابِ والعارِفينَ والأحبابِ) . وقال ابنُ بابا الشِّنقيطيُّ: لا شَكَّ أنَّ شَيخَنا التِّجانيَّ مُمِدُّ كُلِّ عارِفٍ صَمَداني يُعطي ويَمنَعُ ويَسلُبُ فمَن كمِثلِه مِنَ الوَرى في ذا الزَّمَانِ ؟ ولا يَخفى أنَّ هذا اعتِقادٌ خُرافيٌّ، ثُمَّ هو شِركٌ واضِحٌ؛ لأنَّه رَفعٌ للمَخلوقِ إلى مَرتَبةِ الخالِقِ، فالذي يَهَبُ المَعارِفَ والعُلومَ والفِقهَ، ويَشرَحُ القُلوبَ هو اللهُ تعالى، كما قال: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء: 79] ، وقال اللهُ سُبحانَه: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن: 1-4]، وقال تعالى لرَسولِه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [النساء: 105] ، فاللهُ عَزَّ وجَلَّ هو الذي يُري رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكُلُّ ذلك بمَدَدِه هو سُبحانَه وتعالى وفَضلِه وإرادَتِه وَحدَه، كما قال: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ [الأنعام: 125] ، فشَرحُ الصَّدرِ ونورُ الفُؤادِ منه سُبحانَه وتعالى، وليس مِنَ التِّجانيِّ ولا غَيرِه. وقال الفوتي: (الفَصلُ السَّادِسُ والثَّلاثونَ: في ذِكرِ فَضلِ شَيخِنا رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به، وبَيانِ أنَّه هو خاتَمُ الأولياءِ وسَيِّدُ العارِفينَ وإمامُ الصِّدِّيقينَ ومُمِدُّ الأقطابِ والأغواثِ، وأنَّه هو القُطبُ المَكتومُ والبَرزَخُ المَختومُ الذي هو الواسِطةُ بَينَ الأنبياءِ والأولياءِ، بحَيثُ لا يَتَلَقَّنُ واحِدٌ مِنَ الأولياءِ مَن كَبُرَ شَأنُه ومَن صَغُرَ فيضًا مِن حَضرةِ نَبيٍّ إلَّا بواسِطَتِه رَضيَ اللهُ تعالى عنه، مِن حَيثُ لا يَشعُرُ به ذلك الوَليُّ) ! وذَكَّرَ الفوتي أيضًا أنَّ أحمَدَ التِّجانيَّ قال ذاتَ ليلةٍ في مَجلِسِه: أينَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الغالي؟ فجَعَلَ أصحابُه يُنادونَ: أينَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الغالي؟ على عادةِ النَّاسِ مَعَ الكَبيرِ إذا نادى أحَدًا، فلَمَّا حَضَرَ بَينَ يَدَيِ الشَّيخِ قال رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به: قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ تعالى، وقال سَيِّدي مُحَمَّدٌ الغالي -وكان لا يَخافُه؛ لأنَّه مِن أكابِرِ أحبابِه وأُمَرائِهم- يا سَيِّدي: أنت في الصَّحوِ والبَقاءِ أو في السُّكرِ والفَناءِ؟! فقال رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به: أنا في الصَّحوِ والبَقاءِ وكمالِ العَقلِ، ولِلَّهِ الحَمدُ، وقال: قُلتُ: ما تَقولُ بقَولِ سَيِّدي عَبدِ القادِرِ رَضيَ اللهُ عنه: قَدمي هذه على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ تعالى؟ فقال: صَدَق رَضيَ اللهُ عنه، يَعني: أهلَ عَصرِه، وأمَّا أنا فأقولُ: قَدَمايَ هاتانِ على رَقَبةِ كُلِّ وليٍّ للَّهِ تعالى مِن لدُنْ آدَمَ إلى النَّفخِ في الصُّورِ، قال: فقُلتُ له: يا سَيِّدي، فكَيفَ تَقولُ إذا قال أحَدٌ بَعدَك مِثلَ ما قُلتَ؟ فقال رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به: لا يَقولُه أحَدٌ بَعدي، قال: فقُلتُ: يا سَيِّدي، قد حجَرتَ على اللهِ تعالى واسِعًا! ألم يَكُنِ اللَّهُ تعالى قادِرًا على أن يَفتَحَ على وليٍّ فيُعطيَه مِنَ الفُيوضاتِ والتَّجَلِّياتِ والمِنَحِ والمَقاماتِ والمَعارِفِ والعُلومِ والأسرارِ والتَّرقياتِ والأحوالِ أكثَرَ مِمَّا أعطاك؟! فقال رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به: بَلى قادِرٌ على ذلك وأكثَرَ منه، لكِنْ لا يَفعَلُه؛ لأنَّه لم يُرِدْه، ألم يَكُنْ قادِرًا على أن يُنبِّئَ أحَدًا ويُرسِلَه إلى الخَلقِ ويُعطيَه أكثَرَ مِمَّا أعطى محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قال: قُلتُ: بَلى، ولَكِنَّه تعالى لا يَفعَلُه؛ لأنَّه ما أرادَه في الأزَلِ، فقال رَضيَ اللهُ عنه وأرضاه وعَنَّا به: هذا مِثلُ ذلك، ما أرادَه في الأزَلِ، ولم يَسبِقْ به عِلمُه تعالى ! - وادَّعى التِّجانيُّ ما لم يُعطِه اللهُ لرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الشَّفاعةِ، فقال الفوتي: (وليس لأحَدٍ مِنَ الرِّجالِ أن يُدخِلَ أصحابَه كافَّةً الجَنَّةَ بغَيرِ حِسابٍ ولا عِقابٍ، ولَو عَمِلوا مِنَ الذُّنوبِ ما عَمِلوا، وبَلَغوا مِنَ المَعاصي ما بَلَغوا، إلَّا أنا وحدي، ووَراءَ ذلك ما ذَكَرَ لي فيهم وضَمِنَه لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرٌ لا يَحِلُّ ذِكرُه، ولا يُرى ولا يُعرَفُ إلَّا في الآخِرةِ) . وقال حرازمُ: (اطَّلَعتُ على ما رَسَمَه وخَطَّه ونَصَّه.. أسألُ مِن فضلِ سَيِّدِنا رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَضمَنَ دُخولَ الجَنَّةِ بلا حِسابٍ ولا عِقابٍ في أوَّلِ الزُّمرةِ الأولى، أنا وكُلُّ أبٍ وأمٍّ ولَدوني مِن أبَوَيَّ إلى أوَّلِ أبٍ وأمٍّ لي في الإسلامِ مِن جِهةِ أبي ومِن جِهةِ أمِّي، مِن كُلِّ ما تَناسَلَ منهم مِن وقَتِهم إلى أن يَموتَ سَيِّدُنا عيسى بنُ مَريَمَ مِن جَميعِ الذُّكورِ والإناثِ، وكُلُّ مَن أحسَنَ إليَّ بإحسانٍ حِسِّيٍّ أو مَعنَويٍّ مِن مِثقالِ ذَرَّةٍ فأكثَرَ... فكُلُّ مَن لم يُعادِني مِن جَميعِ هؤلاء. أمَّا مَن عاداني وأبغَضَني فلا، وكُلُّ مَن والاني واتَّخَذَني شَيخًا أو أخَذَ عَنِّي ذِكرًا، وكُلُّ مَن خَدَمَني أو قَضى لي حاجةً... وآباؤُهم وأمَّهاتُهم وأولادُهم وبَناتُهم وأزواجُهم... يَضمَنُ لي سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولِجَميعِ هؤلاء أن يَموتَ كُلُّ حَيٍّ منهم على الإيمانِ والإسلامِ... كُلُّ ما في هذا الكِتابِ ضَمِنتُه لك ضَمانةً لا تَتَخَلَّفُ عنك وعنهم أبَدًا، إلى أن تَكونَ أنت وجَميعُ مَن ذَكَرتَ في جِواري في عِلِّيِّينَ، وضَمِنتُ لك جَميعَ ما طَلَبتَه مِنَّا ضَمانًا لا يُخلَفُ عليك الوَعدُ فيها والسَّلامُ... وكُلُّ هذا واقِعٌ يَقَظةً لا مَنامًا) ! وهذا الكَلامُ مِن أكبَرِ التَّقَوُّلات وأعظَمِ الافتِراءاتِ على اللهِ تعالى ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، الذي قال: ((واللَّهِ إنِّي لرَسولُ اللهِ لا أدري ما يُفعَلُ بي غَدًا)) ، وقال اللهُ تبارك وتعالى له: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الجن: 21-22] . ومِنَ المَزاعِمِ كذلك قَولُه: (وسَألتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لكُلِّ مَن أخذَ عَنِّي وِرْدًا أن تَغفِرَ لهم جَميعَ ذُنوبِهم ما تَقَدَّمَ منها وما تَأخَّرَ، تُؤَدِّي عنهم تَبِعاتِهم مِن خَزائِنِ فَضلِ اللهِ لا مِن حَسَناتِهم، وأن يَدفَعَ اللهُ عنهم مُحاسَبَتَه على كُلٍّ، وأن يَكونوا آمِنينَ مِن عَذابِ اللَّهِ مِنَ المَوتِ إلى دُخولِ الجَنَّةِ بلا حِسابٍ ولا عِقابٍ، في أوَّلِ الزُّمرةِ الأولى، وأن يَكونوا مَعي في عِلِّيِّينَ في جِوارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ضَمِنتُ لك هذا ضَمانًا لا يَنقَطِعُ حَتَّى تُجاوِرَني أنت وهم في عِلِّيِّينَ) ! ولم يَكتَفِ التِّجانيُّ بهذا أيضًا؛ فقد زَعَمَ كذلك أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُفارِقُه يَومَيِ الاثنَينِ والجُمُعةِ مِن كُلِّ أسبوعٍ، وأنَّ مَعَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبعةُ أملاكٍ، وكُلُّ مَن رَأى التِّجانيَّ في هذينِ اليَومَينِ، تَكتُبُ المَلائِكةُ اسمَه في رُقعةٍ مِنَ الذَّهَبِ، ويَكونُ ناجيًا أبَدًا، ومِن أهلِ السَّعادةِ، حَتَّى ولو كان كافِرًا عِندَ مُشاهَدَتِه للتِّجانيِّ فإنَّه لا بُدَّ أن يَموتَ على الإسلامِ، وأنَّ هذا كَرامةٌ مِنَ اللهِ له! قال العَرَبيُّ: (وأمَّا الكَرامةُ الثَّالِثةُ، وهي دُخولُ الجَنَّةِ لمَن رَآه رَضيَ اللهُ عنه في اليَومَينِ الاثنَينِ والجُمُعةِ، فهي مِن كَراماتِه رَضيَ اللهُ عنه التي طارَت بها الرُّكبانُ وتَواتَرَت بها الأخبارُ في سائِرِ الأقطارِ والبُلدانِ، بإخبارٍ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَفظُه الشَّريفُ فيما أخبَرَ به سَيِّدُنا رَضيَ اللهُ عنه بعِزَّةِ رَبِّي: يَومَ الاثنَينِ والجُمعةِ لا أفارِقُك فيهما مِنَ الفَجرِ إلى الغُروبِ، ومعي سَبعةُ أملاكٍ، وكُلُّ مَن يَراك في اليَومَينِ يَكتُبونَ -يَعني الأملاكَ السَّبعةَ- اسمَه في رُقعةٍ مَن ذَهَبٍ ويَكتُبونَه مِن أهلِ الجَنَّةِ، وأنا شاهدٌ على ذلك) ! وقال أيضًا: (ورَأيتُ في كَلامِ بَعضِ مَن كان مُشارًا إليه بالفَتحِ مِنَ الأصحابِ ما يُشيرُ إلى أنَّ المُختَصَّ برُؤيَتِه في اليَومَينِ هو السَّعادةُ التي لا شَقاوةَ بَعدَها، يَعني أنَّه لا يَراه في هذينِ اليَومَينِ إلَّا مَن سَبقَ في عِلمِ اللهِ تعالى أن يَكونَ سَعيدًا، فيَدخُلُ الكُفَّارُ في هذا الخِطابِ، ويَنسَحِبُ عليهمُ الحُكمُ في هذا المَقامِ بفَضلِ المَلِكِ الوَهَّابِ، فيُقالُ: لا يَراه في هذين اليَومَينِ إلَّا مَن يَسبِقُ في عِلمِ اللهِ تعالى أنَّه يُختَمُ له بالسَّعادةِ كائِنًا مَن كانَ، فإذا رآه الكافِرُ في أحَدِ هذين اليَومَينِ خُتِم له بالإيمانِ، وعليه فتُخَصَّصُ الرُّؤيةُ المُطلَقةُ في كُلِّ يَومٍ بمَن كان مُسلِمًا سَواءٌ كان مِنَ الأصحابِ أو لا، حَسَبَما هو مُصَرَّحٌ به في الجَواهرِ، وهذه المُقَيَّدةُ باليَومَينِ بما يَشمَلُ كُلَّ مَن رآه ولو كان كافِرًا) . وهذا الذي ادَّعاه التِّجانيُّ لنَفسِه لم يَحصُلْ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! فمَعلومٌ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَآه آلافُ النَّاسِ مِنَ الكُفَّارِ في كُلِّ أيَّامِ الأسبوعِ، ومَعَ ذلك فقد ماتوا على الكُفرِ والشِّركِ، بل كان هناك مَعَه مِنَ الذين صَحِبوه، وجاهَدوا وصَلَّوا مَعَه مُنافِقونَ مَرَدوا على النِّفاقِ، بل كان منهم مَن قال اللهُ تعالى له في شَأنِهم: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التوبة: 80] . وكذلك كان مِن أصحابِه أناسٌ يَعرِفُهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويَعرِفونَه، ويَومَ القيامةِ يُؤخَذُ بهم جِهةَ النَّارِ ويُطرَدونَ عن حَوضِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَقولُ: أصحابي أصحابي! فيَقولونَ: ليسوا أصحابَك؛ إنَّك لا تَدري ماذا أحدَثوا بَعدك . فإذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا شَأنُه فيمَن رآه، وهذا شَأنُه مَعَ أصحابِه، فماذا يَكونُ زَعْمُ التِّجانيِّ إلَّا أنَّه مَحضُ كَذِبٍ وافتِراءٍ! --------------------------------- يُنظر: ((رماح حزب الرحيم)) للفوتي (2/ 145). (2) ((بغية المستفيد)) (ص: 193، 194). (3) ((بغية المستفيد)) (ص: 225). (4) ((الدرة الخريدة)) (1/26). (5) يُنظر: ((بغية المستفيد لشرح منية المريد)) للعربي (ص: 226). (6) ((رماح حزب الرحيم)) (2/4). (7) ((رماح حزب الرحيم)) (2/ 15 - 17). (8) ((رماح حزب الرحيم)) (2/143). (9) ((جواهر المعاني)) (1/130-131). (10) لم نقف عليه بتمام لفظه وأخرجه البخاري (7018) من حديثِ أمِّ العلاءِ رَضِيَ اللهُ عنها، بلفظِ: ((واللهِ ما أدري وأنا رسولُ اللهِ ما يُفعَلُ بي ولا بكم)). (11) يُنظر: ((الجيش الكفيل بأخذ الثأر)) للشنقيطي (ص: 214- 215). (12) ((بغية المستفيد)) (ص: 216). (13) ((بغية المستفيد)) (ص: 275). (14) أخرجه البخاري (3349)، ومسلم (2860) بنحوه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ ولفظ مسلم: ((ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)) الدرر السنية موسوعة الفرق الصوفية ... اثبت وجودك
..
|
|
![]() من مواضيعي في الملتقى
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
|
![]() من المراجع لبيان حقيقة هذه الفرقة 1) كتاب الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية . عبد الرحمن الأفريقي . 2) التجانية دراسة لأهم عقائد التجانية على ضوء الكتاب والسنة للدكتور علي بن محمد آل دخيل الله . 3) الهدية الهادية إلى الطائفة التيجانية . د. محمد تقي الدين الهلالي. 4) مشتهى الخارف الجاني في رد زلقات التجاني الجاني العلامة الشيخ محمد الخضر الجكني الشنقيطي . |
من مواضيعي في الملتقى
|
|
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله خيرا |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
|
![]() جزاكم الله خيراً ...
|
من مواضيعي في الملتقى
|
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|