عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2020, 11:20 PM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

ابوعمارياسر غير متواجد حاليا

رساله حكمة نفيسة من كتاب الحيوان " للجاحظ"

      

قالوا : بعض القتل إحياء للجميع . وبعض العفو إغراء ، كما أنّ بعض المنع إعطاء ، ولا خير فيمن كان خيره محضا ، وشرّ منه من كان شرّه صرفا ، ولكن اخلط الوعد بالوعيد ، والبشر بالعبوس ، والإعطاء بالمنع ، والحلم بالإيقاع ، فإنّ الناس لا يهابون ولا يصلحون إلّا على الثّواب والعقاب ، والإطماع والإخافة . ومن أخاف ولم يوقع وعرف بذلك ، كان كمن أطمع ولم ينجز وعرف بذلك ، ومن عرف بذلك دخل عليه بحسب ما عرف منه . فخير الخير ما كان ممزوجا ، وشرّ الشرّ ما كان صرفا ، ولو كان النّاس يصلحون على الخير وحده لكان الله عزّ وجلّ أولى بذلك الحكم .


وفي إطباق جميع الملوك وجميع الأئمة في جميع الأقطار وفي جميع الأعصار على استعمال المكروه والمحبوب ، دليل على أنّ الصواب فيه دون غيره . وإذا كان الناس إنما يصلحون على الشّدّة واللين ، وعلى العفو والانتقام وعلى البذل والمنع ، وعلى الخير والشرّ ، عاد بذلك الشرّ خيرا وذلك المنع إعطاء وذلك المكروه محبوبا . وإنّما الشأن في العواقب ، وفيما يدوم ولا ينقطع وفيما هو أدوم ، ومن الأنقطاع أبعد .
من كتاب ( الحيوان ) للجاحظ ( ١٥٩ هـ - ٢٥٥ هـ )

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

ابوعمارياسر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس