سورة الروم
سورة الروم مناسبة تمام المناسبة لختام سورة العنكبوت، فإنه في سورة العنكبوت ختمت بقوله جلّ وعلا (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾) فالله سبحانه وتعالى يهدي من جاهد في سبيله وحرص على إقامة الحق. وفي أول هذه السورة بين الله جلّ وعلا أن الروم ستُغلب ثم من بعد ذلك ستغلِب وكان المؤمنون يتمنون أن تغلب الروم الفرس لأن الروم أهل كتاب والفرس وثنيون ليس عندهم كتاب وأهل الإيمان يفرّقون بين الناس ولو كانوا كفارا لأن من كان عنده بعض الحق خير ممن ليس عنده شيء من الحق، ولذلك قال الله عز وجلّ (الم ﴿١﴾ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿٢﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿٣﴾ فِي بِضْعِ سِنِينَ) البضع يكون من الثلاث إلى التسع (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿٤﴾ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٥﴾) لما غلب الفرس الروم فرح المشركون بمكة وأظهروا العلو على المؤمنين فأنزل الله هذه الآيات وكان المشركون يستغربون كيف أن القرآن يتنبأ بنصر الروم، فنصر الله عز وجلّ الروم وكان في ذلك دلالة على مصداقية هذا الكتاب. والسورة كلها تتحدث عما تتحدث به السور المكية من الدعوة إلى التوحيد والإيمان بالبعث وأن من استمسك بالله عز وجلّ نصره الله جلّ وعلا، هذا حديث هذه السورة العظيمة من أولها إلى آخرها.
|