الموضوع: بلاغة آية
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-22-2012, 12:45 AM   #1

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

القصواء غير متواجد حاليا

قرآن كريم بلاغة آية

      





"رؤية الذكر" من خلال قوله تعالى :
" الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعاً" ،

"لماذا قال الله تعالى } : وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً * الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري { [الكهف:100-101] ولم يقل: الذين كانت أسماعهم في غطاء عن ذكري؟
وهل الأعين ترى الذكر لتُغطى عنه؟؟؟
وهل الذكر شيء مرئي أو مسموع؟؟؟
إن الذكر هو نتيجة أعمال قلبية وفكرية وأخرى بدنية ، ولا يأتي الذكر هكذا دون إعمال للقلب والفكر معاً ؛ إذن هناك عمل فكري وقلبي ينتج عنه الذكر، هذا أمر.
الأمر الآخر أن العمل القلبي والفكري لا يأتي دون إعمال الحواس التي توصل المشاهدات إلى القلب والفكر، وبالتالي لا بد من وجود حواس تقوم بهذه المهمة، إذن الذكر ينتج عن القلب ، والقلب يعمل من خلال الحواس التي توصل له المشاهدات، والمشاهدات الكونية هي محل نظر قلوب العباد في التوصل إلى معرفة الله تعالى والتقرب إليه.
فأعين الكافرين التي هي وسيلة إيصال المشاهدات الكونية إلى القلب في غطاء، وهذا الغطاء - الذي هو صنيع الكافرين - هو المانع من ذكر الله .
وهنا لا بد من التنبيه على أمر، وهو أن كثيراً من الكافرين هم الذين يشاهدون الكون بأدق تفاصيله، فكيف تكون أعينهم في غطاء؟
نعم هم يشاهدون الكون لكنهم يشاهدونه لا باعتبار التفكر والتدبر والتوصل إلى معرفة الله، وإنما يشاهدونه باعتبار المتعة والترفيه والتسلية والاكتشافات العلمية، وهذه المشاهدات لا توصل إلى الذِّكْر ألبتة ؛ ففرق بين نظر البصر ، ونظر البصيرة.
فالغطاء إذن منصب على الأعين التي لا تبحث عن رؤية الحق ومعرفته من خلال دلائله الكونية، وبعبارة أخرى عندما يريد الإنسان أن يرفع هذا الغطاء ليرى فسيتحقق مطلوبه؛ فالذِّكْر إذن يُرى من خلال النظر في الدلائل، فمن نظر في الكون نظر تدبر وتفكر فسيذكر الله تعالى }الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {[آل عمران:191].
وعند ذلك نعي معنى رؤية الذِّكْر المذكورة في الآية، وهذه الآية دليل قائم بحد ذاته على معرفة الصانع سبحانه من خلال النظر والتفكر، وأن من أراد ذلك وصل وبلغ المنتهى، ومن رفض فإنه عند ذلك لن يستطيع سماع الذكر كما قال تعالى : {وكانوا لا يستطيعون سمعاً} .
فمن بحث ونظر استطاع سماع الحق ، ومن امتنع ووضع عينه في غطاء فلن يستطيع سماع الحق ؛ لأنه رفض أولى مقدماته وهي النظر لأجل التفكر والتدبر.
ويكأني بالآية تصيح بالناس: إنكم لن تسمعوا الحق حتى تبلغوا مراحل الجهد والتعب والاجتهاد في التفكر والتدبر؛ فعند ذلك ستستمعون وستستجيبون استجابة واعية راشدة ؛ فهذا شرط هذا، وهذا نتيجة هذا، ولله الأمر من قبل ومن بعد
.

وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه







اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

القصواء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس