بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
فإن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى وقد تنازع فيها أهل العلم سلفا وخلفا فالبحث فيها يجب أن يكون بروح طيبة وعقل منير ونظر سديد بعيد عن التعصب مع اطراح التقليد إذ هذا كله يوصل إلى معرفة الحق والوقوف عليه والدعوة إليه وكما هو معلوم ومقرر أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة مع إيمانه بمشروعيتها فالجمهور على أن لا يكفر بذلك بل يفسق وذهب أحمد [ فيما يذكر عنه ] إلى أنه يكفر وأنه يقتل ردة لا حدا ، وقد صح عن الصحابة أنهم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . رواه الترمذي والحاكم وهناك من اهل العلم من يرى أن الصواب رأي الجمهور وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصا على أنهم كانوا يريدون ب ( الكفر ) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار ولا يحتمل أن يغفره الله له كيف ذلك وحذيفة بن اليمان - وهو من كبار أولئك الصحابة - يرد على صلة ابن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له فيقول : " ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة . . . " فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : " يا صلة تنجيهم من النار " ثلاثا
فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة - ومنها بقية الأركان - ليس بكافر بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة
وقد جاء في " الفتاوى الحديثية " ( 84 / 2 ) للحافظ السخاوي يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة : " ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدا لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين لأنه يكون حينئذ كافرا مرتدا بإجماع المسلمين فإن رجع إلى الإسلام قبل منه وإلا قتل وأما من تركها بلا عذر بل تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر وأنه - على الصحيح أيضا - بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري - كأن يترك الظهر مثلا حتى تغرب الشمس أو المغرب حتى يطلع الفجر - يستتاب كما يستتاب المرتد ثم يقتل إن لم يتب ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه ، ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب العمل جمعا بين هذه النصوص وبين ما صح أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خمس صلوات كتبهن الله - فذكر الحديث وفيه : " إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " وقال أيضا : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " إلى غير ذلك ..
ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث " ا . هـ
و يجيب بعض أهل العلم على عدد من الأحاديث الواردة في هذه المسألة مما يفيد شمول عفو الله سبحانه ومغفرته ورحمته لبعض من تاركي الصلاة التي هي دون الشرك - كما قال جل شأنه : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " - كمثل حديث البطاقة وحديث الشفاعة وغيرها من الأحاديث بأن يقول ( هؤلاء ) : " هذه أحاديث ( عامة ) وأحاديث تكفير تارك الصلاة ( خاصة ) "
ولو عكس ( هؤلاء ) قولهم لكانوا أقرب إلى الصواب كما هو معروف من قاعدة الوعد والوعيد عند أهل السنة فيما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع عدة من كتبه ك " مجموع الفتاوى ..
وخلاصة القول في هذه القاعدة :
أن نصوص الوعيد داخلة تحت مشيئة الله سبحانه إما عفوا وإما تنفيذا وأما نصوص الوعد فإن الله منفذها كما كتب - سبحانه - على نفسه وفي ذلك يقول من يقول من أهل العلم مستدلا على أصل هذه القاعدة :
وإني وإن أوعدته أو وعدته ******** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
أنظر " شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 318 )
وختاما اقول يكفي تارك الصلاة شؤوما انه أُختلف في أمره بين كافر وفاسق !!!!
جزاك الله خيرا اخي الكريم وبارك فيك على النقل القيم
|