بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكي الله خيرا على اطلاعك ومرورك على مضمون هذه الفتوى ..
واعلمي اختنا في الله انه رغم سياقنا لهذه الفتوى الخاصة باللجنة الدائمة فلا بد من الأقرار بأن العلماء اختلفوا في هذه المسألة وهو على أربعة أقوال يطول شرحها ولكل فريق أدلته فمنهم من منع وهو قول في المذهب المالكي ، والشافعي، ورواية عن أحمد وقال به شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ومنهم من أجاز ومنهم من كره ومنهم من استحب .. وعلماؤنا في الحجاز كما في الفتوى السابقة للجنة الدائمة يقولون بالمتع والنهي فقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لا يجوز لهن ذلك ، لعموم الأحاديث الواردة في نهي النساء عن زيارة القبور ولعنهن على ذلك ، والخلاف في زيارة النساء لقبر النبي صلى الله عليه وسلم مشهور ، ولكن تركهن لذلك أحوط وأوفق للسنة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثن قبره ولا قبر غيره ، بل نهاهن نهياً عاماً ، ولعن من فعل ذلك منهن ، والواجب الأخذ بالتعميم ما لم يوجد نص يخص قبره بذلك وليس هناك ما يخص قبره . والله ولي التوفيق اهـ . فتاوى الشيخ ابن باز (17/419)
أم الشيخ ابن عثيمين فيقول أما الزيارة للنساء غير مشروعة وهو كذلك فإن المرأة لا يسن لها زيارة القبور بل القول الراجح عن أقوال أهل العلم أن زيارتها للقبور محرمة بل من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ولا يكون اللعن إلا على إثم كبير ولهذا جعل أهل العلم من علامة الكبيرة أن يرتب عليها اللعن لأنه عقوبة عظيمة والعقوبة العظيمة لا تكون إلا على ذنب عظيم، ولكن إذا مرت المرأة بالمقبرة فلا حرج عليها أن تقف وتدعو لأصحاب القبور وأما أن تخرج من بيتها قاصدة الزيارة فهذا هو المحرم، والحكمة من ذلك أن في زيارة النساء للقبور مفاسد منها أن المرأة ضعيفة قوية العاطفة فربما لا تتحمل إذا وقفت على قبر قريبها كأمها وأبيها وما أشبه ذلك أن تصبر وإذا لم تصبر حدث لها من البكاء والعويل والنياحة ما يكون ضرراً عليها في دينها وبدنها، ومنها أنها إذا مكنت من الزيارة فخرجت إلى المقبرة، والمقبرة غالباً تكون خالية من الناس الأحياء فإنها قد يتعرض لها الفساق وأهل الفجور في هذا المكان الخالي فيحصل عليها الشر والفساد، ومنها أن المرأة إذا خرجت من بيتها إلى المقبرة وهي كما أشرت أنفاً قوية العاطفة ضعيفة العزيمة ربما تتخذ ذلك ديدناً لها فتضيع بذلك مصالح دينها ودنياها وتبقى نفسها معلقة بهذه الزيارة، ولو لم يكن من الحكمة إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور لكان ذلك كافياً في الحذر من زيارة القبور وفي البعد عنها لأن الله سبحانه وتعالى إذا قضى أمراً في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك هو الحكمة لقوله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وقد سألت عائشة رضى الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة وهذا يدل على أن الحكمة كل الحكمة في امتثال أمر الله ورسوله واجتناب نهي الله ورسوله، نعم .
ومن قال باستحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله :
قال الحافظ الممدوح في كتابه: رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ص51-54: (كلام الأئمة الفقهاء في استحباب زيارة القبر الشريف: (قال الإمام المجمع على علمه وفضله أبو زكريا النووي: واعلم أن زيارة قبر رسول الله (ص) من أهم القربات وأنجح المساعي ، فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحباباً متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته(ص) وينوي الزائر من الزيارة التقرب وشد الرحل إليه والصلاة فيه.(المجموع:8 /204).
وقال أيضاً في الإيضاح في مناسكالحج : (إذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة فليتوجهوا إلى مدينة رسول الله(ص)لزيارة تربته (ص) فإنها من أهم القربات وأنجح المساعي، وقد روى البزار والدارقطني بإسنادهماعن ابن عمر قال قال رسول الله (ص): (من زار قبري وجبت له شفاعتي). (ص 214).
وعلق الفقيه ابن حجر الهيتمي على الحديث فقال في حاشية الإيضاح: الحديث يشمل زيارته (ص)حياً وميتاً ، ويشمل الذكر والأنثى ، والآتي من قرب أو بُعد ، فيستدل به على فضيلة شد الرحال لذلك وندب السفر للزيارة إذ للوسائل حكم المقاصد . انتهى. (ص 214 حاشية الإيضاح) .
وقال محقق مذهب الحنابلة أبو محمد بن قدامة المقدسي: (ويستحب زيارة قبر النبي(ص) لما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قال قال رسول الله (ص): (من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي) . وفي رواية: (من زار قبري وجبت له شفاعتي). رواه باللفظ الأول سعيد ، ثنا حفص بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عمر) . انتهى كلام الممدوح
والسؤال الذ يطرح نفسه : لماذا التفريق في حكم زيارة القبور بين الرجال والنساء؟!
ومن الطبيعي أنه يجب على النساء والرجال في هذه الحالة وكل الحالات أن يراعوا الأحكام الشرعية في الستر والآداب . وهي فتوى عامة المذاهب الإسلامية
قال الألباني في أحكام الجنائز ص180: (والنساء كالرجال فياستحباب زيارة القبور لوجوه:
الأول: عموم قوله (ص): فزوروا القبور ، فيدخل فيه النساء . وبيانه أن النبي(ص)لمَّا نهى عن زيارة القبور في أول الأمر فلا شك أن النهي كان شاملاً للرجال والنساء معاً ، فلما قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، كان مفهوماً أنه كان يعني الجنسين ، ضرورة أنه يخبرهم عما كان في أول الأمر من نهي الجنسين ، فإذا كان الأمر كذلك كان لزاماً أن الخطاب في الجملة الثانية من الحديث وهو قوله: فزوروها ، أن ما أراد به الجنسين أيضاً...... ويزيده تأييداً الوجوه الآتية .
الثاني: مشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور: (فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ).
الثالث: أن النبي(ص) قد رخص لهن في زيارة القبور ، في حديثين حفظتهما لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن عبد الله بن أبي مليكة: ( أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ، فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت ؟ قالت: من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت لها: أليس كان رسول الله (ص) نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم ثم أمر بزيارتها. وفي رواية عنها: أن رسول الله (ص) رخص في زيارة القبور أخرجه الحاكم:1/ 376 وعنه البيهقي: 4/ 78 من طريق بسطام بن مسلم ، عن أبي التياح يزيد بن حميد ، عن عبد الله بن أبي مليكة .
هذا والله تعالى اعلى واعلم
|