عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2025, 08:56 PM   #3
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 42

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

قيمة الستر والاحتشام

” يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ “ 26 الأعراف
هو أول خطاب يخاطب الله به بني آدم بعد تلك القصة لأبيهم ،
خطاب عن اللباس ؟؟
وتدبروا معي، عادة ما يخاطب الحق سبحانه وتعالى عباده ، كعادة القرءان ، بخطاب التوحيد ولكن هنا ذكرهم بقضية اللباس !

ونلاحظ في هذه الآية العظيمة العديد من الأمور :

أول أمر قال عز وجل

يَا بَنِي آَدَمَ ” ،

وفي أكثر من مرة يؤكد القرءان عملية الخطاب القرءاني ، فالقرءان ليس للمسلمين فحسب، هذا فهم قاصر جدا، وكان على من يؤمن به ، وذلك من واجبات ومقتضيات الإيمان أن يقوم بإيصال تلك الرسالة العالمية للبشر وأن يكون لديه من العلم والحكمة والكفاية ما يكتشف به أفضل الوسائل و الطرق لإيصال تلك الرسالة العالمية

وحين يتكلم ويحدثني القرءان هنا قال
قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً
، أول ما ذكر قال
يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ” ،

وفي قصة آدم قال
” يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ”

القضية في قضية اللباس هي الستر أولا ثم تأتي أغراض أخرى من مهمة اللباس. وقضية اللباس والتي تتناولها سورة الأعراف بأولوية مطلقة إذ تعد السورة بحق الوحيدة إن القرءان الكريم يجعل من ذلك التصرف قيمة أخلاقية، قيمة أخلاقية إنسانية بل يربط إنسانية الإنسان بذلك الستر وبتلك القيمة من الرغبة في الاحتشام ومواراة العوارات والسوءات عن الآخرين، لماذا؟

لأنها وببساطة شديدة لا تليق بإنسانية الإنسان المكرم هذا التكريم الذي كرمه به ربه جل وعلا عن باقي المخلوقات. وهذا الخطاب خطاب عالمي وأأكد على عالمية الخطاب هنا، لماذا؟

لأننا اليوم في الواقع الذي نعيش فيه اكتسحت بيوت الآزياء والموضات المعروفة، اكتسحت العالم وأصبحت عالمية لا تفرق بين المجتمعات، أصبح خطاب الموضة والأزياء والموديلات كما يطلق عليها خطاب عالمي لا يفرق بين من سيأخذ هذه الأزياء من الشرق أو الغرب، ويجب إن نلاحظ أن من يقوم على هذا الأمر ثلة أو شرذمة قليلون، وهم يقدمون هذه الأزياء للكل مسلم أو غير مسلم لأن العالم صار فيه من وسائل الإتصلات الإعلامية والتجارية والاقتصادية الكثير مما يوحده ويجعله يكاد يكون نقطة واحدة.

إذن القضية أصبحت خطاب عالمي وفي القرءان الكريم وفي سورة الأعراف تقدم السورة للبشرية خطابا عالميا بقيمة الستر بعكس القيمة التي يروج لها اليوم دعاة ما يعرف بالأزياء!

ما هي هذه القيمة التي حث عليها الله جل وعلا وطلب من الإنسان المكرم أن يوليها إعتبار في حياته، هي قيمة الستر والاحتشام بصرف النظر أنت تؤمن ، أنت لا تؤمن، أنت مسلم أو غير مسلم، أنت تلتزم بالباس الشرعي أو لا تلتزم، الستر والاحتشام هي قيمة إنسانية في ذاتها


لا تجري وراء الموضة

. تدبروا معي في القيم التي يحرص عليها اليوم الناس في لباسهم، الحرص الأول والأكبر على قيم قام القرءان العظيم في الحقيقة لمعالجتها والنهي عنها وعدم الإلتفات إليها : التفاخر، التكاثر، التباهي والزهو، أن يزهو الإنسان بما يملك أو يلبس وحتى في بعض الأحيان يزهو بما لا يملك.

إن القرءان يحب الجمال وقد ذكرت قضية الزينة في هذا السياق ليؤكد لي أن قيمة الجمال قيمة أساسية في القرءان الكريم وليست بقيمة مستوردة على كتاب الله ، لا، هي قيمة موجودة في الخلق، فخلق السماوات والأرض قائم على نفع الإنسان، صحيح ولكن مع ذلك الانتفاع هنالك جمال. جعل الله عز وجل في السماء النجوم لماذا؟ بلى هي فيها فوائد ينتفع بها ولكن أيضا فيها زينة وجمال. ولأن قيمة الجمال في القرءان الكريم فيمة مهمة وضرورية فهو مبثوث في كل خلق الله : في الإنسان، في السماء، في الأشجار، في الحيوانات، في الطير، في البحار والأنهار وفي كل ما خلق الحق جل في علاه وبرأ وذرأ نجد فيه الجمال، ولكن حين يرسل القرءان رسالة الجمال يعلم بني آدم أجمعين أن الجمال كقيمة لابد وأن تتماشى تماما مع إنسانية الإنسان. تدبروا معي في هذا الخطاب الرائع، فنحن اليوم ، كل البشر، أحوج ما نكون ، وتدبروا قول الحق سبحانه وتعالى
أَنْزَلْنَا لكم

مادة اللباس سواءا من الريش أو الجلد أو من أي مادة أخرى، من الذي أعطى؟
ومن الذي أنزل ؟
ربي عز وجل هو الذي أنزل. أنزل سبحانه وتعالى كل ما يخطر وما لا يخطر على بالنا من المواد كلها مسخرة لبني آدم، وهذا فيه ربط واضح بما جاء في أوائل السورة الكريمة
” ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش “

إذن هذا التمكين من جملته ومن مقتضياته أنه جل في علاه أنزل لك هذه المواد يا أيها الإنسان.
يا أيها الإنسان المكلف الخليفة على ظهر هذه الأرض،
فكيف ستستعمل ما أنزل لك الحق وسخر لك؟
كيف ستستعمل ما مكنك فيه؟
ستستعملها في معصيته سبحانه وتعالى؟
في إيذاء نفسك والناس من حولك؟
وتدبروا معي في هذه المعاني العظيمة :

أنت حين تستعمل هذه المواد الخام كما تستعملها بعض دور الأزياء اليوم في إفساد للذوق العام، الذوق البشري والذي يميز الإنسان من سائر الخلوقات. فترى الواحد من هؤلاء رجلا كان أو إمراة يلبس أشياءا ممزقة حقيقة وليس مجازا وقد يدفع أضعاف الأسعار لذلك الثوب الممزق وحين يدفع يدفع بفخر لأنه مواكب لأحدث صيحات الموضة ولو تدبرنا في هذا المعنى لوجدنا أن هنالك إفسادا متعمدا للذوق العام للإنسان بحيث يلبس ما لا يليق بإنسانيته!
وحين نتدبر في الآية الكريمة فإن أول ما ذكر الله سبحانه وتعالى فيها أن هذا اللباس يواري سوءاتكم وهذا هو الحد الأدني في فائدة اللباس أن يواري السوءات أن يستر عورة الإنسان. ثم بعد ذلك قال والأكمل من ذلك اللباس أن يكون لباس تقوى وخشية لله فهو خير من الأول الذي هو فقط يعيد الإنسان لإنسانيته لأن الحق يريد من بني آدم أن يرتقوا إلى ما كرمهم به ، حمل الأمانة وأداء العهد الذي بينه سبحانه وتعالى وبينهم، فقال
” ولباس التقوى ذلك خير “





وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلكَ خَيْرٌ


إن جمهور المفسرين يقولون أن لباس التقوى لباس معنوي مجازي هو ما تقتضيه قضية التقوى، ولكن حين نتدبر فيه نجد أن ذلك التقابل بين اللباس الظاهري الذي يستر العورات الظاهرة المادية واللباس المعنوي لباس التقوي والذي هو أيضا يستر عورات معنوية لا ينبغي أبدا أن تكون في الإنسان الخليفة وهي كل السلبيات في الأخلاق والتي هي تصده عن التقوى.

وما هي التقوى ؟
هي ببساطة شديدة واختصار هي ما يقيك مما لا ينبغي من تصرفات.
إن الله عز وجل قال عن اللباس في آيات أخرى
سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ“ ،

فالسرابيل أو الملابس أو ما شابه تقي وتحمي الإنسان من الحر ومن البرد، وفي عصرنا مثلا رجال الإطفاء يلبسون ملابس واقية من الحريق والدخان ، ورجال الفضاء أيضا يلبسون ملابس معينة واقيه، والذي يتعامل مع المواد الخطرة في المعامل كذلك يلبس ملابس تقيه.

إذن ما تلبسه يقيك مما حولك مما هو ظاهر أما التقوى القلبيه أو لباس التقوى فهو لباس يقيك من أخطار أخرى معنوية ومادية في نفس الوقت مثل أمراض القلب : الحسد، الكبر ، الغل ، الشهوات، الشبهات وغيرها . فكلما كان اهتمامك بلباس التقوى قويا بارزا واضحا كلما كان نصيبك من التقوى أكبر، وكلما ازداد عندك ذلك اللباس، لباس التقوى، وهو لا يظهر للعيان كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

” التقوى هاهنا، التقوى هاهنا “

وقد أشار لقلبه الشريف ، هي ليست ظاهرة للعيان ، هي شيئ بينك وبين الله عز وجل هو يطلع على قلبك فيجده قد تزيى بزي التقوى، قد ارتدى ذلك اللباس والزي حتى بات لباسا يحفظه و يقيه.
وكلما اهتممت بذلك الزي من باب اهتمامك لما ينظر الله إليه من قلبك، الناس تنظر إلى الملابس إلى ما ترتديه، ولكن الله جل وعلا ينظر إلى قلبك إلى داخلك ، ينظر إلى تلك الصدور إلى السرائر فاصلح السريرة . فإذا ما أصلحت ذلك اللباس وقاك من كل الشرور المختلفة ولابد أن يظهر ذلك اللباس وذلك الرداء الجميل برونقه وبهائه ونوره على ظاهر الإنسان على سلوكه وأخلاقه ومعاملاته. قد يكون الإنسان يرتدي أجمل الحلل وأفخم الملابس ومن أكبر دور الأزياء وقد بذل الغالي والنفيس للحصول على هذه القطعة، ولكن في داخله في واقع الأمر هذه القطعة لا تغني عنه شيئا، لماذا ؟ لأن الداخل خرب وليس له حظ من لباس التقوى، وليس هنالك في الأصل تعارض بين اللبس الخارجي واحتشامه وستره وأناقته وبين التقوى، بل بالعكس التقوى تحرك الإنسان نحو الستر والأناقة والجمال ولكن من قال أن الأناقة تعني عدم الستر؟؟ تعني الملابس الفاضحة ؟؟

إن الذي قال ذلك هو الذي أفسد الذوق العام في حياتنا، ولماذا يفسدون الذوق العام؟ لأن المسلمين حين تخلوا عن إيصال رسالة القرءان العالمية وما بلغوا حين قال الحق جل وعلا مخاطبا البشرية جمعاء

” يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون “ (26) الاعراف
حينها تخلوا وما قاموا بالمهمة التي أوكلت إليهم.
امانى يسرى محمد غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 10-24-2025 الساعة 08:58 PM.

رد مع اقتباس