عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2025, 06:11 PM   #2
مشرفة قسم القرآن

 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 43

امانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of lightامانى يسرى محمد is a glorious beacon of light

افتراضي

      

السنن الإلهية في هلاك الأمم الظالمة



“إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ”
تدبروا في نفس الآية جاء بما يقابلها جاء بما يقابل ذلك الإتباع قال عز وجل
” ولا تتبعوا من دونه أولياء ” .
إتبعوا ولا تتبعوا، أمر ونهي.
إن الطريق واضح، إما أن تتبع منهجا واضحا أرسله وأنزله خالقك الذي خلق، وإما أن تتبع تلك السبل والطرق والتي سوف تتفرق بك عن سبيل الله سبحانه وتعالى.

كلمة ” أولياء ” لها معاني عديدة، و كلمة الولاية في اللغة وفي كتاب الله عز وجل وردت بعدة معاني ولكن سياق الآية هنا بمعنى أن يتولى شئون حياتك،

” ولا تتبعوا من دونه أولياء”،

لا تسلم زمام حياتك وشئونك وأمورك الخاصة والعامة، اقتصاد وتعامل اجتماعي وأسري، لا تسلمها لغير الله أبدا، ولا تتبعوا من دونه أولياء.

” وكم من قرية أهلكناها فجائها بأسنا بياتا أو هم قائلون ” .

وهذه هي النتيجة المباشرة لعدم اتباع ما جاء من عند الحق سبحانه وتعالى، الهلاك. وهنا تتحدث السورة عن عواقب ونتائج على الرغم من أنها لم تبدأ بعد بالتفاصيل. إن النتيجة التي ستحدث عندما يتبع الإنسان من دون الله أولياء، الهلاك، والآية هنا لا تتحدث عن هلاك أخروي أو جزاء أخروي ، لا ، بل تتحدث عن عقوبة دنيوية.

ولنا أن نتدبر لماذا جاءت الآية
” وكم من قرية ” ،

وحين يقول القرءان الكريم قرية فهذا يعني مجتمع ، يعني دولة ، يعني أمة أو حتي يمكن أن يعني شعب!

ولماذا جاء على سبيل التكثير

” وكم من قرية “؟

إن القرآن يؤكد لي عدة حقائق :

الحقيقة الأولى أن القرءان في أصله يخالف الفكرة السائدة الطاغية على كثير من المجتمعات المعاصرة ، فكرة الفردية. إن القرءان منذ الأصل ينظر للإنسان على أنه الفرد ضمن مجتمع، أو ضمن الأسرة.

ولذلك نجد أن معظم خطابات القرءان تبدأ بيا أيها الناس ، أو بيا أيها الذين آمنوا، خطابات لجماعات وأمم، وهنا ” وكم من قرية ” ليعطيني هذا البعد، أنك أيها الإنسان الفرد لا تعتقد ولا يمر بمخيلتك ولا لثانية واحدة أنما تقوم به من سلوك صالح أوغير صالح في حياتك لا يؤثر على بقية المجموعة أو الأفراد من حولك ، لا، كل ما تقوم به هو ليس فقط شأن يخصك أنت وحدك، لا، كل ما تقوم به سيصب في نهاية الأمر في ذلك المجتمع العام فعليك أن تتريث وأن تتعقل وأن تدرك أن الخير الذي تفعله لا يذهب هباءا، كما أن الشر الذي تفعل أو يظهر منك لا يمكن أن يذهب أثره هباءا
بدون نتائج، بدون عواقب أبدا.
. ولذا كانت الآية التي بعدها
” وكم من قرية أهلكناها ” ،

أي شيئ، تدبروا في عظمة القرءان وإعجازه ، أعطاني السبب منذ البداية ، قال

” ولا تتبعوا من دونه أولياء ”

لأن النتيجة الحتمية الطبيعية حين تتبع الدول والأمم والشعوب أولياء من دون هذا المنهج العظيم منهج الله سبحانه وتعالى فإن النتيجةهي الهلاك.
فجاءها نتيجة لذلك الهلاك والبأس بياتا وهم نائمون أو هم قائلون، في النهار أو في الليل أو في القيلولة أو هم يركضون أو ضحا وهم يلعبون، النتيجة واحدة، هي الهلاك.

تعددت وتنوعت الأساليب هي قدرة الله عز و جل وقوته سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده. وهذه النتيجة الحتمية سيأتي تفصيلها فيما بعد، فإن سورة الأعراف ستتحدثت عن قصص أنبياء مع أقوامهم: ستتحدثت عن موسى عليه السلام وعن داؤود عليه السلام وعن لوط عليه السلام، وكل أمة من تلك الأمم والأقوام لاقت مصيرا يختلف عن مصير الأمة الأخرى، جاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون، العذاب ، فقد تنوعت وتعددت أساليبه وفي نفس الوقت تنوعت الانحرافات ولكنها كلها تدخل تحت مظلة واحدة هي مظلة إتباع من دون الله ، تولى شئون حياتهم أولياء من دون الله عز و جل. وكما سنرى في التفاصيل أن الأولياء ليسوا فقط آباء أو أصنام، أو حجارة أو ما شابه، فيمكن أن يكون الولي الذي يتولى شئون حياتي هو نفسي، هوى نفسي هو الذي يتحكم بي، ممكن ، وسنأتي على نماذج لأقوام كان الذي يحركهم ويصرفهم هو هوى النفوس لا شيئ آخر. إن الأولياء يمكن أن يكونوا متعددين، القرءان هنا يعطيني من اللحظة الأولى من الموقف السبب وراء هلاك تلك الأمم المختلفة ، صحيح قدم لي نماذج من قصص الأنبياء كما سنأتي عليها ولكن النماذج تتعدد وستتنوع ولن نقف عند زمن أو عند بيئة لأن القرءان الكريم رسالة عالمية مفارقة لحدود الزمان والمكان والبيئة فما أهلك به قوم في الزمان الغابر قد يهلك به قوم آخرون في زمان لاحق.




كيف يظلم الإنسان نفسه ؟

(فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)الاعراف

إعتراف ، ظالمين ، بأي شيء ظلم هؤلاء القوم ، ظلموا أنفسهم أولا،
كيف يظلم الإنسان نفسه ،
نحن إعتدنا حين نتكلم عن الظلم نقول أن فلانا ظلمني،
فلان يظلم الآخرين، فلان مظلوم ،
ولكن أن يظلم نفسه !

والقرآن الكريم يعطيني بعدا واضحا هنا في سورة الأعراف منذ البداية يشخص بدقة : ظلموا أنفسهم، لماذا ؟
لأن الإنسان حين ينتكس عن منهج خالقه سبحانه وتعالى ويتخذ من دونه أربابا وأولياء يصرفون له حياته وشئونه هو في واقع الأمر يظلم نفسه ، أكبر ظلم وأكبر مجال يوقعه في الظلم هو على نفسه وليس أي مجال آخر. والقرءان الكريم في هذه الآية حين يتحدث عن النفس إنما يلقي بظلال المسئولية على الفرد. أنت تظلم نفسك، ولذلك قال سبحانه وتعالى بلسان حالهم

” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” .

ولكن ما هي الفائدة أن يقولوا إنا كنا ظالمين وقت الجزاء، بعد نهاية الإمتحان، بعد إنتهاء الدنيا، ما فائدة هذا !

وتدبروا في الآية التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)،

فقد أنتقل مباشرة من البأس الذي وقع على تلك الأمم في الحياة الدنيا إلى الآخرة بإيجاز كعادة القرءان وعظمته في تنوع الأساليب ليعطي المخاطب بهذا القرءان وفي هذه السورة القدرة ليتنبه لما سيأتي بعد ذلك من آيات.

وحين قال سبحانه
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)

جاء بحالة الظلم في موضعين
الأول ” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” والثاني ” بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” ،
وهنا خسروا أنفسهم ، وتدبر في الآية ، خسروا أنفسهم ، نحن نعرف أن الإنسان يخسر ماله، يخسر تجارة ، قد يخسر بيتا ولدا أو صديقا ، ولكن أن يخسر نفسه ! كيف يخسر نفسه ؟!

إن أعظم خسارة في الكون خسارة الإنسان لنفسه والآيات التي كان يظلم بها هؤلاء لم تكن مجرد آيات كتاب قد أنزل عليهم ولكن هي آيات الله الكونية المبثوثة في واقعهم

إن آيات الله عز و جل لا تنحصرفقط في آيات أنزلت في كتب ، في الكتب السماوية فقط ، ولكن آيات الله سبحانه وتعالى متعددة : في النفس ، آيات في الكون، في الواقع ، آيات في الأمم السابقة والمجتمعات المختلفة.

هنالك نماذج كثيرة من الآيات منها كيفية هلاك بعض الأمم والمجتمعات ونزول العقاب عليهم هذه أيضا آيات لله سبحانه في خلقه.

ولكن السؤال كيف يظلم الناس بهذه الآيات ؟
ظلمون بها حين يمرون عليها مرور الإنسان الذي لا يفقه شيء ولا يعتبر، تمر الأحداث أمام عينيه دون أن يتوقف، دون أن يسأل نفسه سؤالا مشروعا تماما : لماذا حدث ما حدث ؟ و كيف حدث ؟ وكيف يمكن أن أتجنب ما حدث ؟
إن الأحداث والوقائع والمصائب والكوارث التي تحدث في الأمم والمجتمعات لا تحدث خبطا عشواءا، ليس هنالك خبط عشواء في حياتنا أبدا، كل شيئ يسير وفق أمر الله عز و جل، وفق سننه في كونه ، وفق قانونه في خلقه.

إذن هنالك خلل أدى إلى هذا الذي حدث ، وحين لا يكتشف الإنسان موضع الخلل يكون كما قالت الآية الكريمة
كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” .

إذن من بداية السورة وإلى الآية التاسعة تحدثني السورة عن العاقبة ، عن النتيجة ، وتعطيني موجزا كاملا لكل ما أوردته بالتفصيل سورة الأعراف،

ما هو الموجز؟
هو رحلة الإنسان الخليفة والنتائج التي يمكن أن تكون متوقعة من تلك الرحلة إذا لم يتخذ الإنسان ربه وليا ومصرفا لشئونه ولحياته.



الكثيرين منا تتعلق قلوبهم بالدائرة الضيقة المحظورة



في قصة سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام الدروس والعبر التي ينبغي أن يتوقف عندها الإنسان ويستحضر منها العظات والعبر عندما يسير في طريقه في الحياة.

والقصة وما مر فيها لأبينا وأمنا حواء أحداث يمكن أن تقع لكل واحد منا في كل وقت وفي كل مكان وفي كل زمان. ولكن من الوقفات التي تحتاج أن تتوقف عندها هو تلك المساحات الواسعة من المباح.
إن الله عز وجل حينما أعطى لآدم وحواء الحرية في أن يأكلا من الجنة ما يشاءا، إنما دل ذلك على أن دائرة المباح، ما هو غير ممنوع ، دائرة واسعة جدا وكذلك المجال الذي أعطاه الله للإنسان في مسيرته في الحياة على هذه الأرض. ولذلك جاء العلماء بتلك القاعدة :

الأصل في الأشياء الإباحة. فالمباح واسع ،
ولكن الحق سبحانه وتعالى حينما منع عنهما وهذا تكليف بالمنع قال
” ولا تقربا هذه الشجرة”

إن دائرة الممنوع ضيقة، وعلى الرغم من كبر دائرة المباح وصغر دائرة الممنوع إلا أن الإنسان مع وسوسة الشياطين الذين هم ليس فقط شياطين الجن ولكن كذلك من يتولونهم من شياطين الإنس يوسع على نفسه من دائرة الممنوع ولا ينظر إلى تلك الدائرة الواسعة التي حباه بها الحق سبحانه وتعالى وأتاحها له من المباحات.


وهذه قاعدة في واقع الأمر تقودنا إلى كثير من الإشكاليات التي نمر بها في حياتنا في كل شيئ ، في الطعام والشراب ، في التعامل في الإقتصاد في الأقوال والأفعال.
إن دائرة المباح واسعة ولكن الكثيرين منا تتعلق أنظارهم وقلوبهم بتلك الدائرة الضيقة المحظورة ولو أننا تسألنا في أنفسنا وحاولنا أن نحل هذه القضية لوجدنا أن المسألة ليست لأن المباح ضيق أو قليل، ولكن أحيانا لأن النفس قد جبلة بناءا على تلك الوسوسة أحيانا من الشياطين على النظر في ذلك المجال الضيق الممنوع المحظور وتركت الواسع المباح الذي فيه قطعا غنا عن كل ما هو محظور ممنوع.

هنالك الكثير في دائرة المباح الإقتصادية الواسعة جدا، ولكن تجد أن الكثير من الناس في زماننا وعصرنا هذا لا يبحثون عن وسائل الربح والنفع المشروع المباح بقدر ما تتعلق أنظارهم وقلوبهم وتفكيرهم في كثير من الأحيان بالوسائل الممنوعة أو على أقل تقدير الوسائل التي فيها شبهة. وقصة أبينا آدم وأمنا حواء تنبه إلى أن البشرية على هذا المزلق الخطير.



الخلافة هدف الوجود على الأرض

(قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)الاعراف
هي الأرض التي تشهد مسيرة البشرية ، مسيرة الخير والشر، مسيرة إمتثال الأوامر الإلهية أو عدم إمتثالها، هي الأرض التي نعيش عليها وهي التي تمثل مسرح الأحداث. هذا المسرح هو في واقع الأمرتصنيف للمشاريع المختلفة التي أوكل الله عز وجل للبشر، إلينا ، إعمارها والقيام بها، مهام.

أذكر أنني في مرة سئلت :
ما الحكمة من طلب الله إلينا إعمار الأرض؟
ثم يأتي يوم على الأرض فتصبح صعيدا جرزا؟ وهباءا منثورا؟
كما ذكر في القرءان الكريم.
سألت السائل : هل لديك مشاريع تقوم بها؟
قال نعم،
قلت : هذه المشاريع أي كان نوعها ألا تستخدم فيها مواد خام؟
تستخدمها في المشاريع لإكمالها ثم تختبر هذه المشاريع ثم تستخدم،
وقد يهدر بعض هذه المواد وقد يعاد تدوير بعضها بعد الاستهلاك.
قلت ، ولله المثل الأعلى ، إن هذه الأرض التي نعيش عليها إن كل ما فيها من مواد سخرها الله عز وجل للإنسان ليستعملها وليعمر بها الأرض ، قال الله( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )فإذا انتهت مدة المشروع وطلب من كل إنسان ومن كل البشر أن يقدموا مشاريعهم أو أعمالهم أو ما قاموا به على وجه الأرض أمام الله عز وجل وزنت تلك المشاريع تلك الأعمال وأصبحت في موازين أصحابها إما ثوابا وإما عقابا وأصبح ما في الأرض صعيدا جرزا ، إنتهت المشاريع وانتهت القصة بأكملها.

إن فترة البقاء على الأرض محدودة وقد لخصت آية واحدة في كتاب الله مصير الإنسان قال سبحانه وتعالى
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ”الاعراف 25
ولكن لا ننسى أن هذا البقاء كل البقاء على وجه هذه الأرض
إنما هو لهذه اللحظة،لذلك المشروع الذي عليك القيام به عليك إنجازه
امانى يسرى محمد غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 10-21-2025 الساعة 06:16 PM.

رد مع اقتباس