ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=34)
-   -   ما هو "الخلاف السائغ"؟ و ما هي ضوابطه ؟! (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=7800)

almojahed 09-06-2012 03:02 AM

ما هو "الخلاف السائغ"؟ و ما هي ضوابطه ؟!
 
:1:
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه و بعد

فإنه قبل الحكم على أي مسألة أنها من مسائل الخلاف السائغ أم لا ، فإنه يجدر بنا أن نعرف ضوابط " الخلاف السائغ " فنقول : المسائل التي وقع فيها خلاف بين العلماء مما يصح أن تكون من مسائل الخلاف السائغ هي ما جمعت هذه الشروط :
1. أن لا يكون في المسألة دليل من الكتاب أو السنَّة أو إجماع متحقق .
وما لم تكن المسألة فيها نص من الوحي أو إجماع منعقد : فستكون مبنية على النظر والاجتهاد ، والعلماء ليسوا سواسية في هذا الباب ، وقد وهب الله تعالى لبعضهم ما لم يهبه لغيره من قوة النظر والقدرة على الاستنباط .
قال النووي – رحمه الله - : " وكذلك قالوا ليس للمفتى ولا للقاضي أن يَعترض على مَن خالفه اذا لم يخالف نصّاً أو إجماعاً أو قياساً جليّاً " انتهى من " شرح مسلم " ( 2 / 24 ) .
ولا فرق في هذا بين مسائل العقيدة ومسائل الفقه في هذا الباب ، وأكثر ما يقع فيه الخلاف والعفو عنه هو دقيق مسائل العلم ؛ لأنه يندر إجماع العلماء على هذه الدقائق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمَّة وإن كان ذلك في المسائل العلمية ، ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمَّة " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 165 ) .
2. أن تكون المسألة فيها نص صحيح لكنه غير صريح الدلالة على المراد .
ووقوع الخلاف هنا في الفهم الذي جعله الله تعالى متفاوتاً بين الخلق .
3. أن تكون المسألة فيها نص صريح في الدلالة لكنه متنازع في صحته ، أو يكون له معارض قوي من نصوص أخرى .
مع التنبيه أن الخلاف السائغ المقبول هو ما كان صادراً من أهل العلم والدين ، وأما العامة ، وأشباههم ، فلا قيمة لخلافهم ، ولا عبرة بفتواهم أصلا .

ثانياً:
إذا تحقق للمسلم أن المسألة التي تبناها والتزم بحكمها هي من مسائل الخلاف السائغ : فينبغي له أن يعلم أموراً مهمة :
1. أنه ليس له أن يُنكر أو يعيب على مخالف .
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - : " قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي : سألت أحمد – أي : ابن حنبل - : هل ترى بأساً أن يصلي الرجل تطوعاً بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة ؟ قال : لا نفعله ، ولا نعيب فاعله .
قال : وبه قال أبو حنيفة .
وهذا لا يدل على أن أحمد رأى جوازه ، بل رأى أن من فعله متأولاً ، أو مقلداً لمن تأوله ، لا يُنكر عليه ، ولا يُعاب قوله ؛ لأن ذلك من موارد الاجتهاد السائغ " انتهى من " فتح الباري " لابن رجب ( 4 / 127 ) .
2. ومن باب أولى أن لا يحكم على مخالفه بالجهل أو الضلال أو البدعة .
3. ومسائل الخلاف السائغ لا يجوز معها التناحر والافتراق والهجر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " مسائل الاجتهاد مَن عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ، ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 207 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله - : " وهذا النوع من الاختلاف لا يوجب معاداةً ولا افتراقاً في الكلمة ولا تبديداً للشمل ؛ فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل كثيرة من مسائل الفروع كالجد مع الإخوة وعتق أم الولد بموت سيدها " انتهى من " الصواعق المرسلة " ( 2 / 517 ) .
4. في هذه المسائل يدور الأمر بين أجر واحد للمخطئ وأجرين للمصيب .
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ) . رواه البخاري ( 6919 ) ومسلم ( 1716 ) .
5. وكون المسألة من مسائل الخلاف السائغ لا يعني أنه يُمنع من التباحث العلمي فيها ، بل ما زال ذلك دأب أهل العلم ؛ أن يتباحثوا في مثل هذه المسائل ، ويصنفوا فيها ، وينظروا في قول المخالف ، أو يردوه بما عندهم من دليل ؛ ومقصودهم من ذلك إصابة الأجرين ، وهم يعلمون أن الحق في أحد الأقوال وكل واحد يسعى إلى إصابة الحق في المسألة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها ؛ ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية ، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه ، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 30 / 80 ) .

ثالثاً:
أمثلة على ما سبق تأصيله :
1. مسألة " التصوير الفوتغرافي " هي في أصلها من " الخلاف السائغ " ؛ لأنها أمر حادث ليس موجوداً من قبل فبالقطع ليس فيها نص من كتاب أو سنَّة أو إجماع ، ومحل الخلاف هل تشملها نصوص السنَّة أو لا تشملها وهذا محل اجتهاد ، ولا شك ، ولذا فلا عجب من وقوع الخلاف في المسألة بين العلماء المعاصرين .
2. مسألة " صلاة الجماعة " : فإن الأدلة على وجوبها ظاهرة بيِّنة في الكتاب والسنَّة ، فقد أمر الله تعالى بالصلاة جماعة أثناء الجهاد ، وهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحرِّق على من يصلي بيته ويترك جماعة المسجد ، كما أنه ثمة أقوال للصحابة رضي الله عنهم تؤكِّد هذا الوجوب الذي ثبت بالسنَّة المشرَّفة ، كقول ابن مسعود رضي الله تعالى في وجوب الصلاة جماعة في المسجد وأن من يتخلف عنها هو منافق معلوم النفاق ، وهو قول التابعين المحققين .
قال ابن المنذر - رحمه الله - : " وفي اهتمامه بأن يحرِّق على قوم تخلَّفوا عن الصلاة بيوتَهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ؛ إذ غير جائز أن يحرق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض " انتهى من " الأوسط " ( 4 / 134 ) .
ومع هذا فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم صلاة الجماعة على أربعة أقوال .
1. فمنهم من قال إنها فرض عين ، وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف وفقهاء الحديث .
2. ومنهم من قال إنها فرض كفاية ، وهذا هو المرجح في مذهب الشافعي ، وهو قول بعض أصحاب مالك ، وهو – أيضاً - قول في مذهب أحمد .
3. وطائفة ثالثة ذهبت إلى كونها سنَّة مؤكدة ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة وأكثر أصحاب مالك وكثير من أصحاب الشافعي ، ويذكر رواية عن أحمد .
4. وذهب بعض العلماء إلى أن صلاة الجماعة فرض عين وشرط في صحة الصلاة ، وهو قول طائفة من قدماء أصحاب أحمد وطائفة من السلف ، واختاره ابن حزم ، ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أحد قوليه .
وعليه : فمما ذكرناه من الاختلاف بين العلماء في حكم صلاة الجماعة يتبيَّن للباحث أن الخلاف في وجوبها هو من الخلاف السائغ ، ونحن - هنا في موقعنا - نرجح القول بوجوبها !.
3. مسألة الإسبال : فقد قام الإجماع على حرمة من أسبل إزاره خيلاء ، وأما من أسبل غير قاصد الخيلاء ، فالخلاف فيه - أيضا - معتبر بين العلماء بسبب اختلافهم هل يُحمل المطلق من النصوص الثابتة بتحريم الإسبال على المقيَّد منها بالخيلاء ؟ وقد ذهب أكثر العلماء إلى هذا فحملوا المطلق من الأحاديث في تحريم الإسبال إلى المقيد منها بالخيلاء ولم يروا بأساً بالإسبال إذا خلا صاحبه من الخيلاء ، وخالفهم بعض العلماء فلم يقيدوا المنع من الإسبال بالخيلاء بل جعلوا لكل واحد من الأمرين حكمه وإثمه وعقوبته ، وهي من مسائل الفهم ، والخلاف فيها سائغ.
ولا يمنع – كما سبق أن ذكرنا – كون المسألة من مسائل الخلاف السائغ أن لا يبحثها المسلم قاصداً تحري الأجرين ، ونحن هنا في موقعنا تبنينا الحكم بتحريم الإسبال مطلقاً ولو لم يقصد المسبل الخيلاء .

والله أعلم

:2:
منقول بتصرف يسير

المؤمنة بالله 09-06-2012 04:55 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جــــــــــــزاك الرحمن خير أخــــي الفاضل
المجاهد
على هذا الموضوع القيم والمفيد
حفظك الله وثبتك وسدد خطاك

almojahed 09-06-2012 06:08 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و إياكم بارك الله فيكي

المحبة في الله 09-06-2012 07:44 PM

بارك الله فيك على الموضوع القيم


بعد اذنك لي سؤالين

- حكم العاب الاطفال على هيئة دمى و كائنات حية مختلفة هل تدخل تحت حكم التماثيل؟ و في حال وجودها بالمنزل كيف يتم التعامل معها و هل فعلا تمنع الملائكة من دخول المنزل؟

- هناك تقنيتين جديدتين منذ سنتين تقريبا
* الاصوات البشرية المحاكية للموسيقى - و يتم اضافتها للاناشيد الاسلامية - رغم انها اصوات بشرية مقلدة فقط 100% بدون معازف
* هناك برامج تقوم بصنع الاصوات و النغمات عبر اعطاء اكواد معينة لتحدد تردد الصوت و مدى تكراره و طوله و انخفاضه - مما يصنع نغمات محاكية ايضا للموسيقى - هل تدخل تحت حكم المعازف ايضا ؟

و جزاك الله خيرا

آمال 09-06-2012 10:00 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اخي المجاهد جزاك الله الجنة
ما المقصود بالخلاف الساائغ؟!! بكلمات بسيطة
وما هو المقصود بالاسبال؟!
وجزاكم الله خيرا على الموضوع الصعب!

ابو عبد الرحمن 09-07-2012 12:25 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيك اخي ابو جبريل على هذا الموضوع القيم جعله الله في ميزان حسناتك
يقول الشيخ العثيمين –رحمه الله- ردًا على من قال: "المسائل الخلافية لا إنكار فيها"؟: "لو أننا قلنا المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كله حين تتبع الرخص؛ لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي، بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان.
المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين؛ قسم: مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أن الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامة الناس، فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم، لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله-: "العوام على مذهب علمائهم". القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محل للاجتهاد فيه فينكر على المخالف فيه لأنه لا عذر له"( ). انتهى


الساعة الآن 05:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009