ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   ملتقى الآداب و الأحكام الفقهية (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=34)
-   -   كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=28025)

امانى يسرى محمد 08-30-2025 01:53 AM

[مباحث سجدة التلاوة]
[دليل مشروعيتها]
ورد في الصحيحين أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته" وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار" رواه مسلم. وقد أجمعت الأمة على أنها مشروعة عند قراءة مواضع مخصوصة من القرآن.


[حكمها]
أما حكمها، فهو السنية للقارئ والمستمع، بالشروط الآتية، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط


,,,,,,,,,,,,,,,
الحنفية قالوا: حكم سجدة التلاوة الوجوب تارة يكون موسعاً وتارة يكون مضيقاً، فيكون موسعاً إن حصل موجبه خارج الصلاة فلا يأثم بتأخير السجود إلى آخر حياته إن مات ولم يسجد، ولكن يكره تأخيره تنزيهاً، ويكون الوجوب مضيقاً إن حصل موجب للسجود في الصلاة بأن تلا آية السجدة وهو يصلي، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يؤديه فوراً، وقدر الفور بأن لا يكون بين السجدة وبين تلاوة آيتها زمن يسع أكثر من قراءة ثلاث آيات، فإن مضى بينهما زمن يسع ذلك بطول الفور، ثم إن آية السجدة إما أن تكون وسط السورة أو آخرها، فإن كانت وسطها فالأفضل للمصلي أن يسجد لها عقب قراءتها وقبل إتمام السورة ثم يقوم فيختم السورة ويركع، فإن لم يسجد وركع قبل انقطاع الفور السابق ونوى بالركوع السجدة أيضاً فإنه يجزئه كما يجزئ السجود للصلاة قبل انقطاع الفور المذكور ولو لم ينوبه السجدة أيضاً، انقطع الفور فلا تسقط عنه لا بالركوع ولا بسجود الصلاة وعليه قضاءها بسجدة خاصة ما دام في صلاته، فإذا خرج من الصلاة فلا يقضيها لفوات وقتها، إلا إذا كان خروجه بالسلام، ولم يأت بمناف للصلاة بعده فإنه يقضيها عقب السلام أما إن كانت الآية آخر السورة فالأفضل أن يركع وينوي السجدة ضمن الركوع، فإذا سجد لها ولم يركع وعاد إلى القيام فيندب أن يتلو آيات من السورة التي تليها ثم يركع ويتم للصلاة
[شروط سجدة التلاوة]
وأما شروطها فمنها أن يكون السامع قاصداً للسماع، فإن لم يقصد فلا تجب عليه عند المالكية، والحنابلة، أما الحنفية قالوا: لا يشترط القصد، بل يطلب من السامع السجود ولو لم يقصد السماع
، ومنها غير ذلك مما هو مفصل تحت الخط
,,,,,,,,,,


الحنفية قالوا: يشترط لها ما يشترط للصلاة إلا التحريمة ونية تعين الوقت، فإنهما لا يشترطان لها، ولا يؤتى بالتحريمة فيها كما سيأتي في صفتها، ويشترط لوجوبها كذلك ما يشترط لوجوب الصلاة من الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة من الحيض والنفاس، فلا تجب على كافر وصبي ومجنون، ولا على حائض أو نفساء، لا فرق بين أن يكون أحد هؤلاء قارئاً أو سامعاً، أما من سمع من أحدهم فإنه يجب عليه السجود إن كان أهلاً للوجوب أداء أو قضاء، فيجب على السكران والجنب لأنهما أهل للوجوب قضاء، إلا إذا كان القارئ مجنوناً فإنها لا تجب على من سمع منه، ومثله الصبي الذي لا يميز، لأنه صحة التلاوة يشترط لها التمييز، وكذا إذا سمع آية السجدة من غير آدمي كأن يسمعها من الببغاء أو من آلة حاكية (كالفونوغراف) ، فإن هذا السماع لا يوجب السجود لعدم صحة التلاوة بفقد التمييز.


الحنابلة قالوا: يشترط لها بالنسبة للقارئ والمستمع ما يشترط لصحة الصلاة من طهارة الحدث واجتناب النجاسة واستقبال القبلة والنية وغير ذلك مما تقدم، ويزاد في المستمع شرطاً. الأول: أن يصلح القارئ للإمامة له ولو في صلاة النفل، فلو سمعها من امرأة لا يسن له السجود، وأولى إذا سمعها من غير آدمي كالآلة الحاكية والببغاء، نعم إذا سمعها من أمي أو زمن لا يصلحان لإمامته فإنه يسن أن يسجد للاستماع منهما؛ الثاني: أن يسجد القارئ، فإن لم يسجد فلا يسن للمستمع، ولا يصح السجود أمام القارئ أو عن يساره إذا كان يمينه خالياً، ويكره أن يقرأ الإمام آية سجدة في صلاة سرية، ولا يلزم المأموم متابعته لو سجد لذلك، بخلاف الجهرية، فإنه يلزم متابعته فيها.


المالكية قالوا: يشترط لها في القارئ والمستمع شروط صحة الصلاة من طهارة حدث وخبث واستقبال قبلة وستر عورة وغير ذلك مما تقدم، ويسجدها القارى، ولو كان غير صالح للإمامة؛ كالفاسق والمرأة، ولو قصد بقراءته إسماع الناس حسن صوته، وكذلك يسجدها في الصلاة إذا قرأ آيتها فيها، ولو كانت صلاة فرض، إلا أنه يكره تعمد قراءة آيتها في الفريضة.
هذا إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً، أما المأموم فإنه يسجد تبعاً لإمامه، فلو لم يسجد فلا تبطل صلاته، لأنها ليست جزءاً من الصلاة، وإذا قرأها هو دون إمامه فلا يسجد، فلا سجد بطلت صلاته لمخالفة فعله فعل الإمام؛ ويستثنى من الصلاة صلاة الجنازة فلا يسجد فيها، كما أنه إذا قرأ آية السجدة في خطبة جمعة أو غيرها لا يسجد، ولا تبطل صلاة الجنازة ولا الخطبة لو سجد، ويزاد في المستمع شروط ثلاثة: أولاً: أن يكون القارئ صالحاً للإمامة في الفريضة، بأن يكون ذكراً بالغاً عاقلاً مسلماً متوضئاً، فلو كان القارئ مجنوناً أو كافراً أو غير متوضئ فلا يسجد هو ولا المستمع، كما لا يسجد السامع الذي لم يقصد الاستماع، وإن كان القارئ امرأة أو صبياً سجد القارئ دون المستمع؛ ثانياً: أن لا يقصد القارئ إسماع الناس حسن صوته، فإن كان ذلك فلا يسجد المستمع؛ ثالثاً: أن يكون قصد السامع من السماع أن يتعلم من القارئ القراءة أو أحكامها من إظهار وإدغام ومد وقصر وغير ذلك، أو الروايات، كرواية ورش أو غيره، أو يعلم القارئ ذلك، ومتى استكملت شروط السامع فإنه يسجدها، ولو ترك القارئ السجود إلا في الصلاة فيتركها تبعاً للإمام، وإذا كان القارئ غير متوضئ ترك آية السجود ويلاحظها بقلبه محافظة على نظام التلاوة، وكذا إذا كان الوقت ينهي فيه عن سجود التلاوة، وإذا كرر المعلم أو المتعلم آية السجدة فيسن السجود لكل منهما عند قراءتها أول مرة فقط، وإذا جاوز القارئ محل السجود بيسير كآية أو آيتين طلب منه السجود ولا يعيد قراءة محله مرة أخرى وإن جاوره بكثير أعاد آية السجدة وسجد، ولو كان في صلاة فرض، ولكن لا يسجد في الفرض إلا إذا لم ينحن للركوع؛ أما في النفل فإنه يأتي بآية السجدة في الركعة الثانية، ويسجد إن لم يركع، فإن ركع في الثانية فاتت السجدة.



الشافعية قالوا: يشترط لسجود التلاوة شروط: أولاً: أن تكون القراءة مشروعة، فلو كانت محرمة، كقراءة الجنب، أو مكروهة، كقراءة المصلي في حال الركوع مثلاً، فلا يسن السجود للقارئ ولا للسامع، ثانياً: أن تكون مقصودة، فلو صدرت من ساه ونحوه، كالطير (والفونوغراف) ، فلا يشرع السجود؛ ثالثاً: أن يكون المقروء كل آية السجدة، فلو قرأ بعضها فلا سجود؛ رابعاً: أن لا تكون قراءة آية السجدة بدلاً من قراءة الفاتحة لعجزه عنها، وغلا فلا سجود، خامساً: أن لا يطول الفصل بين قراءة الآية والسجود، وأن لا يعرض عنها، فإن طال وأعرض عنها فلا سجود، والطول أن يزيد على مقدار صلاة ركعتين بقراءة متوسطة بين الطول والقصر؛ سادساً: أن تكون قراءة الآية من شخص واحد، فلو قرأ واحد بعض الآية، وكملها شخص آخر فلا سجود؛ سابعاً: يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة واستقبال وغير ذلك، وهذه الشروط في جملتها عامة للمصلي وغيره، ويزاد في المصلي شرطان آخران: أولاً: أن لا يقصد بقراءة الآية السجود، فإن قصد ذلك وسجد بطلت صلاته إن سجد عامداً عالماً، ويستثنى من ذلك قراءة سورة "السجدة" في صبح يوم الجمعة، فإنها سنة، ويسن السجود حينئذ، فإن قرأ في صبح يوم الجمعة غير هذه السورة وسجد بطلت صلاته بالسجود إن كان عامداً عالماً، كما تبطل صبح يوم الخميس مثلاً لو قرأ فيها السورة المذكورة وسجد، ويجب على المأموم أن يسجد تبعاً لإمامه حيث كان سجوده مشروعاً، فإن ترك متابعة الإمام عمداً مع العلم بطلت صلاته، ثانياً: أن يكون هو القارئ؛ فإن كان القارئ غيره وسجد فلا يسجد، فإن سجد بطلت صلاته إذا كان عالماً عامداً، ولا يسجدها مصلي الجنازة بخلاف الخطيب، فيسن له السجود، ويحرم على القوم السجود لما فيه من الإعراض عن الخطبة
أسباب سجود التلاوة موضحة في المذاهب:


الحنفية قالوا: أسباب سجود التلاوة ثلاثة أمور: الأول: التلاوة؛ فتجب على التالي، ولو لم يسمع نفسه، كأن كان أصم، لا فرق بين أن يكون خارج الصلاة أو فيها، إماماً كان أو منفرداً، أما المأموم فلا تجب عليه بتلاوته، لأنه ممنوع من القراءة خلف إمامه فلا تعتبر تلاوته موجباً لها، وإذا تلا الخطيب يوم الجمعة أو العيدين آية سجدة وجبت عليه وعلى من سمعه، فينزل من فوق المنبر ثم يسجد ويسجد الناس معه، ولكن يكره له أن يأتي بآية السجدة وهو على المنبر؛ أما الإتيان بها وهو في الصلاة، فإنه لا يكره إذا أدى السجدة ضمن الركوع أو السجود؛ بخلاف ما إذا أتى بها وحدها، فإنه يكره لما فيه من التهويش على المصلين، الثاني: سماع آية سجدة من غيره، والسامع إما أن يكون في الصلاة أو لا، وكذا المسموع منه، فإن كان السامع في الصلاة، وكان منفرداً أو إماماً، فإنه يجب في الصلاة أو لا، وكذا المسموع منه، فإن كان السامع في الصلاة، وكان منفرداً أو إماماً، فإنه يجب عليه فعلها خارج الصلاة، إلا إذا سمعها من مأموم على الصحيح، فإنه لا تجب عليه السجدة، أما إذا كان السامع مأموماً، فإن سمعها من غير إمامه فحكمه كذلك، وإن سمعها من إمامه، فإن كان مدركاً للصلاة وجبت عليه متابعته في سجوده، وإن كان مسبوقاً فإن أدرك الإمام قبل سجوده للتلاوة تابعه أيضاً، وإن أدركه بعد سجود التلاوة في الركعة التي تلا فيها الآية لم يسجد أصلاً، وإن أدركه في الركعة التي بعدها سجد بعد الصلاة؛ الثالث: الاقتداء، فلو تلاها الإمام وجبت على المقتدي وإن لم يسمعها.


الحنابلة قالوا: لها سببان: التلاوة، والاستماع بالشروط المتقدمة، وبشرط أن لا يطول الفصل عرفاً بينها وبين سببها، فإن كان القارئ أو السامع محدثاً ولا يقدر على استعمال الماء تيمم وسجد، أما إذا كان قادراً على استعمال الماء فإن السجود يسقط عنه، لأنه لو توضأ يطول الفصل هذا، ولا يسجد المقتدي للتلاوة إلا متابعة لإمامه:


المالكية قالوا: سببها التلاوة والسماع بشرط أن يقصده، كما تقدم بيانه في شروطها.


الشافعية قالوا: سببها التلاوة والسماع بالشروط المتقدمة





https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...H5AapqtTRfcA&s
[صفة سجود التلاوة، أو تعريفها وركنها]

في صفة سجود التلاوة أو تعريفها وركنها تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,,


الحنفية قالوا: صفة سجود التلاوة أو تعريفه هو أن يسجد الإنسان سجدة واحدة بين تكبيرتين: إحداهما: عند وضع بجهته على الأرض للسجود، وثانيتهما: عند رفع جبهته، ولا يقرأ التشهد ولا يسلم، والتكبيرتان المذكورتان مسنونتان، فلو وضع جبهته على الأرض دون تكبير صحت السجدة مع الكراهة، فلسجود السهو ركن واحد عندهم، وهو وضع الجبهة على الأرض، أو ما يقوم مقامه من الركوع أو السجود، أو من الإيماء للمريض: أو للمسافر الذي يصلي على الدابة في السفر، لأن سجدة التلاوة تؤدي عند الحنفية ضمن الركوع أو السجود أو الإيماء، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثلاثاً، أو يقول ما يشاء مما ورد، نحو اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، ويستحب لمن تلاها جالساً أن يقف ويخر لها ساجداً، ومن كرر آية سجدة في مجلس واحد سجد كذلك سجوداً واحداً، فإن اختلف المجلس فإنه يكرر السجود.


الحنابلة قالوا: تعريف سجدة التلاوة هو أن يسجد بدون تكبيرة إحرام، بل بتكبيرتين: إحداهما عند وضع جبهته على الأرض، والثانية. عند رفعها، ولا يتشهد، إلا أنه يندب له الجلوس إذا لم يكن في الصلاة ليسلم جالساً على أنهم قالوا: إن التكبيرتين ليستا من أركان السجدة بل هما واجبتان؛ فأركان السجدة عندهم ثلاثة: السجود، والرفع منه، والتسليمة الأولى، أما التسليمة الثانية فليست بركن ولا واجب، ويندب أن يدعو في سجوده بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.


المالكية قالوا: تعريف سجود التلاوة هو أن يسجد سجدة واحدة بلا تكبيرة إحرام وبلا سلام "بل يكبر للهوي وللرفع استناناً. وإذا كان قائماً يهوي لها من قيام، سواء كان في صلاة أو غيرها، ولا يطلب منه الجلوس، بل يسجد كما يسجد القائم من ركوع الصلاة المعتادة، لا فرق بين أن يكون في صلاة أو غيرها، وإذا كان راكباً على دابة أو غيرها نزل وسجد على الأرض، إلا إذا كان مسافراً أو كان مقيماً وتوفرت فيه شروط صلاة النفل على الدابة المتقدم ذكرها، ويسجد عليها بالإيماء.
هذا، ويندب أن يدعو في سجوده بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.



الشافعية قالوا: سجدة التلاوة، إما أن يفعلها المتلبس بالصلاة أو غيره، فتعريفها بالنسبة لغير المصلي هو أن ينوي بلسانه، ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يسجد سجدة واحدة كسجدات الصلاة، ثم يجلس بعد السجدة ثم يسلم، وبهذا تعلم أن أركان سجدة التلاوة لمن لم يكن في الصلاة خمسة، أما إذا كان في الصلاة وقرأ آية فيها سجدة فإنه يسجد، وتتحقق السجدة بأمرين؛ أحدهما: النية ولا بد أن تكون بالقلب، بحيث لو تلفظ بها بطلت صلاته، ثانيتهما: أن يسجد سجدة واحدة كسجدات الصلاة؛ وإذا كان مأموماً فلا تطلب منه النية بل تكفيه نية إمامه، ويشترط لغير المصلي أن يقارن بين النية وتكبيرة الإحرام، ويسن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، ويسن التكبير للهوّي للسجود والرفع منه، والدعاء فيه، والتسليمة الثانية ويسن أن يدعو بالدعاء المتقدم ذكره عند الحنفية.
هذا، ويقوم مقام سجود التلاوة ما يقوم مقام تحية المسجد، فمن لم يرد فعل سجدة التلاوة قرأ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أربع مرات، فإن ذلك يجزئه عن سجدة التلاوة، ولو كان متطهراً
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...H5AapqtTRfcA&s


[المواضع التي تطلب فيها سجدة التلاوة]

تطلب في أربعة عشر موضعاً: وهي آخر آية في الأعراف: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته، ويسبحونه، وله يسجدون} ، وآية الرعد: {ولله يسجد ما في السموات والأرض طوعاً وكرهاً، وظلالهم بالغدوّ والآصال} وآية النحل: {ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة، والملائكة، وهم لا يستكبرون، يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} ، وآية الإسراء التي آخرها: {يزيدهم خشوعاً} ، وآية مريم التي آخرها: {خرُّوا سجداً وبكياً} ، وآيتان في سورة الحج: أولاهما {ويفعل ما يشاء} في آخر الربع {لعلكم تفلحون} ، عند الشافعية، والحنابلة، وخالف، المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) : وآية الفرقان وهي: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن، قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً} ، وآية النمل وهي: {أن لا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض، ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} ، وآية سورة السجدة وهي: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً} إلى قوله تعالى: {وهم لا يستكبرون} وآية سورة فصلت وهي: {لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} وآية النجم وهي: {أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا} وآية سورة الانشقاق، وهي قوله تعالى: {وإذ ثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) .وأما آية "ص" وهي: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب} ، فليست من مواضع سجود التلاوة عند الشافعية، والحنابلة خلافاً للمالكية، والحنفية؛ فانظر مذهبهم تحت الخط (الحنفية، والمالكية قالوا: إنها من مواضع سجود التلاوة، إلا أن المالكية قالوا: إن السجود عند قوله تعالى: {وأناب} والحنفية قالوا: الأولى أن يسجد عند قوله تعالى: {وحسن مآب} .ومن هذا يتضح أن عدد مواضع سجدة التلاوة عند الحنفية أربعة عشر موضعاً بنقص آية أخر الحج، وزيادة أية {ص} .وعند المالكية أحد عشر موضعاً بنقص آية النجم، والانشقاق، وسورة اقرأ، وزيادة آية ص) ، والسجود يكون عند آخر كل آية من آياتها المتقدمة باتفاق، إلا عند الحنفية في بعض المواضع، فانظر مذهبهم تحت الخط 3
(1) المالكية، والحنفية لم يعدوا آية آخر الحج من المواضع التي يطلب فيها سجود التلاوة
(2) المالكية قالوا: إن آية النجم، وآية الانشقاق، وآية اقرأ ليست من المواضع التي يطلب فيها سجود التلاوة
(3) الحنفية قالوا: إن السجود في آية سورة فصلت عند قوله تعالى: {وهم لا يسأمون}


رابط الموضوع

امانى يسرى محمد 09-04-2025 09:59 PM

[مباحث صلاة المريض]


[كيف يصلي]

من كان مريضاً لا يستطيع أن يصلي الصلاة المفروضة قائماً صلى قاعداً، فإذا أمكنه القيام ولكن يلزم من قيامه حدوث مرض آخر أو زيادة مرضه أو تأخر شفائه فله أن يصلي قاعداً أيضاً، وإذا كان مرضه سلس البول مثلاً، وعلم أنه لو صلى قائماً نزل منه البول، وإن صلى قاعداً بقي على طهارته، فإنه يصلي أيضاً قاعداً، وكذلك الصحيح الذي علم بتجربة أو غيرها أنه إذا صلى نائماً أصابه إغماء أو دوار في رأسه، فإنه يصلي من جلوس، ويجب إتمام الصلاة بركوع وسجود في جميع ما تقدم، وإذا عجز عن القيام استقلالاً، ولكنه يقدر عليه مستنداً على حائط أو عصا، أو نحو ذلك تعين عليه القيام مستنداً، ولا يجوز له الجلوس، باتفاق الحنفية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) . وإذا قدر على بعض القيام، ولو بقدر تكبيرة الإحرام تعين عليه أن يقوم بالقدر المستطاع، ثم يصلي من جلوس بعد ذلك؛ والصلاة من جلوس تكون بدون استناد إلى شيء حال الجلوس متى قدر، فإن لم يقدر على الجلوس إلا مستنداً تعين عليه الاستناد، ولا يجوز له الاضطجاع، فإن عجز عن الجلوس بحالتيه صلى مضطجعاً أو مستلقياً، على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,.

المالكية قالوا: من عجز عن الجلوس بحالتيه اضطجع على جنبه اليمن مصلياً بالإيماء ووجهه إلى القبلة، فإن لم يقدر اضطجع على جنبه الأيسر ووجهه للقبلة أيضاً، فإن لم يقدر استلقى على ظهره ورجلاه للقبلة، والترتيب بين هذه المراتب الثلاث مندوب، فلو اضطجع على جنبه الأيسر مع القدرة على الاضطجاع على الجانب الأيمن، أو استلقى على ظهره مع القدرة على الاضطجاع بقسميه صحت صلاته، وخالف المندوب، فإن لم يقدر على الاستلقاء على الظهر استلقى على بطنه جاعلاً رأسه للقبلة وصلى بالإيماء برأسه، فإن استلقى على بطنه مع القدرة على الاستلقاء على الظهر بطلت صلاته لوجوب الترتيب بين هاتين المرتبتين.


الحنفية قالوا: الأفضل أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه نحو القبلة وينصب ركبتيه ويرفع رأسه يسيراً ليصير وجهه إلى القبلة، وله أن يصلي على جنبه الأيمن أو الأيسر. والأيمن أفضل من الأيسر، وكل هذا عند الاستطاعة، أما إذا لم يستطع، فله أن يصلي بالكيفية التي تمكنه.


الحنابلة قالوا: إذا عجز عن الجلوس بحالتيه صلى على جنبه ووجهه إلى القبلة، والجنب الأيمن أفضل، ويصح أن يصلي على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع استطاعته الصلاة على جنبه الأيمن مع الكراهة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة.


الشافعية قالوا: إذا عجز عن الجلوس مطلقاً صلى مضطجعاً على جنبه متوجهاً إلى القبلة بصدره ووجه، ويسن أن يكون الاضطجاع على جنبه الأيمن، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيسر ويركع ويسجد وهو مضطجع إن قدر على الركوع والسجود، وإلا أومأ لهما، فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقياً على ظهره، ويكون باطناً قدميه للقبلة، ويجب رفع رأسه وجوباً بنحو وسادة ليتوجه للقبلة بوجهه، ويومئ برأسه لركوعه وسجوده؛ ويجب أن يكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع إن قدر، وإلا فلا، فإن عجز عن الإيماءء برأسه أومأ بأجفانه، ولا يجب حينئذ أن يكون الإيماء للسجود أخفض من الركوع، فإن عجز عن ذلك كله أجرى أركان الصلاة على قلبه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


كيف يجلس المصلي قاعداً

يندب لمن يصلي قاعداً لعجزه عن القيام أن يكون متربعاً، عند المالكية، والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والشافعية، وللجميع تفصيل، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,
المالكية قالوا: يندب له التربع إلا في حال السجود والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد، فإنه يكون على الحالة التي تقدم بيانها في "سنن الصلاة ومندوباتها".


الحنفية قالوا: له أن يجلس وقت القراءة والركوع كيف شاء، والأفضل أن يكون على هيئة المتشهد، أما في حال للسجود والتشهد فإنه يجلس على الهيئة التي تقدم بيانها، وهذا إذا لم يكن فيه حرج أو مشقة، وغلا اختار الأيسر في جميع الحالات.


الحنابلة قالوا: إذا صلى من جلوس سنّ له أن يجلس متربعاً في جميع الصلاة إلا في حالة الركوع والسجود، فإنه يسن له أن يثني رجليه، وله أن يجلس كما شاء.




الشافعية قالوا: إذا صلى من جلوس فإنه يسن له الافتراش إلا في حالتين: حالة سجوده، فيجب وضع بطون أصابع القدمين على الأرض، وحالة الجلوس للتشهد الأخير، فيسن فيه التورك كما تقدم
,,,,,,,,,,,,,,,,,,


[إذا عجز عن الركوع والسجود]

إذا عجز عن الركوع والسجود أو عن أحدهما صلى بالإيماء ما عجز عنه، فإن قدر على القيام والسجود، وعجز عن الركوع فقط، فإنه يجب عليه أن يقوم للإحرام والقراءة، ويومئ للركوع ثم يسجد، وإن قدر على القيام مع العجز عن الركوع والسجود كبر الإحرام وقرأ قائماً، ثم أومأ للركوع من قيام، وللسجود من جلوس، فلو أومأ للسجود من قيام، أو للركوع من جلوس بطلت صلاته إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ، وإن لم يقدر على القيام أومأ للركوع والسجود من جلوس، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن قدر على القيام ولم يقدر على الجلوس، وعجز عن الركوع والسجود أومأ لهما من قيام ولا يسقط القيام متى قدر عليه بالعجز عن السجود، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن لم يقدر على شيء من أفعال الصلاة إلا بأن يشير إليه بعينه، أو يلاحظ أجزاءها بقلبه وجب عليه ذلك، ولا تسقط ما دام عقله ثابتاً، فإن قدر على اشارة بالعين، فلا بد منها، ولا يكفيه مجردا استحضار الأجزاء بقلبه خلافاً للحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط (3) .
ويكره لمن فرضه الإيماء أن يرفع شيئاً يسجد عليه، فلو فعل وسجد عليه يعتبر مومياً في هذه الحالة، فلا يصح أن يقتدي به من هو أقوى حالاً منه، خلاف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط (4) ، وإذا برأ المريض في أثناء الصلاة بنى على ما تقدم منها وأتمها بالحالة التي قدر عليها. باتفاق، وللحنفية تفصيل تحت الخط(5)
,,,,,,,,,,,,,
(1) الحنفية قالوا: الإيماء للركوع والسجود يصح وهو قائم، ويصح وهو جالس، ولكن الإيماء وهو جالس أفضل



(2) الحنفية قالوا: إذا عجز عن السجود، سواء عجز عن الركوع أيضاً أو لا، فإنه يسقط عنه القيام على الأصح، فيصلي من جلوس مومياً للركوع والسجود، وهو أفضل من الإيماء قائماً، كما تقدم


(3) الحنفية قالوا: إذا قدر على الإيماء بالعين أو الحاجب أو القلب فقط سقطت عنه الصلاة، ولا تصح بهذه الكيفية، سواء كان يعقل أو لا، ولا يجب عليه قضاء ما فاته وهو في مرضه.
هذا إذا كان أكثر من خمس صلوات، وإلا وجب القضاء




(4) الشافعية قالوا: يصح أن يقتدي به من هو أقوى حالاً منه متى كانت صلاته مجزئة عن القضاء، كما تقدم


(5) الحنفية قالوا: إذا كان عاجزاً عن القيام وكان يصلي من جلوس بركوع وسجود، ثم قدر عليه في صلاته بنى على ما تقدم منها، وأتمها من قيام، ولو لم يركع أو يسجد بالفعل؛ أما إذا كان يصلي من قعود بالإيماء ثم قدر على الركوع والسجود، فإن كان ذلك بعد أن أومأ في ركعة أتمها بانياً على ما تقدم وإلا قطعها، واستأنف صلاة جديدة، كما يستأنف مطلقاً لو كان يومئ مضطجعاً، ثم قدر على القعود


رابط الموضوع


امانى يسرى محمد 09-06-2025 03:17 PM

[مباحث قصر الصلاة الرباعية]


[حكمها]

يجوز للمسافر المجتمعة فيه الشروط الآتي بيانها أن يقصر الصلاة الرباعية - الظهر والعصر والعشاء - فيصليها ركعتين فقط، كما يجوز له أن يتم عند الشافعية، والحنابلة؛ أما المالكية، والحنفية قالوا: إن قصر الصلاة مطلوب من المسافر لا جائز، ولكنهم اختلفوا في حكمه، فقال الحنفية: إنه واجب، والواجب عندهم أقل من الفرض، ومساو للسنة المؤكدة، وعلى هذا فيكره للمسافر أن يتم الصلاة الرباعية، وإذا أتمها فإن صلاته تكون صحيحة إذا لم يترك الجلوس الأول، لأنه فرض في هذه الحالة، ولكنه يكون مسيئاً بترك الواجب، وهو وإن كان لا يعذب على تركه بالنار، ولكنه يحرم من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، كما تقدم.هذا هو رأي الحنفية، أما المالكية فقد قالوا: إن قصر الصلاة سنة مؤكدة آكد من صلاة الجماعة، وإذا تركه المسافر فلا يؤاخذ على تركه، ولكنه يحرم من ثواب السنة المؤكدة فقط، ولا يحرم من شفاعة النبي، كما يقول الحنفية، فالمالكية، والحنفية متفقون على أنه سنة مؤكدة ولكنهم مختلفون في الجزاء المترتب على تركه.هذا هو ملخص المذاهب في هذا الحكم، ولكن لكل مذهب تفصيل، فانظر تفصيل كل مذهب على حدة تحت الخط (1) .
,,,,,,,,,,,
(1) الحنفية قالوا: قصر الصلاة واجب بالمعنى الذي فصلناه فوق الخط، فإذا أتم الصلاة فقد فعل مكروهاً بترك الواجب، على أن في الإتمام أيضاً تأخيراً للسلام الواجب عن محله، وذلك لأنه يجب على المصلي أن يسلم بعد الفراغ من القعود الأخير، والقعود الأخير في صلاة المسافر هو ما كان في نهاية الصلاة المطلوبة منه، وهي ركعتان، فإذا صلى ركعتين ولم يجلس في الركعة الثانية بطلت صلاته، لأنه هذا الجلوس فرض كالجلوس الأخير، وإذا لم يسلم بعد القعود وقام للركعة الثالثة فقد فعل مكروهاً، لأنه بذلك يكون قد أخر السلام المطلوب منه عن محله.
المالكية قالوا: قصر الصلاة سنة مؤكدة، كما ذكرنا فوق الجدول، فمن تركه وأتم الصلاة فقد حرم من ثواب هذه السنة، وإذا لم يجد المسافر مسافراً مثله ليقتدي به صلى منفرداً صلاة قصر، ويكره له أن يقتدي بإمام مقيم، لأنه لو اقتدى بإمام مقيم لزمه أن يتم الصلاة معه فتفوته سنة القصر المؤكدة.
الشافعية قالوا: يجوز للمسافر مسافة قصر أن يقصر الصلاة، كما يجوز له الإتمام، بلا خلاف، ولكن القصر أفضل من الإتمام، بشرط أن تبلغ مسافة سفره ثلاثة مراحل، وإلا لم يكن القصر أفضل، وذلك لأن أقل مسافة القصر عندهم مرحلتان، وسيأتي قريباً بيان معنى المرحلة عندهم، فإذا كانت مسافة سفره مرحلتين فقط، فإنه يجوز له أن يقصر، كما يجوز له أن يتم، أما إذا كانت ثلاث مراحل فأكثر فإن القصر يكون أفضل، وإنما يكون القصر في هذه الحالة أفضل إذا لم يكن المسافر ملاحاً، والملاح هو القائم بتسيير السفينة ومساعدوه، ويقال لهم: البحارة، فإذا كان هؤلاء مسافرين فإن إتمام الصلاة أفضل لهم، وإن كانت مسافة سفرهم تزيد على ثلاث مراحل.
هذا، وإذا أخر المسافر الصلاة إلى آخر وقتها بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يسع صلاة ركعتين فقط، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يصلي قصراً، ولا يجوز له الإتمام بحال، لأنه في هذه الحالة يمكنه أن يوقع الصلاة كلها في الوقت، كما تقدم في المسح على الخف، فإنه إذا ضاق الوقت كانت المسح فرضاً لإدراك الصلاة في وقتها.

الحنابلة قالوا: القصر جائز، وهو أفضل من الإتمام، فيجوز للمسافر مسافة قصر أن يتم الصلاة الرباعية وأن يقصرها بلا كراهة، وإن كان الأفضل له الإتمام، ويستثنى من ذلك أمور سنذكرها في شروط القصر، ومنها أن يكون المسافر ملاحاً - بحاراً - فإنه إذا كان معه أهله في السفينة فإنه في هذه الحالة لا يجوز له قصر الصلاة لكونه في حكم المقيم، وقد عرفت حكم هذا عند الشافعية، وهو أن إتمام الصلاة أفضل في حقهم فقط، أما الحنفية، والمالكية فلم يفرقوا بين الملاح وغيره في الحكم الذي تقدم بيانه عندهم
//////////////////////


[دليل حكم قصر الصلاة]

ثبت قصر الصلاة بالكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ، فهذه الآية قد دلت على أن قصر الصلاة مشروع حال الخوف، وهي وإن لم تدل على أنه مشروع حال الأمن، ولكن الأحاديث الصحيحة والإجماع قد دلت على ذلك، فمن ذلك ما رواه يعلى بن أمية، قلت لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، رواه مسلم. وقال ابن عمر رضي الله عنه: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان كذلك؛ متفق عليه، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى إماماً بأهل مكة بعد الهجرة صلاة رباعية، فسلم على رأس ركعتين ثم التفت إلى القوم فقال: "أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر".هذا، وقد أجمعت الأمة على مشروعية القصر.
وهذا الحكم متفق عليه، وكذلك لا يقصر إذا نوى قطع المسافة، ولكنه نوى الإقامة أثناءها مدة قاطعة لحكم السفر وسيأتي بيانها، وخالف في هذا الحكم الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ؛ ثانيهما: الاستقلال بالرأي، فلا تعتبر نية التابع بدون نية متبوعة، كالزوجة مع زوجها، والجندي مع أميره، والخادم مع سيده، فلو نوت الزوجة مسافة القصر دون زوجها لا يصخ لها أن تقصر، وكذلك الجندي والخادم ونحوهما، سواء نوى التابع التخلص من متبوعه عند سنوح الفرصة أو لا، باتفاق؛ وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، ولا يشترط في نية السفر البلوغ؛ فلو نوى الصبي مسافة القصر قصر الصلاة، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (3) .
(1) الحنفية قالوا: نية إقامة المدة القاطعة لحكم السفر لا تبطل حكم القصر إلا إذا أقام بالفعل، فلو سافر من القاهرة مثلاً ناوياً الإقامة بأسيوط مدة خمسة عشر يوماً فأكثر يجب عليه القصر في طريقه إلى أن يقيم
(2) الشافعية: زادوا حكماً آخر، وذلك أن التابع إذا نوى أنه متى تخلص من التبعية يرجع من سفره كالجندي إذا شطب اسمه، والخادم إذا انفصل من الخدمة. فلا يقصر في هذه الحالة حتى يقطع مسافة القصر وهي المرحلتان، فإن فاتته صلاة حين بلوغه المرحلتين قضاها مقصورة لأنها فائتة سفر
(3) الحنفية قالوا: يشترط في نية السفر أن تكون من بالغ، فلا تصح نية الصبي، فشروط نية السفر عندهم ثلاثة: نية قطع المسافة بتمامها من أول السفر، والاستقلال بالرأي، والبلوغ
///////////////////////////////

[حكم قصر الصلاة في السفر المحرم والمكروه]
ومن الشروط أن يكون السفر مباحاً. فلو كان السفر حراماً كأن سافر لسرقة مال أو لقطع طريق أو نحو ذلك فلا يقصر، وإذا قصر لم تنعقد صلاته؛ باتفاق الشافعية، والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) ، فإن كان السفر مكروهاً ففيه تفصيل المذاهب فانظره تحت الخط (2) .وأما إذا كان السفر مباحاً، ولكن وقعت فيه المعصية فلا يمنع القصر.
(1) الحنفية، والمالكية قالوا: لم يشترطوا ذلك، فيجب القصر على كل مسافر، ولو كان محرماً. ويأثم بفعل المحرّم عند الحنفية، أما المالكية فقالوا: إذا كان السفر محرماً فإن القصر يصح الإثم
(2) الحنفية قالوا: يجوز القصر في السفر المكروه أيضاً كغيره.
الشافعية قالوا: يجوز القصر في السفر المكروه.
المالكية قالوا: يكره القصر في السفر المكروه.
الحنابلة قالوا: لا يجوز القصر في السفر المكروه، ولو قصر لا تنعقد صلاته كالسفر المحرم
///////////////////////////////
[المكان الذي يبدأ فيه المسافر صلاة القصر]
لا يصح للمسافر أن يقصر الصلاة قبل أن يشرع في سفره ويفارق محل إقامته بمسافة مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1)
(1) الشافعية قالوا: لا بد أن يصل إلى محل يعد فيه مسافراً عرفاً، وابتداء السفر لساكن الأبنية يحصل بمجاوزة سور مختص بالمكان الذي سافر منه إذا كان ذلك السور صوب الجهة التي يقصدها المسافر، وإن كان داخله أماكن خربة ومزارع ودور، لأن كل هذا يعد من ضمن المكان الذي سافر منه، ولا عبرة بالخندق والقنطرة مع وجود السور، ومثل السور ما يقيمه أهل القرى من السجور، فإن لم يوجد السور المذكور، وكان هناك قنطرة أو خندق فلا بد من مجاوزته، فإن لم يوجد شيء من ذلك فالعبرة بمجاوزة العمران وإن تخلله خراب، ولا يشترط مجاوزة الخراب الذي في طرف العمران إذا ذهبت أصول حيطانه، ولا مجاوزة المزارع ولا البساتين، ولو بنيت بها قصور أو دور تسكن في بعض فصول السنة، ولا بد من مجاوزة المقابر المتصلة بالقرية التي لا سور لها، وإذا اتصل بالبلد عرفاً قرية أو قريتان مثلاً، فيشترط مجاوزتهما إن لم يكن بينهما سور، وإلا فالشرط مجاوزة السور، فإن لم تكونا متصلتين اكتفي بمجاوزة قرية المسافر عرفاً، أما القصور التي في البساتين المتصلة بالبلد، فإن كانت تضمن في كل السنة فحكمها كالقريتين المذكورتين، وإلا فلا، كما تقدم.
وابتداء السفر لساكن الخيام يكون بمجاورة تلك الخيام ومرافقها، كمطرح الرماد وملعب الصبيان ومرابط الخيل، ولا بد أيضا من مجاوزة المهبط إن كان في ربوة، ومجاوزة المصعد إن كان في منخفض، ولا بد أيضاً من مجاوزة عرض الوادي إن سافر فيعرضه، وهذا إذا لم يخرج المهبط والمصعد والوادي عن الاعتدال، أما لو اتسع شيء منها جداً فيكتفي بمجاوزة الحلة، وهي البيوت التي يجتمع أهلها للسمر، ويستطيعون استعارة لوازمهم بعضهم من بعض، أما المسافر الذي سكن غير الأبنية وغير الخيام، فابتداء سفره يكون بمجاوزة محل رحله ومرافقه.
هذا إذا كان السفر براً، أما لو كان في البحر المتصل ببلدة كالسويس وجدة، فابتداء سفره من أول تحرك السفينة للسفر ولا عبرة بالأسوار، ولو وجدت بالبلدة على المعتمد، وإذا كانت السفينة تجري محاذية للأبنية التي في البلدة، فلا يقصر حتى تجاوز تلك الأبنية.

الحنابلة قالوا: يقصر المسافر إذا فارق بيوت محل إقامته العامرة بما يعد مفارقة عرفاً، سواء كانت داخل السور أو خارجه، وسواء اتصل بها بيوت خربة أو صحراء، أما إذا اتصل بالبيوت الخربة بيوت عامرة، فلا يقصر إلا إذا فارقهما معاً، وكذا لا يقصر إذا اتصل بالخراب بساتين يسكنها أصحابها للرياضة في الصيف مثلاً، إلا إذا جاوز تلك البساتين، أما إذا كان من سكان الخيام أو من سكان القصور أو البساتين، فلا يقصر حتى يفارق خيامه أو المكان الذي نسب إليه البساتين أو القصور عرفاً،
وكذا إذا كان من سكان عزب مصنوعة من أعواد الذرة ونحوها، فإنه لا يقصر حتى يفارق محل إقامة قومه.
الحنفية قالوا: من قصد سفر مسافة القصر المتقدم بيانه قصر الصلاة متى جاوز العمران من موضع إقامته، سواء كان مقيماً في المصر أو في غيره، فإذا خرج من المصر لا يقصر إلا إذا جاوز بيوته من الجهة التي خرج منها، وإن كان بإزائه بيوت من جهة أخرى، ويلزم أن يجاوز كل البيوت، ولو كانت متفرقة متى كان أصلها من المصر، فلو انفصلت عن المصر محلة كانت متصلة بها قبل ذلك الانفصال لا يقصر إلا إذا جاوزها، بشرط أن تكون عامرة، أما إذا كانت خربة لا سكان فيها، فلا يلزم مجاوزتها؛ ويشترط أيضاً أن يجاوز ما حول المصر من المساكن، وأن يجاوز القرى المتصلة بذلك. بخلاف القرى المتصلة بالفناء، فلا يشترط مجاوزتها، ولا يشترط أن تغيب البيوت عن بصره، وإذا خرج من الأخبية - الخيام - لا يكون مسافراً إلا إذا جاوزها، سواء كانت متصلة أو متفرقة، أما إذا كان مقيماً على ماء أو محتطب، فإنه يعتبر مسافراً إذا فراق الماء أو المحتطب ما لم يكن المحتطب واسعاً جداً، أو النهر بعيد المنبع أو المصب، وغلا فالعبرة بمجاوزة العمران، ويشترط أيضاً أن يجاوز الفناء المتصل بموضع إقامته، وهو المكان المعد لمصالح السكان، كركض الدواب، ودفن الموتى، وإلقاء التراب، فإن انفصل الفناء عن محل الإقامة بمزرعة أو بفضاء قدر أربعمائة ذراع، فإنه لا يشترط مجاوزته، كما لا يشترط مجاوزة البساتين، لأنها لا تعتبر من العمران. وإن كانت متصلة بالبناء، سواء سكنها أهل البلدة في كل السنة أو بعضها.
المالكية قالوا: المسافر إما أن يكون مسافراً من أبنية أو من خيام - وهو البدوي - أو من محل لا بناء به ولا خيام، كساكن الجبل، فالمسافر من البلد لا يقصر إلا إذا جاوز بنيانها والفضاء الذي حواليها، والبساتين المسكونة بأهلها ولو في بعض العام، بشرط أن تكون متصلة بالبلد حقيقة أو حكماً، بأن كان ساكنوها ينتفعون بأهل البلد، فإن كانت غير مسكونة بالأهل في وقت من العام، فلا تشترط مجاوزتها كالمزارع، وكذا إذا كانت منفصلة عن البلد، ولا ينتفع ساكنوها باهلها، فلا تشترط مجاوزتها، ولا يشترط مجاوزة ثلاثة أميال من سور بلد الجمعة على المعتمد، بل العبرة بمجاوزة البساتين المذكورة فقط، ولو كان مسافراً من بلد تقام فيها الجمعة، ومثل البساتين القريبة المتصلة بالبلد التي سافر منها إذا كان أهلها ينتفعون بأهل البلد، فلا بد من مجاوزتها أيضاً، فالعزب المتجاورة متى كان بين سكانها ارتفاق، فهي كبلد واحد، فلا يقصر المسافر من عربة منها حتى يجاوز الجميع، وأما ساكن الخيام فلا يقصر إذا سافر حتى يجاوز جميع الخيام، التي يجمع سكانها اسم قبيلة ودار واحدة؛ أو اسم الدار فقط، فإن جمعهم اسم القبيلة فقط أو لم يجتمعوا في قبيلة ولا دار، فإن كان بينهما ارتفاق فلا بد من مجاوزة الكل، وإلا كفى أن يجاوز المسافر خيمته فقط، وأما المسافر من محله خال عن الخيام والبناء، فإنه يقصر متى انفصل عن محله
رابط الموضوع
رابط تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة pdf


https://www.noor-book.com/كتاب-الفقه-على-المذاهب-الأربعة-pdf


...............


رابط الكتاب من المكتبة الشاملة الحديثة


https://al-maktaba.org/book/9849

امانى يسرى محمد 09-17-2025 08:19 PM

[اقتداء المسافر بالمقيم]
من شروط القصر أن لا يقتدي المسافر الذي يقصر الصلاة بمقيم أو مسافر يتم الصلاة فإن فعل ذلك وجب عليه الإتمام، سواء اقتدى به في الوقت أو بعد خروج الوقت، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) .ولا فرق في ذلك بين أن يدرك مع الإمام كل الصلاة أو بعضها حتى ولو أدرك التشهد الأخير، فإنه يتم، باتفاق، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، ولا يكره اقتداء المسافر بالمقيم إلا عند المالكية، فإنهم يقولون: يكره، إلا إذا كان الإمام أفضل أو به ميزة.[نية القصر]ومنها أن ينوي القصر عند كل صلاة تقصر على التفصيل المتقدم في مبحث "النية" باتفاق الشافعية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والحنفية فانظر مذهبيهما تحت الخط (3) .


1) الحنفية قالوا: لا يجوز اقتداء المسافر بالمقيم إلا في الوقت، وعليه الإتمام حينئذ، لأن فرضه يتغير عند ذلك من اثنين لأربع، أما إذا خرج الوقت فلا يجوز له الاقتداء بالمقيم لأنه فرضه بعد خروج الوقت لا يتغير إلى أربع، لأنه استقر في ذمته ركعتين فقط، فلو اقتدى به بطلت صلاته، لأن القعدة الأولى حينئذ في حَق المسافر المقتدي فرض، وهي في حَق إمامه المقيم بالمسافر فيصح مطلقاً في الوقت وبعده، ويصلي معه ركعتين، فإذا سلم قام المأموم وكمل صلاته كالمسبوق بركعتين

(2) المالكية قالوا: إذا لم يدرك المسافر مع الإمام المقيم ركعة كاملة، فلا يجب عليه الإتمام، بل يقصر لأن المأمومية لا تتحقق إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام


(3) المالكية قالوا: تكفي نية القصر في أول صلاة يقصرها في السفر، ولا يلزم تجديدها فيما بعدها من الصلوات، فهي كنية الصوم أول ليلة من رمضان، فإنها تكفي لباقي الشهر.


الحنفية قالوا: إنه يلزمه نية السفر قبل الصلاة، ومتى نوى السفر كان فرضه ركعتين، وقد علمت أنه لا يلزمه في النية تعيين عدد الركعات، كما تقدم
/////////////////////////////////

[ما يمنع القصر: نية الإقامة]


يمتنع القصر بأمور: منها أن ينوي الإقامة مدة مفصلة في المذاهب .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


الحنفية قالوا: يمتنع القصر إذا نوى الإقامة خمسة عشر يوماً متوالية كاملة، فلو نوى الإقامة أقل من ذلك، ولو بساعة لا يكون مقيماً، ولا يصح له قصر الصلاة بشروط أربعة: الأول: أن يترك السير بالفعل، فلو نوى الإقامة، وهو يسير لا يكون مقيماً، ويجب عليه القصر؛ الثاني: أن يكون الموضع الذي الإقامة فيه صالحاً لها، فلو نوى الإقامة في صحراء ليس فيها سكان أو في جزيرة خربة أو في بحر فإنه يجب عليه القصر؛ الثالث: أن يكون الموضع الذي نوى الإقامة فيه واحداً، فلو نوى الإقامة ببلدتين لم يعين إحداهما لم تصح نيته أيضاً؛ الرابع: أن يكون مستقلاً بالرأي، فلو نوى التابع الإقامة لا تصح نيته، ولا يتم إلا علم نية متبوعة، كما تقدم، ومن نوى السفر مسافة ثلاثة أيام ثم رجع قبل إتمامها وجب عليه إتمام الصلاة بمجرد عزمه على الرجوع، وكذا إذا نوى الإقامة قبل إتمامها، فإنه يجب عليه الإتمام في الموضع الذي وصل إليه، وإن لم يكن صالحاً للإقامة فيه، كما يأتي، ومن نوى الإقامة أقل من خمسة عشر يوماً أو أقام بمحل منتظراً قافلة مثلاً وعلم أنها لا تحضر إلا بعد خمسة عشر يوماً، فإنه يعتبر ناوياً الإقامة، ويجب عليه إتمام الصلاة في هذه الحالة.
الحنابلة قالوا: يمتنع القصر لو نوى المسافر إقامة مطلقة، ولو في مكان غير صالح للإقامة فيه أو نوى الإقامة مدة يجب عليه فيها أكثر من عشرين صلاة، وكذا إذا نوى الإقامة لحاجة يظن أنها لا تنقضي إلا في اربعة أيام، ويوم الدخول، ويوم الخروج يحسبان من المدة، ومن أقام في أثناء سفره لحاجة بلا نية إقامة، ولا يدري متى تنقضي فله القصر، ولو أقام سنين، سواء غلب على ظنه كثرة مدة الإقامة أو قلتها بعد أن يحتمل انقضاؤها في مدة لا ينقطع حكم السفر بها، وإذا رجع إلى المحل الذي سافر منه قبل قطع المسافة، فلا يقصر في عودته.




المالكية قالوا: يقطع حكم السفر ويمنع القصر نية إقامة أربعة أيام بشرطين: أحدهما: أن تكون تامة لا يحتسب منها يوم الدخول إن دخل بعد طلوع الفجر ولا يوم الخروج إن خرج في أثنائه، وثانيهما: وجوب عشرين صلاة على الشخص في هذه الإقامة، فلو أقام أربعة أيام تامة، وخرج بعد غروب الشمس من اليوم الرابع، وكان ناوياً ذلك قبل الإقامة، فإنه يقصر حال إقامته لعدم وجوب عشرين صلاة، وكذا إذا دخل عند الزوال، وكان ينوي الارتحال بعد ثلاثة أيام، وبعض الرابع غير يوم الدخول، فإنه يقصر لعدم تمام الأيام الأربعة، ثم إن نية الإقامة إما أن تكون في ابتداء السير، وإما أن تكون في أثنائه، فإن كانت في ابتداء السير، فلا يخلو إما أن تكون المسافة بين محل النية، ومحل الإقامة مسافة قصر أو لا، فإن كانت مسافة قصر قصر الصلاة حتى يدخل محل الإقامة بالفعل، وإلا أتم من المسافة بينهما دون مسافة القصر على المعتمد؛ ولا يشترط في محل الإقامة المنوية أن يكون صالحاً للإقامة فيه، فلو نوى الإقامة المذكورة بمحل لا عمران به، فلا يقصر بمجرد دخوله على ما تقدم، ومثل نية الإقامة أن يعلم بالعادة أن مثله يقيم في جهة أربعة أيام فأكثر فإنه يتم، وإن لم ينو الإقامة، أما إن أراد أن يخالف العادة، ونوى أن لا يقيم فيها الأربعة أيام المعتادة، فإنه لا ينقطع حكم سفره، ويستثنى من نية الإقامة نية العسكر بمحل خوف، فإنها لا تقطع حكم السفر، أما إذا أقام بمحل في أثناء سفره بدون أن ينوي الإقامة به فإن إقامته به لا تمنع القصر ولو أقام مدة طويلة، بخلاف ما إذا أقام بدون نية في محل ينتهي إليه سفره، فإن هذه الإقامة تمنع من القصر، إذا علم أو ظن أنه يخرج منه قبل المدة القاطعة للسفر، ومن رجع بعد الشروع في السفر إلى المحل الذي سافر منه، سواء كان وطناً أو محل إقامة اعتبر الرجوع في حقه سفراً مستقلاً، فإن كان مسافة قصر قصر وإلا فلا، ولو لم يكن ناوياً الإقامة في ذلك المحل، وسواء كان رجوعه لحاجة نسيها أو لا.
الشافعية قالوا: يمتنع القصر إذا نوى الإقامة أربعة أيام تامة غير يومي الدخول والخروج؛ فإذا نوى أقل من أربعة أيام أو لم ينو شيئاً، فله أن يقصر حتى يقيم أربعة أيام بالفعل.
هذا إذا لم تكن له حاجة في البقاء، أما إذا كانت له حاجة، وجزم بأنها لا تقضي في أربعة أيام، فإن سفره ينتهي بمجرد المكث والاستقرار، سواء نوى الإقامة بعد الوصول له أولا، فإن توقع قضاءها من وقت لآخر بحيث لا يجزم بأنه يقيم أربعة أيام، فله القصر إلى ثمانية عشر يوماً

///////////

[ما يبطل به القصر، وبيان الوطن الأصلي وغيره]

يبطل القصر بالعودة إلى المكان الذي يباح له القصر عنده حين ابتدأ سفره، سواء كان ذلك المكان وطناً له أو لا؛ ومثل العودة بالفعل نية العودة، وفي ذلك كله تفصيل في المذاهب فانظره تحت الخط .

الحنفية قالوا: إذا عاد المسافر إلى المكان الذي خرج منه، فإن كان ذلك قبل أن يقطع مقدار مسافة القصر بطل سفره، وكذلك يبطل بمجرد نية العودة، وإن لم يعد، ويجب عليه في الحالتين إتمام الصلاة، أما إذا عاد بعد قطع مسافة القصر، فإنه لا يتم إلا إذا عاد بالفعل، فلا يبطل القصر بمجرد نية العودة، ولا بالشروع فيها، ثم إن الوطن عندهم ينقسم إلى قسمين: وطن أصلي، وهو الذي ولد فيه الإنسان، أو له فيه زوج في عصمته، أو قصد أن يرتزق فيه، وإن لم يولد به، ولم يكن له به زوج؛ ووطن إقامة، وهو المكان الصالح للإقامة فيه مدة خمسة عشر يوماً، فأكثر إذا نوى الإقامة، ثم إن الوطن الأصلي لا يبطل إلا بمثله، فإذا ولد شخص بأسيوط مثلاً كانت له وطناً أصلياً، فإن خرج منها إلى القاهرة، وتزوج بها أو مكث فيها بقصد الاستقرار والتعيش كانت له وطناً أصلياً كذلك، فإذا سافر من القاهرة إلى أسيوط التي ولد بها وجب عليه قصر الصلاة فيها ما لم ينو المدة التي تقطع القصر، لأن أسيوط، وإن كانت وطناً أصلياً له، إلا أنه بطل بمثله وهو القاهرة ولا يشترط في بطلان أحدهما بالآخر أن يكون بينهما مسافة القصر، فلو ولد في الواسطي مثلاً ثم انتقل إلى القاهرة قاصداً الاستقرار فيها، أو تزوج فيها ثم سافر إلى أسيوط، ومر في طريقه على الواسطي، أو دخل فيها، فإنه يقصر، لأنها - وإن كانت وطناً أصلياً - إلا أنه بطل بمثله، وهو القاهرة، وإن لم يكن بينهما مسافة القصر: فلا يبطل الوطن الأصلي بوطن الإقامة، فلو سافر من محل ولادته أو بلدة زوجه أو محل ارتزاقه إلى جهة ليست كذلك، وأقام بها خمسة عشر يوماً، ثم عاد إلى المحل الذي خرج منه، فإنه يجب عليه الإتمام وإن لم ينو الإقامة لأن وطن الإقامة لا يبطل الوطن الأصلي؛ أما وطن الإقامة فإنه يبطل بثلاثة
أمور: أحدها: الوطن الأصلي، فإذا أقام شخص بمكة مثلاً خمسة عشر يوماً، ثم سافر منها إلى منى، فتزوج بها، ثم رجع إلى مكة، فإنه يتم الصلاة لبطلان وطن الإقامة، وهو مكة، بالوطن الأصلي، وهو منى، ثانيها: يبطل بمثله، فلو سافر مسافة قصر إلى مكان صالح للإقامة، وأقام به خمسة عشر يوماً ناوياً، ثم ارتحل عنه إلى مكان آخر وأقام به كذلك، ثم عاد إلى المكان الأول وجب عليه قصر الصلاة إن لم ينو الإقامة به خمسة عشر يوماً، لأن وطن الإقامة الأول بطل بوطن الإقامة الثاني، ولا يشترط في بطلان وطن الإقامة به خمسة عشر يوماً، لأن وطن الإقامة الأول بطل بوطن الإقامة الأصلي، ولا يشترط في بطلان وطن الإقامة بمثله أن يكون بينهما مسافة قصر، كما تقدم في الوطن الأصلي، ثالثها: إنشاء السفر من وطن الإقامة فلو أقام المسافر سفر قصر بمكان صالح خمسة عشر يوماً فأكثر، ثم نوى السفر بعد ذلك إلى مكان آخر بطل وطن الإقامة بإنشاء السفر منه، فلو عاد إليه ولو لحاجة لا يتم لبطلان كونه وطن إقامة له بإنشاء السفر منه، أما إنشاء السفر من غ يره، فإنه لا يبطله إلا بشرطين: أحدهما: أن لا يمر المسافر في طريقه على وطن إقامته، فإذا مر عليه لم يبطل كونه وطن إقامة، ثانيهما: أن يكون بين المكان الذي أنشأ منه السفر بين وطن الإقامة مسافة القصر، فلو كان أقل من ذلك لا يبطل كونه وطن إقامة، مثلاً إذا خرج تاجران، أحدهما من أسيوط، والآخر من جرحا، وأقام الأول بالقاهرة خمسة عشر يوماً ناوياً، وأقام الثاني بكفر الزيات كذلك، فصارت القاهرة وطن الإقامة للأول، وكفر الزيات وطن الإقامة للثاني، وبين القاهرة وكفر الزيات مسافة القصر، فإذا قام كل منهما إلى بنها، ففي هذه الحالة يتمان، لأن بين القاهرة وبنها دون مسافة القصر، وكذلك من كفر الزيات إلى بنها، فإذا أقاما ببنها خمسة عشر يوماً بطلوطن إقامة لهما، فإذا قاما من بنها إلى كفر الزيات بقصد إنشاء السفر من كفر الزيات إلى القاهرة؛ فأقاما بكفر الزيات يوماً، ثم قاما إلى القاهرة، فإنهما يتمان في كفر الزيات، لأن المسافة دون مسافة القصر، وكذلك يتمان في طريقهما إلى القاهرة إذا مرا على بنها، لأنه - وإن كان بين كفر الزيات وبين القاهرة مسافة قصر - إلا أنهما لمرورهما في سفرهما على بنها لم يبطل كونها وطن إقامة لهما، لأن وطن الإقامة لا يبطل بإنشاء السفر من غيره، وهو كفر الزيات ما دام المسافر يمر عليه، وما دامت المسافة بينه وبين المكان الذي أنشأ السفر منه دون مسافة القصر.


المالكية قالوا: إذا سافر من بلدة قاصداً قطع مسافة القصر، ثم رجع إلى تلك البلدة، فتلك البلدة، إما أن تكون بلدته الأصلية، وهي التي نشأ فيها وإليها ينتسب، وإما أن تكون بلدة أخرى ويريد أن يقيم بها دائماً، وإما أن تكون محلاً أقام فيه المدة القاطعة لحكم السفر بنية، فإذا رجع إلى بلدته الأصلية، أو البلدة التي نوى الإقامة فيها على التأبيد، فإنه يتم بمجرد دخولها، ولو لم ينو بها الإقامة القاطعة، إلا إذا خرج منها أولاً رافضاً لسكناها، فإن دخوله فيها لا يمنع القصر إلا إذا نوى إقامة بها قاطعة، أو كان بها زوجة بنى بها، وإذا رجع إلى محل الإقامة فدخوله فيه لا يمنع القصر، إلا إذا نوى إقامة المدة المذكورة.
هذا هو الحكم في حال وجوده بالبلدة التي خرج منها، وأما حال رجوعه وسيره إلى هذه البلدة فينظر للمسافة، فإن كانت مسافة الرجوع مسافة قصرٍ قصر، وإلا فلا، ومتى كانت مسافة الرجوع أقل من مسافة القصر فقد بطل السفر، وأتم الصلاة في حال رجوعه وحال وجوده بالبلدة مطلقاً، ولو كانت غير بلدته الأصلية، وغير محل الإقامة على التأبيد، وأما إذا كانت بلدته الأصلية أو البلدة التي نوى الإقامة فيها على الدوام في أثناء طريقه، ثم دخلها، فإن مجرد دخوله يقطع حكم السفر ومثل ذلك بلدة الزوجة التي بنى بها وكان غير ناشز، فمجرد دخولها يقطع حكم السفر أيضاً، فإن نوى في أثناء سيره دخول ما ذكر نظر إلى المسافة بين محل النية والبلدة المذكورة وهي بلدته الأصلية، أو بلدة الإقامة على الدوام، أو بلدة الزوجة، فإن كانت مسافة قصر قصر في حال سيره إليها، وإلا فلا، واعتمد بعضهم القصر مطلقاً، ومجرد المرور لا يمنع حكم القصر، كما أن دخول بلدة الزوجة التي لم يدخل لها أو كانت ناشزاً لا يمنعه.



الشافعية قالوا: الوطن هو المحل الذي يقيم فيه المرء على الدوام صيفاً وشتاءً، وغيره ما ليس كذلك، فإذا رجع إلى وطنه بعد أن سافر منه انتهى سفره بمجرد وصوله إليه، سواء رجع إليه لحاجة أو لا، وسواء نوى إقامة أربعة أيام به أو لا، ويقصر في حال رجوعه حتى يصل، وإن رجع إلى غير وطنه فإما أن يكون رجوعه لغير حاجة، أو لا، فإن كان رجوعه لغير حاجة فلا ينتهي سفره إلا بنية إقامة المدة القاطعة قبل وصوله، أو نية الإقامة مطلقاً، بشرط أن ينوي وهو ماكث لا سائر، مستقل لا تابع، وحينئذ ينتهي سفره بمجرد الوصول؛ فإن لم ينو الإقامة المذكورة، فلا ينقطع حكم السفر إلا بأحد أمرين: إقامة المدة المذكورة بالفعل أو نيتها بعد الوصول، وإن كان رجوعه لحاجة، فإن جزم بأنها تقضى في أربعة أيام انقطع سفره بمجرد الاستقرار في البلدة والمكث فيها، وإن لم ينو الإقامة، أما إذا علم أنها تقضى فيها، فلا ينقطع سفره وله القصر ما دام في هذه البلدة.
هذا إذا لم يتوقع قضاء الحاجة كل وقت، فإن توقع قضاءها كذلك فله القصر مدة ثمانية عشر يوماً كاملة، ومثل الرجوع إلى الوطن نيته، فينتهي السفر بمجرد النية، بشرط أن ينوي وهو ماكث غير سائر، وأما نية الرجوع إلى غير وطنه، فينتهي سفره بها إذا كان الرجوع لغير حاجة فإن كان الرجوع المنوي لحاجة فلا ينقطع سفره بذلك، ومثل نية الرجوع التردد فيه.



الحنابلة قالوا: إذا رجع لوطنه الذي ابتدأ منه أولاً أو نوى الرجوع إليه، فإن كانت المسافة دون مسافة القصر وجب عليه الإتمام بمجرد ذلك حتى يفارق وطنه ثانياً أو يعدل عن نية الرجوع؛ ولا يلزمه إعادة ما قصره من الصلوات قبل أن يرجع أو ينوي الرجوع، ولا فرق في كل ذلك بين أن يكون رجوعه لحاجة أو للعدول عن السفر بالمرة، وإن كانت المسافة بين وطنه وبين المحل الذي نوى الرجوع فيه قدر مسافة القصر قصر في حال رجوعه؛ لأنه سفر طويل فيقصر فيه، وإذا مر المسافر بوطنه أتم، ولو لم يكن له به حاجة سوى المرور عليه لكونه طريقه، وكذا إذا مر ببلدة تزوج فيها، وإن لم تكن وطناً له، فإنه يتم حتى يفارق تلك البلدة

رابط الموضوع

ام هُمام 09-24-2025 06:12 PM

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله خيرا

امانى يسرى محمد 09-29-2025 07:59 PM

مباحث الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً


يتعلق به أمور: أحدها: تعريفه، ثانيها: حكمه. ثالثها: شروطه وأسبابه.


[تعريفه]

هو أن يجمع المصلي بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الظهر، بأن يصلي العصر مع الظهر قبل حلول وقت العصر، أو يجمع بينهما تأخيراً، بأن يؤخر الظهر حتى يخرج وقته، ويصليه مع العصر في وقت العصر، ومثل الظهر والعصر، المغرب والعشاء، فيجمع بينهما تقديماً وتأخيراً. أما الصبح فإنه لا يصح فيه الجمع على أي حال، ولا يجوز للمكلف أن يؤخر فرضاً عن وقته أو يقدمه بدون سبب من الأسباب التي سنذكرها، لأنه الله سبحانه قد أمرنا بأداء. الصلاة في أوقاتها المبينة في مبحث "أوقات الصلاة" حيث قال: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} ولكن الدين الإسلامي دين يسر فأباح الصلاة في غير أوقاتها عند وجود مشقة دفعاً للحرج.


[حكمه وأسبابه]

أما حكمه فهو الجواز؛ وأما أسبابه وشروطه، فإن فيها تفصيل المذاهب؛ فانظرها تحت الخط (1) .


(1) المالكية قالوا: أسباب الجمع هي: السفر، والمرض، والمطر، والطين مع الظلمة في آخر الشهر، ووجود الحاج بعرفة أو مزدلفة: الأول: السفر، والمراد به مطلق السفر، سواء كان مسافة قصر أو لا، ويشترط أن يكون غير محرم ولا مكروه، فيجوز لمن يسافر سفراً مباحاً أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، بشرطين: أحدهما: أن تزول عليه الشمس حال نزوله بالمكان الذي ينزل فيه المسافر للاستراحة: ثانيهما: أن ينوي الارتحال قبل دخول وقت العصر والنزول للاستراحة مرة أخرى بعد غروب الشمس، فإن نوى النزول قبل اصفرار الشمس صلى الظهر قبل أن يرتحل، وأخر العصر وجوباً حتى ينزل، لأنه ينزل في وقتها الاختياري، فلا داعي لتقديمها، فإن قدمها مع الظهر صحت مع الإثم وندب إعادتها في وقتها الاختياري بعد نزوله، وإن نوى النزول بعد الاصفرار وقبل الغروب صلى الظهر قبل أن يرتحل وخير في العصر، فإن شاء قدمها، وإن شاء آخرها حتى ينزل، لأنها واقعة في الوقت الضروري على كل حال، لأنه إن قدمها صلاها في وقتها الضروري المقدم لأجل السفر، وإن أخرها صلاها في وقتها الضروري المشروع، وإن دخل وقت الظهر - وهو بزوال الشمس - وكان سائراً؛ فإن نوى النزول وقت اصفرار الشمس أو قبله جاز له تأخير الظهر حتى يجمعها مع العصر، ولا تأخير العصر حتى ينزل، لأنه يؤدي إلى إخراج كل من الصلاتين عن وقتها، وإنما يجمع بينهما جمعاً صورياً، فيوقع في جميع هذا التفصيل، ولكن مع ملاحظة أو أول وقت المغرب، وهو غروب الشمس ينزل منزلة الزوال بالنسبة للظهر، وأن ثلث الليل الأول ينزل منزلة اصفرار الشمس بعد العصر، وأن طلوع الفجر بمثابة غروب الشمس فيما تقدم، فإذا دخل وقت المغرب وهو نازل، فإن نوى الارتحال قبل دخول وقت العشاء والنزول بعد طلوع الفجر جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم قبل ارتحاله، وإن


نوى النزول قبل الثلث الأول أخر العشاء حتى ينزل، وإن نوى النزول بعد الثلي الأول من الليل صلى المغرب قبل ارتحاله وخير في العشاء، وعلى هذا القياس، والجمع للسفر جائز بمعنى خلاف الأولى، فالأولى تركه، وإنما يجوز إذا كان مسافراً في البر، فإن كان مسافراً في البحر، فلا يجوز له؛ لأن رخصة الجمع إنما ثبتت في سفر البر لا غير، الثاني: المرض؛ فمن كان مريضاً يشق عليه القيام لكل صلاة أو الوضوء كذلك، كالمبطون يجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمعاً صورياً، بأن يصلي الظهر في آخر وقتها الاختياري، والعصر في أول وقتها الاختياري، ويصلي المغرب قبيل مغيب الشفق، والعشاء في أول مغيبه، وليس هذا جمعاً حقيقياً لوقوع كل صلاة في وقتها، وهو جائز من غير كراهة؛ وتحصل لصاحبه فضيلة أو الوقت بخلاف غير المعذور، فإنه - وإن جاز له هذا الجمع الصوري - ولكن تفوته فضيلة أول الوقت،


وأما الصحيح إذا خاف حصول دوخة تمنعه من أداء الصلاة على وجهها، أو إغماء يمنعه من الصلاة عند دخول وقت الصلاة الثانية كالعصر بالنسبة للظهر؛ والعشاء بالنسبة للمغرب، فإنه يجوز له أن يقدم الصلاة الثانية كالعصر بالنسبة للظهر؛ والعشاء بالنسبة للمغرب، فإنه يجوز له أن يقدم الصلاة الثانية مع الأولى، فإن قدمها، ولم يقع ما خافه أعادها في الوقت، ولو الضروري استحباباً.


الثالث؛ والرابع: المطر والطين مع الظلمة إذا وجد مطر غزير يحمل أواسط الناس على تغطية رؤوسهم أو وحل كبير، وهو ما يحمل أواسط الناس على خلع الحذاء مع الظلمة، جاز جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم محافظة على صلاة العشاء في جماعة من غير مشقة، فيذهب إلى المسجد عند وقت المغرب، ويصليهما دفعة واحدة، وهذا الجمع جائز بمعنى خلاف الأولى، وهو خاص بالمسجد، فلا يجوز بالمنازل، وصفة هذا الجمع أن يؤذن للمغرب أولاً بصوت مرتفع كالعادة، ثم يؤخر صلاة المغرب ندباً بعد الأذان بقدر ثلاث ركعات، ثم يصلي المغرب، ثم يؤذن للعشاء ندباً في المسجد لا على المنارة لئلا يظن دخول وقت العشاء المعتاد، ويكون الأذان بصوت منخفض، ثم يصلي العشاء، ولا يفصل بينهما بنفل، وكذا يكره التنفل بين كل صلاتين مجموعتين، فإن تنفل فلا يمتنع الجمع، وكذا لا يتنفل بعد العشاء في جمع المطر ويؤخر صلاة الوتر حتى يغيب الشفق، لأنها تصح إلا بعده، ولا يجوز الجمع للمنفرد في المسجد إلا أن يكون إماماً راتباً له منزل ينصرف إليه، فإنه يجمع وحده ينوي الجمع والإمامة، لأنه منزل منزلة الجماعة، ومن كان معتكفاً بالمسجد جاز له إن انقطع قبل الشروع؛ الخامس: الوجود بعرفة، فيسن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم بعرفة، سواء كان من أهلها، أو من أهل غيرها من أماكن النسك، كمنى ومزدلفة، أو كان من أهل الآفاق، ويقصر من لم يكن من أهل عرفة للسنة، وإن لم تكن المسافة مسافة قصر؛ السادس: الوجود بمزدلفة، فيسن للحاج بعد أن يدفع من عرفة أن يؤخر المغرب حتى يصل إلى المزدلفة فيصليها مع العشاء مجموعة جمع تأخير، وإنما يسن الجمع لمن وقف مع الإمام بعرفة وإلا صلى كل صلاة في وقتها، ويسن قصر العشاء لغير أهل المزدلفة؛ لأن القاعدة أن الجمع سنة لكل حاج، والقصر خاص بغير أهل المكان الذي فيه، وهو عرفة ومزدلفة.



الشافعية قالوا: يجوز الجمع بين الصلاتين المذكورتين جمع تقديم أو تأخير للمسافر مسافة القصر المتقدمة بشروط السفر، ويجوز جمعها جمع تقديم فقط بسبب نزول المطر، ويشترط في جميع التقديم ستة شروط: الأول: الترتيب بأن يبدأ بصاحبة الوقت، فلو كان في وقت الظهر وأراد أن يصلي معه العصر في وقته يلزمه أن يبدأ بالظهر، فلو عكس صحت صلاة الظهر، وهي صاحبة الوقت، وأما التي بدأ بها وهي العصر، فلم تنعقد لا فرضاً ولا نفلاً إن لم يكن عليه فرض من نوعها، وإلا وقعت بدلاً منه، وإن كان ناسياً أو جاهلاً وقعت نفلاً: الثاني: نية الجمع في الأولى بأن ينوي بقلبه فعل العصر بعد الفراغ من صلاة الظهر، ويشترط في النية أن تكون في الصلاة الأولى ولو مع السلام منها، فلا تكفي قبل التكبير، ولا بعد السلام؛ الثالث: الموالاة بين الصلاتين، بحيث لا يطول الفصل بينهما بما يسع ركعتين بأخف ما يمكن فلا يصلي بينهما النافلة الراتبة، ويجوز الفصل بينهما بالأذان والإقامة والطهارة، فلو صلى الظهر وهو متيمم ثم أراد أن يجمع معه العصر، فلا يضره أن يفصل بالتيمم الثاني للعصر، إذا لا يجوز أن يجمع بين صلاتين بالتيمم، كما تقدم؛ الرابع: دوام السفر إلى أن يشرع في الصلاة الثانية بتكبيرة الإحرام، ولو انقطع سفره بعد ذلك أثناءها، أما إذا انقطع سفره قبل الشروع فيها فلا يصح الجمع لزوال السبب؛ الخامس: بقاء وقت الصلاة الأولى جمعة في مكان تعددت فيه لغير حاجة وشك في السبق والمعية لا يصح جمع العصر معها جمع تقديم. هذا، والأولى ترك الجمع لأنه مختلف في جوازه في المذاهب، لكن يسن الجمع إذا كان الحاج مسافراً وكان بعرفة أو مزدلفة، فالأفضل للأول جمع العصر مع الظهر تقديماً، وللثاني جمع المغرب مع العشاء تأخيراً، لاتفاق المذاهب على جواز الجمع فيهما واعلم أن الجمع قد يكون أيضاً واجباً ومندوباً، فيجب إذا ضاق وقت الأولى عن الطهارة والصلاة أن يجمع تأخيراً، ويندب للحاج المسافر على ما سبق بيانه، كما يندب إذا ترتب على الجمع كمال الصلاة، كأن يصليها جماعة عند الجمع بدل صلاتها منفرداً عند عدمه، ويشترط لجمع الصلاة جمع تأخير في السفر شرطان: الأول نية التأخير في وقت الأولى ما دام الباقي منه يسع الصلاة تامة أو مقصورة، فإن لم ينو التأخير أو نواه والباقي من الوقت لا يسعها فقد عصى، وكانت قضاء إن لم يدرك منها ركعة في الوقت، وإلا كانت أداء مع الحرمة، الثاني: دوام السفر إلى تمام الصلاتين، فلو أقام قبل ذلك صارت الصلاة التي نوى تأخيرها قضاء؛ أما الترتيب والموالاة بين الصلاتين في جمع التأخير فهو مسنون، وليس بشرط، ويجوز للمقيم أن يجمع في السفر ولو عصراً مع الجمعة تقديماً في وقت الأولى بسبب المطر، ولو كان المطر قليلاً بحيث يبل أعلى الثوب: أو أسفل النعل، ومثل المطر الثلج والبرد الذائبان، ولكن لا يجمع المقيم هذا الجمع إلا بشروط: الأول: أن يكون المطر ونحوه موجوداً عند تكبيرة الإحرام فيهما، وعند السلام من الصلاة الأولى حتى تتصل بأول الثانية: ولا يضر القطاع المطر في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدهما، الثاني: الترتيب بين الصلاتين؛ الثالث: الموالاة بينهما؛ الرابع: نية الجمع كما تقدم في "جمع السفر"، الخامس: أن يصلي الثانية جماعة، ولو عند إحرامها: ولا يشترط وجود الجماعة إلى آخر الصلاة الثانية على الراجح، ولو انفرد قبل تمام ركعتها الأولى، السادس: أن ينوي الإمام الإمامة والجماعة؛ والسابع: أن يكون الجمع في مصلى بعيد عرفاً بحيث يأتونه بمشقة في طريقهم إليه، ويستثنى من ذلك الإمام الراتب، فله أن يجمع بالمأمومين بهذا السبب وإن لم يتأذ بالمطر، فإذا تخلف شرط منذلك، فلا يجوز الجمع للمقيم، وليس من الأسباب التي تبيح للمقيم هذا الجمع الظلمة الشديدة والريح والخوف والوحل والمرض على المشهور، ورجح جواز الجمع تقديماً وتأخيراً للمرض.


الحنفية قالوا: لا يجوز الجمع بين صلاتين في وقت واحد لا في الحضر بأي عذر من الأعذار إلا في حالتين: الأولى: يجوز جمع الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم بشروط أربعة: الأول: أن يكون ذلك يوم عرفة؛ الثاني: أن يكون محرماً بالحج؛ الثالث: أن يصلي خلف إمام المسلمين أو من ينوب عنه؛ الرابع: أن تبقى صلاة الظهر صحيحة، فإن ظهر فسادها وجبت إعادتها، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يجمع معها العصر، بل يجب أن يصلي العصر إذا دخل وقته؛ الثانية: يجوز جمع المغرب والعشاء في وقت العشاء جمع تأخير، بشرطين: الأول: أن يكون ذلك بالمزدلفة؛ الثاني: أن يكون محرماً بالحج، وكل صلاتين جمعتا لا يؤذن لهما إلا أذان واحد، وإن كان لكل منهما إقامة خاصة، قال عبد الله بن مسعود: والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها، إلا صلاتين: جمع بين الظهر والعصر بعفرة، وبين المغرب والعشاء بجمع - أي بالمزدلفة - رواه الشيخان.


الحنابلة قالوا الجمع المذكور بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً مباح وتركه أفضل، وإنما يسن الجمع بين الظهر والعصر تقديماً بعرفة، وبين المغرب والعشاء تأخيراً بالمزدلفة، ويشترط في غباحة الجمع أن يكون المصلي مسافراً سفراً تقصر فيه الصلاة، أو يكون مريضاً تلحقه مشقة بترك الجمع، أو تكون امرأة مرضعة أو مستحاضة، فإنه يجوز لها الجمع دفعاً لمشقة الطهارة عند كل صلاة، ومثل المستحاضة المعذور كمن به سلس بول، وكذا يباح الجمع المذكور للعاجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة، وللعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى والساكن تحت الأرض وكذا يباح الجمع لمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه، ولمن يخاف ضرراً يلحقه بتركه في معيشته؛ وفي ذلك سعة للعمال الذين يستحيل عليهم ترك أعمالهم.


وهذه الأمور كلها تبيح الجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً، ويباح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة بسبب الثلج والبرد والجليد والوحل والريح الشديدة الباردة والمطر الذي يبل الثوب، ويترتب عليه حصول مشقة، لا فرق في ذلك بين أن يصلي بداره أو بالمسجد، ولو كان طريقه مسقوفاً، والأفضل أن يختار في الجمع ما هو أهون عليه من التقديم أو التأخير، فإن استوى الأمران عنده فجمع التأخير أفضل ويشترط لصحة الجمع تقديماً وتأخيراً أن يراعي الترتيب بين الصلوات، ولا يسقط هنا بالنسيان؛ كما يسقط في قضاء الفوائت الآتي بعد؛ ويشترط لصحة جمع التقدم فقط أربعة شروط: الأول أن ينوي الجمع عند تكبيرة الإحرام في الصلاة الأولى؛ الثاني: أن لا يفصل بين الصلاتين إلا بقدر الإقامة والوضوء الخفيف، فلو صلى بينهما نافلة راتبة لم يصح الجمع؛ الثالث: وجود العذر المبيح للجمع عند افتتاحهما، وعند سلام الأولى؛ الرابع: أن يستمر العذر إلى فراغ الثانية؛ ويشترط لجمع التأخير فقط شرطان: الأول: نية الجمع في وقت الصلاة الأولى، إلا إذا ضاق وقتها عن فعلها، فلا يجوز أن يجمعها مع الثانية حينئذ؛ الثاني: بقاء العذر المبيح للجمع من حين نية الجمع وقت الصلاة الأولى إلى دخول وقت الثانية


رابط الموضوع
رابط تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة pdf


https://www.noor-book.com/كتاب-الفقه-على-المذاهب-الأربعة-pdf


...............


رابط الكتاب من المكتبة الشاملة الحديثة




الساعة الآن 01:30 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009