بيّن لك في هذه السورة كل شيء وما الواجب عليك فاسمع وأطع وسلّم أمرك لله وإياك أن تتخلف عما أوجب الله عليك أو تحاول أن تتملص من أحكام الله عز وجلّ فإنك إن تملصت صار مصيرك مصير أبيك آدم أو مصيركم بني إسرئيل الذين فضلهم الله على العالمين فتملصوا فسلبهم الله ذلك التفضيل وضرب عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب الله. إن استجبتم وأطعتم صار مصيركم مصير إبراهيم إمام الحنفاء وأبو الأنبياء وخليل الرحمن وأحد أولي العزم من الرسل والذي يؤكد هذا أن آخر السورة قال الله عز وجلّ مبينًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد استجابوا وآمنوا وأطاعوا وامتثلوا أمر الله (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) لكن يا رب أحيانًا تزلّ بنا القدم (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) قال الله من رحمته بنا (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) لا يكلفك الله شيئا لا تطيقه ما لا تطيقه من أوامر الله فإنه الله عز وجلّ يسقطه عنك (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾).
تقرأ سورة البقرة فتظن أنك في كل لحظة تأتي إلى قضية لا تتصل بالقضية الأخرى ولكن عندما تنظر إليها هذه النظرة الكلية العامة ستجد أنها سورة قد رُتبت ترتيبًا بديعًا ونظمت نظمًا عجيبًا وأحكمت آياتها إحكامًا في غاية الإتقان وهذا شيء يسير من فيوضها وأنوارها وإلا فالمجال يطول لو أردنا أن نسبح فيما احتوته هذه السورة من البدائع والعجائب والعبر العظات والدروس والحِكَم.
|