استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى القرآن الكريم وعلومه > قسم تفسير القرآن الكريم
قسم تفسير القرآن الكريم يهتم بكل ما يخص تفسير القرآن الكريم من محاضرات وكتب وغيرذلك
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 11-06-2016, 06:17 PM   #13
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الحادي عشر: في مشروعية كتابة الديون والإشهاد عليها
الآية (282) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن المال قوام الأعمال. واسمع قول الله تعالى فيه: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} ، إذ حرم إعطاء المال لغير الراشدين كالنساء والأطفال وقاصرى العقول وعادمي البصيرة في التصرف المالي، فإذا عرفت هذا فهيا بنا نشرح آية الدين ونبين ما احتوت عليه من أحكام تتعلق بالديون، الأخذ بها بعد معرفتها يحفظ على المسلم ماله ويصون كرامته.
وأول أحكام الديون هو: كتابة الدين إذا كان مؤجلا لثلاثة أيام فأكثر ودل على هذا الحكم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} .
وثاني أحكامها: مشروعية بيع السلم إذ قوله إلى أجل مسمى دال عليه وبيع السلم هو أن يبيع العبد أخاه تمرا أو قمحا إلى أجل فيأخذ البائع الثمن. ويدفع السلعة عند حلول الأجل على شرط أن يكون السلم معلوم الكيل أو الوزن، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ".
وثالث الأحكام: أن يكتب الدين وإن على الكاتب أن يعدل فيما يكتب فلا يزيد ولا ينقص ولا يبدل ويغير لقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} .
ورابع الأحكام: أن من يحسن الكتابة إذا أحتيج إليه ليكتب بين متداينين وجب عليه أن يكتب لقوله تعالى: {وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ} أي شكرا لله تعالى على تعليمه الكتابة.
وخامس أحكام هذه الآية. أن الذي يملى على الكاتب هو الذي عليه الحق ليكون إملاؤه اعترافا بالحق وتقريرا له. لقوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} ، كما نهاه أن ينقص من الدين شيئا إذ قال تعالى: {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً} .
وسادس أحكامها: إن كان الذي عليه الحق قاصرا لسفه أو خوف فليملل وليه بالعدل، أي بالقسط بلا زيادة في الدين ولا نقص منه.
وسابع الأحكام: الإشهاد على صك الكتابة ويشهد رجلان فإن تعذر وجود رجلين فرجل وامرأتان إذ قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} .
وثامن الأحكام: حرمة رفض الشهود الشهادة إذا دعوا إليها، وتوقف حق المرء على شهادتهما إذ قال تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} أي لآداء الشهادة.
وتاسع الأحكام: الحث على كتابة الدين قليلا كان أو كثير إذ قال الله تعالى: {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ}
وعاشر الأحكام: العفو عن عدم الكتابة في التجارة الحاضرة كأن يشترى المرء قنطارا تمرا أو سكرا على أن يسدد الثمن بعد يوم أو أيام مثلا فإنه لا تتعين كتابة هذا الدين.
وحادي عشر الأحكام: وجوب الإشهاد على البيع فمن باع دارا أو بستانا أو سيارة فليكتب ويشهد على الكتابة إذ قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}
وثاني عشر الأحكام: أن لا يضار كاتب ولا شهيد كأن يدعى الكاتب أو الشاهد إلى مكان بعيد أو إلى وقت يعطل فيه عمله، أو يضيع فيه حقوقه إذ قال تعالى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} ، ومن الإضرار بالكاتب والشهيد أن يطلب إليهم أن يكتبوا باطلا أو يشهدوا زورا.
وثالث عشر الأحكام: الأمر بتقوى الله ووعد الله تعالى للمتقين بأن يعلمهم ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم بما يؤتيهم من نور في قلوبهم يفرقون به بين الحق والباطل والرابح والخاسر إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}
بعد هذه الأحكام التي اشتملت عليها آية الدين العظيمة فإليك بعض البيانات الهامة:
1-شهود المال لا يقلون عن إثنين، وأما شهود الزنا فهم أربعة لا يقلون عنها.
2-لا يشهد الصغير ولا العبد المملوك.
3-إن وجد شاهد فقط تتمم الشهادة باليمين.
4-خير الشهود الذي يأتى بشهادته قبل أن يسألها للحديث في ذلك.
5-أول من جحد أدم فجحد بنوه لذا شرع الله الكتابة في البيوع والديون لحديث أبى داود.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-06-2016, 06:21 PM   #14
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الثاني عشر: التحذير من طاعة بعض أهل الكتاب حتى لا يفسدوا على المؤمن دينه
الآيتان (100 _ 101) من سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ٍ} .
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم أن الله تعالى ما ينادى المؤمنين إلا ليأمرهم بما فيه سعادتهم في دنياهم وأخراهم، أو لينهاهم عما فيه خسارتهم وشقاؤهم في دنياهم وأخراهم، أو ليبشرهم بما يزيد حبهم في الله وطاعة له وحبا فيه، أو ليحذرهم وينذرهم بما فيه خطر أو شر، وذلك لأنهم إن اتقوه كانوا أولياءه، وأولياؤه تعالى لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة، وهذا هو الفوز العظيم.
وها هو ذا تبارك وتعالى ناداهم ليخبرهم محذرا لهم في طاعة بعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ فإنهم إن أطاعوهم كفروهم بردتهم عن الإيمان، فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} وهم الحاقدون على الإسلام والمسلمين، المغتاظون لظهور الإسلام وانتشار نوره في المشرق والمغرب، إن تطيعوهم فيما يزينون لكم ويحسنون من الباطل والكفر الخفى، وفيما يقبحون لكم من أحكام الإسلام، وعباداته، وآدابه، وأخلاقه، بدعوى أنها منافية للديمقراطية والحرية الشخصية، أو أنها تعوق عن التقدم الحضارى، أو أنها كانت فيما مضى صالحة، أما اليوم فنحن في
عصر الذرة وغزو الفضاء، فإنها تخلف أصحابها وتقعد بهم دون الحضارة والتقدم هؤلاء وهم طائفة اليهود والنصارى ممن يدعون العلم والمعرفة، وهم يحملون العداء للإسلام وأهله، هؤلاء إن تطيعوهم فتعتقدوا صحة ما يزينون لكم، وتأخذون بما يقدمون لكم من توجيهات وإرشادات ظاهرها أنها في صالحكم وباطنها فيها خزيكم، وذلكم هؤلاء إن تطيعوهم يردوكم بعد إيمانكم كافرين إذا فالحذر الحذر أيها المؤمنون وخذوا بهذه النصائح القرآنية الغالية، فإنكم تنجون من كيد أعدائكم الماكرين بكم، الطالبين بعدكم عن مصدر عزتكم وقوتكم وسيادتكم وقيادتكم.
واعلموا أن في الآية الكريمة بعد هذه مباشرة أكبر حصن لكم، وأعظم سور لمناعتكم من أعدائكم الكائدين لكم من هذا الفريق الذي تقدمت صفاته وهم أهل الحقد والتغيظ على الإسلام وأهله؛ لشعورهم أن الإسلام هو سبيل النجاة، وأن ما هم عليه من اليهودية أو النصرانية هو طريق الخسران في الدنيا والآخرة. وإنما منعهم من الإسلام حب الرئاسة، والمصالح المادية التي يعيشون عليها بين أتباعهم والشهوات المسيطرة على نفوسهم؛ لأن الإسلام يحرم منها ويبعد عن ساحتها؛ لذا هم مصرون على الكفر وتكفير المؤمنين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. ومثل هؤلاء بعض رجالات الرافضة في كونهم يبغضون أهل السنة والجماعة، ويبذلون الغالي والرخيص في صرف أهل السنة والجماعة عن سبيل النجاة إلى سبيل الهلاك بالتشيع القائم على تكفير خيرة الأصحاب أبى بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وتحريف معان آيات الله، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تصحيحا لمذهبهم الباطل، لحمل الأجيال على اعتناقه ليهلكوا معهم ويحرموا الجنة دار السلام مثلهم، لأن الذى يكفر مؤمنا فهو كافر فما بالك بالذي يكفر من رضى الله عنهم وأنزل ذلك في كتابه في قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} وهم ألف وأربعمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم العشرة المبشرون بالجنة، فكيف يرضى عنهم اليوم ويخبر برضاه عنهم ويكفرون بعد موت نبيهم، إن هذا اتهام لله عز وجل بأنه لا يعلم الغيب وأنه كالإنسان يرضى اليوم ويغضب غدا. وهذا هو الكفر بعينيه كما يقال. فتنبه أيها المؤمن القارئ المستمع لهذا النداء …
أما الحصن المانع من الوقوع في الكفر الذي يدعوا إليه الحاقدون عن الإسلام من يهود ونصارى، ورافضة، فهو في قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى
عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} . ومعنى هذه الآية أنه من العجيب أن يكفر مؤمن تتلى عليه آيات الله، وبين يديه رسوله يوجهه ويرشده ويحميه من مظلات الفتن. ومعنى هذا أن المناعة كل المناعة للمؤمن من الزيغ والكفر في العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فعلى المؤمنين أن يحيوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بأن يتعاهدوا في مدنهم وقراهم على الاجتماع كل ليلة في بيوت ربهم من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء يتعلمون الكتاب والحكمة ويعملون بما يعلمون بجد وصراحة وصدق، وأما المسافر فإنه يأتى مسجد أهل البلد الذي سافر إليه ويشهد معهم الصلاتين، ويسمع معهم الكتاب والحكمة، ويعمل بهما ويعلمهما، وبذلك يعظم ويفوز.
وأخيرا يخبر تعالى عباده المؤمنين مبشرا لهم بأن من يعتصم بالله أي بكتابه وسنة رسوله فقد هدى إلى صراط مستقيم، فلا يضل ولا يشقى.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2016, 05:22 PM   #15
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الثالث عشر: في الأمر بتقوى الله والموت على الإسلام
الآية (102) من سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونٍَ} .

الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي يحمل أمرين عظيمين من التكليف، ولولا الله ما قدر مؤمن على النهوض بهما، إلا أن العبد إذا صدق ربه وأخلص النية والعمل له، ولجأ في صدق إليه سبحانه وتعالى، فإن الله عز وجل لا يخيبه بل يسدده ويعينه حتى يأتى بهذين المطلبين العظيمين اللذان هما تقوى الله حق تقاته، والموت على الإسلام، إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونٍَ} .
واعلم أيها المؤمن أن الأمر بالتقوى أمر به تعالى عباده المؤمنين في عشرات الآيات، وإنما قوله هنا حق تقاته. هذا الذي حير عقول العلماء إذ ليس في قدرة العبد ذلك، إذ لو ذاب العبد وتحلل وتبخر من خشية الله تعالى ما كان ذلك وافيا بتقوى الجبار الذي يقول للشيء كن فيكون، والذي الأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه. والذي يحبى ويميت ويعز ويذل، وهو على كل شئ قدير.
وقد ذكر أهل العلم من السلف الصالح أن تقوى الله حق تقاته هي أن يذكر تعالى فلا ينسى، وأن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، والذي يخفف على المؤمن همه في تقوى الله حق تقاته هو قول الله تعالى في سورة التغابن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} فهذه الآية كالمخصصة لعموم قوله تعالى في هذه الآية {حَقَّ تُقَاتِهِ} والحمد لله.
ولنعلم أيها المؤمن أن العبد إذا حمل هم تقوى الله حق تقاته فأصبح يذكر ولا ينسى، ويشكر ولا يكفر، ويطيع ولا يعصى، وذلك في أغلب أوقاته، وأكثر أحواله، فإنه بحمد الله تعالى يحقق المطلوب منه وهو أن يتقى الله حق تقاته في حدود طاقته البشرية وخوفه الإنساني.
واذكر أيها المؤمن أن تقوى الله عز وجل هي طاعته، وطاعة رسوله، بفعل الأوامر واجتناب النواهي في حدود الطاقة البشرية، إلا أن هذه الطاعة متوقفة على معرفة الأوامر وكيف تفعل، ومعرفة النواهي وبما تترك. وهنا يتعين طلب العلم وهو معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته معرفة تثمر حبه تعالى في القلب، وخشيته في النفس، ومعرفة أوامره ونواهيه، ومعرفة محابه ومكارهه، ليحب العبد ما يحب ربه ويكره ما يكره، وبهذه التقوى تتحقق للعبد ولاية الرب عز وجل ومتى ظفر العبد بهذا المطلب السامي؛ وهو ولاية الله تعالى فقد فاز بالسعادة في الدارين وتلك أمنية العاملين، وهدف الساعين، من المؤمنين.
كان هذا بيان تقوى الله حق تقاته، وأما بيان قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فإن الله تعالى لما أمرنا بتقواه حق التقوى، نهانا أن نموت على غير الإسلام، كاليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما من الأديان الباطلة، وهل يملك المرء أن يموت على الإسلام أو غير الإسلام؟ والجواب: أن على العبد أن يسلم قلبه ووجهه لله تعالى، فلا يتقلب قلبه إلا في طاعة الله وطلب مرضاته، ولا يوجه وجهه راغبا وراهبا، إلا إلى الله عز وجل، ويستمر على ذلك، فإنه لا يموت إلا على تلك الحال وهى الإسلام، ومعنى هذا أن الاستمرار على طاعة الله ورسوله مع العزم على الموت على الإسلام سيؤدى قطعا بالعبد إلى أن يموت مسلما وكيف وهو يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار، وذلك لما يوجده الإيمان الصحيح الذي يرضى صاحبه أن يقتل ويصلب ويحرق ويمزق ولا يرضى أن يكفر بعد إيمانه وطاعته لربه وحصوله على رضاه.
فاذكر هذا أيها المؤمن وواصل طريق تقواك لله، فإنك ضامن أن لا تموت إلا على الإسلام بمشيئة الرحمن جل جلاله، وعظم سلطانه.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2016, 05:25 PM   #16
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الرابع عشر: في حرمة اتخاذ البطانة من غير المؤمنين، وبيان أثرها السيئ
الآية (118) من سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} .

الشرح:
اذكر أيها القارئ والمستمع الكريمان ما سبق من أسرار نداءات الرحمن في كتابه للمؤمنين به وبلقائه، إن منها إنذارهم وتحذيرهم من كل ما يرديهم أو يشقيهم. وها هو تعالى هنا يناديهم ليمنعهم ويحرم عليهم اتخاذ بطانة من غير المؤمنين كاليهود، والنصارى، والمشركين، يطلعونهم على بواطن أمورهم، وأسرار دولتهم وبخاصة الأسرار الحربية والمالية، فإن في هذا خطرا عظيما على الدولة المسلمة، وقد يؤدى بها إلى التلاشي بعد الفرقة والهزيمة، والعياذ بالله من كل شر وسوء يصيب الإسلام وأهله ودولتهم. فلنتأمل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} فالبطانة من يطلع على بواطن الأمور وخفاياها، ومن دوننا هم قطعا الكفار، وسواء كانوا أهل كتاب أو مشركين، ولنتأمل قوله {لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} أي لا يقصرون في إفساد أموركم عنكم بشتى الوسائل تحت شعار العلم والمعرفة، أو النصح والتوجيه، ولنتأمل قوله تعالى: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} أي أحبوا حبا عظيما كل ما يوقعكم في العنت والمشقة، حتى تحرموا سعادة الدنيا وهناءها وتصبحوا عالة عليهم، ومحتاجين إليه لتذلكم الحاجة، وتهينكم بين أيديهم. ولنتأمل قوله تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} أي قد ظهرت البغضاء وهى شدة بغضهم لكم لأنكم مسلمون وهم كافرون. وقال بأفواههم ولم يقل بألسنتهم إشارة إلى أنهم إذا تكلموا لكم ناصحين ومعلمين يتشدقون بالكلام، فتمتلئ أفواههم به إظهارا للرغبة في نفعكم وخيركم، والمتأمل الواعي البصير يعرف هذا من كلامهم، وما تخفى صدورهم من التغيظ عليكم والبغض لكم أكبر مما يظهر من كلامهم ولنتأمل قوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} فلننظر، فتتجلى لنا نعمة الرحمن الرحيم بعباده المؤمنين، إنها منته تعالى علينا، حيث منعنا من اتخاذ البطانة من غيرنا صرف للشر والأذى عنا، وإبقاء على نورنا وهدايتنا وكرامتنا. إنه يعقب على نعمة البيان والهداية بقوله: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ} الكاشفة لنا عن مخبئات أعدائنا لنا من الحسد والكره والغيظ والبغض. إن كنا نعقل عنه سبحانه وتعالى ما ينزله علينا ويخاطبنا به إكراما منه لنا فلله الحمد والمنة. ألا فليعلم هذا كل مسئول في دولة الإسلام وليعمل به ولا يعرض عنه ولا يتنكر له. فإن المناعة التامة للحفاظ على دولة الإسلام وقوتها وامتداد ظلها في العالمين.
ولنورد أخيرا ما يثبت به ما بيناه من هداية هذه الآية الكريمة الحاملة للنصيحة والتوجيه الرباني لأمة الإسلام، فهذا البخاري يروى في صحيحه تعليقا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كان له بطانتان: بطانه تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانه تأمره بالسوء وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله "، من هنا وجب على كل من ولى أمر المسلمين أن يعرف هذا ويحذر من بطانة السوء فلا يقبل اقتراحاتها ولا توجيهاتها، ويقبل مل تقدمه البطانة الصالحة ويشكرها عليه ويقربها منه ويدنيها إليه. وهذا عمر رضى الله عنه قال له أحد رجاله: إن هاهنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب ولا أخط بالقلم منه أفلا يكتب عنك؟ فقال: لا آخذ بطانة من دون المؤمنين. وجاء أيضا أبو موسى الأشعرى بحساب نصراني لعمر رضى الله عنه فانتهزه وقال: لا تدنهم وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله ولا تأمنهم وقد خونهم الله.
قل لي أيها المؤمن أبعد هذا يجوز اتخاذ بطائن من أهل غير الإسلام، يطلعون على بواطن أمور الدولة والأمة؟ والجواب لا، لا وليس معنى هذا أن لا نستخدم غير المؤمنين إذا دعت الحاجة إلى إستخدامهم، وإنما لا نطلعهم على بواطن أمورنا ولا نضعهم في مقاعد التكريم والإكبار والإجلال ونترك أهل العلم والإيمان.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-2016, 06:52 PM   #17
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الخامس عشر: في النهى عن أكل الربا والأمر بتقوى الله عز وجل
الآية (130) من سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

الشرح:
اعلم أيها المؤمن زادك الله علما ووفقني وإياك للعمل بما نعلم فإن العلم بلا عمل كشجر بلا ثمر ورضى الله عن على بن أبى طالب، إذ قال: " العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل ". وإن قلت لي ماذا أعلم؟ قلت لك اعلم عظم ذنب آكل الربا واحذره، فإن الله تعالى ما توعد أهل الإيمان بعذاب النار كما توعد آكل الربا؛ إذ قال تعالى: {اوَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وها هو ذا تعالى في هذا النداء الخامس عشر من نداءات الله تعالى لعباده المؤمنين ينهاهم عن أكل الربا ويأمرهم بالتقوى ويطمعهم في الفلاح الذي هو النجاة من النار ودخول الجنة، فيقول لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} إذ كان الرجل يستقرض من أخر مالا إلى أجل معين فإذا حل الأجل ولم يجد سدادا يقول لمن أقرضه أخر وزد فيؤخر ويزيد فيه، فإذا حل الأجل ولم يجد سدادا فيقول له أخر وزد أيضا وهكذا حتى يصبح القرض الذي كان مائة درهم _ مئات الدراهم. وهذا هو ربا النسيئة الذي يتضاعف. أما ربا الفضل فإنه تحصل فيه الزيادة فور البيع بأن يبيعه قنطارا بر بقنطار ونصف برا. ويبيعه ألف درهم بألف وعشرة مثلا وهكذا في كل الربويات، وهى الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح وما يلحق بها من كل مقتات مدخر، إذ هذه الربويات لا تباع إلا كيلا بكيل أو وزنا بوزن بلا زيادة إلا أن تختلف أجناسها كبيع فضة بذهب أو بر بشعير أو تمر بملح مثلا فلا بأس بالزيادة على شرط أن يتم البيع في مجلس واحد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ها وها..".
واعلم أيها المؤمن أن ربا البنوك اليوم أكثر ظلما وأعظم ذنبا من ربا الجاهلية الذي حرمه الله تعالى في هذه الآية وفى غيرها من آيات البقرة؛ لأن ربا البنوك من وضع اليهود، واليهود لا رحمة عندهم، ولا شفقة في نفوسهم على غير بنى جلدتهم، فإن البنك إذا أقرض امرؤا ألفا إلى أجل يكتبها عليه ألفا ومائة، وإذا تأخر سدادها رفع قيمتها حتى تكون أضعافا مضاعفة، أما ربا الجاهلية من العرب فإنه لا يزيد عليه شيئا إذا سلم الدين في وقته الذي حل عليه، وإنما يزيد عليه إذا حل الأجل ولم يسدد فقط.
لعلك أيها القارئ الكريم ترى أن الربا إذا كان غير مضاعف لا بأس به، لما قد يفهم من هذه الآية: {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} إياك أن يعلق بذهنك هذا المعنى؛ فإنه غير وارد أبدا. وإنما الآية ذكرت حال المرابين في عصر الجاهلية فعاتبتهم على ذلك. أما بعد أن حرم الله الربا فإنه حرمه تحريما مطلقا لا فرق بين كثيره وقليله واسمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرر هذه الحقيقة فيقول: " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية" 1. ويقول صلى الله عليه وسلم: " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم" 2. ألا فليجتنب المؤمن الربا وليبتعد عنه. وليذكر ما يساعده على ذلك من قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) " اجتنبوا السبع الموبقات" فيسأل عنها فيقول " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" 3. وهل تدرى ما علة تحريم الربا؟
إنها ما يلي:-
1-المحافظة على مال المسلم حتى لا يؤكل بالباطل.
2-توجيه المسلم إلى استثمار ماله في أوجه المكاسب الشريفة الخالية من الاحتيال والخديعة، والغش، كالفلاحة، والصناعة، والتجارة.
3-سد الطرق المفضية بالمسلم إلى عداوة أخيه المسلم وبغضه وكرهه.
-فتح أبواب البر في وجه المسلم ليتزود لآخرته فيقرض أخاه المسلم بلا فائدة وينتظر ميسرته بلا فائدة وييسر عليه أمره ويرحمه ابتغاء مرضاة الله؛ وفى هذا ما يشيع المودة بين المسلمين ويقوى روح الإخاء والحب والتصافى بينهم.
فاذكر هذا أيها المؤمن وعلمه غيرك من إخوانك المؤمنين.
وأخيرا: هل عرفت لما جاء الأمر بتقوى الله تعالى بعد النهى عن أكل الربا في هذا النداء؟ إذ قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ؟ إنه من اجل إرهاب النفوس وإخافتها على الإصرار على أكل الربا؛ لأن الله تعالى لرحمته بعباده لم يأذن لأحد منهم أن يأكل مال أخيه بغير حق، وتقوى الله تكون بامتثال أمره واجتناب نهيه، ومن امتثل أمر الله فاتقاه وأطاعه فلم يأكل الربا، فقد تهيأ للفلاح وهو كما عرفت الفوز بدخول الجنة بعد النجاة من النار.
ألا فلنطع الله فلا نأكل الربا، ونتقى الله فلا نعصيه في أمر، أو في نهى، لنظفر بأعظم ربح، ونغنم أفضل غنم ألا وهو الفلاح. جعلنا الله من أهله الفائزين به الناجين من النار الساكنين الجنة دار الأبرار.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

1 رواه أحمد بسند صحيح.
2 متفق عليه.
3 متفق عليه.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-2016, 06:27 PM   #18
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء السادس عشر: في حرمة طاعة الكفار وما يترتب عليها من هلاك وخسران
الآية (149، 150) من سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} .

الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي لعباده المؤمنين يحمل تحذيرا لهم وإنذارا من الوقوع في فتنة الكفر بعد الإيمان، والضلال بعد الهداية، بل والموت بعد الحياة، إذ الكافر ضال بكفره ميت، والعياذ بالله من الكفر بعد الإيمان، والموت بعد الحياة. إنه لم تمت تلك الهزيمة للمؤمنين في معركة أحد الخالدة، بسبب معصية بعضهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما من حقهم أن يعصوه، وما عصوه كفرا به ولا استخفافا بطاعته، ولكن زين لهم الشيطان وحسنت لهم نفوسهم ترك المراكز الدفاعية التي أنزلهم الرسول بها وحذرهم من تركها ومغادرتها مهما كانت الظروف والأحوال، إلا أنهم لما شاهدوا العدو فارا منهزما وإخوانهم في صفوف القتال يجمعون الغنائم هبطوا من جبل الرماة وجروا وراء العدو يجمعون الغنائم كإخوانهم، وما إن أخلوا مراكزهم الدفاعية حتى مال إليها العدو واحتلها وسلط عليم وابل السهام والنبال فهزمهم، وفروا هاربين تاركين رسولهم، تسيل دماؤه، وهو يدعوهم: إلى عباد الله، إلى عباد الله. كما قال الله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ} الأول: غم فوات النصر والغنيمة. والثاني: القتل وجراحات نبيهم صلى الله عليه وسلم إذ جرح في وجهه وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم، وهنا في هذه الحالة المحزنة المخيفة قال من قال من المنافقين، ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم فلو كان محمد نبيا ما قتل عمه وكثير من أصحابه، وجرح هو وكسرت رباعيته… ومنهم من قال: استكينوا لأبى سفيان وأصحابه واستأمنوهم، أي اطلبوا أمنكم منه؛ لأنهم الغالبون إلى غير هذا مما هو رغبة في العودة إلى الكفر بعد الإيمان، والعياذ بالله الرحمن.
وفى هذا نزلت الآية الكريمة وما بعدها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} . فدلت أولا على أن الذين نادوا بالعودة إلى دين الآباء، والاستكانة إلى قائد المشركين، وطلب الأمن منه، هم كفار في الباطن مؤمنون في الظاهر، وهم المنافقون ورؤساءهم كابن أبى وإخوانه.
وثانيا: أن طاعة الكافر والأخذ برأيه أو توجيهه وإرشاده تؤدى بمن أطاعه إلى الكفر حتما، ومن كفر بعد إيمانه فقد خسر خسرانا مبينا، وليس هذا خاصا بزمان دون زمان أو مكان دون مكان، بل طاعة الكافر تؤدى المطيع حتما إلى الكفر، _ إذ الكافر لا يأمر ولا يدعو ولا يهدى إلا إلى ما هو فيه وعليه. من الضلال والكفر، والخبث، والشر، والفساد.
وثالثا: أن الطاعة الواجبة وهى المنجية من الخسران في الدنيا والآخرة هي طاعة الله، ورسوله، وأولى الأمر من المؤمنين، لا طاعة الكافرين والمنافقين؛ لأن من طلب النصر على العدو فليطلبه من الله مولاه القوى القدير العزيز، الحكيم، العليم، الخبير، لا من عدوه وعدو مولاه، وهو الكافر الضال الحائر الهالك المتهالك، فهل مثل هذا يطلب منه النصر؟ ولنعد تلاوة الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ} . أي أطيعوه وأطلبوا النصر منه، فإنه ينصركم وهو خير الناصرين ألا فليعلم هذا عباد الله اليوم وليؤمنوا بالله وليتقوه فيصبحوا حقا عبيده، وهو مولاهم الحق الذي لا مولى لهم سواه، ويومئذ إن أصابهم خوف، أو حلت بهم هزيمة لمخالفتهم هدى ربهم ونبيه صلى الله عليه وسلم فليطلبوا النصر منه سبحانه وتعالى فإنه ينصرهم ولا يذلهم ولا يخزيه وهو مولاهم، وهم لا مولى لهم سواه.
ألا فليعلم هذا كل مؤمن ومؤمنة، وليطيعوا ربهم، ونبيهم وولى أمرهم منهم.. ولا يقبلوا طاعة غيرهم من أهل الكفر، والنفاق، والشرك، والجهل، من العرب أو العجم على حد سواء وليطلبوا نصر الله على من عاداهم أو حاربهم أو سالمهم فإن الله لا يخلف وعده في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} ألا فلنقبل على الله في صدق ولنثق في وعده فإن الله لا يخلف وعده.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
لأهل, الرحمن, الإيمان, وحالات
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إسطوانة "نداءات الرحمن من آيات القرآن" بصوت الشيخ ماهر المعيقلى خالددش ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية 8 01-11-2019 01:34 PM
مفاجأة عظيمة إسطوانة نداءات الرحمن من آيات القرآن الشيخ عبده قسم الاسطوانات التجميعية 4 04-30-2017 01:53 PM
أسطوانة البرامج الرائعة لأهم البرامج بعد الويندوز Starter Toolkit May 2016 v1.0 مروان ساهر ملتقى برامج الكمبيوتر والإنترنت 1 10-02-2016 02:15 PM
همسات لأهل المحن آمال ملتقى الأسرة المسلمة 10 09-03-2015 12:03 AM
ليكون منبراً لأهل القرآن الكريم وأحبائه ابو عبد الله ملتقى الترحيب والتهاني 6 11-10-2010 02:03 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009