استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ الحـــوار العـــــــام ۩ > ملتقى الحوار الإسلامي العام
ملتقى الحوار الإسلامي العام الموضوعات و الحوارات والمعلومات العامة وكل ما ليس له قسم خاص
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 12-19-2012, 07:12 PM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 50

nejmstar has a spectacular aura aboutnejmstar has a spectacular aura aboutnejmstar has a spectacular aura about

رساله من صفات المنافقين

      

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..وبعد:
فحديثنا في هذا المقال وما يليه إن شاء الله تعالى عن بعض صفات المنافقين كما تحدث عنها القرآن في سورة البقرة، لكن لماذا الحديث عن النفاق وصفات المنافقين؟

لأن أكبر خطر تهددت به الأمة الإسلامية على مر العصور هو النفاق ولهذا كان مصيرهم يوم القيامة أسوأ مصير في الدرك الأسفل من النار ؛ لأنهم شر من الكفار الصُّرَح ، فبلية المؤمنين بهم أعظم من بليتهم بالكفار المجاهرين ؛ لأنهم لا يظهرون ما يعتقدون ، يعملون في الخفاء ، ويظهرون لباس الإخوان والأصدقاء، فهم مستأمنون لا يحسب لهم حساب ولا يراقبون ولا يحترز منهم إلا القليل من المؤمنين ، والعدو المخالط المداخل المساكن أخطر وأشد كيدًا من العدو الظاهر البعيد ، فهم أخطر من الجيوش العسكرية ، والانحرافات الفكرية لأن أصحابها أعداء معروفون واضحون لا يقبل كثير من الناس أقوالهم .

وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان".
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أخطر المصائب في تاريخ الأمة الإسلامية قديمًا وحديثًا عن طريق المنافقين ، ولا نكاد نرى عصرًا من عصور تاريخ المسلمين إلا ونجد للمنافقين فيه دورًا خطيرًا ، فقد أفسدوا عقائد كثير من الناس.

والمتتبع لجذور الانحراف العقدي في تاريخ المسلمين يجد المنافقين وراءه ، ومن أبرز الأمثلة في ذلك فرقة السبئيّة التي وضع أسسها المنافق اليهودي عبد الله بن سبأ ، الذي أظهر الإسلام في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأخذ يطوف البلاد الإسلامية ينشر معتقده ، وقد لبَّس على العامة في زمن كان فيه كثير من الصحابة ، حتى إن بعض أتباعه هددهم علي - رضي الله عنه - بالموت حرقًا إن لم يرجعوا عن هذه العقيدة الضالة ، فأصروا وفضلوا الموت على الرجوع عن ضلالهم ، وقد كان من نتيجة فتنة عبد الله بن سبأ مقتل الخليفة الثالث الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه.
وكان سقوط بغداد مركز الخلافة الإسلامية العباسية عام ( 656 هـ ) على يد المنافق الخبيث ابن العلقمي الرافضي الذي تعاون مع التتار الذين قتلوا جميع من يقدرون عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والشبان حتى بلغوا مليون قتيل ، وقد كان ابن العلقمي وزيرًا عند الخليفة المستعصم يظهر الولاء والنصرة ، له فضل في الإنشاء والأدب لكنه كان منافقًا يضمر الحقد على الإسلام وأهله ، كاتب التتار وزين لهم اجتياح بغداد ، وكان ذلك بعد أن سرح الجند وصرف الجيوش عن بغداد حتى لم يبق منهم إلا عشرة آلاف ثم أرسل إلى التتار يسهل عليهم أمر اجتياح المدينة فقدموا وحدث ما حدث.

والأمثلة كثيرة جدًا ولهذا كان الواجب التحذير من النفاق ، وبيان صفات أهله ، وكشف جهودهم في هدم الإسلام وخدمة أعدائه وموالاتهم وتنفيذ مخططاتهم .

سبب ظهور النفاق في المدينة

عَرَّف الإمام ابن كثير ــ رحمه الله تعالى ــ النفاق، وذكر أنواعه وسبب ظهوره فقال: ( النفاق: هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي: وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي: وهو من أكبر الذنوب.. وهذا كما قال ابن جريج: المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته، ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه.

وإنما نزلت صفات المنافقين في السور المدنية؛ لأن مكة لم يكن فيها نفاق، بل كان خلافه، من الناس من كان يظهر الكفر مستكرهاً وهو في الباطن مؤمن، فلما هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة. وكان بها الأنصار من الأوس والخزرج، وكانوا في جاهليتهم يعبدون الأصنام على طريقة مشركي العرب، وبها اليهود من أهل الكتاب على طريقة أسلافهم، وكانوا ثلاث قبائل:
بنو قينقاع حلفاء الأوس والخزرج ..(وبنو النضير وبنو قريظة) وقَلَّ من أسلم من اليهود إلا عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- ولم يكن إذ ذاك نفاق أيضاً؛ لأنه لم يكن للمسلمين بعد شوكة تخاف، بل قد كان -عليه الصلاة والسلام- وَادَعَ اليهود، وقبائل كثيرة من أحياء العرب حوالي المدينة، فلما كانت وقعة بدر العظمى، وأظهر الله كلمته، وأعز الإسلام وأهله، قال عبد الله بن أبي بن سلول – وكان رأساً في المدينة وهو من الخزرج، وكان سيد الطائفتين في الجاهلية، وكانوا قد عزموا على أن يملكوه عليهم، فجاءهم الخير وأسلموا واشتغلوا عنه، فبقي في نفسه من الإسلام وأهله، فلما كانت وقعة بدر – قال:
هذا أمر قد توجه(يعني انقضى)! فأظهر الدخول في الإسلام، ودخل معه طوائف ممن هو على طريقته ونحلته، وآخرون من أهل الكتاب، فمن ثم وُجد النفاق في أهل المدينة، ومن حولها من الأعراب، فأما المهاجرون فلم يكن فيهم أحد يهاجر مكرهاً، بل يهاجر فيترك ماله وولده وأرضه رغبة فيما عند الله في الدار الآخرة).

وسنتعرض بالتفصيل لبقية أسباب النفاق في مقال آخر لكننا ندخل الآن في صلب الموضوع وهو الحديث عن هذه الصفات كما وردت في أول سورة البقرة.

الصفة الأولى: يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام:
كما قال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} فهم في معاملاتهم وحلاوة ألسنتهم في الكلام تحسبهم مؤمنين، والله يكشف حالهم ويفضحهم إلى الأبد ليقول: (وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) بل حقيقتهم الكفر وبغض الدين.
وفي هذه الآية تكذيب لدعواهم كما ذكر تكذيبه لهم في سورة المنافقين، فقال: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (1) سورة المنافقون.

الصفة الثانية: المخادعة والمكر:

قال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} (9) سورة البقرة. فيحصل الخداع منهم لله ولرسوله وللمؤمنين.. ويكون ذلك بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر، فيعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذاك نافعهم عند الله، وأنه يروج على بعض المؤمنين، كما قال –سبحانه-: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (18) سورة المجادلة.
إن في قوله –تعالى-: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا...} حقيقة كبيرة وتفضلاً من الله كريماً تلك الحقيقة هي التي يؤكدها القرآن دائماً ويقررها، وهي حقيقة الصلة بين الله والمؤمنين.. إنه يجعل صفهم صفه، وأمرهم أمره، وشأنهم شأنه، يجعل عدوهم عدوه، وما يوجه إليهم من مكر موجهاً إليه – سبحانه- وهذا هو التفضل العلوي الكريم.. وفي هذا المقطع من الآية تهديد شديد للذين يحاولون خداع المؤمنين والمكر بهم، وإيصال الأذى إليهم... تهديد لهم بأن معركتهم ليست مع المؤمنين وحدهم، إنما هي مع الله القوي الجبار القهار) (في ظلال القرآن 1/43. سيد قطب رحمه الله- بتصرف).

ثم بين سبحانه أن هؤلاء بجهلهم وغرورهم ومخادعتهم إنما يخدعون أنفسهم الدنيئة والقاصرة في نفس الوقت... تلك الأنفس التي ما عرفت عظمة الله وسعة علمه، وبصره. فالشعور بحقيقة الأمر عندهم قاصر، ولكن الحقيقة أنهم يخدعون أنفسهم ليوبقوها في الهلاك. من هو الله حتى يُخدع-!! ومن هؤلاء حتى يخدعوا الله!! لقد أساؤوا الظن بالله غاية الإساءة ولو عظموه حق تعظيمه لما حصل منهم ذلك.

الصفة الثالثة: قلوبهم مريضة:

قال – تعالى-: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} المرض هو الشك في حقيقة هذا الدين وصلاحيته لحكم الأرض والدنيا بأجمعها، قال ابن عباس: في قلوبهم مرض: أي شك، وكذا قال جمع من علماء السلف.
وقال بعضهم: أي في قلوبهم رياء. ( إن في طبيعتهم آفة.. في قلوبهم علة.. وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم.. ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيدهم مما هم فيه: (فزادهم الله مرضاً) فالمرض يُنشئ المرض.. والانحراف يبدأ يسيراً.. ثم تنفرج الزاوية في كل خطوة وتزداد، سنة لا تتخلف..).
(ولهم عذاب أليم) أي مؤلم لأجسادهم وقلوبهم بسبب صنيعهم الذي سلكوه في حياتهم مع الناس، تلك الحياة النكدة، المكدرة بالكذب، والخداع، والتحايل على البشر..




الصفة الرابعة: يفسدون ويزعمون الإصلاح!

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} قال أبو العالية: أي لا تعصوا في الأرض، وكان فسادهم ذلك معصية لله؛ لأنه من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصيته فقد أفسد في الأرض؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة. وعن مجاهد قال: إذا ركبوا معصية الله فقيل لهم: لا تفعلوا كذا وكذا، قالوا: إنما نحن على الهدى مصلحون. ( ابن كثير (1/52).

قال ابن جرير الطبري: فأهل النفاق مفسدون في الأرض بمعصيتهم فيها ربهم، وركوبهم فيها ما نهاهم عن ركوبه، وتضييعهم فرائضه، وشكهم في دينه الذي لا يقبل من أحد عمل إلا بالتصديق به، والإيقان بحقيقته، وكذبهم على المؤمنين بدعواهم غير ما هم عليه مقيمون من الشك والريب، ومظاهرتهم – أي معاونتهم- أهل التكذيب بالله وملائكته وكتبه ورسله على أولياء الله إذا وجدوا إلى ذلك سبيلاً، فذلك إفساد المنافقين في الأرض وهم يحسبون أنهم بفعلهم ذلك مصلحون فيها...

قال ابن كثير بعد ما نقل كلام ابن جرير: وهذا الذي قاله حسن؛ فإن من الفساد في الأرض: اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء، كما في الآية: { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض...} ثم قال في تفسير الآية أيضاً: نريد أن نداري – نداهن- الفريقين من المؤمنين والكافرين ونصطلح مع هؤلاء وهؤلاء كما ذكر ذلك ابن عباس.

ثم قال تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} أي: ألا إن هذا الذي يعتمدونه ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد، ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فساداً.

الصفة الخامسة: الاستهزاء بالمؤمنين الصادقين:


قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} أي إذا قيل للمنافقين: آمنوا كما آمن الناس، وذلك بأن يصدقوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وشرعه، كما آمن الناس الصادقون من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في الهداية، كان الرد منهم على هذا الجواب رداً قبيحاً يدل على تعالي نفوسهم التي هي دنيئة أصلاً، فما كان منهم إلا أن قالوا مباشرة (أنؤمن كما آمن السفهاء) ويقصدون بالسفهاء: كل من آمن بالله ورسوله وصدق وعلم بما شرعه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.. والمنافقون كانوا يأنفون ويترفعون من هذا الاستسلام للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرونه خاصاً بفقراء الناس غير لائق بالعلية ذوي المقام! ومن ثم قالوا قولتهم هذه.. ومن ثم جاءهم الرد الحاسم، والتقرير الجازم: (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون). ومتى علم السفيه أنه سفيه؟ ومتى استشعر المنحرف أنه بعيد عن المسلك القويم؟!.

فالمنافق يرى أنه بفعله ذلك ذكيٌ عالمٌ، والكافر يظن أنه بكفره على الحق والجادة، والشيطان يزين ويزخرف الأهواء والباطل على أنها حقائق محضة، فيصدقه الطغام، ويتبعه الجهلاء وهم لا يعلمون أنهم بفعلهم ذلك قد انحرفوا عن جادة الحق وطريق الإيمان..

وهذا المعنى يتكرر في كل زمان ومكان.. وهذه الصفة الخبيثة من المنافقين لا يخلو منها عصر ولا مصر، وهي صفتهم في الاستهزاء بالمؤمنين.. فكلما أراد رجل أن يهتدي ويستقيم، وكلما أراد شاب أن يحافظ على دينه في زمن الفتن، كان أولئك له بالمرصاد: أتصدق هؤلاء... تعال معنا حتى نلعب ونلهو.. احذر أولئك فإنهم فارغون وليس لهم هم إلا مساجدهم أو مصالحهم.. ومنهم من يكرر تلك المقولة بألفاظ أخرى: هؤلاء المتدينون الذين يطلق عليهم اليوم – مطاوعة- ما دخلوا المساجد إلا لأنهم فارغون ليس لديهم أعمال وهم من رعاع الناس، ويزعمون أن من يستقيم على شرع الله تعالى مصاب بعقد نفسية...إلخ.

الصفة السادسة: موالاة الكافرين ومعاونتهم على المؤمنين:


قال تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}

وهذه صفة من أخبث الصفات؛ لأنها تخالف الفطرة جملة وتفصيلاً، وهي إلى جانب كونها تخالف الفطرة التي فطر الإنسان عليها لا تليق بالرجال، أما وجه مخالفتها للفطرة فالإنسان فطر على الحق والصدق والصراحة وعدم المراوغة أو الخداع أو الظهور بأكثر من وجه أمام الناس.

وأما كونها لا تليق بالرجال: فلأن لفظ الرجل يدل على العزة والقوة وليس كل ذكر رجلاً...ولهذا مدح الله المؤمنين بأنهم رجال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }.

والمقصود أن هذه الصفة صفة ذميمة وهي أن يكون الرجل ذا لسانين أو ذا وجهين.. فإذا ما لقي المؤمنين قال: نحن معكم وآمنا كما آمنتم بل وصلى معهم وصام وربما شاركهم في كثير من الأعمال.. وإذا ذهب إلى شياطينه – شياطين الإنس- وهم سادته وكبراؤه وأصحابه الذين هم في الأصل كفار ولا يقرون لله بالطاعة قالوا لهم:( إنا معكم) أي نحن على مثل ما أنتم عليه، ولا يمكن أن نفارقكم أو نفارق ما أنتم عليه (إنما نحن مستهزؤون) أي: إنما كان موافقتنا للمؤمنين وقولنا لهم (آمنا) إنما كان ذلك منا استهزاءً وسخرية بهم؛ لأنهم أدنى منكم منزلة – بزعمهم-.

( إن بعض الناس يحسب اللؤم قوة، والمكر السيء براعة.. وهو في حقيقته ضعف وخسة.. فالقوي ليس لئيماً ولا خبيثاً.. ولا خادعاً ولا متآمراً.. ولا غمازاً في الخفاء لمازاً.. وما يكاد القرآن يحكي فعلتهم هذه وقولتهم، حتى يصب عليهم من التهديد ما يهد الجبال الرواسي: ( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) وما أبأس من يستهزئ به جبار السماوات والأرض وما أشقاه!! وإن الخيال ليمتد إلى مشهد مفزع رعيب، وإلى مصير تقشعر من هوله القلوب، وهو يقرأ ( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) فيدعهم يخبطون على غير هدى في طريق لا يعرفون غايته،وهذا هو الاستهزاء الرهيب، لا كاستهزائهم الهزيل الصغير).

قال قتادة رحمه الله في قول الله: (( وإذا خلوا إلى شياطينهم)) أي: إلى رؤوسهم وقادتهم في الشرك والشر، وبنحو ذلك فسره أبو مالك وأبو العالية والسدي والربيع بن أنس. قال ابن جرير رحمه الله: وشياطين كل شيء مردته، ويكون الشيطان من الإنس والجن، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (112) سورة الأنعام. وفي المسند عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن). فقلت: يا رسول الله وللإنس شياطين؟! قال: (نعم).

وقال ابن عباس في قوله تعالى: (( الله يستهزئ بهم)) أي: يسخر بهم للنقمة منهم... وقوله تعالى: ((ويمدهم في طغيانهم يعمهون)). أي يملي لهم ويزيدهم في ما هم عليه من الطغيان ثم يأخذهم كما قال: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ } (55/ 56) سورة المؤمنون وقال: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (182) سورة الأعراف. قال بعضهم: كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة، وهي في الحقيقة نقمة. والطغيان: هو المجاوزة في الشيء كما قال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ } (11) سورة الحاقة.

وقوله (يعمهون): أي في كفرهم وضلالهم الذي غمرهم دنسُه وعلاهم رجسُه يترددون حيارى ضلالاً لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً؛ لأن الله قد طبع على قلوبهم وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى، وأغشاهم فلا يُبصرون رشداً، ولا يهتدون سبيلاً. قاله ابن جرير.

ثم بيَّن الله -تعالى- عاقبتهم وخِسة فعلهم ونتيجة مساوئهم السابقة، وأنهم قد خسروا بصنيعهم هذا خسراناً كبيراً، فقال: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} أولئك: إشارة إلى من تقدمت صفاتهم الدنيئة.. (الذين اشتروا الضلالة بالهدى): أي عدلوا عن الهدى إلى الضلال، واعتاضوا عن الهدى بالضلالة،( لقد كان الهدى مبذولاً لهم، وكان في أيديهم، ولكنهم اشتروا الضلالة بالهدى، كأغفل ما يكون المتجرون، (( فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين)). أي ما ربحت صفقتهم في هذه البيعة، وما كانوا مهتدين في صنيعهم ذلك، قال قتادة: قد – والله – رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة ومن الجماعة إلى الفرقة ومن الأمن إلى الخوف ومن السنة إلى البدعة.

هذه بعض صفات المنافقين التي ذُكرت في أول سورة البقرة، وهناك صفات أخرى ذكرت في كثير من سور القرآن، ومنها سورة التوبة التي فضحت خبايا نفوسهم ولهذا سميت بـ( الفاضحة)، وكذا سورة (المنافقون)، لعلنا نتعرض لها في مقالات أخرى قادمة إن شاء الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يجنبنا مساوئ الأخلاق والأفعال والأقوال، وأن يطهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.



اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع


أكتب تعليق على الموضوع مستخدماً حساب الفيس بوك

التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* الدين النصيحة
* حديث : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه
* التوكل على الله
* القول في البسملة
* خطورة الكلمة
* قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
* ذهب أهل الدثور بالأجور

nejmstar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-20-2012, 01:07 AM   #2
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية آمال
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 286

آمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond reputeآمال has a reputation beyond repute

افتراضي

      

بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم اخونا الفاضل nejmstar على الموضوع القيم
وجعله في ميزان حسناتكم
رزقنا الله جميعا الجنة
التوقيع:




بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اغفر لأختي الغالية آمال خطاياها وجهلها واسرافها في أمرها
وما أنتَ أعلمُ به منها وارحمها وادخلها جنتك برحمتك يا رحيم

من مواضيعي في الملتقى

* الامام البخاري
* فوائد الكستناء
* الحوار في القرآن..
* وليالٍ عشر!
* مُتَّخِذي أَخْدان!
* الناس في القرآن!
* الخمسة ابتلاءات!

آمال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-20-2012, 06:40 PM   #3

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 50

أبو تقي الدين is a jewel in the roughأبو تقي الدين is a jewel in the roughأبو تقي الدين is a jewel in the rough

افتراضي

      



جازاك الله و عن الإسلام كل خير أخي الفاضل nejmstar .
إن خصلة النفاق لا تزال تنهش في مجتمعاتنا إلى اليوم .. بل قد استشرت وأصبحت سببا لكثير من المصائب مع الأسف الشديد . و قد اتخذ أصحابها لهم حلة أخرى لينعتوا أنفسهم بالوطنية تارة و بالوفاء لعهود أسيادهم تارة أخرى ... حتى ليجرون على أهليهم و بلدانهم أحيانا الاستعمار و الاستبداد . و كل ذلك من أجل منافع مادية شخصية يبيع صاحبها ذمته و عشيرته و كل شيء .. و ما يعلم أنه بذلك قد باع آخرته بدنياه أو بدنيا غيره . و هنا تحضرني قصة ذلك المجوسي الذي أتى مصر في مظهر إمام صالح .. بقي يصلي بهم أربعين عاما دون أن يتفطنوا إلى حقيقة باطنه .. و كانت عندهم مرآة كبيرة على ساحل البحر تكشف السفن المعادية القادمة إليهم . فلطخها بالثوم و غادر ليلا ، بعد أن كتب لهم على واجهة باب المسجد :
صلى و صام لأمر كان يقضيه *** فلما قضاه فلا صلاة و لا صيــــام
أعيدوا صلاتكم كما قال خليلكم *** إن الصلاة وراء المشركين حرام

وقانا الله جميعا شر هذه الآفة ، و ثبت قلوبنا على دينه ، و جعلنا من المؤمنين المخلصين .

أبو تقي الدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-20-2012, 06:50 PM   #4
أبو جبريل نوفل

الصورة الرمزية almojahed
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 3

almojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond reputealmojahed has a reputation beyond repute

افتراضي

      

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخانا الكريم و الموضوع يستحق التقييم بحق جعله الله في ميزان حسناتك يوم القيامة
التوقيع:

من مواضيعي في الملتقى

* العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
* حقوق المرأة في الإسلام
* ما معنى ‏{‏وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏؟‏
* تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
* تلاوة القرآن بالمقامات الموسيقية
* من فضائل الأعمال
* النصيحة و الموعظة اليوم لمعشر الشباب

almojahed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-20-2012, 07:47 PM   #5
مشرفه ملتقى فيض القلم


الصورة الرمزية المؤمنة بالله
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 104

المؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of lightالمؤمنة بالله is a glorious beacon of light

افتراضي

      

حقيقه موضوع قيم ويستحق التقيم
الله يكفينا شر المنافقين ويفضحهم
واللهم انا نعوذ بك من النفاق والرياء وسوء الأخلاق
جزاك الله خيرا اخينا الفضل بارك الله فيك
مواضيعك قيمه ومفيده جعلها الله في ميزان حسناتك
التوقيع:




من مواضيعي في الملتقى

* من اقوال الحكماء!
* ما فائدة قراءة القرآن إذا كنت أنساه ؟!
* تفسير الاحلام. ليس تنجيماً او دجلاً ..
* أنواع الأنفس
* لا يَحطِمَنَّكُم
* صفه العفه في القران
* أختبر معلوماتك في القرآن

المؤمنة بالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-22-2012, 11:02 PM   #6
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاكم الله كل خير
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
من, المنافقين, صفات
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفة النفاق ونعت المنافقين لأبي نعيم كتاب الكتروني رائع عادل محمد ملتقى الكتب الإسلامية 1 11-21-2017 02:24 PM
صفات المعالج الشرعي بالقرآن الكريم ابو احمد قنديل ملتقى الرقية الشرعية 9 03-07-2016 06:45 AM
صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخَلْقية طالب العلم قسم السيرة النبوية 2 01-08-2013 01:04 AM
صفات نسوية للتبديل! آمال ملتقى الأسرة المسلمة 4 01-03-2013 12:51 AM
التوبه الحقيقيه .. صفات التائب المؤمنة بالله ملتقى الحوار الإسلامي العام 11 10-14-2012 03:32 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009