استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى القرآن الكريم وعلومه > قسم تفسير القرآن الكريم
قسم تفسير القرآن الكريم يهتم بكل ما يخص تفسير القرآن الكريم من محاضرات وكتب وغيرذلك
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 11-26-2016, 04:52 PM   #37
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الثالث والثلاثون: في الأمر بتقوى الله عز وجل وطلب الوسيلة إلى الله تعالى. والجهاد في سبيله عز وجل
...
الآية (35) من سورة المائدة
أعوذ بالله الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
الشرح:
هل تذكر أيها القارئ الكريم سر نداء الله للمؤمنين بعنوان الإيمان وهو أن المؤمن حي بإيمانه يسمع ويعقل ويقدر على الفعل والترك بخلاف الكافر فإنه في حكم الميت إذ هو لا يسمع نداء الله عز وجل، ولا يجيب ولا يعقل ولا يفهم.
وهل تذكر أن الله تعالى لا ينادى المؤمنين إلا ليأمرهم أو ينهاهم أو يبشرهم، أو ينذرهم، إذ في الأمر فعل ما يزكى نفوسهم، وفى النهى ما يبعدهم عما يدسيها ويخبثها. وفى البشارة ما يرغبهم في الصالحات. وفى النذارة ما يبعدهم عن مقارفة الذنوب المدسية للنفس، وها هو ذا تعالى في هذا النداء يأمرهم بتقواه إذ قال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} أي خافوه خوفا يحملكم على طاعته إذ بطاعته تكون الوقاية من غضبه تعالى وعقابه في الدنيا والآخرة، وكما أمرهم بتقواه لينجوا من عذابه، أمرهم بما يرفع درجاتهم، ويعلى منازلهم ومقاماتهم في الدنيا والآخرة، ألا وهو التقرب إليه بنوافل العبادات كنوافل الصلاة والصيام والصدقات والحج والعمرة، والذكر والدعاء وما إلى ذلك من نوافل العبادات، فقال تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} أي اطلبوا العمل الصالح متوسلين به إليه تعالى، وهو سائر القرب التي يتقرب بها العبد إلى ربه ليظفر بحبه، ورضاه والقرب منه، واذكر أيها القارئ الكريم والمستمع المستفيد انه شاع بين المسلمين أنواع من الشرك سموها وسيلة، ذلك لغلبة الجهل في الأمة الإسلامية؛ إذ العدو الكافر أبعدهم عن مصدر العلم والمعرفة وهو الكتاب والسنة، فأصبح القرآن يقرأ على الموتى فقط، والسنة تقرأ للبركة لا غير لاستنباط الأحكام الشرعية والآداب والأخلاق الإسلامية، ومن الأمور الشركية التي أطلقوا عليها اسم الوسيلة ووقع فيها الجهال وغيرهم:
1-دعاء الأموات والاستغاثة بهم كأن يقول: يا سيدي فلان أنا بك وبالله ادع الله لي سل الله لي قضاء حاجتي… الخ.
2-الذبح للأولياء كأن يذبح الشاة على الضريح (القبر) هذه على روح سيدي فلان.
3-النذر للأولياء كأن يقول يا سيدي فلان إذا قضى الله حاجتي ذبحت لك شاة أو أنرت ضريحك بشمع ونحوه، أو وضعت ستائر حريرية على تابوتك.
4-الحلف بالأولياء نحو وحق سيدي فلان، أو رأس سيدي فلان.
5-نقل المرضى إلى أضرحتهم للتبرك بهم والتمرغ على تربتهم ودعائهم وطلب الشفاء منهم. كل هذا الشرك يسمونه توسلا إلى الله بعباده الصالحين، فاذكر هذا واحذره، واعلم أن التوسل إلى الله عز وجل يكون بفعل الخيرات، والإكثار من الطاعات من أجل رفع الدرجات، والظفر بالرغائب المحبوبات.
هذا واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن له درجة في الجنة تسمى الوسيلة وهى أقرب منزل إلى عرش الرحمن، وأن من سألها من الله تعالى له نالته شفاعته، إذ قال صلى الله عليه وسلم: " إذا أذن المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا على، ثم قولوا اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته فإن من قال ذلك وجبت له شفاعتي".
وقوله تعالى في أخر النداء: {وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} هذا الأمر الثالث في هذا النداء، وهو الأمر بجهاد الكفار لإدخالهم في الإسلام رحمة بهم حتى ينجو من الخلود في عذاب النار، وهناك جهاد أخر يدخل تحت هذا الأمر ألا وهو جهاد الفساق بأمرهم ونهيهم، وجهاد الشيطان بلعنه وعدم الاستجابة له فيما يزين من القبائح، ويحسن من المنكرات وجهاده بعدم الاستجابة له، والتعوذ بالله منه وجهاد النفس وهو أشدها وحقيقته: أن يحمل العبد نفسه على أن تتعلم محاب الله، وتعمل بها وتتعلم مكاره الله وتتجنبها، وتعلم غيرها ذلك من المؤمنين والمؤمنات، والجزاء على هذا الجهاد هو ما واعد الرحمن به يقول: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والفلاح هو النجاة من النار ودخول الجنة دار الأبرار جعلنا الله تعالى من أهلها آمين.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-28-2016, 05:19 PM   #38
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الرابع والثلاثون: في حرمة اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وعلة ذلك والتحذير من موالاتهم
الآية (51) من سورة المائدة
أعوذ بالله الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم أن ولاية الله تعالى تتم للعبد بالإيمان الصادق والتقوى الكاملة، وأن من والى الله عز وجل يحرم عليه موالاة أعدائه وأن من أعداء الله سبحانه وتعالى اليهود والنصارى، فاليهود قتلوا أنبياءه وفسقوا عن أمره والنصارى ألهوا غيره وعبدوا سواه؛ فلذا نادى الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين به وبرسوله وبلقائه قائلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} آي يا من آمنتم بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء لكم تحبونهم وتنصرونهم، فإنهم أعداء ربكم وأعداؤكم فكيف توالونهم أتوالون من يعاديكم وتحبون من يبغضكم، وتنصرون من يود هزيمتكم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن اليهودي ولى أخيه اليهودي، والنصراني ولى أخيه النصراني فكيف تصبح ولاية نصراني على نصراني، وولاية يهودي على يهودي إن هذا غير ممكن ولا سائغ بحال من الأحوال، ألا فاحذروا أيها المؤمنون، ولا تتخذوا أعدائكم وأعداء ربكم ودينكم ونبيكم أولياء لكم تحبونهم وتنصرونهم فإن ذلك يقضى بكم إلى الكفر _ والعياذ بالله _ ويقرر هذه الحقيقة قوله تعالى في هذا النداء: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ، ومن كان منهم فهو مثلهم في كفر ومعاداة الله ورسوله وبذلك يحرم هداية الله، إذ الله تعالى لا يهدى القوم الظالمين. وكيف وقد ختم نداءه هذا للمؤمنين ليرشدهم إلى ما يكملهم ويسعدهم ختمه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ومن والى أعداء الله عز وجل فقد عاداه،. ومن عادى الله فقد ظلم نفسه إذ الظلم وضع الشيء في غير موضعه ومن ظلم وكفر فكيف تصح موالاته أيها المؤمنون؟
ألا فلنتق الله عز وجل أيها المؤمنون ولنوال من والى الله، ولنعاد من عادى الله. فإن هذا الأمر هو الذي نادانا الله من أجله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
فكيف لا نحذر أن نكون يهودا أو نصارى إذا نحن واليناهم _ والعياذ بالله _ من الكفر بعد الإيمان، ومن الضلال بعد الهداية والولاية ولتعلم أيها القارئ والمستمع أن الموالاة التي حرمها الله تعالى علينا هي أن نحب اليهودي بقلوبنا ونعرب له عن ذلك بألسنتنا وأن نقف إلى جنبه ننصره على أعدائه وهم إخواننا، هذا الحب والولاء هما للمؤمنين لا للكافرين فالمؤمن يحب المؤمن ويعرب له عن حبه بلسانه وعمله، ويقف إلى جنبه ينصره ويموت معه أو قبله لأنه أخوه في الإيمان والإسلام والإحسان، وولاية الرحمن، أما الكافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بوذي أو مشرك فإنهم كفروا بربنا ونبينا وديننا، وحاربونا، وحملوا الحقد والبغض والعداء لنا ولربنا عز وجل، فكيف تسوغ موالاتهم مع هذه الفواصل المختلفة والصوارف المتعددة اللهم لا، لا.
وأخيرا لنجتنب أي مظهر من مظاهر اليهود والنصارى وأهل الكفر قاطبة حتى في الزي واللباس، والشعار ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. والله ولى من والاه وعدو من عاداه، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-29-2016, 05:48 PM   #39
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الخامس والثلاثون: في التحذير من الردة عن الإسلام وبيان صفات المؤمنين الصادقين
الآية (54) من سورة المائدة
أعوذ بالله الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم أن نداءات الرحمن لعباده وأولياءه المؤمنين تدور حول زيادة هدايتهم. وطلب كمالهم وسعادتهم في الدارين، وها هو ذا تعالى يحذرهم من الردة عن الإسلام، والعودة إلى الشرك، وهذا نادر، وإنما المتوقع هو التهود والتنصر _ والعياذ بالله _، ويدل لذلك تحذيره في النداء الرابع والثلاثين قبل هذا إذ حرم موالاة اليهود والنصارى فقال: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} ، إذ هذا سبيل التهود والتنصر ثم أعلم أن من تولاهم أصبح منهم وبذلك يكون قد ارتد عن الإسلام ودخل في اليهودية أو النصرانية _ والعياذ بالله تعالى _ من السلب بعد العطاء ومن الضلال بعد الهدى. وها هو ذا سبحانه وتعالى يناديهم فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ} أي يرجع {مِنْكُمْ} أيها المسلمون {عَنْ دِينِهِ} الذي هو الإسلام، وقل لي: بم تكون الردة؟ إنها تكون باعتقاد اليهودية أو النصرانية وحبهم وموالاتهم وشهود معابدهم وعباداتهم، والتزى بزيهم، والسير في ركابهم، يفعل ما يفعلون وترك ما يتركون تعبدا وتدينا، فلنذكر هذا ولا ننسه، ونحذر كل مسلم ومسلمة من الوقوع فيه فإنه الردة الموجبة لغضب الله وعقابه كان هذا في التحذير من الردة. أما
صفات المؤمنين الصادقين فقد بينها الله تعالى بقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} .
فأولى هذه الصفات حب الرحمن لهم ولنعم هذه الصفة.
وثانيها حبهم لله تعالى وأعظم بها نعمة.
وثالثها كونهم أذلة على المؤمنين أي هينين لينين.
ورابعها أعزة على الكافرين أي أقوياء أشداء.
وهاتان الصفتان: الرابعة والثالثة جاءت من نعت الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذ قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} 1.
وخامسة الصفات: يجاهدون في سبيل الله؛ آي كلما دعا داعي الجهاد حملوا سلاحهم وخرجوا لا هدف لهم ولا غاية سوى رضى الله ونصره دينه وأوليائه.
وسادسة الصفات: أنهم لا يخافون في اعتقاد الحق وقوله والعمل به وإظهاره والدعوة إليه لومة لائم، بل ولا عداء معاد ولا حرب محارب. وذلك لكمال علمهم وصحة إيمانهم وعظيم يقينهم. وقل لي أيها القارئ الكريم بم ختم الله توجيهه لأوليائه شفى هذا النداء العظيم؟ إنه ختمه بقوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
إن هذه الصفات الست التي لا يقدر على إعطائها إلا الله، ولا يستحقها إلا أولياء الله هي من فضل الله تعالى، وفضل الله لا يعطى إلا لمن طلبه ورغب فيه وصدق في طلبه وسلك السبيل المحقق له والموصل إليه، وقل لي بما يطلب هذا الفضل العظيم؟ فإني أعلمك بأنه يطلب بالإيمان بالله، والكفر بالطاغوت إذ قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 2 وإن قلت ما كيفية الإيمان بالله، والكفر بالطاغوت؟ قلت إنها تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله: هو أن يؤمن بالله ربا لا رب سواه، وإلها لا إله غيره، ويعلن ذلك بقوله أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويعبد الله بما شرعه من عبادة بين كيفيتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعبد مع الله غيره بأية عبادة ويسخط ولا يرضى بعبادة غير الله أبدا.
وأخيرا أيها القارئ وأحسبك قد فهمت نداء الله وما تضمنه من هداية وهدى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبى ذر فافهمها واعمل بها تكمل وتسعد. أخرج بن كثير في تفسيره رواية أحمد في مسنده رحمه الله إذ قال عن أبى ذر قال أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: " أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن انظر إلى من هم دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقى هذا في أمور الدنيا لا أمور الدين وأمرني أن أصل رحمي وإن أدبرت (قطعت) ، وأمرني أن لا أسأل أحد شيئا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش ".
فاعلم أيها القارئ الكريم أنك إذا حققت الصفات الست التي تضمنتها آية هذا النداء وأضفت إليها هذه الصفات السبع فقد بلغت ذروة الكمال، وحزت أفضل الخصال، ونلت ما لا ينال إلا بتوفيق وإفضال وإنعام ذي الجلال والإكرام وسلام عليك في الفائزين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


2 سورة البقرة: 256.

1 سورة الفتح: 29
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-30-2016, 06:14 PM   #40
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء السادس والثلاثون: في حرمة ولاية من يتخذ دين الله هزوا ولعبا من أهل الكتاب وغيرهم
الآية (57 _ 58) من سورة المائدة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} .
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي العظيم يحرم على المؤمنين ولاية الكافرين، سواء كانوا أهل كتاب كاليهود والنصارى، أو كانوا لا كتاب لهم كالمجوس، أو كانوا مشركين أميين، وعلة هذا التحريم هي اتخاذهم دين الإسلام الحق الذي لا دين يقبله الله تعالى سواه. كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1 ولا شك أن نزول هذه الآية كان لسبب سخرية واستهزاء بعض الكافرين من يهود ونصارى ومشركين بالدين الإسلامي، إذ ورد أن المنافقين واليهود كانوا إذا سمعوا الأذان يضحكون ويلعبون بصوت المؤذن فمنهم من يقول هذا نهيق حمار، ومنهم من يرفع صوته بالأذان ساخرا لاعبا مستهزئا، فأنزل الله تعالى هذا النداء ينهى المؤمنين عن موالاة هؤلاء المستهزئين بشعائر الدين الإسلامى، الضاحكين اللاعبين، كلما أتيحت لهم الفرصة حيث لم يكن معهم من يخافونه من المسلمين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من أمنتم بالله ربا وإلها، وبالإسلام دينا وشرعا، وبمحمد نبيا ورسولا {لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ} أي الإسلام وشرائعه وأحكامه {هُزُواً ْ} يستهزئون به {وَلَعِباً} يلعبون به، وبين تعالى المستهزئين اللاعبين فقال: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وهم اليهود والنصارى {وَالْكُفَّارَ} يعنى المشركين {أَوْلِيَاءَ} أي توالونهم بالحب والنصرة. ثم أمر تعالى عباده المؤمنين بتقواه وهى طاعته فيما أمر ونهى فيفعلون المأمور بحزم وجد، وينتهون عن المنهى، كذلك ومن جملة ما نهاهم عنه موالاة أهل الكتاب والمشركين وبخاصة الذين يستهزئون بالإسلام ويسخرون منه، ويضحكون ويلعبون، إذ موالاة هؤلاء الساخرين المستهزئين لا يسيغها عقل ولا دين. فكيف تصح إذا موالاتهم من أهل الإيمان، لذا قال الله تعالى في ختام الآية {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وفعلا هم مؤمنون؛ لذا فلا يصح منهم أبدا موالاة أعداء الإسلام المحاربين له الساخرين منه. وفى هذه الجملة المذيل بها الكلام {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ما يجعل حرمة موالاة هؤلاء الكافرين أعظم حرمة وأشدها، إذ موالاة الكافرين محرمة بآية قبل هذه كآية آل عمران: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وآية المائدة قبل ذي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وفى الآية بعد ذي وهى قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} ففي هذه الآية بيان استهزائهم ولعبهم بالدين، إذ الأذان دين وشرع بل هو أظهر الشرائع، وأعلى مقامات الدين، إذ به ترتفع كلمة التوحيد، والنبوة، ويدعى إلى أشرف عبادها وأزكاها وأكثرها تعبدا لله تعالى وهى الصلاة وإقامتها وفى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} تقرير أن المستهزئ بالأذان، الضاحك منه، اللاعب به، يعتبر لا عقل له كالبهائم أو أشر وأضل.
إذ النداء إلى الصلاة بتلك الكلمات السامية الرفيعة الداعية إلى الفلاح بإقامة الصلاة لا يجهل معناها ولا يكرهها إلا من لا عقل له وصدق الله العظيم إذ قال ذلك؛ أي كان ذلك الاستهزاء والسخرية واللعب بالأذان بسبب أنهم قوم لا يعقلون وحقا إنهم لا يعقلون وصدق الله العظيم.
وأخيرا أيها القارئ الكريم إليك بيان حكم الأذان في الإسلام.
إن الأذان فرض كفاية في المدن والقرى، وسنة لجماعة تطلب غيرها، ومستحب لمن يطلب غيره في السفر أو الحضر، إلا أنه في السفر أعظم أجرا لحديث الموطأ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة "، أما الإقامة فإنها سنة مؤكدة لكل صلاة ومن أذن أقام ولو أقام غيره لا بأس وإليك صيغة الأذان والإقامة:
الأذان:
الله أكبر، الله اكبر _ الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح2، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
الإقامة:
الله أكبر الله أكبر _ أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة حي على الفلاح. قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
هذا واذكر أن معنى قوله تعالى في الآية: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إنه الأذان للصلوات الخمس. فتح الله عليك في العلم والعمل، وعلى كل مؤمن ومؤمنة فقل آمين آمين.
وسلام على المرسلين، والحمدش لله رب العالمين.
2 في آذان الصبح يزاد جملة: الصلاة خير من النوم مرتين، وذلك بعد قوله: حي على الفلاح.1 سورة آل عمران: 85.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-2016, 05:24 PM   #41
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء السابع والثلاثون: في حرمة تحريم ما احل الله من الطيبات وحرمة الاعتداء في الدين
الآيتان 87 _ 88 من سورة المائدة
أعوذ بالله الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} .
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن لهاتين الآيتين سببا في نزولهما، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن انس رضى الله عنه قال: " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنما تقالوها فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر. فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلى الليل أبدا. وقال آخر: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر وقال أخر: أما أنا فاعتزل النساء ولا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى " ونزلت هاتان الآيتان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من آمنتم بالله ربا، وبالإسلام دينا وشرعا لا يقبل دينا غيره ولا يطبق شرعا سواه، وبمحمد نبيا ورسولا لا يقتدى بغيره ولا يتبع سواه {لا تُحَرِّمُوا} أي بامتناعكم عن طيبات ما أحل الله لكم من الطعام والشراب والنوم والنكاح، والمراد بالطيبات ما كان غير مستقذر ولا مستخبث مما أحل الله عز وجل لعباده المؤمنين لمصالح عامة وخاصة، وفوائد ظاهرة وباطنة؛ إذ الله تعالى عليم حكيم فلا يبيح ولا يمنع إلا لحكمة عالية تدور على مصالح عباده المؤمنين، وبعد هذا النهى عما أحل الله تعالى لعباده المؤمنين، وهم منهم وبينهم فقد ورد أنهم عبد الله بن مسعود وعثمان بن مضعون وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهم أجميعين؛ خاطبهم الحق تبارك وتعالى ناهيا لهم عن الاعتداء وهو مجاوزة الحد المحدود كتحريم الحلال، أو تحليل الحرام، ومن الاعتداء الإسراف فى الأكل والشرب والجماع وفى اللباس وفى غيرها لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} 1 والإسراف هو مجاوزة النافع إلى الضار والحق إلى الباطل، والمسعد إلى المشقي فقال تعالى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فكيف ترضون لأنفسكم بغض الله لكم وعدم محبته إياكم وأنتم ما حرمتم على أنفسكم ما حرمتم إلا طلبا لحب الله تعالى ورضاه، وهروبا من بغضه وعدائه. واعلم أيها القارئ الكريم والمستمع المستفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أبان وأفاد في هذا الباب فلتستمع إلى ما قاله في هذا الشأن:
1- كلوا وتصدقوا والبسوا في غير الإسراف ولا مخيلة؛ المخيلة من الخيلاء وهو الكبر والعجب.
2-وقال بن عباس في رواية البخاري: كل ما شئت وألبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة.
3-كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا إسراف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده.
4-عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم.
5- قال بعض السلف: جمع الله الطب كله في نصف آية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} .
وقوله تعالى في الآية رقم 88: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} إنه بعد أن نهاهم عما حرموا على أنفسهم من النساء والطعام والمنام واللباس، أيضا أمرهم أمر إباحة ورحمة وإرشاد فقال: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} أي من الحلال لا من الحرام فالحرام لا يكون رزقا إلا في ضرورة الخوف من الموت كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير. وقوله: {حَلالاً} يفيد أن الحرام لا يكون رزقا، والطيب هو ما لم يكن مستقذرا ولا مستخبثا ولا محرما.
وأخيرا أمرهم تعالى وهو أمر لكل مؤمن ومؤمنة ممن نزلت فيهم الآية ومن غيرهم إلى يوم القيامة أمرهم بتقوى الله عز وجل وذلك بطاعته فيما حرم وأحل، وفيما أمر ونهى من سائر ما حواه شرعه وبينه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقوله: {الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} تذكير لهم بإيمانهم به سبحانه وتعالى فإن من آمن بالله وعرف صفات جلاله وكماله من قدرة وعلم وحكمة ورحمة لا يخطر بباله معصيته فضلا عن أن يعصيه، فكيف تجرءون على تحريم ما أحل، ولم يوبخهم سبحانه وتعالى في هذا التوجيه؛ لأنهم ما حرموا ما حرموا على أنفسهم لا على غيرهم إلا طلبا لمرضاته وسعيا وراء حبه سبحانه وتعالى.
هذا واعلم أيها القارئ الكريم أن هذه الآية ترد على غلاة المترهبين وأهل البطالة من بعض المتصوفين الذين يلبسون الصوف لا غير ويمتنعون عن لذيذ الطعام والشراب.
واعلم أيضا أن من حرم ما أحل الله لا يحرم عليه ما حرمه إلا الزوجة فإنها إذا حرمها تحرم، فمن قال لزوجته أنت على حرام وأراد طلاقها تطلقت، وإن لم يرد طلاقها كفر كفارة يمين وعادت إليه ولا تحرم عليه فاذكر هذا والله ولى المتقين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
1 الأعراف: 31.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-02-2016, 01:43 PM   #42
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النداء الثامن والثلاثون: في تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام
الآيتان 90 _ 91 من سورة المائدة
أعوذ بالله الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} .
الشرح:
لا تنس أيها القارئ الكريم أن الإيمان بمثابة الروح للإنسان، فمن آمن وصح إيمانه فقد حيى وأصبح أهلا لأن يؤمر فيمتثل ويفعل، وينهى فيمتثل وينتهى، وذلك لكمال حياته. وإن الكافر كالميت لا يسمع ولا يبصر، ولا يفهم ولا يعقل، ولذا لا يكلف إلا بعد حياته بالإيمان بالله ولقائه، وكتاب الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، فاذكر هذا ولا تنسه، واعلم أن هذا النداء الإلهي الثامن والثلاثون من نداءات الرحمن لأوليائه المؤمنين المتقين يحمل لهم تحريمه تعالى عنهم أربعة أشياء وهى: الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
فالخمر هي كل ما خامر العقل؛ أي ستره فأصلح صاحبه يهذر في كلامه، ولا يعي ما يقول حتى إنه قد ينطق بالسوء، أو يأتى منكرا من الفعل.
والميسر أصله اللعب بالقداح للقمار، وأصبح يطلق الميسر على القمار، فكل لعب يقامر به هو ميسر.
والأنصاب جمع نصب، وهو ما ينصب من الأحجار والتماثيل والصور للعبادة بأي صورة من صور العبادة كالتعظيم، والتمسح، والعكوف حولها، والحلف بها، والنذر لها.
والأزلام جمع زلم، وهى سهام يستقسمون بها في الجاهلية، وهى عبارة عن ثلاثة سهام كتب على أحدها أمرني ربى، وعلى الثاني نهاني ربى، والثالث مهمل لم يكتب عليه شئ، فإذا أراد الرجل أن يسافر أو يتزوج أو ….. يأتى صاحب الأزلام فيطلب منه بيان قسمته وحظه فيدخل العيدان في خريطة (كيس) ويميلها فيها ثم يخرج واحدا من الثلاثة فإذا خرج أمرني مضى في عمله الذي عزم عليه، وإن خرج نهاني أعاد الاستقسام حتى يخرج أمرني أو نهاني…
فجاء الإسلام فحرم هذا الإستقسام، كما حرم ما يعرف بخط الرمل، وقرعة الأنبياء والاستقسام بالمسبحة، والشوافات من النساء إلى غير ذلك من أنواع الضلالات التي جاء الإسلام بتحريمها. وقال الله تبارك وتعالى فيها: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} والرجس النجس المستقذر حسا أو معنى، والمحرمات كلها خبيثة وإن لم تكن مستقذرة، وكونها من عمل الشيطان هي أشد رجسا وقذارة، لأن الشيطان لا يزين إلا ما كان خبيثا نجسا حسا أو معنى لذا أمر تعالى باجتنابه بقوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} ورجانا بالفلاح إذا نحن اجتنبنا هذه القاذورات من الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام فقال: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والفلاح الفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة. كانت تلك هداية الآية الأولى أما الآية الثانية وهى قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقد أخبرنا تعالى عن علة تزيين الشيطان للرجس الذي هو مجموع المحرمات الأربع وأنها إيقاع العداوة والبغضاء بيننا، وصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة، فهذه العظائم الأربع هي علة تزيين الشيطان لتلك الخبائث الأربع التي هي الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام.
ألا فلنعرف هذا أيها القارئ الكريم، ولنلعن الشيطان ونخيبه في دعوته باجتنابنا التام للخمر فلا نشربها، ولا ننتجها، ولا نبيعها وللميسر فلا نلعبه وأيا كانت آلاته نردا أو شطرنجا، أو كعابا، أو غيرها كالكيرم، والدمينو وغيرها إذ الكل مما حرم الله جل جلاله وعظم سلطانه، وبذلك ننجو من فتنة الشيطان فتدوم محبتنا لبعضنا وولاؤنا ولا نفتر ذاكرين الله، مقيمين للصلاة، التي هي عمود ديننا، ومركز قوتنا ومناة هدايتنا وسلم رقينا ونجاتنا من الوقوع في الفحشاء والمنكر {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} 1.
ولنذكر ما ختم الله تعالى به هذا التوجيه الإلهي لنا وهو قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} لنقول، انتهينا ربنا كما قالها عمر رضى الله عنه لما كان يقول: " اللهم بين لنا في الخمر شافيا ". حتى نزلت هذه الآية فقال: انتهينا ربنا. ونحن نقول لا نقارف هذه الخبائث، ولا نرضى بها فثبتنا ربنا، فإنك ولينا ولا ولى لنا سواك ولك الحمد على ما أوليت، ولك الشكر على ما أعطيت. وسلام على عبادك الصالحين. والحمد لله رب العالمين.
1 سورة العنكبوت: 45.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
لأهل, الرحمن, الإيمان, وحالات
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إسطوانة "نداءات الرحمن من آيات القرآن" بصوت الشيخ ماهر المعيقلى خالددش ملتقى الصوتيات والمرئيات والفلاشات الدعوية 8 01-11-2019 01:34 PM
مفاجأة عظيمة إسطوانة نداءات الرحمن من آيات القرآن الشيخ عبده قسم الاسطوانات التجميعية 4 04-30-2017 01:53 PM
أسطوانة البرامج الرائعة لأهم البرامج بعد الويندوز Starter Toolkit May 2016 v1.0 مروان ساهر ملتقى برامج الكمبيوتر والإنترنت 1 10-02-2016 02:15 PM
همسات لأهل المحن آمال ملتقى الأسرة المسلمة 10 09-03-2015 12:03 AM
ليكون منبراً لأهل القرآن الكريم وأحبائه ابو عبد الله ملتقى الترحيب والتهاني 6 11-10-2010 02:03 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009