المناسبات | |
|
|
12-17-2017, 06:19 PM | #25 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-ومن يستدل بفعل أهل العلم في مثل هذا، فمردود عليه قوله، أن مقام الجرح علم غير مقام النقد، والتقييم يكون للرجال ولمقالاتهم، فيفرق بين الكلام في فن الجرح والتعديل، وبحث حال الرواة، والردود على: المقالات، والأقوال، والنظريات، والمصنفات.
زد على ذلك أن باب الجرح والتعديل علم عزيز، له نخبته، وهم أهل للكلام فيه، فأسواره عالية، وحصونه ممتنعة، وما ولج هذا العلم الدخلاء الأصاغر، إلا كثر الهرج والمرج في الأعراض. ولن يُبقي المتطفل على ذي عمامة إلا حلق له رأسه، فلا يدرى للدين عالم، ولا للفنون صاحب، وسنة اللَّـه فيهم بادية، ما أن يتكاثر الدخلاء فيه، لا يألون في ذي علم إلاًّ ولا ذمة، فهم لا يعون خلاف العلماء بينهم، ولا يستوعبون صراع الأقران، ويخلطون بين الخلاف العلمي والحقد الشخصي، ويقرنون بين البدعة والجهل، والسنة والعلم، وتلك مفردات عندهم متناقضة، لا تجتمع ولا ترتفع، فمن لحقه مسمى البدعة، رفِع عنه العلم، والعكس كذلك. 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ.. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-18-2017, 08:30 PM | #26 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-"وأهل السنة والجماعة كانوا يختلفون فيما بينهم على المسائل العلمية والعملية، ولكنهم يضبطون سلوكهم-مهما كان حجم الاختلاف-بأدب الاختلاف: من الود، والألفة، والاحترام المتبادل، في الإطار أساسي، هو:المحافظة على الجماعة والائتلاف، وجمع الشمل، ونبذ التفرق والاتهام"[١٦].
ومن الإرشادات الإلهية لنبي الهداية، الانصراف عن رد الباطل بحدة الحق، بل عرض الحق في أسلوب هادئ، أو تأجيل النقد وتعميم الرد؛ قال- عز من قائل-لنبيه: ﴿وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ*اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الحج: ٦٨-٦٩]، وقوله: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤]. مع أن بطلانهم ظاهر، وحجتهم داحضة. ويلحق بما سلف تجنب نهج التحدي، والتعسف في الحديث، وأسلوب التعجيز، وإحراج الخصم، ولو كانت الحجة بيِّنة والدليل دامغًا،فكسب القلوب مقدَّم على كسب المواقف. 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ.. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-19-2017, 06:16 PM | #27 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-وحلية النقد بجلب أطايب الكلام، مسوقًا بقدر الحاجة في وقت الحاجة، نهج هذا:
"أنفقوا في المناظرات بالمعروف"، وهذا شأن المستيقن بما لديه، المستقر عليه، واحترام المصيب لقدره، وقيمته، ومُروءته، وهو من كرم المعاملة، ومنزلة كريمة تعلو رتبة المخاصمة. أما ما زاد عن ذلك من النبز بالألقاب الشنيعة، والفظاظة والشتائم الفظيعة، فشيمة أهل الأهواء، وسيمة أبي الجهل، وأخي الوهم، صنيعهم رَواج مقالهم بصخب وجعجعة أن "نحن هنا"، "القامعون للباطل، المرابطون على ثغور الحق"، وما حقيق فعلهم إلا حمية جاهلية، وبلادة لا جلادة. وفيهم من هو حلاَّف مَهِين، همَّاز مشَّاء بنَمِيم، منَّاع للخير معتدٍ أثيم، عُتُلٌّ بعد ذلك، شغله الوقوع على الجراح، والتنقيب على العثرات، وبعثرة في المخلفات، لتصيد الزلات. وتجد هاته الخصال بين أهل البدع عامة، ومنها ما تسرب لأهل السنة خاصة، وفي الشباب ممن تقودهم حمية المراهقة للتصعيد في المواجهة مع الخصم من بينهم أو من غيرهم، ومن طلبة العلم وبعض المشايخ من ينحو ذلك في ردوده، حتى صار شعارًا له، وعرفًا بين أتباعه. وحلية أدب الكلام مقدمة على الشدة والحدة؛ فاللين أصل والإغلاظ استثناء، وخذه معيارًا دقيقًا: "إن الرد العاطل من هذه الحلية، لا يكون إلا حين يختل شرط من شروطه الأساسية: النية، المتابعة، الأهلية". 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّه تعالى |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-20-2017, 06:20 PM | #28 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-والرد بمجرد الشتم والتهويل، لا يَعجِز عنه أحد، لكنه لا يغيِّر من القول المردود عليه شيئًا، بل يبقى مكانه.
فالراد هنا: لا ينكأ صيدًا، ولا يقتل عدوًّا، بل هو بمنزلة الحوالة على العدم أو مجهول، كمعصوم الرافضة، وغوث الصوفية، وكل هذا لا يغني من الحق شيئًا. فالأصل في صياغة الرد: أن يكون بالتي هي أحسن، واللجوء إلى أساليب تأنيب الخصم، وتقريعه، والقسوة عليه، ضرورة تقدَّر بقدرها؛ لأن منشأها هو الخصم ذاته، بما يأتي به: من كذب، وإرجاف، وتهويل، وسباب، وتلبيس، وعناد"[١٧]. وقد تفحم الخصم، وتدمغه فتزهق قوله، غير أنك لا تقنعه، وقد تخرصه بحجة؛ ولكنك لا تكسب تسليمه وإذعانه، فأسلوب التحدي والاستعراض يمنع التسليم، حتى مع توافر القناعة العقلية. فذي طبائع بشرية، وليست نفوسًا ملائكية، والهجوم مع حمية يوقد حمية مضادة، فتكون حربًا كلامية، تؤجِّج أغبرة فكرية، وتعزز أحقادًا نفسية، يتولد عنها إصرار المبطل على باطله، بل تقوية باطله ودعْمه بإسناد فكري، واستجلاب لأدلة من كل صوب وحدَبٍ، فيكون الخلاف في أوله قطرة، فيفيض ويغرق ما حوله من الوفاق، وتاريخ المسلمين جلي، وسيرة الفرق واضحة في تصاعد الخلاف من مسألة إلى مذهب. 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ.. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-21-2017, 06:17 PM | #29 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-ولنا في مناظرة ابن عباس- رضي الله عنهما- للخوارج أسوة حسنة، ويكفيه: مقامه، ونسبه، وعلمه، وصحبته، أن يخرص من ليس فيهم صحابي واحد من الخوارج، ورغم أنهم قوم جلف واستفزازهم له في الجدل جلي، إلا أنه رفق بهم في المناظرة، وأجابهم عن كل استشكالاتهم واحدة واحدة بأدب ولين، فرجع معه رهط منهم.
فالحرص على القلوب، واستلال السخائم، أهم وأولى من استكثار الأعداء والضغائن، واستكفاء الإناء. على أن بعض الحال استثنائي، يسوغ فيه اللجوء للإفحام؛ وذلك فيما إذا استطال المردود عليه، وتجاوز الحد، وبطر الحق الجلي، وكابر مكابرة بينة، وفي مثل هذا جاءت الآية الكريمة: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: ٤٦]. ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ [النساء: ١٤٨]. فالظلم والبغي قد يسمح بالهجوم الحاد، وتسفيه رأيه؛ لأنه يمثل الباطل، وحسن أن يرى الناس الباطل مهزومًا مدحورًا. 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ.. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
12-22-2017, 06:18 PM | #30 | |
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة
|
-ومنهج نقد الآخر في القرآن الكريم نجد فيه تنوعًا في الخطاب والأسلوب، ومسالك متباينة حسب ما تقتضيه الحكمة، فنجد نقد القرآن للمشركين غالبًا ما يكون جدال هداية ودلالة، وقد يشتمل على تخطئة لبعض مزاعمهم وافتراءاتهم، بينما نجد نقده لأهل الكتاب نقد إلزام وتخطئة؛
لأنهم على علم، أما نقده للمنافقين، فيتسم بالشدة والقسوة، مع الوعيد والتهديد. فيجب مراعاة مقام المتكلم فيه، فمرتبة العالم وسط أهل العلم تسمح له ما لا يسمح لمن هو دونه، فقد يكون من يحمل الباطل أشهر وأكثر نفيرًا، فلا يجدي معه إغلاظ ولا حِدَّة، بل ينقلب ذلك على الناقد ونقده، ويصير ما بين بُطلانه في حق أتباع من نقد حقًّا حميَّة لشيخهم؛ قال أبو المعالي الجويني: "وعليك بالمحافظة على قدرك وقدر خَصمك، وإنزال كل أحد في وجه كلامك معه، درجته ومنزلته، فتميز بين النظير وبين المسترشد، وبين الأستاذ ومن يصلح لك. ولا تناظر النظير مناظرة المبتدئ والمسترشد، ولا تناظر أستاذك مناظرة الأكفاء والنُّظراء، بل تناظر كلاًّ على حقه، وتحفظ كلاًّ على رُتبته"[١٨]. 🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ.. |
|
من مواضيعي في الملتقى
|
||
|
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|