وهو أنه جاء من مكان بعيد إلى قومه لينذرهم، فالله عز وجل قدّم الصفة التي ينبغي أن تُراعى وهو كونه يأتي من مكان بعيد لينذر قومه، ثم وصفه الله بقوله (يَسْعَى) بمعنى يأتي بهمّ وقصدٍ وإقبال شديد. (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)) ثم مات هذا الرجل، وقيل له بعد موته (ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) يتمنى أن قومه يرون ما هو الجزاء الذي حصل عليه بعد موته. قال الله عز وجل(وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) أي أهلكهم الله عز وجل. ابن كثير رحمه الله يقول إن كانت أنطاكيا هذه هي التي نزل فيها العذاب فإننا لا نعلم أن فيها شيئًا من أثار العذاب أبدا، فإما أن يكون عذابا لا أثر له على الأرض وإما أن تكون أنطاكيا غير أنطاكيا التي نعرفها وهي التي تقع في شمال بلاد الشام.
|