استخدم محرك جوجل للبحث في الملتقى

 

الرئيسية التسجيل البحث الرسائل طلب كود التفعيل تفعيل العضوية استعادة كلمة المرور
facebook facebook twetter twetter twetter twetter

المناسبات


   
العودة   ملتقى أحبة القرآن > ۩ ملتقى العلـــم الشرعـــي ۩ > ملتقى عقيدة أهل السنة و الجماعة > قسم الفرق والنحل
قسم الفرق والنحل القضايا الفكرية والعقائدية في الاسلام والرد على الشبهات.
 

   
الملاحظات
 

إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-04-2022, 01:53 PM   #7

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 58

أبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of light

افتراضي

      

الموقف من الصوفية

السؤال

اطلع بعض الأخوة على فتواكم رقم : ( 132603 ) وفتوى رقم : ( 20375 ) ، فردوا : (أنكم أخذتم وجهة نظر واحدة لعلماء أفاضل ، بينما هناك علماء آخرين لهم وجهة نظر، ربما تكون مخالفة لها ، أو يرون أن فيها غلواً ، وبالتالي لا يجوز التعميم ، وهذا ما نراه كثيرا ضد الصوفية . أئمة الصوفية يؤكدون أن طريقتنا مبنية على الكتاب والسنة ، فمن خالفهما فليس منا، والأئمة الأربعة والعلماء يثنون على الصوفية . وقالوا : لقد تعدّى على الصوفية الكثير من العلماء ، لا لشيء إلا أنهم يقومون بمهمات لا يقدر عليها الكثير ممن ينتسَبون للعلم !! كثير من الفتاوى يصدر أحكامها وفتواها على الصوفيين القدامى الذين مرقوا من الدين واعتقدوا الحلول والاتحاد ، وادعوا بحديث القلب عن الله تعالى !فهؤلاء لا يوافقهم إلا من يسوقه هواه إلى تشويه الدين وتحقيق المكاسب الخاصة بهم !! وضربوا مثالا بابن عثيمين - رحمه الله - وقوله عن جماعة التبليغ ، وهم كذلك كالصوفية عليهم هجوم من كل حدب وصوب ؟ فأجاب بصوته رحمه الله : جماعة طيبة ولها نشاطها ولا شيء عليها . الصوفية تقوم بمقام التزكية الذي يقصر فيه الكثير من العلماء أهل الرواية ! وكما نعلم : ليس العلم بالرواية ولكن العلم بالدراية . العلم بالخشية .. وكما نرى أحوال علمائنا ومواقفهم من الفتن التي نعيش فيها 24 ساعة متعاقبة متتالية! فلماذا الخوض في أناس يحققون أعظم ركن من أركان الدعوة..والذي بينه ربنا في كتابه وهو التزكية ، فمن يقوم بها اليوم ؟ ثم نقيم الدنيا على الصوفية ولا نقعدها لمجرد أناس أساؤوا للصوفيين منذ زمن ولا نعطي المخلصين حقهم ونقول فيهم ما يستحقون) . فأريد منكم الجواب على هذا الأمر.

الجواب
الحمد لله.

كان مشايخ أهل التصوف الأولون على حال طيبة في الجملة ، وكان لهم من الحرص على السنة واتباع السلف ، ومن العمل الصالح ، ما يحمدون عليه ، خلافا للمتأخرين من الصوفية الذين حرفوا وبدلوا وأحدثوا . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ لَمْ يَخْرُجُوا فِي الْأُصُولِ الْكِبَارِ عَنْ أُصُولِ " أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " بَلْ كَانَ لَهُمْ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالدُّعَاءِ إلَيْهَا وَالْحِرْصِ عَلَى نَشْرِهَا وَمُنَابَذَةِ مَنْ خَالَفَهَا مَعَ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ مَا رَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَقْدَارَهُمْ وَأَعْلَى مَنَارَهُمْ، وَغَالِبُ مَا يَقُولُونَهُ فِي أُصُولِهَا الْكِبَارِ جَيِّدٌ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يُوجَدَ فِي كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ نُظَرَائِهِمْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَرْجُوحَةِ وَالدَّلَائِلِ الضَّعِيفَةِ؛ كَأَحَادِيثَ لَا تَثْبُتُ وَمَقَايِيسُ لَا تَطَّرِدُ مَعَ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/ 377) .
وقال عليّ بن هارون ومحمد بن أحمد بن يعقوب : سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول: " علمنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقّه، لا يُقْتَدى به " انتهى من " تاريخ الإسلام " (22/ 73) .
وقال حامد بْن إِبْرَاهِيم : قَالَ الجنيد بْن مُحَمَّد : " الطريق إِلَى اللَّه عز وجل مسدودة عَلَى خلق اللَّه تعالى إلا عَلَى المقتفين آثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين لسنته ، كَمَا قَالَ اللَّه عز وجل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) " انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 12) .
وقال الْحُسَيْن النوري لبعض أصحابه : " من رأيته يدعي مَعَ اللَّه عز وجل حالة تخرجه عَنْ حد علم الشرع فلا تقربنه ، ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ولا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه عَلَى دينه " .
وعن الجريري قَالَ : " أمرنا هَذَا كله مجموع عَلَى فضل واحد هو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم عَلَى ظاهرك قائما " .
وعن أبي جَعْفَر قَالَ : " من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله بالكتاب والسنة ولم يتهم خاطره فلا تعده فِي ديوان الرجال " انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 151) .
فإذا نظرنا إلى مثل هذا الكلام عن أوائلهم ، وقارنا أفعال أتباعهم اليوم به : وجدنا هؤلاء الأتباع أبعد ما يكون عن ذلك ، فإنه لا يكاد يوجد حدث في الإسلام إلا والصوفية ومن شابههم من أصحاب الأهواء من ورائه ، وهل عرف الناس عبادة القبور والتوسل بالأموات ، وسؤالهم الحاجات من دون الله إلا من الصوفية ؟
وهل سبق القوم أحد في إحداث الموالد والحضرات التي تقوم على الغناء والرقص والذكر المبتدع ؟
وهل كان يصد عن الجهاد في سبيل الله ، ويرى أن غزو الكافرين بلاد المسلمين عقوبة ربانية عادلة إلا أهل التصوف ؟
وهل عرف الناس العلم اللدني ، وحدثني قلبي عن ربي ، والتفريق بين الحقيقة والشريعة ، وعلم الباطن وعلم الظاهر إلا عن الصوفية ؟
وهل عرفت السياحات المبتدعة في البراري ، ومصاحبة الأحداث ، إلا عنهم ؟
وهل عرفت الدعاوى والشطح ، والكلام في دين الله بغير علم ، أو بالظن الكاذب والاستدلال بالأحاديث الموضوعة والمنكرة أكثر مما عرف عن أهل التصوف ؟
ومن نظر في تاريخ القوم لا يجد إلا ما قدمنا وآثاره وغيره من البدع المنكرة والضلالات المضلة ، ومتى عرف أهل التصوف بالفقه أو صناعة الحديث والجرح والتعديل وتفسير القرآن بالمأثور ؟ هل في المتصوفة من برع في علوم السنة إلا القليل الذي لا يكاد يذكر ؟
ومن تأمل في كتبهم ، واستقرأ حالهم ، ونظر في أخبارهم : وجد أقواما لا يعرفون عن الشريعة إلا رسمها ، يبغضون أهل السنة ، وينتمون إلى أهل البدعة ، ويعادون العلوم الشرعية ، ويدّعون العلوم اللدنية ، قد سول لهم الشيطان سوء أعمالهم ، وغرهم من أنفسهم ، فأمشاهم على الماء ، وطيرهم على الهواء ، وغرر بساداتهم حتى قالوا : رفع عنا التكليف ، وليس في وجاهتنا مقدم ولا شريف .
ومن عجب أنك تجد عامتهم قد انتسبوا إلى أهل البيت ظلما وزورا ، مع أن أكثرهم قد جاء من بلاد المغرب وإفريقية ، أو من بلاد العجم ، ثم لا نعلم أن أحدا من علماء السنة الذين حفظوا لنا السنة ودونوا دواوينها كالأئمة الأربعة وغيرهم قد انتسب إلى هذه الطرق الباطلة ، فضلا عن أن يكون رئيسا من رؤسائهم وقطبا من أقطابهم .
وقول المدَّعِي : أن الأئمة الأربعة والعلماء يثنون على الصوفية ، من أبطل قول وأسمجه ، وإذا كان أهل العلم يثنون عليهم ، فلم لم ينتسبوا إليهم ؟ وهم أشد الناس حبا للدين ، واعلم الناس بالله ورسوله .
والمعروف عن أئمة المذاهب ذمهم حال القوم ، والتحذير منه .
أما الإمام مالك رحمه الله :
فقال القاضي عياض رحمه الله :
" قال المسيبي: كنا عند مالك وأصحابُه حوله ، فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية ، يأكلون كثيراً ، ثم يأخذون في القصائد ، ثم يقومون فيرقصون .
فقال مالك : الصبيان هم ؟ قال : لا .
قال أمجانين ؟ قال : لا ، قوم مشايخ .
قال مالك : ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا .
قال الرجل : يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه ، فضحك مالك ثم قام فدخل منزله .
فقال أصحاب مالك للرجل : لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا ، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم " انتهى من "ترتيب المدارك" (2/ 53) .
أما الإمام الشافعي :
فقال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي يقول : " لو أن رجلا تصوف أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق " .
رواه البيهقي في "مناقب الشافعي" ( 2/ 207 ) بإسناد صحيح .
وقال أيضا : " مَا لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله إليه أبدا " انهتى من "تلبيس إبليس" (ص: 327) .
وقال أيضا : " صَحِبْتُ الصُّوفِيَّةَ ، فَمَا انْتَفَعْتُ مِنْهُمْ إِلَّا بِكَلِمَتَيْنِ : سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ : الْوَقْتُ سَيْفٌ . فَإِنْ قَطَعْتَهُ وَإِلَّا قَطَعَكَ . وَنَفْسُكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالْحَقِّ ، وَإِلَّا شَغَلَتْكَ بِالْبَاطِلِ " انتهى من "مدارج السالكين" (3/ 124) .
أما الإمام أحمد : فهو أبعد الناس عن طريق القوم ، لشدة بُغضه للإحداث في دين الله ، وعداوته الشديدة للبدعة وأهلها .
قال عَنْ سري السقطي - وهو من كبار شيوخ الصوفية ومقدميهم - : الشيخ المعروف بطيب المطعم . ثم حكى لَهُ عنه أنه قَالَ : إن اللَّه عز وجل لما خلق الحروف سجدت الباء . فَقَالَ : " نفِّروا الناسَ عنه [أي : عن سري] " انتهى من "تلبيس إبليس" (ص: 152) .
مع أن السري السقطي رحمه الله كان معروفا بالزهد والصلاح .
وذكر أَبُو بَكْر الخلال فِي كتاب السنة عَن أحمد بْن حنبل أنه قَالَ : حذروا من الحارث - يعني المحاسبي - أشد التحذير ، الحارث أصل البلية يعني فِي حوادث كلام جهم ، ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إِلَى رأى جهم ، مَا زال مأوى أصحاب الكلام ، حارث بمنزلة الأسد المرابط : انظر أي يوم يثب على الناس " انتهى من "تلبيس إبليس" (ص: 151) .

فهذه آراء الأئمة الثلاثة في الصوفية وأشياخهم ، أما الإمام أبو حنيفة رحمه الله فقد كان عصره قبل ظهور هذه البدعة التي أساءت إلى أهل الإسلام على مر العصور .
ولو كانت طريقة القوم قائمة على الكتاب والسنة كما يدعون ، فما بالنا نراهم أكثر الناس إحداثا في الدين ، وأقل الناس علما ؟
ومن تراه من أهل العلم يمتدح بعض الصوفية فإنما يمتدح بعض أحوال الذين رآهم منهم ، لما هو عليه من الزهادة في الدنيا ، والبعد عن السلطان ، والانشغال بآفات النفس ومداواتها ، ولا شك أن بعضهم له من هذا الباب حظ ، ولكن كثيرا منهم إذا خبرته في غير ذلك من أمور الدين وجدته إما جاهلا ، وإما متعالما ، وإما مدعيا علما خاصا قد اصطفاه الله به واجتباه له .
وإذا قيل : إن قدامى الصوفية مرقوا من الدين بما كانوا عليه من مذاهب فاسدة كالحلول والاتحاد ، فما ظنك بمتأخريهم ؟ ولا يقال : إن المتأخرين أحسن حالا منهم ، فإنهم لا يأخذون الطريقة والأحوال إلا عن متقدميهم ، وإلا لزم القوم بأن أساس التصوف قائم على هذه المذاهب الباطلة والآراء الضالة ، بما كان عليه أوائلهم ، وكفى في هذا بيانا لحاله .
أما مقام تزكية النفس : فما أبعد التصوف وأهله عن هذا المقام ، فإن تزكية النفس يعني تطهيرها من الذنوب ، وتنقيتها من العيوب ، وترقيتها بالعلم النافع والعمل الصالح ، والقوم مشغولون بتقديس مشايخهم ، والمغالاة في حبهم ، والمشايخ مشغولون بإلزام أتباعهم بذلك ، والادعاء الباطل لأنفسهم أنهم أهل الولاية ، حتى يصل بهم الحال إلى القول بسقوط التكليف عنهم ، ومن قرأ في تاريخ القوم وجد مصداق ذلك وبرهانه من أقوالهم وأفعالهم .
فلا يغتر مغتر بما يدعيه هؤلاء ، ويقال لهم : ( تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ) أن نتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله في كل قول نقوله نحن وأنتم وفي كل فعل نفعله نحن وأنتم ، فإن فعلتم فأنتم منا ونحن منكم ، وإن زُغتم فنحن بُرءاء منكم وأنتم بُرءاء منا .
وانظر للفائدة جواب السؤال رقم : (47431) ، (118693) .
والله تعالى أعلم .
موقع الاسلام سؤال وجواب.
https://islamqa.info/ar/answers/220230/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A9
أبو طلحة غير متواجد حالياً  

التعديل الأخير تم بواسطة أبو طلحة ; 03-04-2022 الساعة 01:58 PM.

رد مع اقتباس
قديم 03-04-2022, 01:59 PM   #8

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 58

أبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of lightأبو طلحة is a glorious beacon of light

افتراضي

      

اعتقاد الصوفية في أوليائهم أنهم يتصرفون في الكون ويدبرون أمره !!



السؤال

إذا سألنا بعض المتصوفة هل ينفع الأولياء ويضرون؟ يقولون : نعم دون ذكر بإذن الله ، وإن أنكرنا عليهم قالوا : بإذن الله ، فهل هذا يندرج تحت الشرك الأصغر أو الأكبر ؟ ونحن نظن أنهم لم يقولوا بإذن الله إلا ليتخلصوا منا ، فلا نعتقد أنهم يعتقدون أن الولي سبب .
ملخص الجواب

دعوى غلاة المتصوفة في أوليائهم أنهم يتصرفون في الكون ، وأنهم ينفعون ويضرون ، ويقولون للشيء : كن ، فيكون .. هذه الدعوى كفر أكبر ، وشرك بالله تعالى ، وهو أعظم من شرك مشركي العرب كأبي جهل وأمثاله . ولا يفيدهم شيئا أنهم يقولون : إن تصرف الأولياء إنما هو بإذن الله ، لأن هذا شبيهه بما كان يقوله مشركو العرب في تلبيتهم : (لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ) . فهو بمنزلة ما لو قالوا : إن هؤلاء الأولياء شركاء لله ، بإذنه .

الجواب





الحمد لله.
يعتقد غلاة الصوفية في أوليائهم أنهم يدبرون أمر العالم ، ويتصرفون في الكون بما يشاؤون ، وكل من اطلع بإمعان وإنصاف على كلامهم في ذلك، يجزم بأن الغاية التي ينتهي إليها غلوهم وضلالهم : هي رفع الولي إلى مقام الألوهية ، ومن ثم : خضوع الناس لأولئك الأولياء ، بل وعبادتهم لهؤلاء الأولياء ، أيضا !!
والأولياء عندهم مراتب ودرجات ، وكل ولي عندهم قد وُكِّل بتصريف جانب من جوانب الخلق ، حتى ينتهي الأمر إلى القطب ، الذي يدبر شأن الملكوت كله ، سماواته وأرضه .
فأفضل الأولياء عندهم هم "الأقطاب" ، ويسمون القطب بـ "الغوث" ، لكونه ملجأ الملهوفين .
وهؤلاء الأقطاب عندهم لهم التصرف المطلق الشامل في أمور الدنيا والآخرة .
جاء في كتاب "كنوز السعادة الأبدية" (ص128) جمع وترتيب محسن بن علوي السقاف: "كان الشيخ عبد العزيز يقول: إن تصريفي يصل حتى إلى الجنان ، وإن الحور لا يفعلن شيئاً إلا بأمر مني !!
وهو الذي قال مرة لمريده: إن كنت تعتقد أن البِس ـ يعني القط ـ في جميع أقطار الأرض ، يأكل الفأر بغير إذن مني ، فما أحسنت الأدب معي" انتهى !!
كما يعتقدون أن القطب وأعوانه وسائط بين الله وخلقه ، فلا يصل إلى الخلق شيء من الرزق أو الإعانة أو النصر على الأعداء .. إلخ إلا عن طريقهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَأَمَّا سُؤَالُ السَّائِلِ عَنْ " الْقُطْبِ الْغَوْثِ الْفَرْدِ الْجَامِعِ " : فَهَذَا قَدْ يَقُولُهُ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ، وَيُفَسِّرُونَهُ بِأُمُورِ بَاطِلَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ ، مِثْلُ تَفْسِيرِ بَعْضِهِمْ ، أَنَّ " الْغَوْثَ " هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَدَدُ الْخَلَائِقِ بِوَاسِطَتِهِ ، فِي نَصْرِهِمْ وَرِزْقِهِمْ ، حَتَّى يَقُولَ: إنَّ مَدَدَ الْمَلَائِكَةِ وَحِيتَانِ الْبَحْرِ بِوَاسِطَتِهِ !!
فَهَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَالْغَالِيَةِ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ ، يُسْتَتَابُ مِنْهُ صَاحِبُهُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قُتِلَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ لَا مَلَكٌ وَلَا بَشَرٌ يَكُونُ إمْدَادُ الْخَلَائِقِ بِوَاسِطَتِهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/96) .
كما يعتقد أولئك الغلاة : أن أولياءهم يقولون للشيء : كن فيكون .
قال ابن ضيف الله الصوفي في طبقاته (ص272، 277) عن أحد مشايخهم وأوليائهم : "وقد أعطاه الله الدرجة الكونية ، وهي ، لغة : كن فيكون" انتهى .
وقال التجاتي الصوفي : "إن الله ملكهم الخلافة العظمى ، واستخلفهم على مملكته تفويضا عاما، أن يفعلوا في المملكة كل ما يريدون ، ويملكهم الله كلمة التكوين : متى قالوا للشيء : كن ، كان من حينه .. فلا يستعصي عليهم شيء في الوجود" .
انتهى من "جواهر المعاني" (2/76-77) .
وذكر الشعراني في طبقاته (2/88) أحد أوليائهم ، وقال عنه : "وهو أحد من أظهره الله تعالى إلى الوجود ، وصرفه في الكون" انتهى .
وأئمتهم – وهم جهال ضُلَّال- كانوا يدعون الله تعالى أن يعطيهم تلك المنزلة ، أن يقولوا للشيء : كن ، فيكون !!
قال ابن حجر الهيتمي: "ومما يكون من الدعاء كفراً أيضاً : أن يطلب الداعي ثبوت ما دلّ القاطع العقلي على نفيه ، مما يُخلّ بإجلال الربوبية ، كأن يَعظُمَ شوق الداعي إلى ربه ، فيسأله أن يَحِلَّ في شيءٍ من مخلوقاته حتى يجتمع به ، أو أن يجعل له التصرف في العالم بما أراده .
قال الإمام القرافي: وقد وقع هذا لجماعة من جهلة الصوفية ، ويقولون فلان أعطي كلمة (كن)، ويسألون أن يُعطَوْا كلمة (كن) ، التي في قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) . ومقتضى هذا الطلب : الشَّرِكة في الملك ؛ وهو كفر" .
انتهى من "الإعلام بقواطع الإسلام" (ص219) .
وكلام القرافي ينطبق تماما على ما ورد في السؤال من دعواهم أنهم يتصرفون في الكون بإذن الله، فمن طلب من الله أن يعطيه تلك المنزلة ، فكأنه طلب من الله أن يجعله شريكا له في التصرف !!
ومن اعتقد أن أحدا من البشر قد أعطاه الله تلك المنزلة ، فكأنه اعتقد أن الله جعله شريكا له؛ وهذا كفر أكبر بلا شك ، وهو يشبه شرك مشركي العرب في تلبيتهم ؛ بل أقبح منه حالا .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ : لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ .
قَالَ : فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَيْلَكُمْ ! قَدْ ، قَدْ) !!
فَيَقُولُونَ : إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ .
يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ " رواه مسلم (1185) .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :
"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ قَدْ ) قَالَ الْقَاضِي : رُوِيَ بِإِسْكَانِ الدَّال ، وَكَسْرهَا مَعَ التَّنْوِين , وَمَعْنَاهُ : كَفَاكُمْ هَذَا الْكَلَام ، فَاقْتَصِرُوا عَلَيْهِ وَلَا تَزِيدُوا , وَهُنَا اِنْتَهَى كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ عَادَ الرَّاوِي إِلَى حِكَايَة كَلَام الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : ( إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك . . . إِلَى آخِره ) مَعْنَاهُ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هَذِهِ الْجُمْلَة , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : اِقْتَصِرُوا عَلَى قَوْلكُمْ : ( لَبَّيْكَ لَا شَرِيك لَك ) . وَاَللَّه أَعْلَم" انتهى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموعة الرسائل والمسائل" (1/56) :
"والقرآن من أوله إلى آخره وجميع الكتب والرسل إنما بعثوا بأن يُعبد الله وحده لا شريك له، وأن لا يجعلوا مع الله إلها آخر، والإله من يألهه القلب عبادة واستعانة وإجلالاً وإكراماً وخوفاً ورجاءً ، كما هو حال المشركين في آلهتهم ؛ وإن اعتقد المشرك أن ما يألهه مخلوق مصنوع ، كما كان المشركون يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك" انتهى .
وقال أيضا في "مجموع الفتاوى" (3/302) :
"وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّوْحِيدِ : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أَيْ كَخِيفَةِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ...
فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَكُونُ مَمْلُوكُهُ شَرِيكَهُ فِيمَا لَهُ ، حَتَّى يَخَافَ مَمْلُوكَهُ كَمَا يَخَافُ نَظِيرَهُ، بَلْ تَمْتَنِعُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ لَكُمْ نَظِيرًا .
فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِي أَنْ تَجْعَلُوا مَا هُوَ مَخْلُوقِي وَمَمْلُوكِي شَرِيكًا لِي: يُدْعَى وَيُعْبَدُ - كَمَا أُدْعَى وَأُعْبَدَ - كَمَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك، إلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ". انتهى .
ورَدَّ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ دعوى من ظن من الجهال جواز دعاء الموتى، ما دام أن الذي يدعوهم ويستغيث بهم يعتقد أن الفاعل والموجد هو الله وحده ، فقال رحمه الله:
"هذا الأحمق زاد قيداً، فقال لا يشرك إلا من قصد واعتقد الاستقلال من دون الله .
وفي تلبية المشركين في الجاهلية : لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك . فهؤلاء لم يَدَّعوا الاستقلال ؛ وعلى زعم هذا : ليسوا بمشركين !!" انتهى من "تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس" (ص128) .
ومن عرف سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسيرة أصحابه رضي الله عنهم ، يعلم علم اليقين أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر لم تكن له هذه المنزلة ، بل لما قالوا له : يَا مُحَمَّدُ ، يَا سَيِّدَنَا ، وَابْنَ سَيِّدِنَا ، وَخَيْرَنَا ، وَابْنَ خَيْرِنَا..
قال لهم صلى الله عليه وسلم : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ ، وَلَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد (12141) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1097) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا : عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) رواه البخاري (3445) .
فلم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم قط أنه كان يقول للشيء كن فيكون ، ولا ذكر أن ذلك له .
وكذلك لم يؤثر هذا عن أحد من أصحابه .
بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى ، ويتذلل له ، ويلح عليه في الدعاء ليستجيب الله دعاءه ، وذلك مشهور عنه صلى الله عليه وسلم ، ومن أشهر تلك الوقائع : دعاؤه قبيل غزوة بدر ..
روى مسلم (1763) عن عبد الله بْن عَبَّاس رضي الله عنه قال : "حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَهُمْ أَلْفٌ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ) !!
فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) ؛ فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ " .
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه ، ويستغيث به ، ولم يكن يقول للشيء : كن ، فيكون .
بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، ربما يدعو الله تعالى ، فيمنع الله عنه إجابة الدعوة المعينة ، لحكمة يريدها سبحانه وتعالى ....
روى مسلم (2890) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ فدَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا ، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً ، سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ [أي : الجدب والقحط] ، فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ ، فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ، فَمَنَعَنِيهَا) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (1/26) :
"ومن العقائد المضادة للحق : ما يعتقده بعض المتصوفة من أن بعض من يسمونهم بالأولياء يشاركون الله في التدبير, ويتصرفون في شئون العالم, ويسمونهم بالأقطاب والأوتاد والأغواث, وغير ذلك من الأسماء التي اخترعوها لآلهتهم, وهذا من أقبح الشرك في الربوبية, وهو شر من شرك جاهلية العرب; لأن كفار العرب لم يشركوا في الربوبية ، وإنما أشركوا في العبادة, وكان شركهم في حال الرخاء, أما في حال الشدة فيخلصون لله العبادة, كما قال الله سبحانه: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) العنكبوت/65.
أما الربوبية فكانوا معترفين بها لله وحده كما قال سبحانه: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) الزخرف/87 .
وقال تعالى: ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) يونس/31.
والآيات في هذا المعنى كثيرة.
أما المشركون المتأخرون فزادوا على الأولين من جهتين, إحداهما: شرك بعضهم في الربوبية, والثانية: شركهم في الرخاء والشدة, كما يعلم ذلك من خالطهم وسبر أحوالهم, ورأى ما يفعلون عند قبر الحسين والبدوي وغيرهما في مصر , وعند قبر العيدروس في عدن , والهادي في اليمن، وابن عربي في الشام , والشيخ: عبد القادر الجيلاني في العراق , وغيرها من القبور المشهورة التي غلت فيها العامة ، وصرفوا لها الكثير من حق الله عز وجل, وقَلَّ من ينكر عليهم ذلك ، ويبين لهم حقيقة التوحيد الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم , ومن قبله من الرسل عليهم الصلاة والسلام, فإنا لله وإنا إليه راجعون, ونسأله سبحانه أن يردهم إلى رشدهم, وأن يكثر بينهم دعاة الهدى, وأن يوفق قادة المسلمين وعلماءهم لمحاربة هذا الشرك، والقضاء عليه ووسائله, إنه سميع قريب" انتهى .
كما يعتقدون أن أولياءهم لهم القدرة على إنزال المطر وشفاء المرضى .
ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لم يكن يملك ذلك ، بل كان إذا أجدبت الأرض ، وقَلَّ المطر : دعا الله تعالى بإنزال الغيث ، أو خرج لصلاة الاستسقاء ودعاء الله تعالى ، ولم يكن يقول للمطر : انزل ، فينزل .
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصيبه من الأمراض مثل ما يصيب الناس ، بل أشد ، كالصداع والحمى .. وغيرهما ، وكان يدعو الله تعالى بالشفاء ، وكان يرقي نفسه صلى الله عليه وسلم ، ونزل جبريل عليه السلام ورقاه بالمعوذتين .
بل يعتقد هؤلاء الجهلة في أوليائهم أن لهم القدرة على إحياء الموتى !!
وأن لوليهم القدرة على أن يورق الشجرة اليابسة ، ويثمرها في الحين .
انظر "جواهر المعاني" (2/150/151) .
كما يعتقدون في أوليائهم أن لهم القدرة على هداية الضال هدايةً توفيقية إلى الإيمان والطاعة.
فالولي عندهم يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء !!
ومعلوم أن هذه ليست لأحد من البشر ، ولم تكن لرسول صلى الله عليه وسلم ، فلم يستطع أن يهدي عمه أبا طالب ، ونزل في شأنه : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص/56 .
بل نهاه الله تعالى عن الاستغفار لعمه : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة/113 .
وأما محاولتهم التقمص بلباس كرامات الأولياء ، وأن الله هو الذي أكرمهم بهذه الخوارق ، فمكيدة مكشوفة ، وخديعة مفضوحة ، لأن الفرق واضح جلي بين أن يقال : إن الولي الفلاني قد أكرمه الله بكرامة خارقة للعادة ، في حادثة معينة ، اقتضت الحاجة وقوعها ، وبين أن يقال : إن الولي الفلاني وصل إلى مرتبة من يتصرف في الكون بمشيئته وإرادته ، ويقول للشيء كن فيكون ، فيتصرف في العالم العلوي والسفلي ، تصرفا مطلقا عاما لجميع الموجودات ، في كل زمان ومكان ، في حياته ومماته ، بل يرون أن تصرفه في مماته أعظم من تصرفه في حياته !!
نقل الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله عن أحد دعاة القبورية قوله : "إن الدعاء والاستغاثة بالموتى، وبالأحياء ، من هؤلاء الأحباب : سواء؛ لأن الموتى منهم أحياء في قبورهم ، يفعلون أفعال الأحياء فيها ، وفي خارجها" انتهى من "المنار"، ج3، م33، ص216 .
وقال آخر : "إن تصرف الأولياء يزداد بعد وفاتهم" انتهى من "البريلوية عقائد وتاريخ" (ص74) .
والقرآن ، من أوله إلى آخره : مليء ، عامر ، برد تلك الضلالات ، وتقرير دين التوحيد ، ملة إبراهيم الحنيف ، والأنبياء أجمعين .
قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) يونس/31 .
وقال تعالى : (قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ) المؤمنون/84-89 .
قال العلامة صنع الله الحنفي رحمه الله في الرد على الصوفية الذين يقولون بتصرف الأولياء في الكون في كتابه "سيف الله على من كذب على أولياء الله" (ص28-30) : "أما قولهم: إن للأولياء تصرفات في حياتهم وبعد الممات ، يرده قوله جلّ ذكره : (أإله مع الله) (ألا له الخلق والأمر) (لله ما في السموات والأرض) (له ملك السموات والأرض) ، وما هو نحوه من الآيات الدالة على أنه المنفرد بالخلق والتصرف والتقدير، ولا شركة لغيره في شيء ما بوجه من الوجوه، فالكل تحت ملكه وقهره ، تصرفاً وملكاً، وإحياء وإماتة وخلقاً .
وعلى هذا اندرج الأولون ومن بعدهم، وأجمع عليه المسلمون ومن تبعهم، وفاهوا به كما فاهوا بقولهم: لا إله إلا الله" انتهى .
إلى أن قال:
"وأما القول بالتصرف بعد الممات : فهو أشنع وأبدع من القول بالتصرف في الحياة" انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/574) :
السؤال : هل للأولياء كرامة، وهل لهم أن يتصرفوا في عالم الملكوت في السماوات والأرض، وهل يشفعون وهم في البرزخ لأهل الدنيا أم لا؟
الجواب : الكرامة: أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حيا أو ميتا ، إكراما له ، فيدفع به عنه ضرا ، أو يحقق له نفعا ، أو ينصر به حقا .
وذلك الأمر لا يملك العبد الصالح أن يأتي به إذا أراد ، كما أن النبي لا يملك أن يأتي بالمعجزة من عند نفسه، بل كل ذلك إلى الله وحده، قال الله تعالى: ( وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) العنكبوت/50 .
ولا يملك الصالحون أن يتصرفوا في ملكوت السماوات والأرض ، إلا بقدر ما آتاهم الله من الأسباب ، كسائر البشر ، من زرع وبناء وتجارة ، ونحو ذلك مما هو من جنس أعمال البشر
بإذن الله تعالى .
ولا يملكون أن يشفعوا وهم في البرزخ لأحد من الخلق أحياء وأمواتا، قال الله تعالى: ( قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) الزمر/44 .
وقال: ( وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف/86.
وقال: ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة/255 .
ومن اعتقد في أنهم يتصرفون في الكون ، أو يعلمون الغيب : فهو كافر؛ لقول الله عز وجل: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)المائدة/120 .
وقوله سبحانه: ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل/65 .
وقوله سبحانه آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم بما يزيل اللبس ويوضح الحق: ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/188 .
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
يطلق على بعض الناس صفة أولياء الله، فما هي صفتهم الحقيقية ؟ وكيف وصلوا إلى هذه المرتبة ؟ وهل لهم زمن محدد أم أنهم يوجدون في كل زمان ؟
فأجاب: "صفة أولياء الله كما حددها الله تعالى بقوله : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ) [ سورة يونس : الآيتين 62، 63 ] ، فأولياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، هذه صفتهم .
فمن اتصف بالإيمان والتقوى هو من أولياء الله عز وجل، وهذه حاصلة لكل مسلم بحسب إيمانه، وبحسب تقواه لله عز وجل، فالمسلمون أولياء الله عز وجل ، وهم يتفاوتون في هذه الولاية بحسب قوة إيمانهم وضعفه ، وبحسب أعمالهم الصالحة، وكلما قوي إيمانهم وكثرت أعمالهم الصالحة وتقواهم لله عظمت ولايتهم لله عز وجل .
وهم - والحمد لله - يوجدون في كل زمان ما وجد المسلمون على وجه الأرض، فما دام أن المسلمين موجودون على وجه الأرض ، فإنهم أولياء الله عز وجل، فأولياء الله هذه صفتهم .
ولكن ليس معنى هذا أننا نعتقد فيهم كما يعتقد الخرافيون ، من أن أولياء الله يتصرفون في الكون، أو أن لهم شيئًا من الأمر والتدبير مع الله سبحانه وتعالى، وأنهم يجيبون مَنْ دعاهم، ويفكون حاجة من استغاث بهم، وهم أموات، فيلجئون إلى قبورهم وأضرحتهم ، يتبركون بها ، وينادون أصحابها، وهم أموات، ويطلبون منهم قضاء الحوائج، فإن هذا شرك أكبر، وأولياء الله على الحقيقة لا يرضون بهذا، ولا يرضى به مؤمن، فإن هذا هو الشرك الأكبر .
ولكننا نحب أولياء الله ونقتدي بهم في أعمالهم الصالحة، ونترحم عليهم، ونستغفر لهم .
أما أننا نتخذهم أربابًا من دون الله عز وجل : فهذا هو الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة" انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" .
وخلاصة الجواب :
أن دعوى هؤلاء الجهلة في أوليائهم أنهم يتصرفون في الكون ، وأنهم ينفعون ويضرون ، ويقولون للشيء : كن ، فيكون .. هذه الدعوى كفر أكبر ، وشرك بالله تعالى ، وهو أعظم من شرك مشركي العرب كأبي جهل وأمثاله .
ولا يفيدهم شيئا أنهم يقولون : إن تصرف الأولياء إنما هو بإذن الله ، لأن هذا شبيهه بما كان يقوله مشركو العرب في تلبيتهم : (لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ) .
فهو بمنزلة ما لو قالوا : إن هؤلاء الأولياء شركاء لله ، بإذنه .
وقد سبق نقل كلام القرافي رحمه الله فيمن سأل الله أن يجعله يقول للشيء كن فيكون أن هذا كفر ، لأن مقتضاه أنه سأل الله تعالى أن يجعله شريكا له في الملك .
وانظر لمزيد الفائدة ولمعرفة غلو الصوفية في أوليائهم كتاب "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" لمحمد أحمد نوح . و"مجلة البيان" ، العدد (131) .
والله أعلم .
http://www.a-quran.com/showthread.php?t=21484
أبو طلحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد
   
الكلمات الدلالية (Tags)
من, الموقف, الصوفي
 

   
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الموقف الشرعي المنضبط من الإساءة لمقام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم} ابو عبد الرحمن قسم السيرة النبوية 12 09-23-2012 11:23 PM
ماذا تفعل أو تفعلين لو كنتِ في مثل هذا الموقف ؟ المؤمنة بالله ملتقى الحوار الإسلامي العام 9 08-12-2012 08:40 PM


   
 

vBulletin® v3.8.7, Copyright ©, TranZ by Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009