ثم ذكر الله الذين يغضون أصواتهم قال (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)
ثم ذكر الأدب الثاني وهو مناداة النبي صلى الله عليه وسلم في غرفته أو حجرته مع أهله (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٤﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) فلا يليق بك أن تأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناديه كأنك تنادي أحدا من أولادك، هذا ما يليق مع الكبار ولا يليق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أعظم إنسان وأشرف مخلوق ينبغي لك أن تحترمه وتتأدب معه، وإذا كان هذا في حقه فهو أيضًا في حق من حملوا رسالته وهم العلماء، لا ينبغي لنا أيضًا أن نخاطبهم كما نخاطب سائر الناس ولا ينبغي لنا أن نناديهم من وراء بيوتهم لأنهم إذا دخلوا بيوتهم فهم لا يدخلونها إلا من أجل أن يقضوا حوائجهم ويرتاحوا فيها وقد وهبوا الأمة سائر أوقاتهم.
ثم انتقل بعد ذلك إلى الآداب مع المؤمنين فبدأ بالأدب الأول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) فينبغي على المسلم أن يحذر من قبول أخبار الفساق، سواء كان هذا الفاسق شخصًا أو كانت جهة، شركة إعلامية أو قناة فضائية أو غيرها، إذا جاءك الفاسق بنبأ أي خبر مهم، فلا يجوز لك أن تقبل هذا الخبر حتى تتبين، لأن هذا مما يوقع في العداوة ويقع في البلاء ويكون سببًا للتقاطع وللحروب والمشاكل.
ثم ذكر الله عز وجل الأدب الثاني وهو (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) ماذا عليكم؟ (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا) يجب علينا عند حصول خصومة بين المؤمنين ولو كانت بين رجلين أن نصلح بينهما ولذلك قال بعدها (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ) لا بد من العدل دون حيف مع أحد الطرفين (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٩﴾ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿١٠﴾)
|