ملك لله سبحانه وتعالى (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) ثالثاً: بعد المعركة يأتي الإعلان الرباني لهذا المبدأ - البيان الختامي (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) إياكم والغرور، اِنسبوا الفضل لله جلّ وعلا بعد النصر واعلموا أنه من عند الله عز وجل (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ) اغترّوا، (وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ(48)) هذا المعنى الأول في السورة. المعنى الثاني: التوكل على الله وتعلّق القلب به سبحانه وتعالى المعنى الثاني يظن البعض أنه عكسه ولكنهما يتكاملان قلبك معلّق بالله، النصر من عند الله، يدك تعمل، قلبك مع الله، وعقلك وجنانك وفكرك وإبداعك وقوتك تعمل بها بالأسباب ولا تقصّر فيها أبداً. ترسخ السورة هذا المعنى وتوضح صفات جيل النصر المنشود، بيان الانتصار، من الذي يستحق النصر ولذا تتكرر في السورة (أولئك هم المؤمنون حقاً) تُذكر مرة مع العبادة ومرة مع الهجرة والجهاد لكي نعلم أن هناك تكامل بين العبادة والصلاح. أول صفات النصر أن نكون صالحين نطيع أمر الله سبحانه وتعالى ونطيع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. من أول السورة (فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) هؤلاء الذين يستحقون النصر، قلوبهم متعلقة بالله، متوكلون على الله وقلوبهم مع الله صالحون مصلحون. (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) كأنها إشارة في السورة أن هؤلاء الذين هذه صفاتهم هم الذين يستحقون النصر. وتتكرر كلمة الطاعة في السورة كثيراً، طاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22)) الصفة الأولى من صفات جيل النصر المنشود أن تكون قلوبهم على درجة من الصلاحقلوبهم وجلة من ذكر الله ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله، هذه أولى صفات الجيل الصالح للنصر. (وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ
|