-و"المراد من التبين:التعرُّف والتفحص، ومن التثبت: الأناة، وعدم العجلة، والتبصر في الأمر الواقع، والخبر الوارد حتى يتضح ويظهر"[3].
ولنا في الردود على أهل الكتاب في القرآن- ونقد عقائدهم- مثلُ، ففيها تورد عليهم أقوالهم من كتبهم، ويتحاكم في نقد تحريفهم لمصادرهم، فيرد باطلهم بمراجعهم: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*قُلْ صَدَقَ اللَّـهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 93-95].
فالأصل في النقد أو الفتيا: الأخذ من المصدر، أو من الثقة الذي ضبط ما معه من المصدر، إن تعذَّر التماس الأصل.
وهذه القاعدة عامة في العلم كافة؛ قال القرافي: "كان الأصل يقتضي ألا تجوز الفتيا إلا بما يرويه العدل عن العدل، عن المجتهد الذي يقلده المفتي، حتى يصح ذلك عند المفتي، كما تصح الأحاديث عند المجتهد؛ لأنه نقل لدين اللَّـه-تعالى-في الوصفين، وغير هذا كان ينبغي أن يحرم.
غير أن الناس توسعوا في هذا العصر، فصاروا يُفْتُون من كتب يطالعونها من غير رواية، وهو خطر عظيم في الدين، وخروج عن القواعد.
وعلى هذا تُحرَّم الفتوى من الكتب الغريبة التي لم تَشتهر؛ حتى تتضافر عليها الخواطر، ويعلم صحة ما فيها، وكذلك الكتب الحديثة التصنيف، إذا لم يشتهر عزو ما فيها من النقول إلى الكتب المشهورة، أو يعلم أن مصنفها كان يعتمد هذا النوع من الصحة، وهو موثوق بعدالته، وكذلك حواشي الكتب تحرم الفتوى بها؛ لعدم صحتها والوثوق بها"
🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـهِ..
|