الموضوع: حرب بلا قتال
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2017, 08:34 PM   #27
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 539

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

27- روايـــة الإفـــــــــك

بعد أن أتم الرسول صلى الله عليه وسلم إخضاع بني المصطلق , أمر رجاله بالعودة الى المدينة , وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها قد رافقت الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة , وكانت نحيفة خفيفة فكانوا إذا جائوا بالهودج الى بابها خرجت إليه فأخذه الرجال وشدوه الى البعير وهم لا يكادون يشعرون بها لخفة وزنها . ولمَّا إقترب الركب من المدينة نزل منزلاً بات به بعض الليل ثم أ ذِّن في الناس بالرحيل . وكانت أم المؤمنين عائشة قد خرجت من خيمة النبي صلى الله عليه و سلم لبعض حاجتها و الهودج موضوع أمام الخيمة في إنتظار دخولها فيه , و كان لعائشة عقد قد إنسل من عنقها و هي تقضي حاجتها فلما قامت عائدة الى الرحيل التمست العقد فلم تجده فرجعت أدراجها تبحث عنه . ولمَّا رجعت الى المعسكر لتستقل هودجها فإذا بالقوم قد شدوه الى ظهر البعير وهم يحسبونها فيه و ارتحلو في إتجاه المدينة , ولم يساور السيدة عائشة الخوف لعلمها أن القوم إذ إفتقدوها فلم يجدوها رجعوا إليها . فالتفت في جلبابها و انتظرت عودة الباحث عنها , و أنها في إنتظارها إذ مر بها صفوان بن المعطل السلمي وكان تخلف عن المعسكر لبعض حاجته , فلما بصر بها على هذا الحال تراجع دهشاً و قال ((ظعينة رسول الله , ما خلفك رحمك الله؟ فلم تجبه فقرب بعيره منها و إستأخر عنه)) و قال: ((إركبي فركبت وانطلق بالبعير سريعاً يطلب القافلة فلم يدركاها , ودخل صفوان المدينة في وضح النهار بأعين الناس , و عائشة على ظهر بعيره حتى وصلت الى منزلها )) .

وبدأ الناس يتهامسون ! ما بال عائشة قد تأخرت عن المعسكر و جاءت مع صفوان على بعيره , و صفوان شاب وسيم الطلعة مكتمل الشباب؟ وانتهز عبد الله بن أبي زعيم المنافقين في المدينة الفرصة فأخذ يذيع هذه الشائعة الخبيثة التي تتهم أم المؤمنين عائشة في عرضها و التي أخذت تنتشر بسرعة في كل مكان بالمدينة , و الناس بين مصدق و مكذب حتى كاد الأمر يؤدي الى فتنة في عاصمة الرسول صلى الله عليه و سلم .

و بلغت هذه الأخبار محمداً صلى الله عليه و سلم ولم يُبلغ السيدة عائشة و إن أنكرت من زوجها جفاء لم تعرفه عنه , و لمَّا إشتد عليها المرض طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم السماح لها بالانتقال الى دار أبيها أبي بكر رضي الله عنه لتقوم أمها بتمريضها .. و انتهى الخبر آخر الأمر الى أم المؤمنين عائشة , فلمَّا عرفته كاد يُغشى عليها من هوله و انطلقت تبكي حتى شعرت كأن كبدها تتصدع , ودخل النبي صلى الله عليه و سلم و عندها أبوها و قد إشتد حزنها لِما رأته من ريبة زوجها بها . و لمَّا طلب منها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتوب إلى الله إن كانت قد إقترفت سوءاً , أجابته و هي تبكي بحرقة : و الله إني أعلم أنك أقررت بما يقول الناس و الله يعلم بأني بريئة
إنما أنا كما يقول أبو يوسف
((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ))

ولم يبرح النبي صلى الله عليه و سلم مجلسه حتى جاءه الوحي و لمَّا سرى عنه جعل يمسح عن جبينه و يقول :
(( أبشري يا عائشة قد أنزل الله براءتك)) قالت عائشة الحمد لله

و خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى المسجد فألقى على المسلمين هذه الآيات الكريمة ومنها قوله تعالى في سورة النور
((إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) )) .

في هذه القصة إيضاح لفكرة أساسية تبين كيف يستطيع العدو أن يَنفُذَ من نقطة في المجتمع الذي يوجه إليه الحرب النفسية .. فالعِرض لدى العرب دائماً هو المظهر الهام من مظاهر الحياة , والطعنة في العرض من أقوى أنواع الطعنات و من الطبيعي أن يكون أثرها أضعاف تماسك الجماعة التي توجه إليه مثل هذه الدعاية .

ففي هذه القصة شكك العدو في سلوك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و شكك في أخلاقها و طعن المسلمين بذلك في عرضهم .

و قد بلغ من هول الشائعة و اتصالها القوي بحياة العرب , أن بدأ يصدقها حتى المسلمين , إلى أن نزل الوحي يبرأها و يزيل عنها أثر هذه الشائعة .

كما أن في شائعة الإفك مظهر آخر و هو أن العدو الماهر هو الذي يستطيع أن يشكك أفراد الجماعة في قائدهم و زعيمهم .
والقائد والزعيم هنا يتمثل في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم و أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , وكان إرتباطها بشخصية الرسول صلى الله عليه و سلم هو الهدف من هذه الشائعة . لأن الشائعة لو تناولت شخصاً آخر يرتبط بغير شخصية الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه لما كان لها من أثر .

وهناك هدف آخر يضاف الى أهداف هذه الشائعة الخبيثة و هو محاولة زلزلة الصورة التي أخذتها عائشة بخروجها مع النبي صلى الله عليه وسلم في معركة حربية .
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* قوت القلوب

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس