إذن بدأ بالتاريخ الأول وثنّى بالتاريخ النهائي ثم بدأ بالتاريخ البشري الذي وقع على أرض الواقع على هذه البسيطة فبدأ بأبينا نوح عليه السلام أبو البشرية الثاني قال الله عز وجلّ (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥٩﴾) انظروا إلى هذا العرض اليسير الهادئ لهذه العقيدة بكل وضوح وبأدلة لا تقبل الرد (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) هل عندكم إله غير هذا الإله الذي خلقكم وأوجدكم من العدم؟ كيف تعبدون أحدا سواه؟! ثم يخوفهم (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) فكيف يكون الرد؟ لا يمكن أن يكون رد المشركين موضوعيًا، كان يمكن أن يقولوا لا، تعال يا نوح أنت ما عرفت الحقيقة، هذه الآلهة التي نعبدها آلهة ألا تراها تخلق، ألا تراها ترزق؟ يسكتون عن هذا كله ويلجأون إلى السباب والشتم والقذف (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٦٠﴾ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ) كان يمكن أن يقول نوح في تلك اللحظة: أنا الضالّ؟! بل أنتم الضالون لا، (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦١﴾ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦٢﴾) نوح فقط؟ لا، وإنما هود أيضًا (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٦٥﴾ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٦٦﴾ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ) كان المتوقع أن هودًا يقول: أنتم السفهاء، لا، ترفَّع عن الكلمات السافلة التي لا تليق بالأنبياء ذووي الأخلاق العالي الرفيعة. ثم جاءت قصة صالح عليه السلام ثم جاءت قصة لوط ثم جاءت قصة شعيب ولما انتهت قصة شعيب عقّب الله عز وجلّ عليها بتعقيبات عظيمة تحتاج إلى وقفات طويلة لكن المقام لا يسمح بذلك.
|