ثم ننتقل بعد ذلك الى سورة الزخرف
وهذه السورة من الحواميم وافتتحت بقول الله عز وجل (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي هذا الكتاب الذي بين أيديكم موجود في اللوح المحفوظ ومشرّف وفي مكانة عالية عظيمة. ثم ذكر الله عز وجل كثيرًا من الدلائل الدالة على وحدانيته وناقش هؤلاء المشركين في شركهم وأبرز شيئًا لم تبرزه السورة الماضية وهو انخداع الناس بالدنيا وأن الدنيا تصرفهم عن الإيمان بالآخرة ولذلك سميت سورة الزخرف، والزخرف هو الذهب الذي يخلب مرآه الأبصار ولذلك قال الله عز وجل (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً) أي على الكفر (لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا) أي ذهبًا (وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) وتضرب السورة مثال لمن انخدعوا بالدنيا بفرعون الذي قال الله فيه (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ) أي أنزل علينا العذاب، لما نزلت عليهم الآيات أرادوا أن يزيل موسى هذه الآيات وتعهدوا له بالإيمان وهذه الآيات هي: القمل والضفادع والدم وغيرها قال الله عز وجل (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) انظروا الى الغرور بالدنيا (قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) يبين لهم أن ملكه خير من موسى انخدع بالدنيا والزخرف (فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) هلّا كان موسى كذلك؟؟ عنده أسورة من ذهب وعنده قصور فارهة وعنده دنيا فارهة ولكن ما عنده شيء إذن لا يستحق أن يُتبع وهذه نظرة فرعون القاصرة إلى الأمر قال الله عز وجل فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا) أي أغضبونا (انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) العجيب أنه فخر على موسى بأن الأنهار تجري من تحته فأجرى الله الماء من فوقه وعذبه بما افتخر به. واستمرت السورة تتحدث عن هذا إلى أن ذكرت المقارنة بين أهل الإيمان وغيرهم في الجزاء قال الله عز وجل (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) الحبور ليس هنا وإنما في الآخرة. (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ)
|