عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2013, 07:01 AM   #1

 
الملف الشخصي:





 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 0

أسامة غير متواجد حاليا

افتراضي حكم الإضراب عن الطعام

      

حكم الإضراب عن الطعام
سائل كريم جزاه الله خيرا يسأل صاحب الفضيلة الشيخ: فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى سؤالا، يقول فيه: هل يجوز شرعاً ما يفعله سامر العيساوي بنفسه.. والقاعدة الشرعية في الحديث الشريف واضحة: "لا ضرر ولا ضرار"، وفي القرآن: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وكثير من الأنبياء والرسل والصحابة سجنوا وصبروا.
أنا لا أفتي ولكنني أستفتي؟
أقصد في ذلك؛ الإضراب عن الطعام بالنسبة للأسرى، هل فيه إلقاء باليد إلى التهلكة؟ أم يجوز للأسرى استخدامه للضغط على الاحتلال؟
فأجاب فضيلة شيخنا حفظه الله تعالى، بجواب نصه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد؛
الامتناع عن الطعام والشراب لأهداف معينة، وأغراض دنيوية لم يكن معروفا زمن النبوة، ولا في عهد الصحابة وأتباعهم، ومن عاشوا في القرون المفضلة، ولا من بعدهم -فيما أعلم- إلا في العصر الحاضر، فإن كان الامتناع من الطعام من أجل التقرب إلى الله تعالى فلا يجوز التقرب إلى الله إلا بما شرع في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما إن كان الامتناع عن الطعام والشراب يؤدي إلى منفعة تعود على الآخرين؛ كالتخفيف عن بقية الأسرى، أو إطلاق سراحهم ونحو ذلك، وأذن في ذلك أولي الحل والعقد، فلا أرى مانعا منه، وإليكم قصة الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله تعالى عنه مع الروم أنقلها من مختصر تاريخ دمشق (12/ 105) قال:
[عن أبي رافع قال: وجه عمر بن الخطاب جيشاً إلى الروم وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأسره الروم، فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد فقال له الطاغية: هل لك أن تنصر وأشركك في ملكي وسلطاني؟ قال له عبد الله: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع مملكة العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت، قال: إذاً أقتلك قال: أنت وذاك. قال: فأمر فصلب، وقال للرماة: ارموه قريباً من يديه، قريباً من رجليه، وهو يعرض عليه وهو يأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم دعا بقدر، فصب فيها ماء حتى احترقت ثم دعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيها، وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، ثم أمر به أن يلقى فيها، فلما ذهب به بكى، فقيل له: إنه قد بكى، فظن أنه جزع فقال: ردوه، يعرض عليه النصرانية فأبى، قال: ما أبكاك إذاً؟ قال: أبكاني أني قتلت فهي نفس واحدة تلقى الساعة في هذه القدر فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تلقى هذا في الله. قال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ قال له عبد الله: وعن جميع أسارى المسلمين؛ قال: وعن جميع أسارى المسلمين. قال عبد الله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله فأقبل رأسه يخلي عني وعن أسارى المسلمين، لا أبالي، فدنا منه فقبل رأسه، قال: فدفع إليه الأسارى، فقدم بهم على عمر، فأخبر عمر بخبره، فقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ فقام عمر فقبل رأسه.
وفي رواية عوضاً عن القدر والماء: نقرة نحاساً فيها زيت. وفي آخر الحديث: فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازحون عبد الله فيقولون: قبلت رأس علج، فيقول لهم: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين.
وفي حديث آخر فقال: اتركوه واجعلوه في بيت ومعه لحم خنزير مشوي وخمر ممزوج، فلم يأكل ولم يشرب، وأشفقوا أن يموت فقال: أما إن الله عز وجل قد كان أحله لي، ولكن لم أكن. لأشمتك بالإسلام]. وانظر ترجمته والقصة في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 11)، والله تعالى أعلم
وإليكم بعضا من فتاوى العلماء عن حكم الإضراب عن الطعام:
* من مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (25/ 365):

س 45: سئل فضيلة الشيخ رحمه الله: ما رأي سماحتكم في الإضراب عن الطعام فكثيرًا ما نسمع في الإذاعات ونقرأ في الصحف، أن أُناسًا يُضربون عن الطعام احتجاجًا على بعض الأحكام، وهؤلاء غالبًا ما يكونون من المسجونين، فما حكم من تُوفِّىَ وهو مُضربٌ عن الطعام؟
فأجاب بقوله: حُكم من توفي وهو مضرب عن الطعام، أَنَّه قاتل نفسه وفاعل ما نهى عنه الله تعالى، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}. (سورة النساء: 29).
ومن المعلوم؛ أن من امتنع عن الطعام والشراب لابدَّ أن يموت، وعلى هذا فيكون قاتلاً لنفسه، ولا يحلُّ لإنسان أن يُضرِبَ عن الطعام والشراب لمدة يموت فيها، أما إذا أضرب عن ذلك لمدة لا يموت فيها، وكان هذا السبب الوحيد لخلاص نفسه من الظلم، أو لاسترداد حقه فإنَّه لا بأس به إذا كان في بلد يكون فيه هذا العملُ للتخلص من الظلم، أو لحصول حقِّه، فإنَّه لا بأس به، أما أن يَصِلَ إلى حدِّ الموت فهذا لا يجوز بكل حال.
* ومن (موقع الإسلام سؤال وجواب) سُّؤَالٌ هذا نصه:
ما حكم الامتناع عن الطعام لمدة محدودة أو غير محدودة, خاصة في السجن, حيث إن الامتناع عن الطعام هو الوسيلة الوحيدة أمام السجين للمناداة بحقوقه الإنسانية داخل السجن؟
الْجَوَابُ:
الحمد لله، الامتناع عن الطعام من أجل الاحتجاج إذا كان يضره أو يتسبب في هلاكه فإنه لا يجوز , لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. (البقرة: 195)، وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}. (النساء: 29). وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".
أما إذا كان الامتناع عن الطعام لا يضره, وهو يؤدي إلى غرض مباح فلا بأس به، إذا كان مظلوماً ويريد أن يتخلص به من الظلم" انتهى. المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان حفظه الله (3/349).
وقال الزحيلي: [إن الإضراب عن الطعام في السجون ونحوها، لا يحل إذا أدى إلى الموت]. الفقه الإسلامي وأدلته.
* وفي فتاوى دار الإفتاء المصرية (الإضراب عن الطعام):
وجه سؤال، المفتي الشيخ: عطية صقر في مايو 1997م هذا نصه:
ما حكم الدين فيمن يضرب عن الطعام إذا وقع عليه ظلم، وكيف يكون التصرف معه؟
الجواب: ليس فى الدين شىء اسمه الإضراب عن الطعام أو الشراب لتحقيق غرض من الأغراض، فهو وسيلة سلبية يجب ألا يأخذ بها أحد، والوسائل المشروعة كثيرة.
ومن سلك هنا المسلك فقد أضر نفسه بالجوع والعطش فى غير طاعة، والحديث معروف "لا ضرر ولا ضرار"، وفى الوقت نفسه عرَّض نفسه للموت والله يقول {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}. (البقرة: 195).
ومن مات بهذا الإضراب يكون منتحرا، والانتحار من كبائر الذنوب، فإن استحله كان كافرا، لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين.
* وفي (فتاوى واستشارات الإسلام اليوم) يجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد:
على سؤال ورد بتاريخ 10/2/1424هـ، وهذا نصه:
ما حكم الإضراب عن الطعام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فالإضراب عن الطعام إذا كان يضر به بحيث يضعف البدن عن القيام بالواجبات الشرعية، أو يفضي به إلى الهلاك فهو محرم، ولا يحل لعموم قول الله عز وجل: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}. (البقرة: 195). وعموم قوله عز وجل: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}. (النساء: 29)، والله أعلم.
* وفي (فتاوى الشبكة الإسلامية بتاريخ 12 ربيع الثاني 1427) جاء السؤال التالي:
ما حكم من توفي وهو مضرب عن الطعام من أجل قضية عادلة؟
الفَتْوَى: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه بالامتناع عن تناول الطعام ولا بغير ذلك مما يؤدي إلى الوفاة مهما كان الدافع لذلك، فقد قال الله عز وجل: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا}. (النساء:29- 30)، فالإضراب عن الطعام إذا أدى إلى موت أو إتلاف عضو لا يجوز شرعاً، وصاحبه يعتبر قاتل نفسه.
وأما ما دون ذلك فلا مانع منه شرعاً لأنه امتناع عن المباح، ويجوز للمسلم أن يمتنع عن بعض المباحات وخاصة إن كان ذلك يحقق هدفاً مشروعاً، ..والله أعلم.
* وفي (فتاوى الشبكة الإسلامية، بتاريخ 15 صفر 1422)
السُّؤَالُ:
ما الحكم الشرعي فيما يقوم به المعتقلون السياسيون في سجون الصهاينة من الإضراب عن الطعام وذلك لنيل بعض المطالب والتي قد تكون خاصة بتحسين الأوضاع في تلك السجون....
مع العلم أن هذا الإضراب قد يستمر طويلا ويؤدي إلى وفاة بعضهم بسبب هذا الإضراب؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الشارع العباد بالمحافظة على الصحة، وأباح لهم الطيبات من الرزق ليحافظوا عليها، ويتقووا بذلك على طاعته وطلب مرضاته، ونهاهم عن الوصال في الصيام لئلا يضعفوا أو يتضرروا، ونعى على أقوام أنهم امتنعوا عن بعض ما أحل الله تزهداً وتنسكاً، وحرم كل ما يلحق الضرر بالبدن من مطعم ومشرب، وتوعد من تسبب في قتل نفسه أشد وعيد قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً …}.
قال القرطبي: أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً، ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا، وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف، ويحتمل أن يقال: {ولا تقتلوا أنفسكم} في حال ضجر أو غضب؛ فهذا كله تناوله النهي. اهـ
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً".
وفيهما أيضاً عن جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: "بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة".
ولعله من الواضح؛ أن يستنتج المرء من هذه الأدلة -وغيرها كثير- أن الإضراب عن الطعام الذي يلحق بصاحبه الضرر، أو يوصله إلى الهلاك لا يجوز إطلاقاً مهما كان الدافع إليه، أما إذا كان الإضراب عن الطعام لا يلحق ضرراً بالمضرِب، وتعين وسيلة لبلوغ أهداف مشروعة لا سبيل لتحقيقها إلا به، ففي هذه الحالة أفتى بعض أهل العلم بجوازه. وله الاستمرار فيه حتى يحقق هدفه ما لم يحس بالضرر، فإن أحس به وجب عليه أن يتناول ما يدفع عنه الضرر، فإن استمر حتى مات فهو قاتل نفسه والعياذ بالله، والنصوص المتقدمة تنطبق عليه.
ثم ليعلم أن السجن -من حيث هو- قد يكون بحق شرعي، وقد يكون بغير حق شرعي وإنما هو ظلم وعدوان -كالحالة المسئول عنها-:
ففي الحالة الأولى: يجب على السجين أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويرد المظالم إلى أهلها إن كانت ثمة مظالم للناس عليه. وليعلم أن ما أصابه لم يكن إلا بما كسبت يده، كما قال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير}. (الشورى: 30)
أما في الحالة الثانية: فعلى السجين أن يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله تعالى وقدره، وله في الصالحين من الأنبياء والمرسلين والدعاة أسوة حسنة.
فإن في ذلك ابتلاءً وتكفيرًا للسيئات، ورفعاً للدرجات، ثم عليه أن يلتجئ إلى الله تعالى في فك أسره، وتخليصه من يد ظالمه، فهو سبحانه وتعالى مجيب دعوة المضطر، وهو على كل شيء قدير.
والله أعلم

اثبت وجودك .. تقرأ وترحل شارك معنا برد أو بموضوع

أسامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس