- 8- انتفاء التناقض:
فالمتناقض ساقط بداهة، وهو حامل للنقد والنقد المضاد بداخله، ودلالته تكون باهتة، ورميه يرتد عليه؛ لذا بيَّن أهل العلم ضوابط وشروطًا تصلح منطق المتكلم؛ مخافة الوقوع في التناقض أثناء المباحثة، وغالب من يزل في هذا يكون: إما لم يتبصر رأي من ينتقده، أو أنه يخوض معركة شخصية لا أكثر، فيحشد لها ما يحرق به أطراف رأيه.
وأمثلة ذلك كثيرة، من أوضحها:نقد الكفار لأنبيائهم، وفي نقد كل قوم لنبيهم كلمة تواصوا بها، وإن فرَّقتهم الأرضون والسنون: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات: 52].
فشأن الساحر العقل والفِطنة، والمجنون لا عقل معه البتة، وهذا منهم تهافت وتناقض بيِّن !!
فهم يرمون نبيهم بالجنون والهذيان؛ ليُنفروا منه مَن لم يلقه بعدُ، ولكثرة مريديه وأتباعه قالوا: ساحر، فرفعوه من مستوى دون العقل إلى الدهاء والفطنة العالية، لكن مع شرٍّ فيما يأتي به من صنيع، وفي قوله- تعالى- عن كلام كفار قريش: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: 2]،
والسحر لا يكون مستمرًّا، والمستمر لا يكون سحرًا، وفي قوله- تعالى-: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 80].
🖋 يتبَعُ بِإذنِ اللَّـه..
|