اجتمع في الحجر عبد الله، ومصعب، وعروة- بنو الزبير-وابن عمر، فقال ابن عمر: تمنوا، فقال ابن الزبير: أتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين. فقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. قال أبو الزناد: فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غُفر له. الذهبي (سير أعلام النبلاء) [4/141].
قال الشاعر
لا تَعدَمُ الهِمَّةُ الكُبرى جَوائِزَها *** سِيَّانِ مَن غَلَبَ الأَيَّامَ أَو غُلِبا
وَكُلُّ سَعيٍ سَيَجزي اللهُ ساعِيَهُ *** هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيَ المُحسِنينَ هَبا
روي عن أبي الدرداء أنه قيل له في مرضه: ما تشتكي؟ فقال: ذنوبي قيل له: ما تشتهي؟ قال: مغفرة ربي قيل: ألا ندعو لك طبيبًا؟ قال: الطبيب أمرضني. (إحياء علوم الدين) [4/286].
قال رجل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين: كيف أصبحت؟ قال: "أصبحت بطيًا بطينًا متلوثًا من الخطايا أتمنى على الله الأماني". (محاسبة النفس) لابن أبي الدنيا [146].
كان رجاء بن حيوة بن جرول الكندي من العلماء، وكان يجالس عمر بن عبد العزيز؛ ذكر أنه بات ليلة عنده فهم إلى السراج أن يخمد، فقال إليه ليصلحه، فأقسم عليه عمر ليقعدن، وقام هو إليه فأصلحه؛ قال: فقلت له: تقوم أنت يا أمير المؤمنين، فقال: "قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز".
قال: وأمرني عمر بن عبد العزيز أن أشتري له ثوبًا بستة دراهم، فأتيته به فجسه وقال: هو على ما أحب لولا أن فيه لينًا، قال: فبكيت، قال: فما يبكيك قال: أتيتك وأنت أمير بثوب بستمائة درهم، فجسسته وقلت: هو على ما أحب لولا أن فيه خشونة، وأتيتك وأنت أمير المؤمنين بثوب بستة دراهم، فجسسته وقلت: هو على ما أحب لولا أن فيه لينًا، فقال: يا رجاء إن لي نفسًا تواقة تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عز وجل. ابن خلكان (وفيات الأعيان) [2/301].
قال الشاعر:
وإذا كانت النفوسُ كبارًا *** تَعِبَتْ في مرادها الأجسامُ
قال ابن الجوزي: "رووا أن الكلب قال للأسد: يا سيد السباع، غير اسمي فإنه قبيح، فقال له: أنت خائن لا يصلح لك غير هذا الاسم، قال: فجربني فأعطاه شقة لحم وقال: احفظ لي هذه إلى غد وأنا أغير اسمك، فجاع و جعل ينظر إلى اللحم، ويصبر، فلما غلبته نفسه قال: و أي شيء باسمي؟ و ما كلب إلا اسم حسن. فأكل.
وهكذا الخسيس الهمة، القنوع بأقل المنازل، المختار عاجل الهوى على آجل الفضائل". ابن الجوزي (صيد الخاطر) [140].
قال أحد الحكماء: "اجتنب سبع خصال يستريح جسمك وقلبك ويسلم عرضك ودينك:
لا تحزن على ما فاتك
ولا تحمل هم ما لم ينزل بك
ولا تلم الناس على ما فيك مثله
ولا تطلب الجزاء على ما لم تعمل
ولا تنظر بشهوة إلى ما لا تملك
ولا تغضب على من لم يضره غضبك
ولا تمدح من لم يعلم من نفسه خلاف ذلك".
قال بعض السلف: "من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سره أصلح الله علانيته".
وهل للأموات أمنيات وآمال كما للأحياء أمنيات وآمال؟
إن المؤمن لا يجد راحته الكبرى ولا سعادته العظمى إلا في ظل الله تبارك وتعالى، فهو غير الناس يرى في الموت راحة ومحبة للقاء الله تعالى
عن أنس عن عُبَادَةَ بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»، قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». أخرجه البخاري ومسلم
ان العبد ما قَدِمَ على ربه ووُضِعَ في قبره ورأى جزاء ما قدم من عمل صالح، بدأت له أمنيات أخرى غير تلك التي كان يتمناها في حياته الدنيا
ومن هذه الأمنيات التي يتمناها المرء بعد الموت:
يـــتـــبـــــع.إن.شـــــاء.الـــلـــــه.tt[/COLOR]
|