💦 [بَابُ.الْخِيَارَاتِ]
🍁ِ (خِيَارُ الشَّرْطِ جَائِزٌ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ، وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا)
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِحَبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبِيَاعَاتِ: «إِذَا ابْتَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ، وَلِي الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»
(وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ،
🍃 وَقَالَا: يَجُوزُ إِذَا ذَكَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ نَظَرًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْغَبْنِ وَالظَّلَامَةِ، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ فَيَكُونُ مُفَوَّضًا إِلَى رَأْيِهِ، وَمَذْهَبُهُمَا مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
🍒 وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُوجِبُ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ كَسَائِرِ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ النَّصُّ يَنْفِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ: «انْهَهُمْ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ، وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ» . وَرُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ،
إِلَّا أَنَّا عَدَلْنَا عَنْ هَذِهِ الْأُصُولِ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ حَبَّانَ، وَالْحَاجَةُ إِلَى دَفْعِ الْغَبْنِ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى الْأَصْلِ وَالْحَاجَةِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَثَبَتَ فِي حَقِّهِمَا؛ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَقْتًا، أَوْ ذَكَرَ وَقْتًا مَجْهُولًا فَأَجَازَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَسْقَطَهُ، أَوْ سَقَطَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ، أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْعَقْدِ يَنْقَلِبُ جَائِزًا خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُفْسِدَ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ، لِأَنَّ الْفَسَادَ بِالْيَوْمِ الرَّابِعِ، حَتَّى إِنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا يَفْسَدُ بِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا قَبْلَهُ، وَلِأَنَّهَا مُدَّةٌ مُلْحَقَةٌ بِالْعَقْدِ مَانِعَةٌ مِنَ انْبِرَامِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْبَرِمَ بِإِسْقَاطِهِ كَالْخِيَارِ الصَّحِيحِ، وَشَرْطُ خِيَارِ الْأَبَدِ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.
✨ قَالَ: (وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَفْسَخُ إِلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) أَيْ بِعِلْمِهِ.
(وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ بِحَضْرَتِهِ وَغَيْبَتِهِ)
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَفْسَخُ بِغَيْبَتِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْخِيَارَ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ، فَكَمَا تَجُوزُ الْإِجَازَةُ مَعَ غَيْبَتِهِ فَكَذَا الْفَسْخُ. وَلَهُمَا أَنَّهُ فَسْخُ عَقْدٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْإِقَالَةِ، بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ لِأَنَّهَا إِبْقَاءُ حَقِّ الْآخَرِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى عِلْمِهِ،
وَالْفَسْخُ إِسْقَاطُ حَقِّهِ فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ، فَإِذَا فَسَخَ بِغَيْبَتِهِ فَعُلِمَ بِهِ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْفَسْخُ،
وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ تَمَّ الْعَقْدُ.
|