هذان المعنيان يترسخان في آيات السورة كلها، لا تعبد الأسباب، أنت لست عبداً للأسباب ولكنك عبد لله عز وجل لكن عليك أيضاً أن تأخذ بالأسباب وأن تعِدّ وأن تفعل الذي عليك وهذا هو الحل وإذا فعلت ذلك إن شاء الله تكون مستحقاً للنصر. المعنى الأول الذي ترسخه هذه السورة سورة الأنفال (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) النصر صنيعة الله سبحانه وتعالىوليس منكم أنتم. آيات كثيرة في السورة تعلمنا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي فعلها في هذه الغزوة: مكان الغزوة وزمانها والعدو الذي سيُحارَب وكيفية الحرب وإمدادات الغزوة، كل هذا صنيعة الله عز وجل. عندما نثق تماماً أن هذا النصر كان من عند الله سبحانه وتعالى نتوكل عليه ومعنى التوكل متكرر في السورة: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) بعض الناس يستهزئون بك إن كنت موقناً بنصر الله عز وجل، هؤلاء غرّهم دينهم. (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)) يذكّرنا الله عز وجل بأيام الضعف وكيف أيدكم بنصره هو لا نصركم أنتم، نصر الله (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ) (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُم ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران) عندما نتأمل آيات سورة الأنفال نجد أن كل أمر في غزوة بدر نُسِب لله عز وجل إلا مسألة واحدة فعلها المسلمون وذكرت في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يقوم بها طوال الليل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ (9)) المسلمون حاربوا وقاتلوا وأبلوا بلاء حسناً لكن ما ذكره الله عز وجل من قتالهم وتسديد رميهم نسبه لنفسه لأنه قد يقاتل الإنسان وتكون الحسابات المادية ممتازة وليس فيها خلل ومع ذلك تحدث الهزيمة لكن لما يأتي التسديد من عند الله عز وجل ويرمي الله سبحانه وتعالى بيدك (وما رميت إذ رميت رمى) الله عز وجل هو الذي يسددك في هذا ويأتي من هنا النصر. أهم ما فعله المسلمون في هذه المرحلة (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) فيأتي المدد من عند الله سبحانه وتعالى (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) الله عز وجل هو الذي أمدّ المؤمنين بنصره. وقبل الغزوة نسب الله عز وجل لنفسه كل تفاصيل الغزوة، الإعداد النفسي للمعركة من صنع الله عز وجل: أولاً: قبل المعركة، الإعداد النفسي
|