سورة نوح وسورة الجن
سورة نوح وسورة الجن تستطيع أن تقول أنها متعاكسة وهي تذكرنا بما مر معنا في سورة الأحقاف. سورة نوح تذكر حال من لا يستجيب لدعوة الله وسورة الجن تذكر حال من يستجيب لدعوة الله لكن العجيب أن سورة نوح تذكر من لم يستجب مع أن نوحًا عليه الصلاة والسلام ظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عامًا والجنّ الذين آمنوا كم ظلّ النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم؟ هي ليلة، جاؤوا فيها يستمعون القرآن واهتدوا دون عناء طويل لكن نوح يقول (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ﴿٥﴾ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ﴿٦﴾ وَإِنِّيكُلَّمَا)لفظة (كلما) تدل على الاستمرار والتكرار (دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) غطّوا بملابسهم (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ﴿٧﴾) ألا تياس منهم؟! لكن نوح عليه السلام ظل فترات طويلة يدعوهم (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ﴿٨﴾ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴿٩﴾) مرة سرًا ومرة علنًا بلا فائدة! أما الجن فسمعوا مرة واحدة (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ﴿١﴾ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴿٢﴾) والجنّ تعجبوا من القرآن مع أنهم مخلوقات في عالمهم ما نتعجب منه لكنهم تعجبوا من هذا القرآن فعلى الإنسان أن يبحث في القرآن أين هذا العجب الذي جعلهم يؤمنون. قالوا (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) مع أنهم كانوا على الشرك قبل ذلك كما تدل الآيات ودارت الآيات حول التوحيد. إذن ستفيد من سورة نوح والجن أن الهداية بيد الله وأنها قد تأتي لمن لا تقصد أنت أن تهديده وقد يُحرم منها من تسعى لهدايته بكل سبيل والحلّ أن تقول يا رب، اللهم اهدهم، توجّه إلى الله لأن الهداية ليست بيد البشر.
|