نلاحظ في هذه المسيرة كلها أن السورة تركز على أسباب الضلال، ما هي الأسباب التي توقع الإنسان في الإنحراف ولو عدنا إلى أول السورة لوجدنا أن السورة تكاد تكون جمعت كل أسباب الإنحراف التي تكون سببًا لخروج الإنسان عن الجادة.
أول سبب من اسباب الإنحراف الكبر وهذا في قصة إبليس (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا) هذا كبر! ولذلك هذه السورة مختصة بمعالجة الكبر وذمّ المتكبرين وبيان جزائهم وأنه أعظم أسباب انحراف الخلق عن الحق. نؤكد ذلك أن هذه السورة أول سورة فيها سجدة والسجود يعني القضاء على الكبر وآخرها يقول الله عز وجلّ فيه (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٢٠٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) لا تكونوا كإبليس استكبر فأضلّه الله (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) السجود ضد الكبر. ولذلك إذا سجد ابن آدم انخذل إبليس يبكي ويقول يا ويله ابن آدم أمر بالسجود فسجد وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار! هذا السبب الأول.
|