وقد ورد النفير في سورة التوبة بصور متعددة ليس فقط النفير إلى القتال وإنما ورد أيضاً النفير في طلب العلم (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)) – فعندما يُخاطب الإنسان بالنفير وهو لا ينفر والله عز وجل يقول أن هذا الإنسان معرّض للعذاب إن لم ينفر فلا بد أن نقف ونسأل أنفسنا هل نحن ممن إذا استُنفر نفر؟ والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) كلمة (اثاقلتم) توحي بالثقل والتثاقل الشديد. (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) رضيتم بالدنيا مع أن الله سبحانه وتعالى اشتراها منكم كما ورد في الآية (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) العهد الذي بيننا وبين الله عز وجل عهد شراء وبيع. أنت بعت والله سبحانه وتعالى اشترى منك فلا ينبغي أن يعطلك ما اشتراه الله عز وجل منك! وتذكر السورة الأسباب التي تدفع الذي يقعد عن نصرة الدين ويتثاقل ويتخاذل عن نصرة الدين: الشهوات والشبهات: (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) هذا السؤال الذي يكشف الأسباب، دعيت لتخدم دين الله أو تُخرج من مالك وجهدك وتطلب العلم وتدعو إلى الله عز وجل وإذا دعيت للجهاد في سبيل الله سواء بالمال أو بالنفس، أساس القعود "الدنيا وشهواتها" (أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ) شهوات الدنيا وملذاتها ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث "لا يتبعني رجل من ثلاث": غزى نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبن بها ولا آخر قد بنى بنياناً ولما يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات و هومنتظر ولادها." كل هؤلاء لديهم ما تعلقوا به في الدنيا لأن هذه قد تقعدهم عن نصرة الدين. ولهذا عرضت
|