عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2017, 06:11 PM   #2
مشرفة ملتقى الأسرة المسلمة


الصورة الرمزية ام هُمام
 
الملف الشخصي:






 


تقييم العضو:
معدل تقييم المستوى: 542

ام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond reputeام هُمام has a reputation beyond repute

افتراضي

      

النَوعُ الثَّاني‏:‏
أنه يقال‏:‏ مجموع الناس أفضل من مجموع الملائكة من غير توزيع الأفراد، وهذا على القول بتفضيل صالحي البشر على الملائكة فيه نظر، لا علم لي بحقيقته، فإنا نفضل مجموع القرن الثاني على القرن الثالث، مع علمنا أن كثيرًا من أهل القرن الثالث أفضل من كثير من أهل القرن الثاني‏.‏

النَّوعُ الثَّالِث‏:‏
أنا إذا قابلنا الفاضل بالفاضل، والذي يلي الفاضل بمن يليه من الجنس الآخر، فأي القبيلين أفضل‏؟‏ فهذا مع القول بتفضيل صالحي البشر يقال‏:‏ لا شك أن المفضولين من الملائكة أفضل من كثير من البشر، وفاضل البشر أفضل من فاضليهم، لكن التفاوت الذي بين فاضل الطائفتين أكثر، والتفاوت بين مفضولهم هذا غير معلوم، واللّه أعلم بخلقه‏.‏
النَّوعُ الرَّابع‏:‏
أن يقال‏:‏ حقيقة الملك والطبيعة الملكية أفضل، أم حقيقة البشر والطبيعة البشرية‏؟‏ وهذا كما أنا نعلم أن حقيقة الحي إذ هو حي أفضل من الميت، وحقيقة القوة والعلم من حيث هي كذلك أفضل من حقيقة الضعف والجهل‏.‏ وحقيقة الذكر أفضل من حقيقة الأنثى، وحقيقة الفرس أفضل من حقيقة الحمار، وكان في نوع المفضول ما هو خير من كثير من أعيان النوع الفاضل؛ كالحمار والفأرة والفرس الزمن، والمرأة الصالحة مع الرجل الفاجر، والقوى الفاجر مع الضعيف الزَّمِن‏.
‏‏
والوجه في انحصار القسمة في هذه الأنواع فإن كثيرًا من الكلمات المهمة تقع الفتيا فيها مختلفة والرأي مشتبها، لفقد التمييز والتفضيل أن كل شىء إما أن نقيده من جهة الخصوص، أو العموم، أو الإطلاق‏.‏ فإذا قلت‏:‏ بشر وملك‏.‏
وإما أن تريد هذا البشر الواحد فيكون خاصًا، أو جميع جنس البشر فيكون عامًا، أو تريد البشر مطلقًا مجردًا عن قيد العموم، والخصوص، وضبطه القليل والكثير، والنوع الأول في التفضيل عمومًا وخصوصًا، والثاني عمومًا، والثالث خصوصًا، والرابع في الحقيقة المطلقة المجردة‏.‏

فنقول حينئذ‏:‏ المسألة على هذا الوجه لست أعلم فيها مقالة سابقة مفسرة، وربما ناظر بعض الناس على تفضيل الملك، وبعضهم على تفضيل البشر، وربما اشتبهت هذه المسألة بمسألة التفضيل بين الصالح وغيره‏.‏

لكن الذي سنح لي واللّه أعلم بالصواب أن حقيقة الملك أكمل وأرفع وحقيقة الإنسان أسهل وأجمع‏.‏

وتفسير ذلك‏:‏ أنا إذا اعتبرنا الحقيقتين وصفاتهما النفسية، والتبعية اللازمة، الغالبة الحياة، والعلم، والقدرة‏:‏ في اللذات والشهوات، وجدنا أولًا خلق الملك أعظم صورة، ومحله أرفع، وحياته أشد، وعلمه أكثر، وقواه أشد، وطهارته ونزاهته أتم، ونيل مطالبه أيسر وأتم، وهو عن المنافي والمضاد أبعد، لكن تجد هذه الصفات للإنسان بحسب حقيقته منها أوفر حظًا ونصيبًا من الحياة والخلق، والعلم والقدرة والطهارة، وغير ذلك‏.‏

وله أشياء ليست للملك من إدراكه دقيق الأشياء حسا، وعقلا وتمتعه بما يدركه ببدنه وقلبه، وهو يأكل ويشرب وينكح، ويتمنى، ويتغذى، ويتفكر، إلى غير ذلك من الأحوال التي لا يشاركه فيها الملك، لكن حظ الملك من القدر المشترك الذي بينهما أكثر، وما اشتركا فيه من الأمور أفضل بكثير مما اختص به الإنسان‏.‏

مثاله‏:‏ مثل رجل معه مائة دينار، وآخر معه خمسون درهما، أو خمسون دينارًا، أو خمسون فلسًا، وإذا كان الأمر كذلك ففصل الجواب كما سبق‏.‏

وإن أردت الإطلاق، فالحقيقة الملكية بلوازمها أفضل من الحقيقة الإنسانية بلوازمها، هذا لا شك فيه، فإنما يلزم حقيقة الإنسان من حياة وحس، وعلم وعمل، ونيل لذة وإدراك شهوة، ليست بشىء‏.‏
وإنما تعددت أصنافه إلى ما يشبه حقيقة الملك، كحال من علم من كل شىء طرفًا ليس بالكثير، إلى حال من أتقن العلم باللّه وبأسمائه وآياته، ولا يشبه حال من معه درهم، إلى حال من معه درة، ولا يشبه حال من يسوس الناس كلهم، إلى حال من يسوس إنسانا وفرسا‏.‏

وقد دل على هذا دلالة بينة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 70‏]‏، فدل على أنهم لم يفضلوا على الجميع، وقوله‏:‏ ‏{‏مِّنَ‏}‏ للتبعيض‏.
‏‏ فإن قلت‏:‏ هذا الاستدلال مفهوم للمخالف، وأنت مخالف لهذا، منازع فيه‏.‏

فيقال لك‏:‏ تخصيص الكثير بالذكر لا يدل على مخالفة غيره بنفي، ولا إثبات، وأيضا فإن مفهومه‏:‏ أنهم لم يفضلوا على ما سوى الكثير، فإذا لم يفضلوا فقد يساوون بهم، وقد يفضل أولئك عليهم، فإن الأحوال ثلاثة‏:‏ إما أن يفضلوا على من بقى، أو يفضل أولئك عليهم، أو يساوون بهم‏.‏

يـــتـــبـــــع.إن.شـــــاء.الـــلـــــه.
التوقيع:
بسم الله الرحمن الرحيم
  1. وَالْعَصْرِ
  2. إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ
  3. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

من مواضيعي في الملتقى

* فضل صلاة التراويح
* هل ينكر على من رآه يأكل ناسيا في رمضان
* أعلام من السلف
* إبن القيم رحمه الله
* أبوالدرداء - أيّ حكيم كان
* سلمان الفارسي -الباحث عن الحقيقة
* فتاوى ورسائل يوم الجمعة

ام هُمام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس