26- بَــــــــــرادوك
خلال الحرب العالمية الثانية أسقط الحلفاء بالطائرات من أربعة الى خمسة ملايين لفافة من المتفجرات الحارقة الزمنية القوية ذات الحجم الصغير على مناطق في ألمانيا و النمسا حيث كان يتجمع العمال الأجانب , و كانت كل كل رابطة من المواد المتفجرة تتضمن كارت تعليمات يصف طريقة الإستعمال و مكتوباً بتسع لغات . و سميت هذه العملية (( برادوك )) وكان هدف الحلفاء :
* الإستفادة بأكبر قدر ممكن من أعمال التخريب الفعلية التي يقوم بها العمال الأجانب
* زيادة خطر ملايين العمال الأجانب في ألمانيا على أجهزة الأمن الداخلي الألماني
* تحطيم أعصاب قوى الأمن الألماني الى أقصى درجة ممكنة
و في هذه العملية يتضح كيف يستطيع العدو أن يستغل نقطة الضعف في عدوه , و يَنفذ من خلال الفجوات و المناطق ضعيفة المقاومة .
فوطنية الألمان أنفسهم سواء في قطاع العمال أو في غيره من القطاعات كانت مشهوداً لها بالقوة و ولائهم لزعمائهم كان أمراً مفروغاً منه , ولم يجد الحلفاء جانباً من الضعف يمكن إستغلاله إلا العمال الأجانب , ولم تكن تربطهم بألمانيا تلك العاطفة القوية التي يشعر بها الألمان لألمانيا
وكان الحلفاء يدركون ما بنفوس هؤلاء العمال من ضعف وإكراه وما يحملون في أنفسهم من ميل للتمرد و المقاومة للألمان , كما كانوا يدركون أن هؤلاء العمال كانت تنقصهم أدواد العدوان و التخريب التي لم تكن بطبيعة الحال تصل الى أيديهم .
كل هذه الحقائق أدركها الحلفاء و كان هذا الإدراك جزءا هاماً في هذه الحرب النفسية , لأنهم إستغلوها خير إستغلال .
فإلقاء عدة ملايين من الفائف المحتوية على المتفجرات الحارقة الزمنية ذات الحجم الصغير يتيح لمن لديه الرغبة في العدوان فرصة تحقيقها , فصغر الحجم يساعد على الإختفاء و هذا يجعل من الصعب إكتشافها , كما أن المتفجرات الزمنية يسهل إستخدامها ! و لكن الحلفاء لم يتركوا أمر إستخدامها للصدفة أو الخبرة , بل كتبوا طريقة إستخدامها بأغلب لغات العالم لأنهم يدركون أن هؤلاء العمال يتكلمون خليطاً من اللغات .
والواقع أن الحلفاء قد لمسوا بذلك سلاح جباراً من أسلحة الحرب النفسية و هو إستخدام هذا العدد الهائل ممن لا يدينون بالولاء و الوطنية شأنهم في ذلك شأن الجنود المرتزقة الذين يسهل التأثير عليهم و توجيههم الوجهة التي يريدها العدو .
|