وقال قد كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فيمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمة لا يرده ذلك عن دينه”. فيشير إلى أن هذا الابتلاء مرتبط سبحان الله بالإيمان، وبالدين، وبالدعوة وشيء طبيعي ولذلك أعجبتني كلمة لأحد العلماء من السلف يقول أنه إذا لم يتعرف الداعية إلى الابتلاء فليشكّ في منهجه، لأن الابتلاء من علامات هذا المنهج، من عهد نوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم وهذه الآيات تؤكد هذا. أما من يظن أنه سيسلك طريق الدعوة إلى الله ثم يجد الطريق مفتوحة ومُعبّدة ومفروشة بالورود فهذا وهم. ولذلك كنت ذكرت طرفة للشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله صاحب “أضواء البيان” وكان استاذاً في الجامعة الإسلامية وكان معه للشيخ محمد تقي الدين الهلالي والشيخ عبد العزيز بن باز، وعدد من العلماء الكبار في ذلك الوقت، قالوا في حفل التخرج أول دفعة، والجامعة كانت فرحة بهذا التخرج وهؤلاء الطلاب فقام الشيخ محمد تقي الدين الهلالي يلقي كلمة وقال أبشروا يا أبنائي الطريق أمامكم مفتوح ومعبَّد والناس في حاجة إليكم، وستجدون إن شاء الله التيسير وستجدون كذا، فالشيخ الشنقيطي ما أعجبه الكلام، فقام الشيخ الشنقيطي وعقّب وقال: لا، هذا الكلام غير صحيح، وهو يعارض الآيات الواضحة في القرآن الكريم، بل إن طريق الدعوة مليء بالابتلاء، ومليء بالعقبات، ومليء بالتحديات، وستجدون عقبات، وتجدون تحديات، والشيخ تقي الدين لم تكن غائبة عنه هذه الحقائق، لكن أراد أنه يحمِّس الشباب، والشيخ أراد أن يُظهر أيضاً هذه الحقائق في حياة الدعاة ليستعدوا لهم، فهذا مصيب وهذا مصيب. وأيضاً من فوائد الآيات سؤال الثبات، أن الإنسان يسأل الله سبحانه وتعالى الثبات. ومن فوائده أيضاً أن لا يعرِّض الإنسان نفسه للشبهات التي قد تضلّه عن طريق الله سبحانه وتعالى، ويسأل الإنسان دائماً الثبات فإن الإنسان ليس بمنأى عن الانحراف، مهما كانت درجته في العلم وفي العبادة إلا بتثبيت الله سبحانه وتعالى له. نسأل الله سبحانه وتعالى لي الثبات ولإخواننا ونسأل الله أن لا يعرضنا للفتن، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا وإياكم الثبات على الحق حتى نلقاه سبحانه وتعالى غير مبدّلين، وغير مغيّرين.
|