وتدبروا في الآية التي تليها انظروا في التناسق في كتاب الله قال: ﴿وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِين﴾[الأنعام:4]. إذاً الآيات تأتي، نعم كل شيء في حياتنا كل شيء في أنفسنا هو آية، اليد وهي تتحرك هي آية، العين السمع، كل شيء، والكون من حولنا في كل ذرة من ذراته آية، ولكن هؤلاء القوم الجاحدين ما كانت تنقصهم الآيات الحسية التي طالبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبدأ الإيمان يستيقظ في نفوسهم، لماذا؟ لأن هناك حائل بينهم وبين الإيمان، ما هو؟ الإعراض: ﴿إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِين﴾ الآيات موجودة، كل الآيات موجودة، الإشكالية في نفس المتلقي نفس الإنسان كلنا نمر على الآيات المبثوثة في الكون، ولكن من البشر من يمر على الآية في خلق السماء في الغروب في الشروق في الصباح في المساء، فإذا به دموعه تنهمر عواطفه تتحرك لسانه يلهج بذكر الله عز وجل، جبهته تسجد للخالق الذي خلق. وإنسان آخر يمر على نفس المنظر تماماً، وربما أكثر من هذا المنظر، وكأنه لم ير شيئاً كل شيء عادي لماذا عادي؟ ما عادت تحرك ولا تتحرك فيه الوسائل التي يمكن أن توصله لله سبحانه وتعالى لما وجد في ذاته من الإعراض والصد، ولذلك الإنسان المؤمن بحاجة إلى التخلص من هذا الداء ألا يكون في قلبه إعراض عن الله سبحانه وتعالى. إنابة، مقابل ذلك الإنابة، والرجوع والإخبات حتى حين يصدر منه الخطأ أو الذنب، «كل ابن آدم خطأ» ولكن عليه أن يبادر بالتوبة، يبادر بالاستغفار يستعجل بها، ولا يقع في هذا الحكم.
ثم بعد ذلك جاءت الآيات كل آية هي في حد ذاتها أسلوب من أساليب إيقاظ بواعث الإيمان والتوحيد في قلب الإنسان، قال: ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ﴾ تدبروا معي الآن! السماوات والأرض، خلق الإنسان، ثم بعد ذلك في عمق التاريخ وقصص القرآن والقصص التاريخية ليست هكذا فقط ذكرت في كتاب الله عز وجل، ليس هناك شيء يذكر هكذا في كتاب الله عز وجل بدون مقصد أو غاية.
|