ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   قسم فضيلة الشيخ فؤاد ابو سعيد حفظه الله (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   أيها الأحياء لاتؤذوا الأموات (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=10703)

أسامة خضر 03-29-2014 06:01 AM

أيها الأحياء لاتؤذوا الأموات
 
أيها الأحياء! لا تؤذوا أمواتَكم بسوء أعمالِكم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، (أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص =الله ورسوله= فإنه لا يضرُّ إلا نفسه ولا يضرُّ الله شيئا).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب: 70، 71).
أما بعد؛ فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أيها الأحياء! لا تؤذوا أمواتَكم بسوء أعمالكم، لا تؤذوهم بسيئاتكم وخطاياكم، لا تؤذوهم بخلافاتكم واختلافاتكم، لا تؤذوهم بتفرقكم وابتعادكم عن دينكم، لا تؤذوهم ببعدكم عن هدي نبيكم صلى اله عليه وسلم، إن أمواتَكم يسألون عن أخباركم، ويستنبئون عن أعمالكم؟ فإن جاءتهم الأخبارُ بصلاح أعمالِكم سرَّهم ذلك وأفرحَهم، وإن جاءتهم بسوء أفعالِكم ساءَهم ذلك وأحزنَهم، فمن اقتربَ أجلُه من المؤمنين، وحان رحيله من المسلمين، [(تحضره الملائكة) أي ملائكةُ الرحمة،.. وهذه الملائكة هم أعوانُ ملَكِ الموتِ في قبضِ الأرواح، ... فملكُ الموت يقبضُ الأرواحَ، والأعوانُ يكونون معه يعملون عملَه بأمره، والله تعالى هو الذي ويُزْهَق الروحُ بأمره، وبه يجمع بين الآيات والأحاديث المختلفة التي أضيف التوفي فيها:
تارةً إلى الله تعالى، ={اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الزمر: 42)=.
وتارةً إلى ملك الموت، ={قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (السجدة: 11)=.
وتارةً إلى أعوانِه من الملائكة، ={الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ.. } (النحل: 28)، هؤلاء ملائكة العذاب للكفار.
و{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل: 32) وهؤلاء ملائكة الرحمة للمؤمنين=.
فملك الموت يقبض الروحَ من الجسد بأمره تعالى، ثم يسلِّمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمناً، وملائكةِ العذاب إن كان كافراً، وعند معاينتهم يعاين ما يصير إليه من رحمة وعذاب..]. بتصرف من مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 318)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ، وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، فَوَدَّ لَوْ خَرَجَتْ" -يَعْنِي: نَفْسَهُ- "وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ: (تَرَكْتُ فُلانًا فِي الدُّنْيَا)؛ أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ.
وَإِذَا قَالَ: (إِنَّ فُلانًا قَدْ مَاتَ)؛ قَالُوا: (مَا جِيءَ بِهِ إِلَيْنَا!).
وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجْلَسُ فِي قَبْرِهِ، فَيُسْأَلُ: (مَنْ رَبُّهُ؟) فَيَقُولُ: (رَبِّي اللَّهُ)، فَيَقُولُ: (مَنْ نَبِيُّكَ؟) فَيَقُولُ: (نَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: (فَمَا دِينُكَ؟) قَالَ: (دِينِي الإِسْلامُ)، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ فِي قَبْرِهِ، فَيَقُولُ أَوْ يُقَالُ: (انْظُرْ إِلَى مَجْلِسِكَ)، ثُمَّ يُرَى الْقَبْرَ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ رَقْدَةً.
فَإِذَا كَانَ عَدُوًّا للَّهِ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، وَعَايَنَ مَا عَايَنَ، فَإِنَّهُ لا يُحِبُّ أَنْ تُخْرَجَ رُوحُهُ أَبَدًا، وَاللَّهُ يُبْغِضُ لِقَاءَهُ، فَإِذَا جَلَسَ فِي قَبْرِهِ أَوْ أُجْلِسَ يُقَالُ لَهُ: (مَنْ رَبُّكَ؟) فَيَقُولُ: (لا أَدْرِي)، فَيُقَالُ: (لا دَرَيْتَ)، فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُضْرَبُ ضَرْبَةً يَسْمَعُ كُلَّ دَابَّةٍ إِلا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: (نَمْ كَمَا يَنَامُ الْمَنْهُوشُ)".
فَقُلْتُ =أي قال أبو حازم= لأَبِي هُرَيْرَةَ: (مَا الْمَنْهُوشُ؟) قَالَ: (الَّذِي يَنْهِشُهُ الدَّوَابُّ وَالْحَيَّاتُ)، "ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ". مسند البزار أو البحر الزخار (17/ 154، ح 9760)، الصحيحة (2628).
إن الأمواتَ يستبشرون بقدوم روح عبد الله المؤمن عليهم، فيتحَلَّقون حوله، والكلُّ يريد أن يسأل عن أقاربه الأحياء؟ فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: "إِذَا قُبِضَتْ نَفْسُ الْعَبْدِ تَلَقَّاهُ أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، كَمَا يَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ لِيَسْأَلُوهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:
(أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ)، فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ:
(مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ مَا فَعَلَتْ فُلَانَةٌ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟) فَإِذَا سَأَلُوا عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ، قَالَ لَهُمْ: (إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ)، فَيَقُولُونَ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ! ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِيَّةُ)".
قَالَ: "فَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ، فَإِذَا رَأَوْا حَسَنًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، وَقَالُوا:
(هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتِمَّهَا)، وَإِنْ رَأَوْا سُوءًا قَالُوا:
(اللَّهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِكِ)"،الزهد والرقائق لابن المبارك (1/ 149، ح 443)، الصحيحة (6/ 604، 2758).
روح المؤمن إلى ربها الرحمن الرحيم صاعدة، ملفوفةٌ في حريرةٍ بيضاء، تسألُها الأرواحُ؛ أرواح المؤمنين عن أهاليهم الذين بقوا أحياء في الدنيا، هل هم محسنون فيسرون، أم مسيئون فيستاؤون ويحزنون؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ حَضَرَهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَتَسْتَلُّ نَفْسَهُ فِي حَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِذَا أَتَوْا بِهَا بَابَ الْجَنَّةِ؛ قَالُوا: مَا وَجَدْنَا رِيحًا أَطْيَبَ مِنْ هَذِهِ، فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ يَسْتَرِيحُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ: (مَا فَعَلَ فُلانُ؟ مَا فَعَلَتْ فُلانَةُ؟).
وَأَمَّا الْكَافِرُ إِذَا قُبِضَ؛ انْطَلَقُوا بِهِ إِلَى بَابِ الأَرْضِ؛ فَيَقُولُ خَزَنَةُ الأَرْضِ:
(مَا وَجَدْنَا رِيحًا أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ!) حَتَّى يُبْلَغَ بِهِ السُّفْلَى»،وحسَّن إسنادَه الشيخُ مشهور في تعليقه على المجالسة وجواهر العلم (6/ 40، ح 2349). وصحيح ابن حبان (7/ 283، ح 3013)، وصحيح التعليق الرغيب (4/ 187).
روحُ عبدِ اللهِ المؤمنِ تنبعثُ منها أحسن الروائح، رائحتها المنبعثةُ منها أطيب من ريح المسك، ما تمرُّ على مَلأٍ من الملائكة إلا ويتناولنها بين أيديهم ويشمُّونها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا قُبِضَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ، فَتَقُولُ:
(اخْرُجِي إِلَى رَوْحِ اللَّهِ)، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ، حَتَّى إِنَّهُمْ لِيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَشُمُّونَهُ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ:
(مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي جَاءَتْ مِنَ الْأَرْضِ؟) وَلَا يَأْتُونَ سَمَاءً إِلَّا قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَهْلِ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، فَيَقُولُونَ:
(مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟) فَيَقُولُونَ:
(دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا)، فَيَقُولُ:
(قَدْ مَاتَ، أَمَا أَتَاكُمْ؟) فَيَقُولُونَ:
(ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ).
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْتِيهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ، =وهو ثوبٌ من الشعر غليظ= فَيَقُولُونَ:
(اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ)، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ فَتَذْهَبُ بِهِ إِلَى بَابِ الْأَرْضِ»،صحيح ابن حبان (7/ 284، ح 3014)، الصحيحة (1309).
[(إذا حُضر المؤمن).. أي حضره الموت. وفي رواية الحاكم: "إذا احتُضِر" .. (أتت.. ملائكةُ الرحمةِ بحريرةٍ بيضاء) حتى تُلَفَّ روحه فيها، وترفعَ إلى السماء، =فالروح تكفِّنها الملائكة= والكفن الدنيوي يصحب الجسدَ الصوري، وفي رواية: "فإذا قُبض جُعلت روحُه في حريرةٍ بيضاء، فيُنطلق بها إلى باب السماء" =وتقول لها ملائكة الرحمة=: (اخرجي) ... =أيتها النفس الطيبة= (راضيةً) عن الله سابقاً =في الدنيا=، وبثواب الله لاحقاً، =في الآخرة= (مرضياً عنك) أي أولاً وآخراً... =اخرجي= (إلى رَوح الله) .. أي رحمتِه .. وراحةٍ منه (وريحان) أي .. مشموم =طيب الرائحة= (كأطيب ريح المسك) .. وهو =أي رائحة روح المؤمن= قد فاقَ سائر أرواح المسك، (حتى أنه) أي رُوح المؤمن (ليناوله بعضهم بعضاً) أي يتداولونه =بينهم=، ويصعدون به من يدٍ إلى يد؛ تكريماً وتعظيماً وتشريفاً، لا كسلاً وتعباً، (حتى يأتوا به) وفي رواية: "يشمونه حتى يأتوا به" (أبوابَ السماء) أي بابا بعد باب. .. أي إلى أن يأتوا به، .. (فيقولون) أي بعضُ الملائكة لبعضِ ملائكةِ السماءِ على جهة التعجُّب من غاية عظمة طيبة، (فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض! فيأتون به)، وفي رواية الحاكم: "فكلما أتوا سماء قالوا ذلك، حتى يأتوا به" (أرواحَ المؤمنين) أي إلى مقرِّ أرواحهم في عليين (فلَهم) .. لَلمؤمنين أو لَأرواحِهم (أشدُّ فرحاً) ... وفي رواية الحاكم بلفظ: "فلهم أفرح به" (به) أي بقدومه (من أحدكم) أي من فرح أحدكم (بغائبه يقدم عليه، .. فيسألونه) أي بعض أرواح المؤمنين (ماذا فعل فلان؟) والمراد ما شأنه وحاله (ماذا فعل فلان؟) تأكيد، أو المراد شخص آخر، وهو الأظهر، (فيقولون) أي بعضٌ آخرُ من الأرواح (دَعُوهُ) .. واتركوه، زاد في رواية الحاكم: "حتى يستريح". قال الطِّيبي: أي يقول بعضهم لبعض: دعوا القادمَ؛ فإنه حديثُ عهدٍ بتعبِ الدنيا، (فإنه.. كان.. في غمِّ الدنيا) أي إلى الآن ما استراح من همِّها، (فيقول) .. القادم في جواب السؤال: (قد مات) فلانٌ المسؤلُ =عنه=، (أما أتاكم؟!) أي أما جاءكم =فإنه قد مات قبلي؟= (فيقولون) وفي رواية الحاكم: "فإذا قال لهم: أما أتاكم فإنه قد مات؟! قال: فيقولون"؛ أي أرواح المؤمنين: (قد ذُهِبَ به.. إلى أُمِّهِ الهاوية!) أي أنه لم يلحق بنا، فقد ذُهِب به إلى النار، والهاوية من أسماء النار؛ .. وتسميةُ النار =بالهاوية=؛ باعتبار أنها مأوى صاحبِها؛ كالأمِّ مأوى الولدِ ومفزعِه، ومنه قوله تعالى: {فأمه هاوية}.
=ورُوح الكافرِ والمشركِ والمنافقِ تهوي إلى الأرض السابعةِ إلى سجين، ملفوفةٌ في بالمسوحِ الخشنة، تنبعثُ منها أنتنُ الروائح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "وَأَمَّا الْكَافِرُ (إذا احتُضِر) فَيَأْتِيهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ"=، بكسر الميم وقال النووي: هو ثوب من الشعر غليظ معروف =ويقولون= (اخرجي) =أيتها النفس الخبيثة= إلى غضب الله (ساخطةً) .. وكارهةً غيرَ راضيةٍ عن الله ... (مسخوطاً) ومغضوباً =عليك= (إلى عذاب الله... حتى يأتون به) بإثبات النون، ورفعه على حكاية الحال الماضية؛ على حدِّ {وزلزلوا حتى يقولُ الرسول} في قراءة نافع بالرفع، أي حتى أتوا به (إلى بابِ الأرض) =نزولا وهبوطاً وهَوِيًّا= فيرِدُ إلى أسفلَ السافلين، (فيقولون) أي ملائكةُ الأرض =فَيَقُولُونَ: (اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ)= (حتى يأتون به) وفي رواية الحاكم: "كلما أتوا على أرض قالوا ذلك، حتى يأتوا به"، .. (أرواح الكفار)، ومحلُّها سجِّين، وهو موضع في مقرِّ جهنم]. (رواه أحمد) (ج4ص287- 288) (والنسائي) في الجنائز، وأخرجه أيضاً البزار، وأبو حاتم، وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم (ج1ص352- 353) وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي]. بتصرف من مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمبارك فوري (5/ 321- 323) ح (1644). والصحيحة (1309).
عباد الله! لا تؤذوا الأموات؛ فإنهم يسألون عن أخباركم، فيسألون عن أموركم الدنيوية، الأبناءُ يسألون عن الآباء، والآباءُ عن الأبناء، والبناتُ تسأل عن الأمهات، والأمهاتُ عن البنات، إنهم يسألون عمن تزوّج ومن تزوَجت؟ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ تَلَقَّاهَا مِنْ أَهْلِ الرَّحْمَةِ مِنْ عَبَادِ اللهِ كَمَا تَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُونَ:
(أنْظِروا صَاحِبَكُمْ يَسْتَرِيحُ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ)، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ:
(مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ وَمَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ؟ هَلْ تَزَوَّجَتْ؟) فَإِذَا سَأَلُوهُ عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ، فَيَقُولُ:
(أَيْهَاتَ! قَدْ مَاتَ ذَاكَ قَبْلِي)، فَيَقُولُونَ:
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِّيَةُ)".
قَالَ: "وَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، وَقَالُوا:
(اللهُمَّ هَذَا فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ فَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ عَلَيْهِ، وَأَمِتْهُ عَلَيْهَا)، وَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْمُسِيءِ، فَيَقُولُونَ:
(اللهُمَّ أَلْهِمْهُ عَمَلًا صَالِحًا تَرْضَى بِهِ عَنْهُ، وتُقَرِّبُهُ إِلَيْكَ)".المعجم الكبير للطبراني (4/ 129، ح 3887)، والمعجم الأوسط (1/ 53، ح 148)، قال الألباني في الصحيحة (6/ 605) تحت حديث (2758) قال: [وكنت خرجتهما في الضعيفة (864) ولم أكن قد وقفت على الطريق الأولى الموقوفة الصحيحة، ولذا وجب نقلهما منها إلى هنا، وكذا الحديث الذي هناك (863) من حديث أنس رضي الله عنه ينقل إلى هنا، =أي من الضعيفة إلى الصحيحة=؛ لأن معناه في عرض الأعمال على الأموات في آخر حديث الترجمة. والله أعلم].
الخطبة الآخرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، إلى يوم الدين وبعد؛
عباد الله! إنّ "أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ، وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا"، عن أَبي الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ:
(إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى مَوْتَاكُمْ، فَيُسَرُّونَ وَيُسَاءُونَ) قَالَ: يَقُولُ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
(اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا يُخْزَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ). أخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد (2/ 42، ح 165)، الصحيحة (6/ 607) تحت حديث رقم (2758). قَالَ يَزِيدُ: كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ:
(إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ الْأَمْوَاتِ كَمَا أَسْتَحْيِي مِنَ الْأَحْيَاءِ)، الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد (2/ 42).
وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ؛ قَالَ:
(أَهْلُ الْقُبُورِ يَتَوَكَّفُونَ الْأَخْبَارَ، فَإِذَا أَتَاهُمْ مَيِّتٌ؛ سَأَلُوهُ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: صَالِحٌ. فَيَقُولُونَ: مَا فعل فلان؟ فيقول: مَاتَ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ خَبَرُهُ؟ فَيَقُولُونَ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه راجعون} (البقرة: 156)، سُلِكَ بِهِ غَيْرَ سَبِيلِنَا). المجالسة وجواهر العلم (3/ 228، رقم 867)، قال مشهور: (إسناده صحيح).
إنَّ مَن مات مِنَّا حديثًا؛ سيزعجُ من يلاقيهم من الأموات، فيخبرهم ببقاء الاختلافات والمنازعات، وارتكاب المعاصي والسيئات.
هيا فلنصلح ذاتَ بيننا، ولنتعالى على جراحاتنا وخصوماتنا، فلنستحي من أمواتنا، فلا نؤذيهم بخلافاتنا واختلافاتنا، لا نؤذيهم بتفرُّقِنا وتفكُّكنا، وابتعادنا عن ديننا، لا نؤذيهم ببعدنا عن هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، إن أمواتنا يَسألون عن أخبارنا، ويَستنبئون عن أعمالنا؟
ألا واعلموا –عباد الله- أنَّه ما من عملٍ صالحٍ أو سيِّءٍ إلا وسيُعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها:
نظافة المساجد والطرقات، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، لَا تُدْفَنُ»، مسلم (553).
ومنها الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، خصوصا يوم الجمعة، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ أُمَّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً". السنن الكبرى للبيهقي (3/ 353، ح 5995)، وحسنه لغيره في صحيح الترغيب (1673).
وعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، قَالَ: قَالُوا:
(يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟!) -يَقُولُونَ: بَلِيتَ-؟ فَقَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ»،سنن أبي داود (1047، 1531)، والنسائي (1374)، سنن ابن ماجه (1085).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ؛ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ؛ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
ألا فَهَلُمُّو فلندعو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ النبوية: «اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَانا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قُلُوبَنا مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْننا وَبَيْنَ خَطَايَانا، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ»، نحوه في صحيح مسلم (589).
وأقم الصلاة.
جمعها من المظان وألف بين جملها: أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
الزعفران- المغازي- الوسطى
27/ 5/ 1435 هلالية،
وفق: 28/ 3/ 2014 شمسية.

almojahed 03-29-2014 06:54 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي اسامة و جزاكم الله خيرا على هذا النقل المبارك

ابو عبد الرحمن 03-29-2014 11:47 AM

«اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَانا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قُلُوبَنا مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْننا وَبَيْنَ خَطَايَانا، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ

جزا الله شيخنا ابا المنذر خير الجزاء على هذه الخطبة النافعة والقيمة وجعلها في ميزان حسناته
وجزاك الله خيرا اخي الكريم اسامة على نقل كل ماهو جديد لفضيلة شيخنا الحبيب

ام هُمام 03-09-2015 06:36 PM

«اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَانا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قُلُوبَنا مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْننا وَبَيْنَ خَطَايَانا، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ فَإِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ»


الساعة الآن 04:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009