ملتقى أحبة القرآن

ملتقى أحبة القرآن (http://www.a-quran.com/index.php)
-   قسم فضيلة الشيخ احمد رزوق حفظه الله (http://www.a-quran.com/forumdisplay.php?f=104)
-   -   الدرس 188 - شرح رياض الصالحين - أداء الامانات الى أهلها (http://www.a-quran.com/showthread.php?t=10179)

ابو عبد الرحمن 03-07-2013 12:20 AM

الدرس 188 - شرح رياض الصالحين - أداء الامانات الى أهلها
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ( [ الأحزاب : 72 ] .
سبق الكلام على أن الأمانات شاملة لحقوق الله تبارك وتعالى وحقوق العباد وأنها أنواع كثيرة وذكرنا ما تيسر منها في لقاءنا الماضي وتكلمنا عن قول الله تَعَالَى : ) إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ( [ النساء : 58]ثم قال تعالى في الآية نفسها ((إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ))
فأثنى الله تبارك وتعالى على ما يعظنا به من الأوامر والنواهي فاما من الأوامر التي يريد منا فعلها جل وعلا وكذلك أثنى على نفسه بما نهانا عنه من الآثام والمحرمات إلى غير ذلك ثم ختم الله تعالى قوله ((إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ))معنى ذلك أن الله تعالى سميع لما تقول أو كل ما تقوله يسمعه الله جل وعلا وكذلك بصير جل وعلا بكل ما نفعل وختم هذه الآية بهذين الأسمين العظمين الكريمين المتضمين لشامل سمعه وبصره يقتدي التهديد فيهدد الله تعالى عباده الذين يفرطون بالأمانات لا تعتقد إذا فرطنا بالأمانات أن هذه الشيء يغيب عنا حاش لله جل في علاه وهو القائل )(( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ))
(( ((هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
, ثم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى ((إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ)) عرض الله تعالى الأمانة وهي التكليف والإلزام بما يجب , عرضها بدءاً على السموات والأرض والجبال ولكن هذه الجمادات ابت أن تحملها لما فيها من المشقة والخشية إذا فرطت في هذه الأمانات أن تعاقب من قبل الله عز وجل , وقد يقول قائل كيف يكلف الله تعالى هذه الأمانة إلى الجمادات اوكلت الجمادات وهذه الجمادات كما نعلم معشر البشر أنها لا تعقل ليس لها احساس ولا تعقل إلى غير ذلك نقول إن الجمادات بالنسبة للمخلوق لا تعقل أما بالنسبة للخالق فتعقل وتعلم ما المراد الذي أراده الله عز وجل منها ,ومن الأدلة على أنها تعقل قول الله تعالى للقلم لما خلقه قال إكتب فالقلم عقل ما يريده الخالق تبارك وتعالى طلب منه شيء مجمل ما أخذ القلم يكتب مجمل دون إملاء من الخالق قال يا ربي ماذا أكتب قال إكتب مقادير الخلائق واكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فأخذ القلم يكتب ويملي عليه ﴿إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئًا أن يقولَ لَهُ كُنْ فَيَكون﴾ فالقلم هو جماد ولكن انطقه الله تعالى الذي انطق كل شيء وعلم ما مراد الله عز وجل واخذ يكتب بما أمره الله سبحانه وتعالى ومن ذلك أيضا قوله تعالى ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ))ما قالتا اتينا كارهين بل هي تعقل او قد تعقل أكثر بكثير من البشر الذين لا يعلمون لماذا خلقوا ((قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ))فخاطبهما الله تعالى بالأمر ففهمت السموات والأرض خطاب الله عز وجل وامتثلتا لأمر ((قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)),وعصاه بني آدم يقولون سمعنا وعصينا العياذ بالله ,وهذا ليس محصور على القلم وليس محصورا على السموات والأرض بل هناك أدلة اخرى تفيد أن الجمادات تعقل بما أمرها الله عز وجل بها من ذلك ما حصل ابا ذر الغفاري رضى الله عنه أنه نطلق يوما أين النبي صلى الله عليه وسلم فوجده في بستان حائط فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعمر وعثمان رضى الله عنهم وبين يدي النبي صلى الله عيه وسلم حصوات فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحصوات فأخذن يسبحن بيده يسبحن الله عز وجل ثم القاها على الأرض فسكتن ثم أخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها لأبي بكر الصديق رضى الله عنه فأخذت تسبح وهي في يد الصديق ثم اخذها من يد أبو بكر الصديق رضى الله عنه ووضعها في الأرض فسكتن ثم اخذها ثانية وأعطاها لعمر وثم لعثمان ولكل واحد إذا اخذها من يد النبي صلى الله عليه وسلم اخذن يسبحن وهذا فيها دلالة ليس فقط أن الجمادات تتكلم بأمر من الله عز وجل كذلك فيها دلالة أن أبا بكر الصديق وعمر وعثمان رضى الله عنهم على هدي محمداً صلى الله عليه وسلم ولو كان معهم علي رضى الله عنه كان كذلك يقيناً , كذلك جاء عن ابن عباس أن رجلاً من بني عامر يروى أنه كان يعالج من المس والسحر او طبيب من باقي الأمراض فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع من قريش أنه مريض اعتقادا منهم أن اصابه الجنون من هذه الدعوة وحاش للنبي صلى الله عليه وسلم ان يكون كذلك وقد كلف من قبل الخالق تبارك وتعالى لتبصير الناس وإخرج الناس من الظلمات إلى النور فقال أنا طبيب هل لك أن اداويك فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل لك ان اداويك أنا على الحق وأنت في ضلال فقال داويني ماذا عندك فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا عنقاً عنقود تمر فوق النخلة فقال للعنقود انزل فنزل العنقود فاخذ العنقود يخطو او يزحف على بطنه ثم يسجد يزحف ويسجد حتى جلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع لمكانك فرجع فماذا قال ذلك الرجل قد استكبر على ان يدخل في هذا الدين وقال والله لا أكذبك بشيء تقوله بعد ابداً انا يقنت انك على الحق وهناك حديث عن ابن عمر رضى الله عنهما انه كان مع النبي صلى الله فقبل اعرابي فيما كان النبي في الخلاء او في سفر فذا بالإعرابي يمر بهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم الى اين يا اعرابي فقال الى اهلي انا مسافر الى بيتي وأهلي في القرية فقال هل لك من خير ألا ادلك على خير قال الاعرابي ما ذلك فقال ان تشهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله فقال الاعرابي من يشهد لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشجرة فدعا النبي الشجرة وهي في بطن الوادي فأخذت تشق بطن الوادي شقاً حتى امتثلت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فاستشهد ثلاث مرات قال اتشهدين أن لا إله إلا الله واني رسول الله فقالت ثلاث مرات اشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله ثم قال النبي ارجعي الى مكانك وإذ بالإعرابي يقول انا سأرجع الى قومي وادعوهم الى التوحيد وهذا الدين فإن استجابوا فسآتيهم اليك وإلا سآتي وأكون معك ماحييت في هذه الدنيا , وكذلك تلك المرأة من الانصار لما قالت عندي غلام هذا الغلام يحسن صنع الخشب شغلته نجار هل سمحت لي أن اصنع لك منبراً وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على جذع نخلة فقال ما في مانع فصنعت له منبرا فجاء يوم الجمعة وعوضا أن يقف على جذع النخلة وقف على المنبر او صعد المنبر وأثناء الخطبة فإذ بانين فنزل عليه الصلاة والسلام فإذا ذلك الانين يخرج من جذع النخلة كأن بكاء طفل لآن الان كان يخطب عندها فتركها ثم صعد الى المنبر فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على جذع النخلة فسكت ثم قال لولا إني مسحت على ظهره والله لأن الى يوم القيامة , كان حسن البصري رحمه الله تعالى يستشهد بان الخشب تبكي على النبي من فرقة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن معشر البشر لا نبكي اذا سمعنا سيرته صلى الله عليه وسلم هكذا كان الجبال والطير كن يسبحن مع النبي داوود عليه السلام لما كان يقرأ التوراة ويسبح معه الطيور والجبال ورغم انها جمادات كما ذكر ابن القيم رحمه الله أن الجبال تباهي وتستبشر بمن يذكر الله عز وجل فقال ابن مسعود رضى الله عنه ان الجبل لينادي الجبل الاخر يقول له هل مر بك احد اليوم ذكر الله تخيل الناس فيها خير أن الجبال والنبات والحيوان تخشى إن افتقرت الارض الى هؤلاء الذين يسبحون الله لأنها بها تقوم الساعة فتخشى الجبال والنبات والحيوان ان تفقد الارض من يسبح الله عز وجل ويحمده ويستغفره , اذن يقول ابن مسعود ان الجبل لينادي الجبل الاخر هل مر بك اليوم احد يذكر الله عز وجل فإذا قال نعم استبشر وهكذا, ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني اعلم حجر كان يسلم علي في الجاهلية أي قبل البعثة وهو في مكة يسلم علي وصدق الحق القائل تبارك وتعالى ((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ))اذا الجمادات بالنسبة للخالق تعقل وتستجيب لما امرها به ,ثم ختم الامانة حملها الانسان وكيف حملها ؟ حملها بأمرين حملها بعقله وحملها بالرسل لان الانسان كلف وأعطاه لتمييز بهذا العقل خلاف الحيوان وكذلك بالرسل حيث بعث الله تعالى بين الفينة والأخرى من الرسل ترشده الى الخير بين له طريق الخير من الشر ثم ذكر أن الانسان كان ظلوما جهولا معنى الجهول هل يشمل المسلم والكافر اما هي للكافر فقط اما به تفصيل بعض اهل العلم قال انه ظلوما جهولا فقد الكافر لأنه جاهل بربه جل وعلا وأبى التوحيد وأبى دخول الاسلام فهو جاهل ظلم نفسه بإدخالها الى نار جهنم وهناك من قال بل المسلم هو الجهول اذا اعرض عن الله تعالى وتفسيره بذلك ان الكافر مطلق جاهل المسلم الذي اذعن لأوامر الله فهو لم يفرط فهو العاقل والكيس والفطن فهذا ليس بجهل اما الذي اعرض عن الله بعض الامور فهو جاهل في تلك الامور يعني مثال على ذلك الامانة يوم القيامة تبعث على الصراط مع الرحم على جنبي الصراط من ضمن الامانات بر الوالدين فإذا فرط بالوالدين وكان محافظ على الصلاة فهو فطن حافظ على الامانة في الصلاة وضيعها في العقوق فهو جاهل في هذه الجزئية .
اسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه وان نحافظ على هذه الامانات امانة من الله عز وجل بالنسبة للناس وأمانة فيما بين الناس وأن نلقى الله عز وجل وهو راض عنا وان ينضر هذه الوجوه الطيبة باللذة النظر إلى وجه ربنا الكريم في جنات النعيموآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله .

للأستماع الى هذه المادة اضغط هنا

قام بتفريغ هذه المادة الأخت ام همام

آمال 03-08-2013 02:22 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل ابو عبد الرحمن على الموضوع القيم والدرس الرائع
وجعله في ميزان حسناتكم
ان حال الانسان يبكي , نسأل الله ان يثبتنا ويجعلنا من اهل الجنة

ابونواف 03-14-2013 08:54 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع في قمه الروعه جزاكم الله خيرا


الساعة الآن 09:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع العودة الإسلامي

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009